|
مع بداية العام الدراسي الجديد في القدس
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 5630 - 2017 / 9 / 4 - 12:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
واضح بأن المتطرف بينت وزير التعليم العالي في دولة الإحتلال يتقدم وفق الإستراتيجية التي رسمها ووضعها لشطب والغاء المنهاج الفلسطيني في القدس بشكل كامل،ويستخدم لتحقيق ذلك سلاح الميزانيات والتمويل والتهديد،والتعيينات "للمفتشين" الموجهين التربويين والمدراء الذين يتبنون استراتيجيته ووجهة نظرة ورؤيته في " أسرلة" المنهاج في مدينة القدس،وطبعاً جهاز الأمن الإسرائيلي " الشاباك" حاضر هنا،في عمليات الإختيار والتعيين والموافقة عليها للموجهين التربويين وحتى المدراء والمدرسين،ونحن نشير الى أن هذه الخطة المتدرجة وصلت الى المرحلة الحاسمة في التعدي والحرب على الهوية والثقافة والكينونة والوجود والإنتماء والذاكرة لشعبنا الفلسطيني،حيث العودة بالتعليم الى ما بعد الإحتلال مباشرة عندما سيطر الإحتلال على المدارس الحكومية،وحاول فرض المنهاج الإسرائيلي عليها،ولكن وجود حركة وطنية ونقابية ووعي مجتمعي أفشل تلك الخطوة،حيث أضرب الطلبة عن الذهاب للمدارس لمدة ثلاثة شهور،لتنتصر إرادة الشعب،ويضطر المحتل للتخلي عن ذلك،ويعود التعليم في القدس وفق المنهاج الأردني المعمول به في الضفة الغربية آنذاك،ولينتهي التعليم وفق المنهاج الإسرائيلي بشكل كامل في القدس في العام الدراسي 75 – 76. عملية " صهر" الوعي الطلبة المقدسيين تجري على قدم وساق،حيث مع بداية هذا العام الدراسي سيتم إفتتاح صفوف لتعليم المنهاج الإسرائيلي من المرحلة الإبتدائية(الصفوف الأولى)،في العديد من القرى العربية في القدس، وهذا التطور الخطير يؤشر إلى ان الاحتلال مصمم على كسب معركة التعليم بكل الطرق والوسائل،والمصيبة والطامة الكبرى بأن ما يحققه الاحتلال من نجاحات في هذه المعركة،يكشف بشكل جلي انه ما كان لينجح بينت في تطبيق خطته المتدرجة هذه لأسرلة وعي الطلبة المقدسيين،والإنتقال من مرحلة " كي" و"تقزيم" الوعي لطلبتنا في مدينة القدس الى مرحلة " الصهر"،لولا وجود تواطؤ ومشاركة من مدراء وموجهين تربويين ومستثمرين محليين منتفعين يغلبون مصالحهم الخاصة على مصلحة الطلبة والوطن،وكذلك غياب الوعي عند الأهالي الذين سيتعلم أبناؤهم وفق المنهاج الإسرائيلي،فهم ليسوا على إطلاع بمحتوى ومضامين الكتب التي سيدرسها أبناؤهم وفق المنهاج الإسرائيلي،بل ما يصلهم من معلومات بان هذا المنهاج يؤسس ويمنح طلبتهم مزايا في إطار التوظيف والعمل في المؤسسات الإسرائيلية بخلاف المنهاج الفلسطيني،وأيضاً هناك قصور كبير من قبل الحركة الوطنية والمؤسسات المجتمعية ولجان اولياء الأمور وقبلهم جميعاً وزارة التربية والتعليم الفلسطينية،في رسم استراتيجية شمولية لكيفية مواجهة هذا المخطط . الخطر،ولعل الخطر قائم،ليس فقط من هزيمتنا على جبهة الوعي والذات،بل المنهاج شكل من أشكال السيادة الوطنية. العام الدراسي الجديد يكشف عن كارثة حقيقة يواجها التعليم في مدينة القدس،حيث نسبة التسرب هي الأعلى في العالم،21% لما فوق الصف العاشر ولتصل الى 50% في المرحلة الثانوية،وكذلك فإن هناك أكثر من 13% من الطلبة (16702) طالب خارج أي إطار تعليمي،والنقص في الغرف الصفية يزيد عن 2460 غرفة صفية،وكذلك تتبدى العنصرية في الميزانيات ومعدل الإستثمار في الطلبة،حيث يخصص للطالب اليهودي 27 الف شيكل سنوي مقابل 20 ألف شيكل للطالب العربي و33 ألف شيكل للطلبة المتدينين،والمبالغ المطلوب توفرها لمواجهة ظاهرة التسرب من المدارس،هي 15 مليون شيكل بحسب تقرير جمعية "عير عميم" الإسرائيلية لا يتوفر منها سوى 4.1 مليون شيكل.،وقرارات بناء غرف صفية تستجيب للزيادة الطبيعية في عدد السكان في شرقي القدس،رغم قرارات المحاكم المتخذة بذلك،فالبلدية ووزارة التربية والتعليم الإسرائيلية،لم تفي بأي التزام في هذا الإطار،بل النقص في الغرف الصفية يزداد عاماً وراء آخر. في إطار الحرب على المنهاج الفلسطيني،شكلت وحده خاصة في وزارة التربية والتعليم الإسرائيلي،هدفها مراقبة أنشطة المعلمين والمدراء العرب على صفحات التواصل الإجتماعي،ومشاركتهم في الأنشطة اللامنهاجية والثقافية والتراثية،التي تحرص على تربية وتوعية الطالب الفلسطيني بواقعه وتراثه وهويته وتعزز من إنتماءه،وعلى خلفية ذلك فصلت وزارة المعارف الإسرائيلية مدير واحد عشر مدرساً تحت هذا البند،بند التحريض المزعوم. وهي لن تكتفي بهذا العدد من المفصولين او المهددين بالفصل،بل الحملة ستستمر وتتصاعد من اجل ترهيب وتخويف المدراء والمدرسين،وإخراجهم من دائرة الفعل والثقافة والوعي الوطني،لكي يتحولوا إلى أدوات لتنفيذ مشاريعه ومخططاته في "صهر" وعي طلبتنا وأسرلته. التعليم وفق المنهاج الإسرائيلي في مدينة القدس يتقدم والتعليم وفق المنهاج الفلسطيني يتراجع،ونحن يسجل علينا اختراقات وخسارات كثيرة وكبيرة على جبهة الوعي،فالسلطة ووزارة التربية والتعليم الفلسطينية،بالقدر الذي يجب عليها ان تتحمل مسؤولياتها في هذا الجانب،فهي ليست بالطرف القادر على خوض هذه المعركة مع الإحتلال،حيث أنها حتى اللحظة،لم تستطع ان تؤمن أقل من 30 مليون دولار حاجة المدارس الخاصة والأهلية السنوية التي تتلقاها من بلدية الإحتلال،لكي تستطيع إدارة امورها وتغطية نفقاتها،وهذا التمويل المشروط سيف مسلط على رقبة تلك المدارس،سيشكل لاحقاً مدخلاً مهماً لتطبيق التعليم الإسرائيلي على تلك المدارس.ولذلك من يقود هذه المواجهة والتصدي لهذا المشروع الخطير،هم إتحاد لجان اولياء الأمور واللجان التابعة له في كل المدارس،وكذلك القوى والمؤسسات،يجب أن تلعب دوراً الى جانبهم في المواجهة،وفي توعية الأهالي بالمخاطر المترتبة على تلقي أبنائهم مثل هذا النوع من التعليم،الذي يسهم في اغترابهم عن بلدهم وتشويه وعيهم ومفاهيمهم وتغيير توجهاتهم وقناعتهم. بينت لن يكتفي بتطبيق المنهاج الإسرائيلي على مدارس صورباهر وام طوبا وبيت صفافا،بل هي "بروفات" اذا ما جرى تمريرها ستنتقل الى بقية المدارس الحكومية اولاً،يستخدم فيها سلاح المال والإغراءات وتساوق مدراء و"مفتشين" وكذلك لجان محلية "منتفعين" واولياء امور طلبة،لتمرير هذا المشروع للوصول الى الهدف بالشكل النهائي،ونكون كمن لف الحبل حول عنقه،والخسارة ستكون في هذه المعركة أخطر من أي خسارة في المعارك الأخرى،الخسارة هنا تعني باننا لن ننجو،بل سنذهب نحو حتفنا بأيدينا.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الى متى تبقى أعياد شعبنا وأمتنا مؤجلة ..؟؟
-
هم كذلك قادة كبار وبسطاء
-
رهانات نتنياهو تسقط بالجملة في سوريا
-
زيارة الوفد الأمريكي لرام الله......-طحن بلا طحين-
-
نعم شرقُ در
-
وما زال حريق الأقصى مشتعلاً
-
سوريا تستعيد عافيتها .....وستستعيد دورها
-
التعليم الفلسطيني في القدس......ومرحلة - صهر- الوعي
-
ما مصير السلطة الفلسطينية...في ظل الإنغلاق السياسي...؟؟
-
دلالات زيارة الملك عبد الله الثاني لرام الله
-
في المنطقة ...مشروع المقاومة يتقدم والمشروع المعادي يتراجع
-
في الإنقسام ...الأفعال والإرادة سيدة الموقف
-
خيارات نتنياهو....ما بعد هزيمته في معركة الأقصى
-
معركة الأقصى....وإختطاف النصر
-
المقدسيون كانوا بحجم وطن....وصنعوا نصرهم
-
في توصيف المرحلة ...وممكنات إندلاع انتفاضة جديدة
-
القدس تصنع المعجزات وتقلب المعادلات
-
نها القدس ....كاشفة العورات يا عرب ومسلمين
-
عندما تعود للأقصى إسلاميته نعود للصلاة فيه
-
تداعيات ما بعد عملية القدس
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|