ﺇهود عين-جيل
الحوار المتمدن-العدد: 5626 - 2017 / 8 / 31 - 10:07
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
10/09/1976
يخشى كثير من الفلسطينيين الاعتراف بحقيقة كون اليهود في اسرائيل يشكلون شعبا ٬ الشعب اليهودي ‒ الاسرائيلي . ويعتقدون أن الاعتراف بهذه الحقيقة سيضطرهم الى الاعتراف بحق هذا الشعب في تقرير المصير . وفي رأيهم فان هذا الاعتراف يحتوى ضمنيا الاعتراف كذلك بحق الشعب اليهودي ‒ الاسرائيلي في دولة يهودية ٬ أي الاعتراف بدولة اسرائيل الصهيونية . وبلغتنا في المدة الأخيرة مزاعم من هذا القبيل يروج لها أعضاء من منظمة "أفنغارد" ٬ ويحاولون "اقناع" طلاب عرب أن منظمتنا "متسبين" هي منظمة صهيونية ٬ لأنها تدعو الى الاعتراف بيهود اسرائيل كشعب وبكل ما تحتويه عبارة "شعب" من معنى . ان هواجس الفلسطينيين هذا ناجمة عن عدم فهم المعنى الحقيقي لحق الشعوب في تقرير المصير . وأما الهواجس الأفنغاردية فهي وليدة الرفض المتعمد لفهم هذه المعنى .
حق تقرير المصير يعني حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها . وليس من حق شعب ما ان يقرر بنفسه مصير شعب آخر . ولا يمكن تجسيد حق شعب في تقرير المصير على حساب الحقوق القومية لشعب آخر .
من هنا يتضح أن دولة اسرائيل الصهيونية ليست تجسيدا لحق الشعب اليهودي الاسرائيلي في تقرير المصير . لأن دولة اسرائيل الصهيونية أقيمت على حساب الحقوق القومية لأبناء الشعب العربي الفلسطيني ومن خلال التنكر لهذه الحقوق . لذلك فأنه لكي يتمكن أبناء الشعب اليهودي ‒ الاسرائيلي من تجسيد حقهم في تقرير المصير يجب عليهم بالتعاون مع الفلسطينيين ٬ اسقاط الصهيونية وتصفية جميع المؤسسات الصهيونية ٬ والغاء جميع قوانين التفرقة والاضطهاد ٬ وتمكين أبناء الشعب العربي الفلسطيني من تجسيد حقوقهم القومية والانسانية بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى وطنهم . وبانعدام هذه الشروط لا يمكن التحدث عن تجسيد حق تقرير المصير ٬ لا للشعب اليهودي ‒ الاسرائيلي ولا للشعب العربي ‒ الفلسطيني .
مما سبق يتضح أنه بتوفر هذه الشروط فان حق تقرير المصير ليهود اسرائيل لا يشكل خطرا أو تهديدا لمصير الفلسطينيين في أي شكل . وبعد هزم الصهيونية وتصفية المؤسسات الصهيونية وعودة اللاجئين ٬ بعدك اذا قرر يهود اسرائيل تجسيد حقهم في تقرير المصير في دولة على انفراد ٬ فان هذه الدولة ستكون "في أسوأ الاحتمالات" ديمقراطية ٬ بدون تفرقة عنصرية ٬ دينية أو قومية ٬ و"في أحسن الاحتمالات" تكون دولة اشتراكية .
ان اعترافنا بحق الشعب اليهودي ‒ الاسرائيلي في تقرير المصير لا يعني اننا نؤيد تجسيد هذا الحق في دولة على انفراد . يمكن تجسيد حق تقرير المصير على أنماط أخرى ضمن اطارات مشتركة . لقد ناضلت "متسبين" وستستمر في النضال داخل المجتمع الاسرائيلي لكي يقرر أبناء الشعب اليهودي ‒ الاسرائيلي تجسيد حقه في تقرير المصير ضمن اطار مشترك مع شعوب الشرق العربي ٬ وخاصة مع أبناء الشعب العربي الفلسطيني . وكما جاء في المبادئ الأساسية لمنظمتنا :
"ان حل القضايا القومية والاجتماعية للمنطقة (بما فيها القضية الفلسطينية والنزاع العربي – الاسرائيلي) يمكن ان يتأتي فقط عن طريق ثورة اشتراكية للمنطقة ٬ تسقط كل الأنظمة القائمة فيها ٬ وتقيم بدلا منها وحدة سياسية للمنطقة تحت حكم العاملين . في هذا الشرق العربي الموحد والمحرر ٬ يمنح حق تقرير المصير (بما في ذلك حق اقامة دولة منفصلة) لكل قومية غير عربية تعيش في المنطقة بما فيها الأمة اليهودية الاسرائيلية .
"كجزء من النضال من أجل هذه الثورة , تقوم متسبين بالنضال من أجل اسقاط النظام الصهيوني والغاء كافة المؤسسات والقوانين واللوائح والتقاليد التي يرتكز عليها ٬ وتتطلع متسبين الى حياة مشتركة بين العرب واليهود تقوم على المساواة التامة ٬ والى اندماج شعبي البلاد – أي الشعب اليهودي الاسرائيلي والشعب العربي الفلسطيني – في وحدة اشتراكية للمنطقة على اساس حرية الخيار" .
أي أنه بعد الثورة الاشتراكية للمنطقة ٬ وعندما ينعدم الاضطهاد القومي فان "متسبين" تتطلع الى الاندماج في اطار مشترك وليس الى تجسيد حق تقرير المصير في دولة على انفراد .
وازاء ذلك هنالك أفراد ومنظمات من الجمهور الاسرائيلي (ومن الجمهور الفلسطيني كذلك) يرون في اقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة امكانية لتجسيد حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير المصير . وفي عداد هؤلاء هنالك كثير من "اليسار الصهيوني" وكذلك الحزب الشيوعي الاسرائيلي (ركاح) . اننا لا ننظر هكذا الى هذه المسألة . ما دام هنالك الكثير من أبناء الشعب الفلسطيني تحت حكم الصهيونية (الفلسطينيون مواطنو اسرائيل) وما لم يعترف بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة (وليس لجزء منهم فحسب) ٬ فانه لا مجال للتحدث عن تجسيد حق تقرير المصير للفلسطينيين . ما دام الفلسطينيون لا يقدرون ان يقرروا مصيرهم بأنفسهم والصهيونية تمنعهم من القيام بذلك ‒ فان الكلام عن "الامكانية الواقعية" لتجسيد حقهم في تقرير المصير في الوقت الحاضر ليست الا ذروا للرماد في العيون . ان الاعتراف بحق تقرير المصير للشعبين هي وسيلة لتهدئة المخاوف المتبادلة : الخوف من استمرار الاضطهاد القومي على أيدي الصهيونية من جهة ٬ والخوف من احتمال اضطهاد قومي في المستقبل على أيدي الفلسطينيين من جهة أخرى .
ان الاعتراف المتبادل بالحقوق القومية للشعبين هو فحسب الذي يمكن الثوريين من اقناع شعوبهم في أن تقرر تجسيد حقها في تقرير المصير ضمن اطار سياسي مشترك وليس في دول على انفراد .
#ﺇهود_عين-جيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟