أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - إشكالية الدين ومصير الإنسان ح2














المزيد.....

إشكالية الدين ومصير الإنسان ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5624 - 2017 / 8 / 29 - 23:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد يقول سائل ولكن فرض الدين بهذه الشكلية يفسد النظام الطبيعي الذي يحرص الإنسان على العيش فيه ككائن مجعول أصلا أن يكون طبيعيا؟ الجواب سيكون بالطبع النتيجة مغلوطة بالأفتراض هذا لو علمنا أصلا أن الدين ما جاء إلا نتيجة لجهود الإنسان ذاته لإفساد النظام الكوني والعودة به إلى التوافق الأساسي، فلولا أنحراف الإنسان عن السوية التي خلق بها لم يكن للدين أي دور في حياته، مثلا من يقرأ وعلى سبيل المثال قصة آدم أبو البشرية ويتدبرها سيجد أن الخطيئة التي وقع بها وإن كانت أجلا أو عاجلا ستحدث لأرتباطها أساسا بعلة التكوين سيجد أن ما نتج من تلك المعصية قادت إلى سلسلة من الأخطاء البشرية والإنسانية نتيجة التجربة الحياتية، وهنا كان لا بد للدين من حضور أولا لتنبيه الإنسان أنه بدأ ينحرف كثيرا عن الخارطة الأفتراضية لوجوده، وثانيا تقديم معالجات لهذا الأنحراف تكبح تمرده أولا وتعيد للوعي الإنساني قيمته.
فالدين أذا يتحدد دوره بوجود الإنسان متدخلا وفاعلا في أنتهاك النظام الكوني أو التمرد عليه، بما يعني أن الدين لم يأت فرضا لتغيير معادلات محترمة ومتوفرة على ما يحميها من العبث، هذا التدخل الفوقي مرتبط بالتدخل البشري ونتيجة له، فلا نتصور مثلا أن الله يبعث للملائكة دين أو يبعث لعالم الحيوانات دين، لأن كل منهما قد حافظ على شكلية الجعل الأول بسبب أن مجتمع الملائكة مجتمع محكوم بالطاعة المطلقة ومأمور بها، أما المجتمع الحيواني محوم بكونيته الغريزية فلا يستخدم العقل ولا يتمرد عليه إن كان موجودا، في العالم البشري هناك ما يثير إلى التمرد ويدعو إليه فهو غير محكوم بالطاعة المطلقة ولا أسير الغرائزية التي لا تنثصاع للعقل، هنا الدين هو من يعمل أطفائي حاضر لمعالجة كل الأشتعالات الغير متوقعة لا في الحال ولا في الزمن.
من خلال كلما تقدم يتضح أن الإنسان هو صانع المعرفة وصانع العلم كما يصنع السياسة والفن والأدب وينتجها، وكل هذه المعارف والعقليات لا يمكن أن تكون بلا ثمن أو بلا أثر على وجوده، فهي بالأخر تعمل دور المرشد الضابط كما يفعل الدين تماما، العلم صحيح أنه يفتح الأبواب أمام الأسئلة المحيرة ومن خلاله تم تيسير كثيرا من النقاط العسرة في حياة الإنسان، ولكنه أيضا فرض الكثير من القيود والألتزامات المتقابلة، حتى الجمال كفلسفة معرفية عندما أتقنها البشر ساهمت في أعادة صياغة الذوق الذاتي والجمعي وفرقت بين الكثير من المفاهيم والصوريات لتنبئ الإنسان أن الجمال الأعظم هو أن تمنح بوجودك للعالم الحولي قيمة من قيم الجمال التي تؤمن بها، الدين هكذا عندما تؤمن به على أنه مساهمة معرفية لضبط حركة فوضى العالم عليك أن تقبل بشروطه والتي كما قلنا سابقا هي صيانة للوجودية الطبيعية.
فلا إشكالية للدين مع الإنسان ولا إشكالية للمعرفة مع الإنسان، ولكن الإشكالية الجوهرية هي حين يفشل الإنسان في ترتيب عالمه الطبيعي، ويفشل في تفسير لماذا يجب أن يكون الوجود متحركا للأمام ومتطورا دون أن يخرج هذا التطور والتجديد عن خط سيره الأساس، حتى في فهمه للحرية يرى البعض أن وجود الحرية في حياة الكائن الإنساني ليست فقط ضرورية ولكنه لازمة وجودية، وبالتالي منح هذه اللازمة حدودا مفتوحة دون رابط أو ضابط هو تفعيل لها، ونسي أيضا أنه ليس الكائن الوحيد في الوجود وبالتالي يكون من حقه أن يطلقها لعنانها، لأن الأخر له حق مساو ومواز له، وعند أصطدام الحقوق مع بعضها لا بد من منظم وحكم وحيادي خارجي يفصل في القضية.
إذا أشكالية الإنسان إشكالية طبيعية لا بسبب خارجي عنه ولا تتعلق جوهريا بوجود خارجي عنه، هذا الكلام يقودنا أن توصيف الدين وحتى أي معرفة أخرى على أنها تعارض حقيقي ما بين وجوده وبين ما تسببه المعرفة هو قول يجانب الحقيقة في الكثير من جوانبه، وعليه أن يقر الإنسان أنه طالما رضي أن يكون عاقلا ومتمتع بالقوة الحسية الذاتية فأنه سيكون عرضة لكل شيء يمر به، وهنا أذكر المقولة التأريخية (أنا أفكر إذا أنا موجود) وأعيد صياغتها في ضوء الكلام السابق (أنا في مواجهة مع الواقع طالما أنني أملك قوة العقل والحس)، فالتفكير وحده غير كاف لإثبات الوجود بل يحتاج إلى تفسير علة لماذا أفكر، وعليه أن يتذكر أنه كائن جدلي يعني كائن يتحسس الوجود ويحاول التمرد عليه، لأنه يبحث عن سر خلوده.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية الدين ومصير الإنسان ح1
- الدين وأزمة الهوية الدينية ... ألحاد وإيمان
- بمناسبة تأجيل الأنتخابات المحلية ودمجها في الأنتخابات الوطني ...
- لماذا نجح الرسول في بناء مجتمع واحد وفشل المسلمون في ذلك؟
- مفاهيم عدالة الصحابة ومعصومية المجتمع والولاية التكوينية وأث ...
- الدين وهوية الشخصنة
- نحن والدين وخداع التأريخية
- مقدمة ديواني الجديد ....... رسائل مهملة
- التغيير من وجهة نظر فلسفية ح1
- تعريف المقدس أستدلالا بالقصد المعنوي النصي
- أنا رجل بلا .......
- النداء الأخير لسباق الأحلام
- في وحدة عالم المقدس الغيبي
- رأي في وحدة الأسماء و(الصفات) ومكانتها في الفكرة الدينية
- الشخصية العراقية بين التمرد والثورة مشروع بأنتظار القدر
- إلى صديقي ذياب أل غلام وكل رفاقه وأصدقائه ومحبيه ومن شاركه ا ...
- دور التنمية الأقتصادية و المال في بناء مجتمع إنساني
- تحالفات جديدة أم إعادة انتاج التحالف القديم
- الدين بين طبيعة العقل ووظيفة النقل طريقان للإدراك أم نتيجة و ...
- في فهم الغيبي والحضوري


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عباس علي العلي - إشكالية الدين ومصير الإنسان ح2