|
واحد -عيد- ناقص -ذبح- من فضلك
ياسين سليماني
الحوار المتمدن-العدد: 5624 - 2017 / 8 / 29 - 17:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
واحد "عيد" ناقص "ذبح" من فضلك هذه المرة لم اقتن كبشا ولا خروفا. الرحيل إلى المنزل الجديد ولوازم التعديلات وكذلك العطلة الطويلة استهلكت كل مدخراتي كما أن التحضير للعودة الى العمل باقتناء الكثير من اللوازم الخاصة والأسرية وعودة الصغار أيضا للمدارس ألغت كل تفكير بشراء (ضحية) فشعوي الحقيقي بعد كل هذا الدوار أنني أنا الضحية لا الكبش الموعود. المهم كفاني الوالد في اتصال هاتفي عناء هذا.نحن عائلة تشاركية ( تراحمية بتعبير المسيري) بامتياز.في السنوات الماضية كنا نتعاون ماليا في تكاليف (كبش جيد) ثم يقوم الوالد فيشتري بمعرفته.في هذه المرة أخبرت الوالدة بالأمر . حك جبهته جيدا وقرر أخيرا ان يشتري هو بماله الخاص.تحينت الفرصة لهذه المرة أيضا ألا أحضر لمراسيم التنكيل بالضحية كما أنني أبتعد عن الأكل منها . يفتخر والدي بأنه يجيد الذبح والسلخ جيدا.كما انه يتهكم على خالي مثلا بأنه لا يعرف إلا استلام الأضحية جاهزة وأن الخال في المرة الوحيدة التي تدخل فيها لمساعدته قام بتوسيخ بدلة العيد الجميلة!! المرة الوحيدة أيضا التي قمت فيها بذبح خروف كانت في غيابه لسفر طويل. الحقيقة لم أقم بذبح ولا سلخ ولكن شوهت جسد الخروف بطريقة في غاية السوء. اكتشفت وانا أتأمل هذا أنني كنت جزارا فاشلا في نظر أهل البيت.بينما في نظري كنت اكثر انسانية.والى الآن لدي تخريجي الخاص لهذه القصة بأنني اكثر رأفة واقل جرأة من ان اذبح وأرى الدماء تسيل ثم اقوم سعيدا بحفلة شواء على شرف العيد المقدس. بتوصيف آخر لست متطرفا إلى الدرجة التي أفرح فيها بنفسي بالدماء وهي تسيل والكبش وهو يرتعد. قد يكون هذا تعليلا رومانسيا على الفشل وهو مالا يتفق مع نظرة بعض المسترجلين بأن الذبح من علامات القوامة.قوامة الرجل على المرأة.لا بأس.فلكل منا تعريفه الخاص للرجولة. ذبح الخراف كشعيرة يوم العيد ممارسة قروسطية لا تستجيب لمدنية انسان القرن الواحد والعشرين ( سيقوم المتفيقهون بالقول أن الكثير من الممارسات على هذا النحو لا تستجيب لمقتضيات هذا القرن) كذلك نحن بدائيون الى درجة مقرفة.فبدل ان نبقي على محلات القصابة نقتني منها ما نحتاج دون أن نحول أنفسنا جميعا الى ذباحين ودون ان تتحول بيوتنا او مساحاتنا الى سيلان الدماء الغزيرة التي تتحول بفعل الشمس وعدم التنظيف الى لون غائر في السواد لا يقوم الجزائري بما يتوجب عليه من ازاحته والتخلص منه ويكتفي بالبسملة والحوقلة عند العبور من امامه. الجزائري الذي لا يمنح عائلته فرصة لقضاء عطلة مقبولة ولو في مدينة ساحلية داخل البلاد ويتقشف في اقتناء مستلزمات الدراسة ولا يفتح لأبنائه آفاق التنمية الشخصية المستدامة يحتج بقوة اذا لم يستطع اقتناء كبش العيد.تسمية الكبش مهمة جدا في الكثير من العائلات الجزائريين لزوم الظهور والسمعة امام الجيران والاصحاب.التشدق بالمبلغ المدفوع مع بعض علامات عدم الرضا بسبب الغلاء والشكوى منه لزوم التمثيلية السخيفة ايضا. اننا حقا شعب لا يشبع ليس من اللحم.بل من الدم. يعلل المسلم الذبح بأنه شريعة دينية وهي سنة مؤكدة. الادبيات في هذا معروفة لا تحتاج إعادة. غير ان سقوط هذه الحواجز بين الاعمال والاختصاصات تستدعي الحيرة حقا. كيف يتحول كل رب اسرة الى جزار؟ بينما مثلا في اوقات الامتحانات الرسمية للابناء لا يتحول كل رب اسرة الى معلم؟ وفي اعياد الميلاد الى بابا نويل؟ انه الفشل الحقيقي الذي ركبته لنا مخلفات التفكير الماضوي الذي يرى في الشكليات اساس لقيام الدين. قد يكون من وجهة اخرى بُعد ثان..الكثيرون لا يطعمون اللحم الا في مناسبات مثل هذه. خط الفقر مرتفع عند مئات العائلات من الجزائر مثلا.كما ان الشعوب المسلمة في اغلبها فقيرة أو مفقّرة. تبقى ظاهرة الاضحية فرصة سانحة لتذوق اللحم المفتقد. هل يمكن ان يحتفي المسلمون بهذا العيد دون اضحية كما يفعلون في الفطر؟ ويقسمون تكلفة هذا الكبش الى اجزاء تجعلهم يأكون اللحم في فترات متوالية ( للغلابى والحيارى من اخواننا المسلمين) هل يمكن ان نتوقف عن الذبح والسلخ وتشويه الساحات ونقتني اوزانا معينة على حسب الحاجة لبيوتنا؟ سيرد الكثيرون بأن الأصل يكمن في رمزية الممارسة ذاتها.الذي يعني العبادة والاستسلام للاوامر الإلهية.وسأرد بالقول بأن العربي والمسلم لا يُخشى عليه من هذا.فهو عبد مستسلم لكل الميتافيزيقيات والشبحيات بهذه المناسبة وبغيرها. وهو ان لم يذبح ويسلخ سيرتفع قليلا الى درجة الانسانية ولو خطوة واحدة بدل شلالات وبرك الدماء في كل بلادنا. يبقى سؤال خفيف يمكن توظيفه أيضا والانتهاء به هنا:هل يمكننا ان نصل إلى يوم نقول فيه : واحد عيد ناقص ذبح ) تماما كما نقول في المقهى ( واحد شاي/ قهوة ناقص سكر)؟؟ لم لا؟؟؟؟
#ياسين_سليماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنه الفن يا كلاب الجحيم
-
كاريكاتورية لافتات -أنا محمد-
-
انتبهوا...أنهم يسرقون الله
-
كلاب الله
المزيد.....
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|