|
المقاومة والقمامة : حزب الله بخدمة الشيطان
دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 1458 - 2006 / 2 / 11 - 10:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ما هي المرجعية التي يستند إليها زعيم حزب الله ، حسن نصر الله ، لينبري بإسم مليار ونيّف من مسلمي العالم ، معلناً عدم توقف مظاهر الإحتجاج ضد الدانمرك : " إلا بعد إعتذار حكومتها عن الرسوم الكاريكاتورية ، وقيام الإتحاد الأوروبي بسن قانون يجرّم مثل هكذا رسومات أو غيرها مما يسيء للمسلمين " .. ؟ هاهو ، إذاً ، " سلاح المقاومة " تصل قذائفه إلى أوروبا ، أيضاً ، بعد جنوب لبنان ومزارع شبعا ؛ السلاح نفسه ، الذي تشهرهُ " أنظمة القمامة " في سورية وإيران ، بمناسبة ما يتعرّض له كل منهما للضغوط الدولية . هذان النظامان المختلفان في كل شيء ، إلا في الإستبداد ، ما فتئا يتلاعبان بمفردة " المقاومة " ، بوصفها إكسيرَ حياة لجماهير شعوبهم ، المشرفة على الهلاك بفعل الجوع والحرمان والفاقة والإرهاب ؛ الجماهير المدنفة ، أيضاً ، في كل بلد مسلم مبتل ٍ بحكام شياطين ، على شاكلة آيات الله ورفاق البعث !
في واحدة من بهلوانياته المعتادة ، يقف حسن نصر الله على رأس جماهيره الهادرة ، خطيباً مفوّهاً متلاعباً بالجمل الطنانة كأسلافه ، من فاشيي أوروبة ، البائدين ؛ أوروبا المتحضرة ، التي يقذفها زعيمنا بشتائمه وتهديداته ؛ وهو الظلاميّ الجاهل لأبسط مبادئها الديمقراطية : إذ كيف لدولة مثل الدانمرك أن تبادر إلى " الإعتذار " من المسلمين بالنيابة عن صحيفة من صحفها ، غير الرسمية .. أم أنه في ضلالته ، يتوهم أن صحف أوروبة كحال صحف أصدقائه البعثيين السوريين ، المؤبدة ؟ هذا مع العلم بأننا ، جميعاً ، قد قرأنا منذ عدة ايام رسالة إعتذار من لدن ذات الصحيفة الدانمركية " المسيئة " ، وبلغة عربية فصيحة ، غاية في التهذيب والأدب ؛ وهو الإعتذار الذي لم يلق أذناً صاغية في غابتنا الإسلامية ، المتوحشة : فعلاوة على شيخ المقاومة هذا ، تابعنا برنامج السيدة ليلى الشيخلي في قناة " أبو ظبي " ، الغراء . من كل عالم العربان ، الجميل ، لم يهتدِ معدو البرنامج ذاك ، سوى على شخصية أردني إسلامي ، معارض ، لكي يحاور الضيف الدانمركي ّ ، قاذفاً إياه ، أيضاً وأيضاً ، بحمم اللعنات والتهديدات ، رافضاً إعتذار الصحيفة الدانمركية ، مبشراً المشاهدين بحرب عالمية ثالثة بين المسلمين وبين لغرب الذي : " جردنا من كل شيء ، سوى هذا الحصن الحصين ؛ نبينا محمد بن عبد الله " . وفضلاً عن تشنج مقدمة البرنامج ومقاطعتها المستمرة للضيف الدانمركي ، فإنها وجهت له سؤالاً غاية في الغرابة : " ماذا لو أن نفس الصحيفة ، تناول رسامها شخص نبيّ يهوديّ ؟ ".
إذاً المؤامرة صهيونية ، ولن يفيد معها لا إعتذار دولة الدانمرك ولا إحراقنا سفاراتها في دمشق وبيروت . لن يحلّ هذه المعضلة ، والحالة هذه ، سوى " سلاح المقاومة " : هاهي الحشود في ضاحية بيروت الجنوبية ، ذات الأغلبية الشيعية ، تحتفل بذكرى سيّد الشهداء ، محدقة على جانبي الشارع الرئيس بمئات ألوف الشبيبة المنظمة ، المحتجلة بمشية عسكرية على نغم المارشات المنتصرة . يطلّ " القائد لمحرر " ، على تلك الحشود ، بعمامته السوداء ؛ العمامة الشبيهة بتلك التي رسمها الكاريكاريست الدانمركي ، مبرزاً منها قنبلة مشتعلة الفتيل ، موشياً إياها بنقش الشهادة ، موحياً ب" إرهابية " الشخصية المحمدية ومثالها المحتذى به ، في عالم اليوم : هكذا مثال ، مشوّه ، يقدمه السيد حسن نصر الله ، بإسمنا ؛ بإسم مليار ونيّف من مسلمي العالم . لم يكفه ، قبلاً ، إهانته للشعبين اللبناني والسوري ، حينما وقف أمام الحشود البائسة ، المغسولة الأدمغة ، محيياً الجلاد البعثيّ ، بمناسبة إندحار جيشه ومخابراته ، شاكراً إياه على فائض نعمه المنهمرة على الشعبين الشقيقين ، طوال عقود مريرة من الإستبداد والقهر والإرهاب والنهب .. لم يكتفِ قائد المقاومة ، أيضاً ، بتغطية جميع الجرائم المرتكبة من طرف ذلك الجار المستبد ، إثر خروجه العسكريّ المدحور ، الذي أعقب جريمة إغتيال الرئيس الحريري ؛ بل إنه يسهل له خلط الأوراق ، إقليمياً ، حتى لو كان ذلك على حساب وطنه لبنان ، بإستقراره وأمنه وإزدهاره وتعايشه الأهليّ .. وكانت ثالثة الأثافي ، في خطبة شيخ المقاومة ، نهوضه لتبرئة ديكتاتور سورية الصغير ؛ هذا المتمثل إرهابه ، أخيراً ، ب " غزوة بيروت " ، التي حشدَ فيها عديداً من مخابراته وإرهابييه ، ليكملوا في العاصمة اللبنانية ما كانوا قد إقترفوه في دمشق ؛ وأكثر من هذا ، لمحاولة إشعال فتيل حرب أهلية جديدة ، منطلقة من نفس بؤرة سابقتها : عين الرمانة !
كان الأجدر بحزب الله ، وزعيمه الملهم ، أن يقتدي بمثال الكويت ؛ حيث وحّد الإحتلال البعثي ، الصدامي ، شعبها بكل أطيافه وتنظيماته السياسية ، وعجز ذلك الإحتلال عن إستمالة أي منهم لصفه : فيما أنّ الإحتلال البعثي ، الأسدي ، الذي دام قرابة عقود ثلاثة ، أكل فيها اليابس والأخضر ، وجدَ في بعض اللبنانيين أدوات له ؛ وخاصة جعله الشيعة ك " صنيعة " لتواجده ، ما فتيء يعوّل على قواهم السياسية ، الطائفية ، بعد خروجه المذل المخزي ، العسكري والأمني . إن مسألة " سلاح المقاومة " ، التي يتاجر بها ذلك النظام الصديء ، سعياً منه لإبتزاز اللبنانيين والسوريين سواءً بسواء ، بهدف إدامة سيطرته على لعبة القرار الداخلي والإقليمي ، من المفترض أنها باتت مكشوفة لكل من يهمه الأمر ، من سياسيي كلا البلدين ؛ كما يتجلى ذلك ، سورياً ، في موقف المعارضة ، ولبنانياً أيضاً بقوى الرابع عشر من آذار وغيرها من الفعاليات السياسية والإجتماعية والثقافية ، الواسعة التمثيل لدى جميع الطوائف ؛ وبما فيها الطائفة الشيعية اللبنانية ، الموسومة بما يسمى في المصطلح المعروف ب " الأغلبية الصامتة " . وعطفاً على تنويهنا بالقوى الرافضة للوجود السلطوي السوري ، فإن الطرف اللبنانيّ ، المقابل ، صنيعة الإحتلال ، بقبوله الإنضواء تحت مسمى " قوى الثامن من آذار " ، يكون قد وجه بالتالي إهانة بالغة الأذى لمشاعر ملايين السوريين ، الذين يعتبرون هذا التاريخ بالذات ؛ الثامن من آذار ، تاريخ رحلة عذابهم المريرة .
بيد أنّ حزب الله ، هو قبل كل شيء حزب طائفي ، ظلاميّ ؛ فلا غروَ أن يجد في من صنعه ودعمه ، في دمشق وطهران ، حلفاء مصيريين له . ولكن حاله ، كحال من يستند إلى جدار متداع آيل للسقوط . إنّ قول حسن نصر الله ، في تصريح سابق بمناسبة أزمة الرسوم الكاريكاتورية : " لو أننا نفذنا فتوى الخميني وقتلنا سلمان رشدي ، لما تجرأ أحد الآن بالإساءة للرسول " ؛ هذا التصريح ، الخطير ، يكفي وحده لإدانة هذا الظلامي بالإرهاب ، علاوة على إعترافه الضمني بمسؤولية حزبه عن إغتيال المنوّرين البارزين ، حسين مروة ومهدي عامل ، في أواسط الثمانينات . ونأتي إلى قول الشيخ نصر الله ، عما أسماه : " دولة الميليشيات والطوائف " ، مسمياً به الدولة اللبنانية بحكومتها الوطنية ، المنتخبة وفق الإجماع الساحق برفض الوجود البعثي السوري : هذا الكلام ، للحق ، قمة النفاق ؛ أليس حزبه ، بالذات ، هو من يتفرد بلقب الميليشيا ، وكما أوضحته بجلاء قرارات مجلس الأمن ؟ وهل يتناسى زعيمنا ، صيغة حزبه الطائفية ، البحتة ، حيث رهن شريحة كبيرة من الشعب اللبنانيّ ، وهم الشيعة المغلوبون على أمرهم ، بقوة السلاح ؛ المسمى " سلاح المقاومة " ؟ نفاق ، يكرره قائد ميليشياوي طائفي ، قزم ، هو مقتدى الصدر ؛ بحديثه لوسائل الإعلام السورية عن : " رفضه للتسويات الطائفية والعرقية في العراق " ؛ نفاق ، أيضاً وأيضاً ، لدى الرفاق في سورية ، المتباكين هنا وهناك على " الهوية العربية " ، وغالبية الشعب السوري تئن من وطأة أبشع نظام طائفيّ ، عائليّ ، عرفته المنطقة العربية في تاريخها كله ؛ نظام لا يجد له من صديق ومؤازر سوى طيور الظلام التي على شاكلته !
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية 2 / 2
-
رسام الكاريكاتور بمواجهة الهمجية
-
إعتذار صليبي من قلعة الإسلام
-
التحوّلات الكردية : أقلية وأكثرية
-
الإجتماعيات الكرديّة : تقاليدٌ وتجديد
-
الإجتماعيات الكردية : طِباعٌ وأعراف
-
الإجتماعيات الكردية : فقهٌ وتصوّف
-
القصبات الكردية (2 / 2)
-
الإجتماعيات الكردية : عامّة وأعيان
-
رؤيا رامبو
-
الميلاد والموت
-
القصبات الكردية
-
المهاجر الكردية الأولى
-
كي لا ينام الدم
-
سنوات النهضة الكردية: مدرسة الشام
-
المصادر الاسطورية لملحمة ياشار کمال ..جبل آ?ري
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|