|
وزارة الفقراء
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1458 - 2006 / 2 / 11 - 10:31
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
لايتشابه العراق مع الكثير من بلدان الله ، فهو بالرغم من ثرائه وثرواته المتعددة يعج بالمسحوقين من البشر ، وهؤلاء يزدادون عاماً بعد عام ، فأعداد الشباب العاطلين عن العمل تفوق البلدان الفقيرة التي تفتقر لما يوجد في أرض العراق ، وأعداد المتسولين التي تشكل جيشاً يمتد من أقصى كوردستان الى أخر أراضي العراق الجنوبية ، وأعداد ممن لايمتلكون سقوفاً أو بيوتاً يقيمون تحت سقوفها مع أطفالهم يمكن أن يصل الى ربع عدد سكان العراق ، وأعداد من يعيشون على الكفاف وتحت خط الفقر أعداد لايمكن الأستهانة بها في أنتخابات مجالس النواب القادمة . ومنذ أستشهاد الزعيم عبد الكريم قاسم توقفت مشاريع الأسكان في العراق بعد أنقلاب شباط 1963 ، بالرغم من أن الحكومات التي تشكلت بعد هذا الأنقلاب كانت لها وزارة تدعى وزارة الأشغال والأسكان ، وأحيانا يسمونها وزارة الأشغال والاعمار ، ولكن العراق منذ أنقلاب شباط 63 لم يشهد أي مشروع سكني عمراني يمكن ان يحلم به الفقراء في العراق ، ولم تتجه نية الحكومات المتعاقبة الى مشروع لأسكان الفقراء ومن يعيش تحت خط الفقر أو من ذوي الدخل المحدود ، بل جعلت عذاباتهم وهمومهم تزداد يوماً بعد يوم ، فباتوا في مهب الريح ، ومن أجل أرباك الحياة العراقية سنت السلطات وحرصت على أن يكون قانون أيجار العقار السيف المسلط على رقاب أصحاب العقارات ، بغية الحد من أقدام العديد من أصحاب العقارات والدخل على أقامة مثل هذه المشاريع السكانية ، التي قد تساهم فيما لو أقدمت السلطة على مشروع سكاني لأسكان الفقراء من أهل النفط في العراق . وذراً للرماد في العيون كانت الحكومات تمنح المعوزين فتات من المال لايقيهم حر الصيف ولايمنع عنهم برد الشتاء ، بأعتبارها رواتب للرعاية الأجتماعية . وتكاثر الفقراء في العراق تكاثراً كبيراً ضمن الخطوط البيانية ليشكلوا النسبة الأكبر بين سكان العراق ، كما ساهمت الخطط الشيطانية والحروب العبثية التي قادتها الأنظمة الشوفينية المتطرفة في العراق ، بضمنها الحرب الشعواء التي شنتها السلطات على الشعب الكوردستاني من أجل اسكات صوته ومنع مطالبته بحقوقه الأنسانية المشروعة ، ساهمت هذه الخطط والسياسات زيادة فقر العراق الغني حتى بات العراق بلد النخيل والنفط والزراعة والمعادن يقتات المساعدات الدولية ، وتتصدق عليه الأنظمة الغربية ومنظمات مساعدة البلدان الفقيرة ، وأنتشرت صفائح السمن الأمريكي وأكياس الرز التايلندي والمنقوش عليها علامة المساعدات الأنسانية من المنظمات الدولية للبلدان الفقيرة ، والتي كانت حكوماتنا المتعاقبة لاتستحي من أستلامها وتوزيعها ، ولم تستحي من الأعتماد عليها في خططها الأقتصادية المستقبلية . وبقي الفقراء دون أهتمام من أي سلطة من السلطات التي تساقطت وهي تحكم العراق بواسطة مؤسسات الأمن العام والمخابرات والأستخبارات ، وبقي العراقيين دون مساكن وماتت احلامهم حتى صار الحلم بأمتلاك العراقي متراً من الأرض يكون له قبراً بعد موته ليطمئن الى دفنه في تراب العراق ، ولم يتحقق الحلم المذكور للعديد من أبناء العراق الذين أحتوت أجداثهم بلدان غريبة ، وكما احتوت المحيطات والخلجان بقايا الجثث التي غرقت قبوراً لأهل العراق أهل النفط والنخيل . ولم يعد العراقي يتباهى بالنخيل ولا بآبار النفط ، حيث لم يلمس منها مايجعل له سقفاً لبيت متواضع يأويه وعياله ، ويؤمن له رغيفاً من الخبز يسد به رمقه و جوع أطفاله ، بالأضافة الى مايستر به جسده . لم يعد العراقي يهتم لالوزارة الأسكان ولالوزارة الشؤون الأجتماعية ، فثمة أهتمامات غير حاجة الأنسان العراقي الملحة في هذا الزمن الأغبر تتوجه لها كل الوزارات ، وأذا حسبت الوزارات تجدها تمتد كا لاخطبوط الى كل مرافق الدولة والحياة ، ولكنك لن تجد فيها وضمنها وزارة للفقراء أو حيزاً صغيراً للفقراء . وزارة يكون اهتمامها أن تتفقد الفقراء الذين انقطعت بهم السبل فلا قدرة للعمل لديهم ولاسقفاً يأويهم ولارغيف خبز يأكلونه بكرامة ، وزارة يكون أهتمامها ان تحقق للعراقيين الذين ليس لهم شبر من التراب في هذا الوطن الذي أكل فلذات اكبادهم وأمتص عرقهم وأرتوى من دماؤهم ، أن تساهم في أيجاد مأوى يليق بالأنسان لهم ، ريثما تحقق لهم وزارة الأسكان بيتاً صغيراً بحجم عددهم متواضعاً بحجم حصتهم من النفط . وزارة للفقراء يكون أهتمامها أن تتفقد وتخدم الفقراء في كل مكان ، وان تبذل كل جهودها من أن تجعل الفقير يشعر أن كل الأحزاب العراقية التي تتشكل منها الوزارة ، وكل أعضاء مجلس النواب الذي انتخبهم الفقراء في العراق ، انه الهدف الأول والأساس للخدمة والعطاء منهم جميعاً ، وان كل الأحزاب والنواب والوزراء ماهم الا خدم لهذا الأنسان الفقير . وزارة للفقراء تعطي للفقراء ولاتأخذ منهم ، تدور على كل مرافق الدولة تحصل لهم حقوقهم دون منة ودون تعداد وأستعراض لما تحققه لهم ، فالفقراء خجلون لايريدون أحد أن يطلع على فقرهم ، والفقراء من أكثر الناس التزاماً بالقوانين وتمسكاً بتطبيقها . وزارة للفقراء لاتترك أحداً يهيم في الشوارع ، ولايمد احداً يديه طالباً معونة ، ولاتترك احداً ينام في العراء دون سقف او دون مكان دافيء في الشتاء وبارد في صيف العراق اللاهب ، وأن لاتترك احداً ينام وهو جائع ، وكيف ينام المرء وهو جائع ولايخرج شاهراً سيفه ، وأن لاتترك الفقراء دون دواء وعلاج ، وأن لاتترك احداً دون كفن او قبراً يليق بانسانيته ، وأن تؤمن حياة عياله من بعده ، وان لاتدع أطفالنا يجوبون الشوارع والطرقات يتسولون بطرق لم يألفها العراقي من قبل ، وأن تعمل على أيواء اليتامى وكبار السن ومن عافته الدنيا فتركته مهشما وحيداً ، وأن تكون المحامي الامين المدافع عن الفقراء في كل وزارة من وزارات العراق . وزارة للفقراء ترمم حال الفقراء وتعوض لهم مافات من حياتهم كل هذه المدد الطويلة والعسيرة ، ووزارة للفقراء لاتترك بيوتاً من القصب أو خيام مهترئة أو صناديق من الخشب او التنك يسكنها الفقراء ، وزارة للفقراء تهتم بهم كما يهتم وزير الداخلية أو الدفاع بشرطته وبجنودة ، فالفقراء ملح العراق ، وهم بناته ودمه الذي يبني ، وبأرواح اولادهم سارت قوافل الشهداء التي أعجزت سلطات البغي والطغيان وأعجزت سلطة الطاغية صدام ولم تعجز ، وهم ملح العراق الذي ينبغي ان يتم الالتفات لهم ، وهم أحق من كل الشرائح بالألتفات والأهتمام والأنصاف ، فقد شبعوا ضيماً وظلماً وتعسفاً وأهمالاً ، كما شبعوا كلاماً وشعارات وبيانات لم يستطيعوا أن يأكلوها أو يستفيدوا منها . وزارة للفقراء تهتم بشؤون الفقراء الذين لم يلمسوا شعاراً واحداً من الشعارات ، ولم يتذوقوا طعم الحكومة الجديدة بعد نهاية الطغيان والأرهاب .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قانونية الطرد
-
طلبات فريق دفاع صدام مخالفة للقوانين
-
ماتوفر من الأدلة في قضية الدجيل
-
عبد الاله الصائغ ياغريب الدار
-
وداعاً مير بصري
-
هل سيجتث البعث نفسه ؟
-
ماذانريد من مجلس النواب ؟
-
رسالة الى السيد مسعود البارزاني رئيس أقليم كوردستان العراق
-
ماذا نريد من القاضي ومن المحكمة الجنائية العراقية ؟
-
الجرائم التي تمس الشعور الديني
-
أربعة سنوات من الجهاد والموقف الملتزم
-
شهادة المشتكي السيد أحمد الحيدري
-
حضور المحامي العربي والأجنبي في محاكمة صدام
-
ضمانات المتهم في قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا
-
موجة الجمعيات والتنظيمات الوهمية في العراق
-
العالم المتواضع الدكتور وليد محمود خالص
-
عن محاكمة المتهم صدام
-
قصور الرئيس وأموال العراق
-
لاتخذلوا الكرد الفيلية
-
متى تتمكن وزارة الداخلية مواجهة الأرهاب ؟
المزيد.....
-
-حماس- تصدر بيانا بشأن فلسطينيين تتوقع الإفراج عنهم مقابل 3
...
-
عمدة مدينة اسطنبول أمام القضاء وسط هتافات المؤيدين ودعوات لا
...
-
أكبر تجمع للمسلمين بعد الحج .. مهرجان ديني على ضفاف نهر تور
...
-
مشغلو المسيرات الروس ينقذون جنديا روسيا معتقدين أنه أوكراني
...
-
لماذا يخشى ترمب تخلي -بريكس- عن الدولار؟
-
ترامب: سأفرض رسوما جمركية على السلع الأوروبية لأن بروكسل تعا
...
-
إسقاط 7 مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة بريانسك الروسية
-
فرق الطوارئ الأمريكية تنتشل جثث 41 ضحية في حادث تصادم الطائر
...
-
زاخاروفا: روسيا قدمت بديلا للكتل السياسية العدوانية على السا
...
-
المغرب واليمن.. توقيع 7 اتفاقيات لتعزيز التعاون
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|