|
من يعارض مغربية الصحراء ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5615 - 2017 / 8 / 20 - 17:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يعارض مغربية الصحراء ؟ منذ بداية نزاع الصحراء ، ظهرت معارضتان لمغربية الصحراء . وهي معارضة لم ترتكز في ادعاءاتها على الحجج التاريخية ، والجغرافية ، والحقوقية ، والقانونية . بل كان وراءها دوافع ضيقة انتهازية وعميلة . المعارضة الأولى ، وهذه تتكون من الشباب الصحراوي الذي ولد في المخيمات ، خلال الثلاثين سنة التي أعقبت استرداد المغرب لصحرائه . ان هذه المعارضة يمكن تفهم معارضتها ، ومن ثم يجب معذرتها ، لأنها حلّتْ أعينها في المخيمات ، ووسط جهابذة الفكر الانفصالي الذي كانت ولا تزال تشرف عليه الجزائر في حربها ضد المغرب المنافس القوي لهيمنها الاستعمارية ، وهي التي عانت من الاستعمار لما يفوق 140 سنة . لقد تعرض هؤلاء الشباب لتكوين إيديولوجي لا يرى من حل أمامه ، غير الانفصال . كما خضعوا لتربية هجينة ، أساسها تقديم المغرب كعدو وكمحتل ، وكمهدد للثور الجزائرية ، التي تناصر حق الشعوب في تقرير مصيرها ، وبسبب نظامها الاشتراكي بالمنطقة ، ودعمها لحركات التحرر الوطني بإفريقيا وبأمريكا اللاتينية . ان هؤلاء الشباب الذين أشرفت على تربيتهم المخابرات الجزائرية ، والعديد من المخابرات الأجنبية ، ككوبا وانغولا ، هم ضحايا مشهد مقلوب ، وضحايا فبركة استعمارية جديدة ، لتكوين دويلة تكون مرتبطة بعسكر الجزائر ، الذي يطمح بمدينة وجدة كذلك . لكن الذي يؤخذ على هؤلاء ، أنهم أضحوا دوغماتيين ، لا ينظرون إلاّ لنصف ألكأس لا للكأس كاملا . ومن ثم تراهم وبسبب الجهل بالتاريخ ، وبطرق ووسائل تفسير الأحكام ، والقرارات الدولية ، يفقدون الشعور والضبط ، وتسيطر عليهم الانفعالية ، عندما يسرعون أكثر من البرق ، في وصف كل معارض لفصل الصحراء عن مغربها ، بالعميل ، والخائن ، والموالي للنظام ، والمخزني ... الى غير ذلك من المصطلحات التي أتعبت حتى القاموس الذي لم يعد قادرا على تحملها ، والتي أصبحت مع مرور الوقت ، اسطوانة مشروخة لا تفيد بالمقصود ، لأنها افتضحت . وكان على هؤلاء ، عوض الاستمرار في المواقف المتطرفة التي لا ترى إلاّ اتجها واحدا ، أن يراجعوا ، ويقرؤوا بإمعان الرأي الآخر ، والتحليلات التي تضع المشكل في إطاره الصريح ، احتراما للتاريخ ، واعترافا بالجغرافية ، وأخذا بقرارات مجلس الأمن ، وبالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية ، التي تتحمل كلها تفسيرات قانونية تدحض أبواق الدعاية الانفصالية . ان المتمعن والمحلل لكل قرارات مجلس الأمن ، سيجد انها تنص على موافقة أطراف النزاع ، على اي حل قد يطرح مستقبلا لحل القضية . والموافقة هي شرط واقف ، بدونه لا يمكن لأي حل ان يطبق ، خارج رضاء وموافقة أطراف النزاع . وهنا سأطرح السؤال : هل المغرب سيوافق على تنظيم الاستفتاء في أرضه ؟ وهل الجزائر والجبهة ، سيقبلان ليس بمغربية الصحراء ، بل فقط بالحكم الذاتي طبقا للشرعية الدولية ، لا المغربية ؟ المغرب يعرف ان الاستفتاء يعني الانفصال ، وبما ان النظام وجوده من عدمه مرتبط ببقاء او عدم بقاء الصحراء تحت سيطرته ، فهل النظام سيقبل بالاستفتاء الذي هو سيف دمقليص مسلط على رقبته ؟ فهل النظام سيقبل سقوطه ؟ والجزائر التي خسرت آلاف الملايير من الدولارات في تدعيم كيان وهمي ، وبدّرت أموال ، وثروات الشعب الجزائري في أشياء تافهة ، هل ستقبل بالحكم الذاتي الذي سيبقي الصحراء داخل المغرب ، وهي التي تعرف أن تأكيد مغربية الصحراء ، يعني سقوط حزب فرنسا وجنرالاته المسيطرة على الجزائر ؟ فهل النظام الجزائري سيقبل بسقوطه عند تأكيد مغربية الصحراء ؟ إذن يتبين من هذه المعادلة ، ان الصراع هو بين النظام المغربي والنظام الجزائري ، كما انه صراع بين الشعب المغربي المتمسك بصحرائه ، وبين حزب فرنسا وجنرالات الجزائر . من هنا فان نزاع الصحراء ، وبسبب هذا التناقض بين النظامين ، أضحى بيد الدول الكبرى بمجلس الأمن ، لا بيد المغرب ، ولا بيد النظام الجزائري . أما جبهة البوليساريو ، فهي لا تعدو ان تكون رديفا ، لمن يحتضنها ، ويُموّلها ويتسوّل بها المنظمات الدولية . لقد كتبنا العشرات من الدراسات التاريخية ، والقانونية ، والحقوقية ، والجغرافية ،التي تثبت بالحجة والدليل مغربية الصحراء ، لكن للأسف ، لا حياة لمن تنادي ، لان الشباب الصحراوي المغرر به ، لا يقرأ من جهة ، ومن جهة هو شباب مغرر به ، وضحية بروباگاندا مسمومة جزائرية ، تستعمله في خدمة مخططات الجزائر التي لا علاقة لها بحقوق ( الشعب الصحراوي ) ، ولا علاقة لها بالاستفتاء وتقرير المصير ، وإلاّ لكانت الجزائر تؤيد الاستفتاء الذي جرى في القرم ، وتؤيد مطالب سكان كتالونية ، واسكتلندة ، وكرسيكا ، والمستعمرات الفرنسية في ما وراء البحار .. في الاستفتاء وتقرير المصير . فلماذا بالضبط فقط الصحراء المغربية دون غيرها من المستعمرات السالفة الذكر ؟ وهنا أدعو الشباب الصحراوي الى مراجعة دراستنا المنشورة بالموقع العربي " الحوار المتمدن " ، والموجود في حائطنا الفيسبوكي بعنوان : هل لا زال بعد الآن من يشكك في مغربية الصحراء " ،كما ان يراجع أكثر من خمسين دراسة علمية حول الصحراء ، نشرناها في المواقع المذكورة . أما معارضة مغربية الصحراء من اجل المعارضة ، فهو اعتداء سافر على دولة ذات سيادة ، وعضو بالأمم المتحدة ، وهو ما يعطيها كل الحقوق الكونية ، في الدفاع عن وحدتها الترابية بكل الطرق والسبل . المعارضة الثانية ، وهذه تتكون من المغاربة الذين اتخذوا مواقف متباينة ، ومتناقضة عند معالجتهم لنزاع الصحراء . وهؤلاء يتكونون من مجموعتين : 1 ) المجموعة الأولى ، وتتكون من اليساريين الذين انشقوا عن الحزبين المغربيين " الاتحاد الوطني للقوات الشعبية " و " حزب التحرر والاشتراكية " . ففي 30 غشت 1970 ، و في 23 مارس من نفس السنة ، ستظهر منظمتان ماركسيتان ، لينينيتان ، هما منظمة إلى الأمام ، ومنظمة 23 مارس . هنا سأكون مقتضبا ومختصرا ، لان دراسة موقف المنظمتين من الصحراء ، تتطلب دراسة مستفيضة لا تقل عن 60 صفحة . في البداية وقفت المنظمتان مع مغربية الصحراء ، وطالبا باسترجاعها الى حظيرة الوطن . كان هذا الموقف قبل ان يتدخل النظام في قضية الصحراء ، وينظم المسيرة الخضراء . و يجذر بنا هنا الإشارة ، الى البيان المشترك بين المنظمتين في سنة 1974 الذي تراجعت عنه منظمة 23 مارس . اعتبرت منظمة إلى الإمام في البداية ، سكان الصحراء بالشعب المغربي ، وفي مرحلة ثانية ستستعمل عبارة الجماهير المغربية في الصحراء ، وفي المرحلة الثالثة ستستعمل عبارة الشعب العربي في الصحراء ، لكن بعد 1977 ، ستكتشف المنظمة على حين غرة عبارة الشعب الصحراوي . وهنا لا بد من الرجوع إلى المؤتمر الوطني الخامس عشرة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب في غشت 1972 بالرباط . منظمة 23 مارس ومنذ انطلاقتها ، تمسكت بمغربية الصحراء ، وتمسكت بنفس الموقف عندما كانت تسمى ب " الأنواليين " و ب " منظمة العمل الديمقراطي الشعبي " . من خلال مراجعة كل هذه المواقف المتذبذبة ، والمتناقضة ، يتبين ان الموقف المتخذ من الصحراء ، هو موقف سياسي ، وليس بموقف إيديولوجي . أي اختزلوا النظام في الصحراء ، واختزلوا الصحراء في النظام ، في حين همّشا موقف الشعب المرتبط بمغربية الصحراء ، لأنه لا يروقهم ، ولا يخدم مصالحهم الضيقة ، والتي وصلت إلى الاعتراف بالشعب الصحراوي ، وبالجمهورية الصحراوية ، ووصلت الخيانة قمتها حين أبرقت المنظمة الى عسكر الجزائر ، تهنئه بانتخاب الشادلي بن جديد رئيسا للجزار . واني جد متيقن ، أنه لو كان النظام هو ما طالب باستقلال الصحراء ، ورفع شعار لا مغربيتها ، فضدا فقط على النظام ، لكان هؤلاء قد رفعوا شعار مغربيتها ، ولما ترددوا قيد النملة ، في وصف النظام بالخيانة العظمى . أمّا وان النظام قد رفع شعار مغربية الصحراء ، فقد أصبح هؤلاء يرددون لا مغربيتها ، وفي انتهازية مقيتة ولإسقاط النظام ، اعتبروا الصحراء بؤرة ثورية ، ستحرر المغرب ، وليس المغرب من سيحرر الصحراء . ورغم ان منظمة إلى الأمام أصبحت منظمات ، مثل منظمة القاعدة التي أصبحت قواعد ، ورغم الحلقيات ، والتشرذم ، والهامشية ، فلا تزال مختلف الفلول المنحدرة عن تجربة السبعينات ، تردد اسطوانة تقرير المصير ، والاستفتاء ، والشعب الصحراوي ، نكاية في النظام ، وأملا بتوظيف نزاع الصحراء في قلب النظام . 2 ) المجموعة الثانية ، وتتكون من المعارضين لمغربية الصحراء ، ليس بدافع سياسي او إيديولوجي ، بل ينفون مغربية الصحراء بدافع شخصي ، انتقاما من نظام ، ومن ملك اعتدى عليهم بطرق مختلفة . ان هؤلاء في مواقفهم الجديد ، بعد ان كانوا في السابق يتمسكون بمغربية الصحراء ، هم بدورهم يطمحون ، ويحالون استغلال أي فرصة ، لتصفية الحسابات مع النظام . فإذا كان انفصال الصحراء عن المغرب ، سيتسبب في اسقطا النظام ، فهم يؤيدونه . فهل تصفية الحسابات مع النظام ، تتم بتقسيم المغرب وتجزئته الى دويلات مارقة ؟ وهل حسم الصراع مع النظام يوجز الإشادة ، والتحالف مع النظام العسكري الجزائري الدكتاتوري ؟ أشياء لا يمكن لعقل سليم قبولها ، او حتى تخيلها . فحين نصل الى التضحية بالوطن ، في سبيل خدمة مصالح شخصية وضيقة ، وسواء كان الدافع سياسي او إيديولوجي ، كما هو حال المجموعة الأولى ، او كان السبب شخصي كما هو حال المجموعة الثانية ، فان الخلاصة التي سنتوصل إليها ، هي إصابة الجميع بالإحباط ، وبفقدان البوصلة التي تؤدي الى الاتجاه السليم بخسارات قليلة .
ان إسقاط النظام ، لا يكون بالتنكر للوطن ، ولوحدة الشعب ، ووحدة الأرض ، والتنكر للمغرب الكبير . ان طرق إسقاط النظام معروفة ، وشروطها واضحة ،وهي تتكون من خمسة مراحل ، لا يزال الجميع لم يصل حتى الى المرحلة الأولى منها . فمن أراد إسقاط النظام ، او إسقاط الملك فهو حر . لكن فليتوجه مباشر إليهما ، وليترك وحدة الأرض والشعب جانبا . ففي الخلط إمّا تهرب من المواجهة ، وإمّا اعتراف بفقدان البوصلة . ومرة أخرى هل الدعوة الى الخروج والنزول الى الشارع في عيد جلوس الملك على كرسي الحكم ، وفي عيد الشباب ، هي مرحلة أولى من المراحل الخمسة المؤدية للثورة ؟ فهل هكذا ستحصل الثورة ، كما حصلت في روسيا ، والصين ، وإيران ؟ اعتقد ان عدم نزول اي احد ، كان جوابا من الشعب ، للحفاظ على ما تبقى من القدرة الذاتية ، التي لا تزال تناضل للحفاظ على تواجدها المهدد حتى هو بالانقراض .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جبهة البوليساريو ترحب وتطبل لتعيين رئيس ألمانيا السابق ممثلا
...
-
رحلت فابتعدت ..... أنت .. أنت ..... وحدك . من أغبالة آيت شخم
...
-
تباً لهذا الزمن المُتعفن . تباً لهذا الزمن الموبوء
-
هل تستطيع العصابة المجرمة التي أجرمت في حقي ، منعي من مغادرة
...
-
عنوان الخطاب الملكي - الملك ينتصر لصديقه فؤاد الهمة -
-
الملك يعفي مجموعة من الوزراء
-
بخصوص الدعوة الى مسيرة 30 يوليو
-
إستمراء كل الشقاوات والعذابات في انتظار اليوم الموعود
-
واخيرا تأكد ما توقعناه باعتقال وسجن المدون حسام تيمور -- بين
...
-
بين تصريحات سعيد شعو للقضاء الهولندي وجريمة سحل وتشويه الزفز
...
-
إسْحلْ اتشويه ابناء الشعب -- في المغرب الجميل
-
ملك المغرب محمد السادس جد قلق وجد منزعج
-
الوضع بالصحراء اضحى اكثر من خطير
-
النقد والنقد الذاتي : لماذا ترفضهما نخبنا ؟
-
سيادة قطر في الميزان
-
حدود العلاقة بين السياسي والمثقف
-
تقرير تحليلي -- حراك الريف يعري هشاشة الانفتاح الديمقراطي ال
...
-
تحليل لعبة الانتخابات بالمغرب
-
الحق في الإختلاف
-
لتفادي السكتة الدماغية بالمغرب
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|