|
إلي وزارة الزراعة: فلتنقذوا حيوانات غزة من جهل المستهترين!
ريهام عودة
الحوار المتمدن-العدد: 5615 - 2017 / 8 / 20 - 03:00
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
ضجت مواقع الإعلام المجتمعي ، مؤخرا بالسخرية من خبر انتحار قرد كان مُعتقل بقفص حديدي، يفتقر لأدنى معايير الحياة و السلامة ، معلقا في سجن لتعذيب الحيوانات ، يُطلق عليه صاحبه مسمى "حديقة حيوان" ، وهي بالطبع لا يمكن تسميتها بحديقة ، لأنها ليس سوى مجرد معتقل نازي للحيوانات ، حيث يتم استغلال الحيوانات الضعيفة التي لا حول لها و لا قوة ، من قبل بعض المستغلين من أجل جذب الزوار و أطفال المدارس مقابل بضعة شواكل، وبدون تقديم أدنى رعاية لهذه الحيوانات ، أو توفير بيئة مناسبة لها للعيش بشكل طبيعي و صحي.
وهنا أتسأل ، هل أصبحت حياة الحيوانات البريئة بقطاع غزة ، مجرد سلعة للعرض أمام الغزيين ، و مجرد أحاديث للسخرية ، يتم تسييسها وربطها بمعاناة قطاع غزة من الحصار و الانقسام ، دون وجود أي رحمة أو شفقة على تلك الحيوانات المسكينة التي يتم تعذيبها بالقطاع بحجة، أن مواطني غزة ، هم أيضا معذبين.
لذا عندما نسمع مثلا أخبار ، عن تحويل بعض الأسود إلي إسرائيل لتلقي العلاج ، أو عرض حيوانات محنطة و ميته في قفص أمام الأطفال ، لا نرى أي اعتراض أو نقد من مواطني القطاع، أو المسئولين، سوى السخرية، و المطالبة بالسماح أيضا لمواطني القطاع للسفر عبر إيرز مثل الأسود و القطط.
و هنا أتساءل ، هل عندما يتم اعتقال الحيوانات الحية و المحنطه، بداخل ما يسمى بحدائق حيوانات بغزة ، هل هذه هي الصورة المثالية للحيوانات التي نريد أن نروجها في عقول أطفالنا الأبرياء الذين يعانون من الحصار، و لم يسبق لهم أن رأوا بأم أعينهم حيوانات حية وحقيقية ؟
ماذا نعلم أطفالنا ؟ و ماذا نغرس في عقولهم ؟ مشاهد لحيوانات ميتة ومحنطه ! أو لحيوانات معذبة ! أو لحيوانات جائعة ! أو لحيوانات مريضه !
لماذا يتم السماح لهؤلاء المستهترين، و تجار الحيوانات، بفتح معتقلات تجارية لحيوانات بريئة تحت مسمى حديقة حيوانات ؟
يجب أن يكون هناك معايير معينه لافتتاح أي حديقة حيوانات عامة أو خاصة ، من ضمنها على الأقل ، أن يستطيع أن يوفر صاحب الحديقة لحيواناته الطعام و التطعيم و الدواء، و أن يوفر لتلك الحيوانات مساحة واسعة ومفتوحة وممتلئة بالأشجار و الأعشاب، لكي تنطلق بحرية و تعيش حياة على الأقل شبه طبيعة، و ليس أن يتم حبسها كالجرذان في أقفاص بالية و غير إنسانية .
كيف نريد أن نتحرر من الاحتلال، و نطالب العالم المتحضر بأن يحترم حقوق الإنسان الفلسطيني، و نحن لا نحترم حقوق أضعف الكائنات الحية ، و نحن نستغل حياة تلك الكائنات للتجارة و السخرية و التقاط الصور التذكارية، بدون أي اعتراض من قبل مروجي حقوق الإنسان و المدافعين عن البيئة و المسئولين في وزارة الزراعة ، حول تلك الانتهاكات التي يعاني منها حيوانات قطاع غزة.
و من منا لا ينسى مشهد اللبؤة التي تم حقنها بمخدر ، وربط عنقها بسلسلة حديدية كسبية حيوانية ، و أصبح صاحبها يتجول بها أيام العيد في شوارع الرمال ، لكي يلتقط أطفال غزة ، معها صور مقابل بضعة شواكل ، في مظهر متوحش و أمام مرأى الجميع، دون اعتبار لسلامة الأطفال الذين يلتقطون تلك الصور مع اللبؤة المهانة ، أو أي اعتبار لصحة وحياة تلك اللبؤة التي تضررت بسب حقنها المتواصل بالمخدر.
وقد يتساءل سائلا ، فلنحصل أولا على حقوقنا الإنسانية كمواطنين، قبل أن نطالب بحقوق الحيوانات !
وهنا أجيب على هذا التساؤل ، بأنه من لا يرحم لا يُرحم ، و كما تُدين تُدان ، وارحموا من في الأرض ، يرحمكم من في السماء ، و امرأة دخلت النار بسبب هرة.
كوننا شعب يعاني من الاحتلال، و الظلم، و الحصار، و الانقسام ، لا يعني ذلك أن نكون مستهترين و عديمي الرحمة و الشفقة مع تلك الحيوانات المسكينة، التي كانت تنعم بحياة سعيدة في غابات إفريقيا، لكن تجار البشر و الحيوانات سرقوها وهربوها عبر الأنفاق لقطاع غزة ، مقابل أموال زهيدة لبيعها لأشخاص جهلاء و مستهترين ، همهم الرئيسي هو استغلال تلك الحيوانات مقابل بضعة شواكل!
وها هو عيد الأضحى يقترب أيضا على الأبواب ، و سنشهد للأسف مظاهر أكثر لوحشية بعض الغزيين تجاه أضاحي العيد ، فقد انتشرت سابقا عدة فيديوهات على مواقع اليوتوب، تظهر كيف يقوم أصحاب الأضحية أو الجزارين، بذبح أضاحي العيد بطريقة وحشية، فمنهم من يطلق النار على أرجل الأضحية ، ومنهم من يرفس بقدمه رأس الأضحية و منهم من يتسابق بطعن الأضحية عدة مرات في ظهرها دون إتباع أي نوع من آداب الذبح في الإسلام ، حيث أوصى الرسول المسلمين قائلا ، إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، و أوصى بأن لا يسمح أن يري الحيوان الذي يراد ذبحه حيوانا آخر يذبح.
إن تلك المظاهر الوحشية ، في طرق تعامل بعض الغزيين ، المستهترين ، و الجهلاء منهم، تضر للأسف بسمعة قطاع غزة ، وتشوه تلك الانتهاكات ضد حقوق الحيوانات من صورة المواطن الغزي ، حيث أنها تصوره بأنه مجرد إنسان بدائي، ومتوحش، و يعشق العنف والدم ، و يستهتر بحياة الكائنات الضعيفة.
فكيف يريد سكان القطاع أن يرحمهم الله ، و ينقذهم من الحصار الظالم و هم لا يرحمون من هم أضعف منهم ألا وهي الحيوانات الضعيفة؟
لذا على وزارة الزراعة بقطاع غزة ، أن تتابع بجدية ملف انتهاكات حقوق الحيوان بغزة ، و أن لا تمنح أية تراخيص لما يسمى بحديقة حيوان في غزة ، بل عليها أيضا أن تقوم بحملة تفتيش داخل المزارع و الحدائق لإنقاذ الحيوانات التي يتم استغلالها بشكل سيئ في تلك الأماكن ، و عليها أيضا أن تُرحل جميع الحيوانات البرية المتواجدة فيما يسمى حديقة حيوانات بقطاع غزة إلي منظمات حماية الحيوان الدولية لتتولى رعايتها ومسئوليتها.
و يكفي القطاع ما به من انتهاكات و حصار ، حتى الحكومة عاجزة عن توفير الغذاء و الدواء لفقراء القطاع، فكيف سيتم توفير الغذاء و الدواء و الرعاية لحيوانات يعتبرها المواطنين مجرد سلع رخيصة.
وعندما نتطور و نتحضر أكثر و نحصل على أقل حقوقنا الإنسانية ، لنفكر بعدها باستضافة حيوانات بحدائقنا ، بطريقة إنسانية ومشرفة، و ليس بطريقة وحشية ، عن طريق حبسها و إزهاق أرواحها ، بمعتقل حيواني ، لكي تكون مجرد دمى للفرجة، أمام أطفال أبرياء، يتم خداعهم بصور مهينة للحيوانات ، تجعل أطفالنا يعتقدون أن عالم الحيوان هو مجرد أقفاص و جثث محنطه ،وليس بيئة قيمه يجب أن نحافظ عليها.
لذا أتمنى من المسئولين في وزارة الزراعة بغزة ، عدم الاستهتار بالأمر، و أن يراعوا ضميرهم ، بالتعامل مع ملف تلك الحيوانات المعتقلة، فيما يسمى حديقة الحيوان بغزة ، و أن يتم بالفعل اتخاذ إجراءات حاسمه حول هذا الموضوع ، حتى لا يتم شيطنه قطاع غزة أكثر من ذلك ، وحتى لا يصبح قطاع غزة وقصصه المؤلمة حول انتهاك حقوق الحيوانات ، مجرد أضحوكة للعالم ، و مصدر للسخرية من قبل الشامتين بجهل بعض الغزيين.
فلتنهي وزارة الزراعة تلك المهزلة، و لتنقذ تلك الحيوانات البريئة، من جهل المستغلين !
فنحن نريد في غزة ، أن نرى إنسان حر و أخلاقي، يلهو مع حيوان سعيد، و لا نريد أن نرى إنسان متوحش وسادي، يتمتع بمنظر حيوان معتقل بقفص حديدي!
#ريهام_عودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توقعات مرحلة ما بعد الرئيس ...
-
رسائل السلم و الحرب بين إسرائيل و حماس !
-
ماذا سيحدث لو أعلن الرئيس عباس قطاع غزة كإقليم متمرد ؟
-
الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية في قضية الاستيطان
-
سؤال يحتاج لإجابة: لماذا لم نتحرر من الاحتلال بعد 68 عاما؟
-
معبر قلنديا : معبر الذل ...
-
هل تؤجل إسرائيل الاتفاق النهائي للسلام حتى عام 2050 ؟
-
ضحايا الديمقراطية في الوطن العربي!
-
لا داعي للقلق من عصا وجزرة ليبرمان
-
أيها القائد الفلسطيني،راقب وتعلم و لا تغامر !
-
هناك مستقبل لغزة لو....
-
الملكة رانيا:المرأه الإنسانية ذات الأفاق الدولية
-
الحل ليس عند الرئيس
-
طبيعة دور المثقفين العرب و جدلية علاقتهم مع السلطة
-
نائب للرئيس ومجلس حكماء حتى لا تنهار السلطة !
-
إسرائيل و الحب المستحيل!
-
إلي اللواء ماجد فرج: لا تُبرر ولا تُعطي الحبة الزرقاء !
-
السياسة ليست لعبة قذرة !
-
التحالف مع الشيطان !
-
هكذا تدفع إسرائيل ثمن محاولة تهميش عباس !
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر
...
/ هيثم الفقى
-
la cigogne blanche de la ville des marguerites
/ جدو جبريل
-
قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك
...
/ مصعب قاسم عزاوي
-
نحن والطاقة النووية - 1
/ محمد منير مجاهد
-
ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء
/ حسن العمراوي
-
التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر
/ خالد السيد حسن
-
انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان
...
/ عبد السلام أديب
-
الجغرافية العامة لمصر
/ محمد عادل زكى
-
تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية
/ حمزة الجواهري
-
الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على
...
/ هاشم نعمة
المزيد.....
|