مع اقتراب سقوط الطاغية المجرم صدام حسين تتصاعد وتيرة الحقد والشوفينية ضد الشعب الكوردي عند جماعات ضالة. لقد وصلت الحالة عند بعضهم الى ارتكاب حماقات مبتذلة ، والمناداة علنا بالقضاء على القومية الكوردية ، ويحاول البعض الاخر من خلال كتاباته المفعمة " بالوطنية" وروح " العروبة " ! ، تجميل الوجه القبيح للدكتاتورية البغيضة، فهم لا يستطيعون كتابة رواية مثلما فعل سيدهم البعثي البلطجي ابن العوجة المغوار صاحب العقد الفريد الموسوم ( زبيبة والملك)، الا انهم والحق يقال (فطاحل !) في الاساءة للشعب العراقي ، وينشطون في كيل السباب والشتائم للشعب الكوردي، ويطالبون بابادته ،ويدعون القوى الخارجية للاجهاز على الاكراد وسحقهم والغاء الاسم المقدس عند الاكراد والشرفاء من الشعب العراقي كوردستان، كمطالبتهم من ايتام المجرم أتاتورك وحكومة تركيا للقيام بتلك المهمة العنصرية. لان الحكومة التركية مارست وتمارس الاساليب الدموية والشوفينية التعسفية ضد الشعب الكوردي الذي يطالب بحقوقه القومية العادلة . ومن اجل تلك الحقوق يعاني الكورد في تركيا شتى صنوف العذاب والحرمان ، مثلما عانى الكورد ايام حكم " قائد الضرورة "، " وفارس الامة العربية " ( ابن خيمة صفوان). ان الشعب الكوردي شعب مضطهد ومحروم من ابسط حقوقه. لكن ليعلم اولئك الحاقدون بأن القضية الكوردية ستبقى من القضايا الملتهبة في المنطقة الى أن تجد حلا عادلا لها. وقد أثبت التاريخ وتطورات الاحداث منذ مطلع هذا القرن ، ان قضية كهذه لا يمكن حلها بأساليب القهر والعنف والممارسات الشوفينية الدموية.
ان الجماعة التي تتكأ على تركيا ، عليها أن تعلم بأن كل ما تتشدق به تركيا عن التحضر والعصرنة والديقراطية والعلمنة وحقوق الانسان ما هي الا ادعاءات فارغة لا تنطلي على احد.
ان شعب كوردستان ومنذ أكثر من قرن يقدم التضحيات الجسام من خلال نضاله الدؤوب المتواصل من أجل التحرر الوطني واقامة الكيان السياسي المستقل ، ولكن توجد عقبات كثيرة تعترض مسعاه ونضاله لتحقيق هدفه المنشود، منها اقليمية ودولية واخرى ذاتية ترتبط بالحركة الوطنية التحررية الكوردستانية. ففي الوقت الذي واصل ويواصل فيه النظام الدموي في بغداد توسيع دائرة اجراءاته القمعية والارهابية من حملات اعتقال وتفتيش وملاحقة المواطنين ، وفرض اجراءات الطوارئ وتصعيد الارهاب ، والاستمرار في تهجير المواطنين الاكراد والتركمان والكلدواشوريين من كركوك وخانقين ومخمور وغيرها، واتباع سياسة التطهير العرقي بوتائر عالية، وتصفية الرموز الوطنية والدينية، وحرق القرى والأرياف واستخدام السلاح الكيمياوي ضد المدن والقصبات والقرى في كوردستان، وعلى سبيل المثال حلبجة وسيوسينان وشيخ وسان وغيرها، يستمر النظام الدكتاتوري وقائده المتخاذل ابن حسين " العوجوي العروبوي " الى جر العراق لحرب اخرى ، وبالتناغم مع خطط واعمال النظام الاجرامية ، ينادي البعض ممن يحسبون انفسهم " وطنيين " "أقحاح " " للنخاع " بازالة كل ما هو كوردي ! ، بل وابادة الأكراد ، ويذهب البعض الاخر من الزمرة ذاتها الى ترديد عبارات تحريضية سخيفة للايقاع بين القوميات المتاخية في العراق ،من كورد وتركمان وكلدواشوريين واختلاق المشاكل بينها، ولكن ليعلم هؤلاء بأن مسعاهم لتصعيد النعرة الشوفينية المقيتة بات عقيما. فالأعداء يعلمون قبل الأصدقاء ، وخاصة من الذين يذرفون الدموع (وهي طبعا دموع التماسيح ) على الزعيم عبد الكريم قاسم بأن دستور حكومته المؤقت قد نص : ان العرب والأكراد شركاء في هذا الوطن ( العراق )، كما هو معروف فأن نصف شط العرب والكثير من الاراضي العراقية لم تمنح من قبل العراقيين بل من قبل النظام ، ولم يكن ذلك من اجل سواد اعين الأكراد، ولا بسبب "التمرد الكوردي" كما يحلو للتائهين أن ينعتوا الثورة الكوردية ، لأن السيد النائب سابقا ، و" القائد المقتدر" فيما بعد " صخام بن صبحة " ! كان جبانا ومتخاذلا حينما وقع مع الشاه المقبور الأتفاقية المشينة ( اتفاقية الجزائر ) الجائرة. ومن العجب ان هؤلاء المرضى الذين يكيلون الشتائم للكورد ، وينفون دورهم ووجودهم يستشهدون بأقوال ومزاعم من كانوا لحد البارحة مطية للبعث ويمثلون الدولة العراقية في المنظمات الدولية . وهنا لا بد من التوضيح لبعض المرضى التائهين وسيدهم " المؤرخ " وتذكيرهم بأن سكان كوردستان يطمحون دوما الى الحفاظ على استقلاليتهم في مناطق سكناهم ، ومن أجل الوصول الى هذا الهدف فرض عليهم العيش في حالة دفاع مستمر عن النفس ، لأن الشوفينيين يجهلون التاريخ تماما ، والأكراد متواجدون في كوردستان منذ العهود الميدية ( على الأقل منذ 2607 أعوام من الان). ويعلم الجميع بأنه لم يسلم الكورد من حملات التعريب والتتريك والتفريس وعمليات الصهر القومي ( التي لا زالت مستمرة لحد الان).
بعد ايام ، وبالضبط في 16-3-2003 ستمر الذكرى الخامسة عشر على كارثة حلبجة التي تعتبر ثاني كارثة شهدتها البشرية خلال ال58 عاما. ان الكارثة تعتبر وصمة عار على جبين حكومة الاوباش في النظام الدكتاتوري في العراق، وعلى جبين الأنظمة الحاكمة في العالم التي تدير شؤون المجتمع في هذا العصر. ويعلم الجميع بأن الكارثة الأولى كانت جريمة هيروشيما وناكازاكي. ولم تكتف الة الحرب والدمار للنظام الفاشي باقتراف جريمة حلبجة ، بل وقامت بشن عمليات " الأنفال" السيئة الصيت وباستخدام السلاح الكيمياوي وتغيب أكثر من 180 ألف انسان من الأطفال والنساء والشيوخ، ودفنهم احياءا. ان "جرائم" هؤلاء في نظر النظام الفاشي ،لم تكن الا ، لكونهم أكرادا يناضلون لأجل انهاء الظلم القومي الذي الحق بهم منذ أكثر من نصف قرن.
امام هذه المأساة والكوارث الانسانية التي الحقت الأذى والدمار بالكورد، وهم القومية الثانية في العراق يقف طابور ممن يحسبون انفسهم مثقفين و شغلهم الشاغل اضفاء الصفات البذيئة على الاخرين، تراهم ينفعلون ويقعون في أخطاء ومغالطات عديدة، ويكشفون عن الحقد الدفين في اعماقهم. مدعين كونهم عراقيين أصلاء يوزعون بطاقات الوطنية على الاخرين ويطمحون في الوقت نفسه الى أن يكونوا وعاظا لهم، لا باسداء النصح والمشورة الصالحة، وانما بالتهريج ودفع الاخرين لافتعال التوتر والمناوشات بين قوميات العراق المتتاخية. مثيرين من خلال طروحاتهم روائح كريهة تزكم الانوف وتنتشر في كل مكان ، شبيهة الى حد ما بروائح الوباء القاتل للمواد الكيمياوية التي استخدمها رمزهم العتيد " النظام العراقي " المجرم لابادة الشعب الكوردي وسكان الاهوار في جنوب العراق. انهم يتنكرون للحقائق والوقائع. وينطبق عليهم المثل الكوردي القائل : من لا شعور له بشرف الكلمة لا يدخل الجنة. فأن معاداة نضال الأكراد في سبيل الحرية خلال القرنين الاخيرين وبتلك الصورة البشعة ، أصبحت صفحة ملطخة بالسواد في تاريخ الأنسانية.
وممالا شك فيه فان أعداء شعبنا الكوردي مختلفون فيما بينهم في الكثير من الامور ،ولكنهم- ويا للغرابة- متفقون في عدائهم للشعب الكوردي وهم على خط واحد منذ اقتسام كوردستان في المرة الاولى عام 1639 ، والثانية عام 1916 ،لذافانه ليس للكورد أمام اتفاقهم هذا ، الا ان يتفقوا هم ايضا في خط واحد وصولا الى تحقيق هدفهم المنشود. ان الشعب الكوردي صديق وفي للشعوب الاخرى ، وان نضاله ليس موجها ضدها، بل ضد الأنظمة الدكتاتورية التي تضطهده وتضطهد هذه الشعوب، وجميع الذين يؤججون نار العداء بين الشعب الكوردي والشعوب الاخرى انما يسيئون الى أنفسهم اولا، قبل ان يسيئوا الى غيرهم ممن هم اصحاب قضية عادلة لا يمكن ان يخمد أوارها لان وراءها شعب تعداده نحو 40 مليون من البشر ، هدرت ابسط حقوقه.