|
هل القرآن كتاب دين أم كتاب علم ؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5612 - 2017 / 8 / 17 - 13:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل القرآن كتاب دين أم كتاب علم Science ؟ طلعت رضوان سؤال لمدرسة التفسير العصرى للقرآن : لماذا لم تكتشفوا نظرية علمية، وتعتمدون على ما تـمّ اكتشافه؟ انتشرتْ ظاهرة (التفسير العصرى للقرآن) وروّج لها كثيرون أمثال عبد الرازق نوفل، مصطفى محمود وزغلول النجار، الذى أحرجه طلاب من جامعة فاس بالمغرب، حيث وجـّـهوا إليه بعض الأسئلة التى عجزعن الرد عليها، ولم يكتفوا بذلك وإنما أثبتوا خطأه وطالبوه بالاعتذار. فخرج غاضبـًـا ورفض استمرار الحوار. وأعتقد أنّ عجزه عن الرد على أسئلة الطلاب يجب ربطه بالمنصب الذى يشغله (رئاسته للهيئة العلمية للإعجاز القرآنى) التى تتلقى تمويلا ضخمًـا من بعض الدول العربية والأوروبية وبعض هيئات التمويل التى من مصلحتها أنْ يظل المسلمون على تخلفهم. وكما احتلّ زغلول النجار أكثر من نصف صفحة أسبوعيـًـا فى صحيفة الأهرام، استغلّ مصطفى محمود مساحته لينشرعلى مدار عدة أسابيع سلسلة من المقالات تحت عنوان ثابت (التفسير العصرى للقرآن) وكم كانت سعادتى عندما وجدتُ الرد عليه وتفنيد مزاعمه حول أنّ القرآن سبق علماء الطبيعة (فى الكيميا والفيزيا والفلك..إلخ) جاء من كاتبة مدافعة عن الإسلام (د. عائشة عبدالرحمن الشهيرة ببنت الشاطىء) فى سلسة مقالات جمعتها فى كتاب صدرعن دار المعارف المصرية (التى ترفض إعادة طباعته) ومن قراءة كتاب بنت الشاطىء قلتُ لنفسى إنّ كتاب مصطفى محمود يستحق أنّ يكون عنوانه (التفسير القصرى للقرآن) بمعنى إجبار الآيات على أنْ يكون تفسيرها وفق إرادة ومشيئة المؤلف، وليس وفق النص القرآنى، ومن بين ذلك أنّ اللغة العربية ((فضحتْ مدرسة الإعجاز العلمى فى القرآن)) ومن أشهر الأمثلة (العنكبوت) حيث قالوا إنّ القرآن أثبت أنّ أنثى العنكبوت هى التى تنسج بيته وليس الذكر، فكتبتْ بنت الشاطىء أنّ القرآن جرى على لغة العرب الذين أنــّـثوا العنكبوت والنمل..إلخ ((وهو تأنيث لغوى لاعلاقة له بالتأنيث البيولوجى)) وأضافتْ ((يتسلــّـل إلى عقول أبناء هذا الزمان أنّ القرآن إذا لم يـُـقـدّم لهم علوم الطب والتشريح والرياضيات والفلك وأسرار البيولوجيا والالكترون، فليس صالحـًـا لزماننا)) وكتبتْ أنّ كلمة القرية فى القرآن لا تعنى معناها فى العصر الحديث (وفق التقسيم الإدارى) والساعة ليست60دقيقة، إنما هى فى القرآن يوم القيامة ((يسئلونك عن الساعة.. قل علمها عند ربى)) (الأعراف/187) بل إنّ اليوم فى القرآن ليس24ساعة وإنما هو((وإنّ يومًـا عند ربك كألف سنة مما تعدون)) (الحج/47، السجدة/5) بينما فى سورة أخرى اليوم خمسين ألف سنة (المعارج/4) وهكذا يتأكــّـد أنّ الألفاظ فى القرآن ليست لها علاقة بألفاظ وتعابيرالعصرالحديث. وأكــّـدتْ على استحالة تفسير كلمة منزوعة من سياقها فى آية (ما) عن سياقها فى القرآن كله. وبناءً على ذلك لا يصح الاستشهاد بآية ((وإنّ منها لما يهبط من خشية الله)) (البقرة/74) للدلالة على (دك) الجبل يوم القيامة، لأنّ أتباع التفسير العصرى نزعوها من سياقها فى قوم موسى، ولا علاقة لها بيوم القيامة. ولذلك فإنّ هؤلاء المفسرين العصريين ((خرجوا علينا وفى جرابهم طرائف وغرائب من كل علوم العصر، بما لم يأت به نص قرآنى..إلخ)) ولعلّ استخدامها لفظ (جرابهم) يستدعى إلى ذهن القارىء - على الفور- (جراب الحاوى) وهذا ذكاء فى استخدام (التورية) وقالتْ إنّ القرآن ((كتاب هداية وليس كتابـًـا فى العلوم)) وعن ذات المنهج العلمى كتب د. فؤاد زكريا عن التعسف فى تفسير القرآن باعتباره تناول النظريات الحديثة، وأنه لم يفرط فى شىء، وأنّ كل ما توصلتْ إليه عقولنا البشرية موجود فى القرآن، فنجد تفسيرات (عصرية) عن نظرية النسبية وصواريخ الفضاء وعلم الذرة، بل إنّ نظرية التطور نفسها (التى هوجمتْ ولا زالت تــُـهاجم) وجدتْ من يضعها فى إطار إسلامى، على أساس أنّ هبوط آدم من الجنة جعله يبدأ رحلته فى الأرض على شكل أميبا فى الطين. وذكر أنّ من مدرسة التفسير العصرى للقرآن الكواكبى ومحمد فريد وجدى..إلخ. ولم ينتبه هؤلاء إلى أن القرآن ليس كتابـًـا فى الفيزيا أو البيولوجيا، ولم ينتبهوا إلى أنّ العلوم دائمة التغير، ولا يصح أنْ يـُـربط مصير الكتاب السماوى بما يطرأ عليه من تحولات لا تنقطع. وأنّ التفسير يتم بأثر رجعى، ويـُـعيد الاهتداء إلى النظريات العلمية (بعد اكتشافها) إلى القرآن، هو جهد عقيم لأنه مضطر- دائمًـا - إلى الانتظار حتى تتم الكشوف بجهود البشر. وقد تأكــّـد ذلك من أنه لم يحدث - ولومرة واحدة - إلى كشف حقيقة علمية (جديدة) أو التوصل إلى (نظرية علمية) من اكتشافاتهم (المعجزة) حتى يُـدلــّـلوا بها على أنّ القرآن كتاب فى الفيزيا أو الفلك. وأضاف أنّ مفكرى أوروبا (حتى المتدينين) يقبلون بسهولة الفكرة القائلة بأنّ عناصر كثيرة من الأفكار الدينية ينبعى أنْ تتغيـّـر نتيجة للمعرفة الجديدة التى جلبها العلم والتكنولوجيا، فإنّ مثل هذه الأفكار مرفوضة فى الأوساط الدينية الإسلامية. أما فى الغرب فقد تـمّ وبشكل حاسم الفصل بين الدين والعلم، وهذا هو سر تقدم أوروبا. وقد عبـّـر(نيوتن) عن هذا الاتجاه بوضوح عندما دعا إلى ((عدم تدخل الوحى الدينى فى العلم أو فى الفلسفة)) (الصحوة الإسلامية فى الميزان – دار الفكر المعاصر- يناير1987- من ص133- 136) وفى كتاب آخر انتقد الذين هاجموا العلماء والفلاسفة بحجة أنّ العقل البشرى مازال عاجزًا عن كشف الكثير من أسرار الكون، فأطلق عليهم د.زكريا (خصوم العقل) وقال إنهم يبدأون من مقدمات صحيحة، ولكنهم يستنتجون منها نتيجة باطلة. صحيح أنّ عقل البشرما زال عاجزًا عن كشف الكثير من أسرارالكون. أما النتيجة الباطلة فإنّ أصحابها ينكرون دور التاريخ، فلو قارنا حالة المعرفة البشرية منذ500سنة- مثلا- بما هى عليه الآن لتبين أنّ العقل حقق انجازات رائعة لصالح الانسانية. ولو قارنا الحياة منذ100سنة- بحالتنا الراهنة- لتبين أنّ العقل غيـّـر وجه حياتنا تغييرًا تامًا. ومن المؤكد أنّ مراجعة سجل الانجازات العلمية فى الماضى، تــُـثبت أنّ العقل حقق أشياء ضخمة كثيرة. أما لو تخيلنا العالم بعد500سنة فسوف يتبيـّـن أنّ العقل البشرى ليس بالعجز الذى قصده المعادون للعلم وللتطور(التفكيرالعلمى- كتاب المعرفة الكويتى- ط3- مارس1978- ص97، 98) 000 هامش: د. فؤاد زكريا (1927- 2010) مفكر مصرى- رأس تحرير مجلتىْ تراث الإنسانية والفكر المعاصر. ومستشار لجنة الثقافة والعلوم الإنسانية باليونسكو. وله الكثير من الكتب منها (سبينوزا ونظرية المعرفة) و(الإنسان والحضارة) و(العقل والثورة- عن ماركيوز) و(خطاب إلى العقل العربى) إلخ. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف وصل تشويه مصر لدرجة الانحطاط ؟
-
دور الأزهر فى تخريب عقول التلامبذ
-
العقلانية وتحليل العهد القديم
-
إلى من تٌوجه مقولة الخلل فى فهم الإسلام؟
-
حرب النصوص الدينية
-
قراءة فى مذكرات بنيامين نتنياهو
-
لماذا يصمت النظام على جريمة مكتبات المساجد
-
قراءة فى مذكرات جولدا مائير
-
لماذا انتقل البعض من الماركسية إلى الإسلام ؟
-
زويل ومصير العلماء المصريين
-
العلاقة بين الجاهلية والإسلام
-
الخطر الحمساوى والغيبوبة المصرية
-
صعود السماء بين القرآن والأساطير
-
أليس التعليم المدنى أرقى من التعليم الدينى ؟
-
لماذا لم يغفر (الله) لأم نبيه ؟
-
تناقضات شيخ الأزهر حول بنى إسرائيل
-
أليست اليهودية والمسيحية والإسلام من مصدرواحد؟
-
نصائح كبار (السلفيين) لأتباعهم
-
إلى متى ستستمرظاهرة عبادة الفرد؟
-
لماذا أخفى المفتى الوجه الآخر للجهاد ؟
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل أهالي محافظة آذربايجان الشرقية
...
-
انا البرتقالة أنا البرتقالة .. تردد قناة طيور الجنة 2025 الج
...
-
بابا الفاتيكان يدعو لرفع العقوبات عن روسيا
-
رئيس المؤتمر اليهودي العالمي في لقاء مع الرئيس الفلسطيني: نؤ
...
-
أمين عام حزب الله: المشروع الأمريكي خطر على الدول العربية وا
...
-
الشيخ نعيم قاسم: الثورة الاسلامية في ايران هي انموذج للحياة
...
-
الشيخ نعيم قاسم: المشروع الامريكي خطر على الدول العربية والا
...
-
إيهود باراك يحذر نتنياهو من العودة للحرب في قطاع غزة
-
السيسي يناقش -خطة غزة- مع رئيس الكونغرس اليهودي وولي عهد الأ
...
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|