|
تنفيس شعبي ام تصعيد متعمد
نوزاد جرجيس
الحوار المتمدن-العدد: 1457 - 2006 / 2 / 10 - 09:52
المحور:
المجتمع المدني
لقد كتب الكثير و لازال عن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة ( للنبي محمد ) في الصحف الدنماركية بداء ثم توالت في بقية الصحف الاوربية بشكل سريع رغم ان الرسوم الاصلية قد نشرت قبل عدة اشهر ولم تلقى هذا الاهتمام المبالغ به في حينه الا بعد ان اقدمت بعض الاطراف السياسية الى توظيفها لاغراضها ومنافعها السياسية مهما كان الثمن. بدات المشكلة كما كانت ابدا بين الشرق و الغرب كحضارتين مختلفتين في فهم ابسط الامور الانسانية بينهما و طريقة التعامل معها في الحياة بكافة الجوانب و التدرج الى التعامل السياسي و شعور الناس لبعضهم و تغلب العاطفية في حياتهم بالاضافة الى دور العائلة والدين في الحياة بمنظور مختلف تماما. بدا ناقوس (الانتفاضة) في الدول الخليجية (باستثناء السعودية) في مقاطعة المنتجات الدنماركية و ثم اقدم الشعب السوري على التعبير بشكل احتقاني اكثر بعد حرق السفارة الدنماركية وثم انتقالها الى الجارة لبنان و حرق السفار ة فيها ايضا . والتهب الشارع العربي الاسلامي و بعض الدول الاسلامية الاخرى و منها افغانستان التي كان الحصاد فيها نتيجة التضاهرات (4) قتلى. و حاول رئيس الوزراء الدنماركي التحاور و رفض الاعتذار ( لعدم اقدام الدولة على الاساءة و اعتماد مبدا حرية الراءى والتعبير للنظر على اساس الازمة) و خاطب الشعوب الاسلامية قائلا الرجاء حاولوا ان تفهموني...ويقصد ان الحكومة لا تطبع هذه الصحف كما هو المعتاد في بلدانكم..الخ و في نفس الوقت حاول الشارع الاسلامي ان يخاطبه (بغض النظر عما حصل من اعمال عنف بعد ذلك) قائلا ان عليكم ان تفهموا ان الرسوم في الاسلام بحد ذاتها غير مقبولة فكيف اذا كانت الرسوم للنبي محمد و بالشكل المسئ الذى اتخذته الصحيفة . بدات السخطة الاسلامية على المستوى الشعبي اولا, ومن التكهن ان بعض الملوك والرؤساء لم يتصوروا مستوى استياء شعوبهم وبقي الكثير منهم في جانب الحياد اما لفسح المجال امام شعوبهم (للتنفيس) و لكن بوجه الاوربين هذه المرة او لعدم امتلاكهم حلا للازمة و اختلاط الاوراق في تعاملهم مع الغرب او استجابة دعوات الشعب بالمقاطعة و تصرف كل حاكم بالشكل الملائم لخدمة وضعه السياسي قبل التشاور مع بقية الشعوب الاسلامية او التحاور مع اوربا. بدا واضحا في الدقائق الاولى من بداية التظاهرات هناك من يبغي التصعيد او استغلال الازمة و تسيسها وكان واضحا ايضا ارتباك الحكومات الاسلامية لما يمكن ان يقال وغياب بلدان رئيسية مثل السعودية وايران عن اي تصريحات رسمية او الدعوة لاتخاذ موقف مشترك ودشنت اولى بوادر العنف من قبل فصائل من حركة فتح في الاراضي الفلسطينية التي تحاول الاظهار بالمنظر الاسلامي امام شعبها بعد الخسارة لحركة حماس الاسلامية في الانتخابات التشريعية الاخيرة , وثم تاتي الحكومة السورية لتسمح لمواطنيها باحراق السفارة الدنماركية والايعاز الى موكليها في لبنان للتطرف بنفس المعيار و محاولة زرع الفتنة مجددا بين الاسلام والمسيحين هناك وبالطبع لا ننسى ان جماهير غفيرة في افغانستان خرجت لترفع الشعارات المعادية لامريكا واسرائيل !!ولا نحتاج الى تفسير ما قد قيل لهم من فبل شيوخ ( القاعدة)حول الازمة القائمة بينهم و بين الدنمارك؟ و لا نهمل هنا تلك القنابل الاولى التي فجرت ضد المسيحين والتي كانت من نصيب الكنيسة الكلدانية و الشرقية القديمة في العراق بمبادرة من الزرقاوي والذى يجهل ان المسيحين في العراق لهم خصوصيتهم المسيحية و استقلاليتهم عن اوربا واسم كنيستهم هو خير دليل على ذلك ويبدو ان السيد الزرقاوي الذى لا يمكن تشبيهه الا بالافعى القاتلة لا يفهم الا الدمار لمن يخالفه في دينه. و هكذا استلمت الحركات الاصولية والمتطرفة زمام الامور في قيادة الشعوب الاسلامية باتجاه العنف في معركتها مع الاوربين لفشل الحكومات لتمثيل شعوبهم في محاربة العداء للمسلمين في تلك القارة و القارات الا خرى و في معظم الاحيان بسبب المغازلة السياسية و الا قتصادية للغرب للافتقار الى اية حلول والتسليم مقدما بخسارة المعركة حتى في الملف الاقتصادى والمقاطعة التي لم تتمكن من التاثير على اسرائيل سابقا فكيف الحال مع اوربا و التي نحتاج اليها اكثر مما تحتاج هي الينا وتجدر الاشارة هنا الى الالتزام الاوربي في ميثاق اتحاده و الدفاع عن الدنمارك ضد اي مقاطعة تجارية من قبل الدول الاسلامية واعتبار اي مقاطعة للدنمارك بمثابة مقاطعة تجارية للاتحاد الاوربي مما دفع الدول الاسلامية للتريث قبل اعلان المقاطعات الرسمية عدا التي برزت عن ليبيا و اخيرا ايران التي لم تعد تكترث كثيرا بالمستقبل بقدر ما يهمها ان تبرز الرئيس احمدي نجادى بالممثل الاعلى للاسلام من خلال التصريحات الغوغائية التي تشكك بالتاريخ المكتوب قبل بقرون من قبل شهود لازل الكثير منهم حيا يرزق .. اذن اتقن الجميع لعبته في كسب الاحداث للمصالح الاستراتيجية لطائفته او كيانه السياسي لكن هناك من هو المستفيد الاعظم من وراء هذه الازمة ويمكن تلخيصهم *منظمة القاعدة التي تمكنت من تصوير الغرب بالعدو الاسلامي الاول وبرهنت الرسوم لمفاهيمها *الحكومات العربية والاسلا مية لتفادي شر غضب شعوبها وتوجيه ذلك الغضب لاوربا في الوقت الحاضر *امريكا: للارتياح من وصول حملة العداء للاسلام الى اوربا اخيرا بعد ان كانت هي القائدة الوحيدة لها بعد احداث 911 ان التحكم الى العقل والحوار في حل مثل هذه المعضلات الشائكة هو الاساس لتفادي التطرف والارهاب والجنون و لا يمكن التوصل الى ذلك من دون تعاون الحكومات لارشاد العالم الاسلامي تقبل الحوار بدلا عن العنف الذى تتبناه بعض الاحزاب والحركات السياسية و التي تطالبنا بالانخراط في معارك خاسرة مسبقا بكل المعايير والتي لا يبدو لها افقا في النجاح لمستقبل باهر لشعوبنا لتجاوز الاختلافات كان ممكن اللجوء للقضاء الاوربي و تشكيل قضية للدفاع و المطالبة بالاعتذار من خلال الانخراط في عمق المجتمع الاوربي والتاءثير عليه باللجؤ الى هذه الجهات القضائية التي هي الوحيدة يمكن لها االحكم بتقديم الاعتذاربدلا من الانصياع الى فتاوى القاعدة و قادة الدمار والخراب.
#نوزاد_جرجيس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المازق الامريكي في العراق
-
وداعا للبعث السوري
-
هل اميركا تقرر نتائج الانتخابات
المزيد.....
-
السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق
...
-
-بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4
...
-
فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز
...
-
عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان
...
-
أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت.. تباين غربي وترحيب عربي
-
سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد
...
-
ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت
...
-
الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
-
بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
-
بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|