ماهر رزوق
الحوار المتمدن-العدد: 5611 - 2017 / 8 / 16 - 03:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أحد أهم أسباب التخلف في العالم العربي عامة و الاسلامي خاصة ، هو الفهم الخاطئ لأسباب و غايات الأشياء ...
فالدين مثلاً يعتبر لعدد كبير من الأشخاص ، إن لم يكن للجميع ، أنه عبارة عن كتيب تعليمات يزودك بالأعمال التي يجب و التي لا يجب القيام بها ... لتتجنب عذاباً أليماً و طويل المدى (و هو السبب الأهم) و كذلك لتحصل على سعادة أبدية في جنة يسمح بها بكل الممنوعات في الدنيا !!
في أحد الأيام , كنت أستمع لحديث يدور بين اثنان من زملائي في العمل ، و كان الأول يطرح سؤالاً على الآخر الذي يدعي أنه شيخ عليم ، و بأنه أدرك من الدين و الحياة و العقيدة ما يخوله للإجابة و تقديم الحلول و النصائح !!
سأل الشاب الأول : يا شيخنا العزيز ، لو أنا أديت فرائض الدين الخمسة ، هل يكفي هذا ليقيني عذاب النار و يدخلني الجنة ؟؟
أجابه الشيخ الفضيل ذو البال الطويل : نعم يكفي !!!
بهذه البساطة تجاهل الشيخ الأعمال الجيدة و خدمة المجتمع و احترام الآخرين و التعايش مع المختلف و غيرها من الصفات الحسنة التي بنيت عليها الحضارات الحديثة ، و اختصر رسالة الدين و أهدافه ، و سمح لذلك الشاب أن يعتبر نفسه ناجياً و محبوباً عند الله ، فقط بقيامه ببعض الطقوس الشكلية التي لا تمت للإيمان الصادق بصلة !!
و بهذه الطريقة يتحول المجتمع كاملاً _ و عن غير قصد _ إلى مجموعة من المنافقين !!
فهؤلاء يظنون حقاً أن الدين هو مجرد خطوات بسيطة تقوم بها و ينتهي الأمر : كسبت الجنة و تجنبت النار !!
لذلك ينتشر الأذى و الفساد و السرقة (المشروعة) و القتل (المشروع) في هكذا نوع من المجتمعات ... فعندما يقسمنا الدين إلى صالحين و غير صالحين ... و عندما تظن نفسك صالحاً بمجرد قيامك ببعض الحركات اليومية ... فإنك ستعتبر نفسك أيضاً تابعاً للطرف الصحيح و أن الله يشدّ على يدك عندما تؤذي إنساناً غير صالح أو تسرقه أو حتى تقتله !!
حتى اليوم ، لازالت حفنة من الشيوخ الحمقى أو الخبثاء ، يتحكمون بطريقة تعاملنا مع بعضنا البعض ، و يحكمون بخبراتهم الوهمية بالدين ، على مصيرنا في حياة الآخرة ... و يمنحون صكوك الغفران الشفهية للبسطاء أو للذين فهموا اللعبة و عملوا (عمداً) على استغلال الدين و الايمان لخدمة مصالحهم الشخصية فقط ، بغض النظر عن الأذى الذي يسببونه للآخرين و لمستقبل المجتمع ككل
#ماهر_رزوق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟