خواطر علماني ..صٓمتْ صارخ .

عدلي جندي

الحوار المتمدن-العدد: 5611 - 2017 / 8 / 16 - 00:51
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    

خواطر علماني ..صٓمتْ صارخ ..
تعرفت عليه منذ ما يزيد عن 27 عام بحكم إنتمائي الأرثوذكسي وعمله كرجل دين أرثوذكسي
الإبتسامة لا تفارقه ..البساطة حياته ..يعمل في صمت ..يتألم في صمت ..يصلي بصوت خفيض تكاد لا تسمع صوت صلواته ..
عندما بدأ خدمته في إيطاليا كان الشعب القبطي الأرثوذكسي منقسم علي قياداته الروحية كل من يعمل في خدمة الكنيسة في الغالب من أجل مجده الشخصي وتشابك مصالح (كعادة المتدينين) ما بين الديني والدنيوي
في صمت صارخ ورغم رتبته الكهنوتية (أسقف) ..بدأ العمل في كنيسته بنفسه ...كعامل بناء يحمل المونة والطوب بعيداً عن أعين الغرباء ..في صمت بالغ النداء ..من لا يعمل لا يستحق الحياء
رأي بفطنته أن العمل أيضا صلاة صامتة ..المجتمع الغربي يكتفي بصلاة سريعة لذا إكتفي هو في صلواته بالمفيد دون تكرار فيما قل ودل
الأقباط صاروا كاللاجئين في دولتهم المصرية ومن العبث الدخول في مواجهة سياسية فالساسة من الغالبية السنية والغالبية تريد تطبيق الشريعة ..إذن الحل هو العمل في صمت
وكان الصمت صارخ ..تمكن رجل الدين الأرثوذكسي ودون اللجوء إليّ معاونة السلطات (الإيطالية )من تهيئة بنايات تسمح لأتباعه من ممارسه حقهم في صلاتهم وصلتهم بربهم
لم ينفصل رجل الدين عن شعبه في إيطاليا بل صارت خدمته الصامتة تجوب كل أوربا يشجع الأقباط علي الحياة والتأقلم في بلاد المهجر ..بُعد نظر ..شفافية..حكمة..خبرة
لم نكن في بداية حياتنا بدول الغرب نقبل بحياة الغربة بديلاً عن الوطن ولذا لم نهتم بطلب جنسية الدول المضيفة ..كنا نعتقد أن أحوال مصر المأزومة بأمراض السلف الوهابي مجرد حالة عارضة ...ولكن كان رجل الدين الصامت بعيد النظر ..حاول تاخد الجنسية ..
لم يهادن سلطة دنيوية أو حتي سلطة رجل دين أعلي رتبة عن رتبته ..
غادر بالإمس الأثنين الموافق14/8/2017 عالمنا في صمت صارخ فقد كان يردد : صدقوني كلنا حا نمشي فجأة
رحل في صمت رجل الصمت الصارخ
ترك للكنيسة القبطية الأرثوذكسية تراث من الصمت الصارخ ..لم يوافق إطلاقاً أن تُطبِّع صوره لتوزيعها في المناسبات كعادة رجال الأكليروس المصريين الأقباط
رفض تخصيص سيارة وسواق لخدمته
رفض التصريح بطباعة كتاب يحمل أفكاره وعظاته ومقالاته في حياته ولا أعرف ما تحتويه وصيته
لم يسمح إطلاقاً بالدعاية لمجهوداته في التشييد والبناء علي مستوي إيطاليا و القارة الأوربية
لم يمارس ولم يسمح أو يصرح علي الإطلاق بحرية أتباعه التدخل في شئون العمل السياسي
عندما رُشِّح للبطريركية إعتذر وإنسحب في صمت صارخ
تفاني في دعوته من أجل أن يعم الخير وتسود المحبة ما بين البشر دون تمييز فقد كانت دعوته دائما إجعل لك بنك في السماء فما تقدمه من مساعدات للفقراء والمحتاجين والحزاني إعتبره مدخرات تحتاج إليه يوما ما
سلام لروحك الطاهرة ولصمتك الصارخ
علمتنا أن عمل الخير في صمت هو حياة سمائية دون إنتظار المقابل في حياة إخري ..

#عدلي_جندي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات