|
ورشة عمل للصحفيين العراقيين في هولندا. . . آراء وتوصيات
عدنان حسين أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1457 - 2006 / 2 / 10 - 10:48
المحور:
الصحافة والاعلام
" الصحافة الجديدة في العراق، والإفادة من تجربة الغرب: الصحافة الهولندية نموذجاً " نظّم المركز الثقافي الكوردي في مدينة لاهاي الهولندية، وعلى مدى يومين متتاليين 21 و 22 يناير " كانون الثاني " 2006، نظّم ورشة عمل لعدد من الصحفيين العراقيين، وبضمنهم صحفي هولندي واحد. وقد إنضوت هذه الورشة تحت عنوان " الصحافة الجديدة في العراق، والإفادة من تجربة الغرب: الصحافة الهولندية نموذجاً ". وكان الهدف من هذه الورشة، كما ذهبت الصحفية فينوس فائق، هو تسليط الضوء على الصحافة العراقية غب سقوط النظام الدكتاتوري في العراق، وما تنطوي عليه من نمط حرٍ، ديمقراطي، مستقل لم تألفه الصحافة العراقية من قبل. ثم تحدث السيد سيامند بنا، السفير العراقي في هولندا عن أهمية هذا المؤتمر الصحفي في ظل الظروف الراهنة التي يشهد فيها العراق تحولاً جذرياً نحو الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة، وطالب الصحفيين العراقيين أن يكونوا أنموذجاً للصحفيين الحياديين، والموضوعيين، الصادقين الذين لا همّ لهم سوى الوصول إلى الحقيقة، ونقلها إلى القراء والمتلقين. وجدير ذكره أن سعادة السفير العراقي كان قد أمضى سنوات طوال وهو يزاول العمل الصحفي في الصحافة الكردية المعارضة للدكتاتورية آنذاك. وذكر في معرض حديثه أن السفارة العراقية في لاهاي لا تتواني عن تقديم أية مساعدة لإنجاح هذا المؤتمر الصحفي الذي سيأتي أكله في القريب العاجل، خصوصاً وأن هذا المؤتمر يمد أواصر المحبة والتعاون بين الصحفيين العراقيين المبثوثين في المنافي، وبين الصحفيين العراقيين في الداخل، كما يؤكد على أهمية التلاقح الثقافي والمعرفي بين الصحفيين العراقيين والهولنديين. وفي اليوم الأول للمؤتمر ألقى أربعة صحفيين مداخلاتهم المركزة، وهم الاستاذ إسماعيل زاير، رئيس تحرير صحيفة " الصباح الجديد "، ونزار جاف ، نائب رئيس تحرير صحيفة "الخطاب الكوردي" التي تصدر في ألمانيا، والأستاذ موريس شوحيط ، عضو في معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام في واشنطن، والصحفي الهولندي إلدرت مولدر الذي يعمل في صحيفة " تراو " الهولندية. وكان أول المتحدثين في هذا المؤتمر هو الأستاذ إسماعيل زاير الذي أكد بأن عدد الصحف والإصدارات العراقية قد بلغت نحو 150 صحيفة ومجلة. وشبّه الإعلاميين العراقيين بالكائنات البشرية التي كانت محصورة في قفص، وفجأة وجدت نفسها حرّة، طليقة، فأخذ كل واحد منهم يصرخ بالصوت الذي يعجبه. وأوضح بأن النظام الديمقراطي الجديد لم يضع أية معوقات بوجه كل من يريد أن يؤسس منبراً إعلامياً مرئياً أو مكتوباً أو مسموعاً. غير أن هذه الصحف بدأت تتقلص بمعدل سبعة صحف شهرياً، وسينتهي الأمر بحدود 60 صحيفة يومية وأسبوعية، وبينها عدد من المجلات الأسبوعية والشهرية والفصلية. ولم يقتصر هذا الإنفتاح على إنشاء الصحف والمجلات، وإنما تعداها إلى تأسيس القنوات الفضائية التي تحتاج إلى رؤوس طائلة إضافة إلى كادر ملّم بتقنيات وشروط هذه الوسيلة الإعلامية الخطيرة. إن هذا المد الإعلامي لا بد له من كوادر فنية مؤهلة، لذلك فقد إزدادت الحاجة إلى تدريب الإعلاميين في داخل العراق وخارجه، وخصوصاً اولئك الشباب الذين لم تتلوث عقولهم بفايروسات الفاشية الصدامية. وقد توقع زاير أن تتطور المؤسسات الإعلامية العراقية خلال السنتين القادمتين. وشكا زاير من قله الكادر الصحفي الذي يتقن الإنكليزية، وفي حال توفره فإن المنافسة عليه شديدة من قبل الوكالات الأجنبية. وأكد رئيس تحرير " الصباح الجديد " بأن الحكومة العراقية قد ألغت المؤسسات الإعلامية التابعة للنظام الشمولي المقبور، لكنها لم تخلق مؤسسات بديلة، ولم تجترح قوانين إعلامية تنسجم مع العراق الجديد. وإنتقد القيود التي تفرضها القوات متعددة الجنسية على الصحفيين العراقيين الذين تستهدفهم جهات متعددة. وشدد زاير على أهمية فتح دورات تدريبية لتأهيل الصحفيين بما يتناسب وروح العصر. وفي ختام حديثه أكد على ضرورة سن ميثاق العمل الصحفي، وتوفير الضمانات الإقتصادية والمالية والأمنية للصحفيين العراقيين، وتمنى على الدولة أن تساهم في تأمين هذه الضمانات. ثم تحدث الصحفي الهولندي إلدرت مولدر عن تاريخ الصحافة الهولندية، وقال إنها كانت مرتبطة بالكنيسة والأحزاب، لكنها سرعان ما تخلصت من هذه القيود، وبالرغم من أن الصحافة الحزبية أو ذات النفس الديني كانت مهيمنة قبل قرن من الزمان إلا أن الأوضاع قد تبدلت بالكامل، وأخذت الميديا طابعاً حراً وديمقراطياً، لكنها ما تزال تعوّل على الجانب التجاري الذي يتعلق بالتسويق، والترويج، والإعلان. وأكد بأن الصحافة الهولندية قد تعرضت للمضايقات، والمراقبة الشديدة، لكنها لم تتعرض إلى العنف بالرغم من وجود الإنقسامات الحادة أحياناً، حيث كانت هناك صحف للكنيسة، وأخرى مستقلة، ثم ظهرت الصحافة اليسارية، وأصبح لكل حزب صحيفته، فنحن أيضاً لم نعرف إستقلالية تامة ومباشرة، لكن عندما ظهر التلفاز كمنافس كان على هذه الصحف أن تطور مضامينها ومنهجها وأسليب صحفييها. وأضاف مولدر بأن المنطلق التجاري كان، وما يزال قائماً، ومن خلال هذه المنافسة نستطيع أن نصنع إعلاماً جيداً فيه قدر كبير من المصداقية والوثوقية. كما اشار إلى " ثقافة الموت " في العراق، وإلى ضرورة التصدي لها خصوصاً وانها وجدت لها منفذاً من خلال شبكات الإنترنيت وبعض القنوات الفضائية المعروفة في توجهها ورسالتها الإعلامية البشعة. أما الباحث موريس شوحيط فقد توقف عند موضوع الانتخابات الديمقراطية كتحصيل حاصل في العراق، واشار إلى نواقصها وسلبياتها، وقال إن الإنتخابات الأمريكية لم تخلُ من هذه النواقص. كما اشاد بما اسماه " ظاهرة شلش العراقي " الذي بات يعرفه اليابانيون، وتكتب عنه الواشنطن بوست، وأعتبر شلش العراقي امتداداً لحبزبوز، وتكملة لعزيز علي، وتهكماته الساخرة. وانتقد شوحيط بعض القنوات الفضائية العربية وقال إنها تقدم أنصاف الحقائق. ويرى شيحوط أن قوات التحالف لا تعادي الصحافة، ولا تقف ضد حرية الرأي والتعبير. وأشاد بصحيفة المدى لأنها تجرأت ونشرت موضوعات شديدة الحساسية كشفت من خلالها كوبونات النفط بما قيمته أكثر من مليار دولار، وهذا يعني أن هذه الصحيفة قد ساهمت في الكشف عن الحقيقة، وبينت مواطن الفساد وأثنى نزار جاف على الصحافة الكردستانية التي إنتعشت منذ تحرر كردستان من قبضة الحكومة المركزية منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي. ويرى في الإسلام السياسي معوقاً على الأرض، ويعتقد أنه يحد من حرية الرأي والتعبير في كردستان. وقال إنه جاء إلى هنا من خلال بركة الأمريكان الذين فعلوا للعراقيين أشياءً كثيرة. وبالرغم من احترامه لليسار العراقي إلا أن دور هذا اليسار محدود من وجهة نظر الصحفي نزار جاف. أما في ندوة اليوم الثاني فقد تحدث كاتب هذه السطور عن الجانب المهني في الصحافة، وركز على الصحافة الإستقصائية، وكيفية كتابة القصة الخبرية التي يجب أن تعتمد على الأمانة، والدقة، والموضوعية، والواقعية، والفورية، وعدم المبالغة، وفهم القصة، وتنظيم عميلة سردها باسلوب مشوّق، واستعمال وسائل الإيضاح والصور والبيانات والأرقام، وتخليص الخبر من التهويمات الأدبية التي تعتمد على المخيلة المجنحة. كما توقف عند ثلاثة محاور مهمة في الحقل الإعلامي وهي المنافسة، والإختلاف، والإستقلالية. ثم قسّم الصحافة إلى ثلاثة أنواع وهي صحافة رأي وصحافة معلومة وصحافة متعة أو ترفيه. واشار في نهاية مداخلته إلى أن الصحفيين الذين يعيشون في المنافي الأوروبية قد أفادوا من خبرات الصحفيين الأوروبيين، وعليهم أن ينقلوا هذه الخبرات إلى الإعلام العراقي في الداخل. أما الصحفي فاضل رشاد الذي قدم من داخل العراق فقد تحدث عن الأوضاع المزرية للصحفيين العراقيين في الداخل الذي يعانون من ضغط الأوضاع الأمنية المتدهورة، وشكا من قلة رواتب صحفي الداخل، في حين أن الصحفيين العراقيين القادمين من خارج العراق يتقاضون أجوراً عالية. كما أشار إلى تدخل الأحزاب العراقية الكبيرة في عمل الصحفيين، الأمر الذي سيفرز صحافة غير مستقلة، ولا تقف على الحياد، وطالب بعقد ميثاق شرف صحفي يحمي حقوق الصحفيين العراق. أما المتحدث الأخير فقد كان الصحفي سردار عبد الكريم الذي تحدث عن تطور الصحافة الكردستانية، لكنه لم يكن راضياً أدلجتها، وتجييرها لمصلحة الأحزاب الكبيرة والمهيمنة على الساحة السياسية. وقد أسفر هذا المؤتمر عن عدد من التوصيات الموجهة إلى نقابة الصحفيين العراقيين وقد جاءت كالآتي: 1-ترسيخ الصحافة الإستقصائية التي تبحث عن الحقيقة وتصل إليها، مع مراعاة الحيادية والإستقلالية في الإعلام، و ضرورة تحمل مسؤولية تشخيص الظواهر السلبية والإيجابية، إضافة إلى التأكيد على الحرية في تناول القضايا المحلية و مراعاة المصلحة العامة في تناول تقارير الإعلام و خاصة الأمنية منها. 2-إقامة ورشات عمل منتظمة حول آلية التغطية الإعلامية للأحداث وخصوصاً الأمنية منها، بالإضافة إلى ورشات عمل تشمل مسؤولين من الإعلام الحزبي والإعلام الخاص، بهدف مد جسور التعاون بين الجانبين. 3-التأكيد على المنافسة والإستقلال والحرية وتشجيع النقد والنقد الذاتي، والتأكيد على أهمية إعطاء الصحفي مساحة أوسع للتعبير الحر شرط التقيّد بأصول وأعراف وقوانين الصحافة الرصينة. 4-تعزيز صحافة الرأي والمعلومة من دون إهمال صحافة المتعة والترفيه. 5-تشجيع التلاقح الإعلامي بين الشرق و الغرب وذلك من خلال إقامة دورات لتطويرامكانيات الصحفيين الشباب العاملين في المجالات الصحفية في العراق وتهيئة سبل التعاون والتنسيق عن طريق الصحفيين العراقيين المقيمين في الخارج. 6-تشجيع رجال الأعمال و أصحاب رؤوس الأموال لإستثمار أموالهم في مشاريع صحفية و إعلامية طموحة تخدم بالأساس التوجهات الديمقراطية في العراق الجديد. 7-تأمين الحماية بموجب القانون من أي تدخل من قبل السلطة التنفيذية في البلاد في قضايا لا تتعلق بالوضع الأمني، والسماح من جهة أخرى للسلطة المسؤولة عن البث في البلاد بالتحكم بما ينشر للمحافظة على الأمن بموجب القانون. و إلغاء بعض القوانين التي تجيز تغريم أو إنزال العقوبة بالصحفي بتهمة التشهير ، مثل قانون رقم 11 لسنة 1969. 8-تشكيل صندوق خاص من قبل الحكومة العراقية لتمويل الصحافة الحرة وتشجيعها. 9-المطالبة بإستحداث مؤسسات إعلامية شبه حكومية تكون لها صلاحيات واسعة بحيث تؤمن التواصل بين الصحفي و أجهزة الدولة. 10-مطالبة الحكومة بسّن قوانين خاصة بالصحفيين تضمن حقوقهم، وأن تثبت مبدأ إستقلالية الإعلام و حريته وألا يتعرض إلى اي نوع من الضغوطات من قبل الحكومة وتحت أية ذريعة كانت.
#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعلان جوائز مهرجان روتردام الدولي لعام 2006
-
في مجموعته الجديدة - لكل الفصول -:الشاعر ناجي رحيم يجترح ولا
...
-
ضمن فاعليات الدورة - 35 - لمهرجان الفيلم العالمي في روتردام:
...
-
لقطة مصغّرة للسينما العراقية في الدورة الخامسة عشر لمهرجان -
...
-
صدور العدد الأول مجلة - سومر - التي تُعنى بالثقافة التركماني
...
-
الخبيئة - للمخرج النمساوي مايكل هانيكه: من الإرهاب الشخصي إل
...
-
دجلة يجري هادئاً وسط الضفاف المضطربة: قراءة نقدية في الفيلم
...
-
استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية/ الروائي ذياب
...
-
استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية: الشاعر عواد ن
...
-
أطفال الحصار - للمخرج عامر علوان: ضحايا اليورانيوم المنضّب و
...
-
الخادمتان- باللغة الهولندية ... العراقي رسول الصغير يخون جان
...
-
خادمات - رسول الصغير: البنية الهذيانية والإيغال في التغريب-
-
استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية/ الروائي جاسم
...
-
في ضيافة الوحش - لطارق صالح الربيعي: سيرة ذاتية بإمتيار يتطا
...
-
الفيلم التسجيلي - مندائيو العراق- لعامر علوان: فلسفة الحياة
...
-
استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي/ الشاعر وديع العبيدي: -
...
-
-استفتاء الأدباء العراقيين من المنافي العالمية /مهدي علي الر
...
-
(استفتاء الأدباء العراقيين في المنافي العالمية / الشاعر كريم
...
-
رسام الكاريكاتير الجنوب أفريقي زابيرو جونثان شابيرو ينال الج
...
-
استفتاء الأدباء العراقيين: زهير كاظم عبّود: إن العراق حاضر ف
...
المزيد.....
-
سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي:
...
-
أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ
...
-
حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال
...
-
-أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
-
متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
-
الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
-
الصعود النووي للصين
-
الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف
...
-
-وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب
...
-
تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|