أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سعاد أبو ختلة - أماكن سياحية فاخرة.. مراتع للأمراض!














المزيد.....


أماكن سياحية فاخرة.. مراتع للأمراض!


سعاد أبو ختلة

الحوار المتمدن-العدد: 5608 - 2017 / 8 / 13 - 19:08
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


تتزين صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بأطباق جميلة، زاهية، تفتح الشهية، ويذيلونها بهشتاق اسم المكان، وتتباهى نساء بأن وجبات الطعام التي تقدمها لعائلتها وضيوفها، من المطابخ الفاخرة، التي لا يخلو شارع في غزة - رئيسي، أو فرعي- منها، روائح التوابل تعبق المكان بنكهات مخدرة تجذب المارة لابتياعها، لكن ما خلف الرائحة الشهية والصورة البهية، مطابخ هي مرتع للقمامة والروائح العفنة، أماكن بمنأى عن شروط الصحة والسلامة المفروض توفرها في مثل هذه الأماكن.
على امتداد الساحل، مئات الأماكن، التي تزدحم بالرواد طيلة الصيف، شاطئ البحر، المتنفس الوحيد لأهالي القطاع، الذين يهربون من الزحام وضجيج المولدات الكهربية وسحب الدخان الأسود لينعموا بهواء الشاطئ العليل، وبسبب تلوث الشاطئ تمنع العديد من العائلات أطفالها من النزول للماء والاكتفاء باللعب على الشاطئ، وتعوضهم بابتياع بعض المأكولات من المطاعم الممتدة على طول الشاطئ، يهربون من تلوث لآخر، يظنون أنهم يحمون عائلاتهم لكنهم يسلمون حياتهم لمنظومة أخرى من الاهمال...
في أحد المنتجعات السياحية، حيث الشاطئ الجميل في الجنوب، شعرت بسكينة، وأردت أن أعتمد المكان لتنعم عائلتي بإجازة هادئة، بعيدا عن منغصات السياسة والساسة، صوت الموج والاطلالة الجميلة سلبتني روحي، لذلك أردت أن أطمئن لكافة المكان، الوجبات الشهية، جميلة التقديم، كيف هو المطبخ الذي يعدها، من هو الطاهي، وكيف يعد الطعام؟! تسللت للمطبخ، وألقيت نظرة سريعة على المقصف الخارجي حيث تعد المشروبات السريعة ، رف من الرخام يزينه بعض الزهور، العديد من عبوات الأرجيلة على الطرف الآخر، هذا ما يبدو للعيان، لكن الصورة من الخلف كئيبة، ابريق شاي اختفت معالمه يغلي بالماء فوق انبوبة بوتجاز صدئة، شوال من السكر فاغر فاهه، يلتقط ما يتطاير هنا وهناك، وفي الطرف الآخر حوض مليء بفناجين القهوة والشاي، وبقايا السجائر.. وفي يسار المكان، ممر صغير، يؤدي لمطبخ صغير مكتظ، نظرت سريعاً في جنباته، وأنا مصدومة على الباب، أريد أن أستفرغ ما تناولته منذ ولدت، الأرضية مزيج من الماء والطين ودماء اللحوم التي تصطف بصناديق بجوار الجدار ولصيقة بها صناديق الخضار، أرفف مليئة بالأواني القذرة، عبوات التوابل متناثرة بغطاء أو بدون، بعض أكياس المعدات مفتوحة ومتساقطة أطرافها بألوان تغير لونها الشفاف، منغمسة في سائل ما والطاهي منهمك بتتبيل الدجاج بيديه وسيجارته تنفث دخانها من بين شفتيه مع التتبيلة، استدرت سريعاً وكأنني في فيلم رعب، لم ألتقط أنفاسي، وشهقت حين ارتطمت بأحدهم، وقد تراءى لي زومبي، بالكاد سمعته يقول لي الحمام من هناك يا مدام، ظن أنني أخطأت، هززت رأسي وخرجت سريعاً توجهت للشاطئ، كيف نتناول السموم بمقابل مادي باهض، كيف ندلل أطفالنا بالسموم، كيف تمنح هذه الأماكن رخصة للعمل، من يمنحها، وماهي المعايير التي بمقتضاها تمنح رخصة لمزاولة العمل، هل يتم متابعتها من قبل لجنة الأمن والسلامة التي من المفترض أن تتكون من وزارة الاقتصاد والصحة والطب الوقائي والتموين والشرطة، هل يتم مخالفتها واغلاقها اذا لم تنصاع لشروط السلامة، الأسئلة مشروعة، لكن أجوبتها ليست كذلك، التقيت بصاحب المكان الذي رحب بنا وتمنى منا ارتياد المكان وسنلقى أفضل خدمات، فصدمته بقوة قائلة: لكن مستوى النظافة سيء، اكتفى بهز كتفيه، ومط شفتيه، ليخبرني بلغة الجسد، هذا هو الموجود، اذن لامبالاة، هذا هو الموجود، علينا أن نقبل، أن نرضى بما هو موجود، في المقابل، كل المنظومة فاسدة وقذرة، البدائل ليست أفضل حالاً، ومن لم يمت قهراً، مات هرباً من القهر، هذا هو الحال فعلينا أن نرضخ، استفزني الوضع فقلت له، اذا كان الرجال لا يجيدون أعمال النظافة، وظفوا النساء، هناك العديد من النساء يبحثن عن عمل، لو سنحت لهن الفرصة سيقمن بعمل جيد، فقال: لكن المجتمع لا يقبل، المجتمع يقبل أن يدمر حاضره ويشوه مستقبله، ولا يقبل بالنساء.. وفي كل الأحوال هذا ليس مبرراً لانعدام النظافة، هناك معايير يجب اتباعها في تجهيز مطابخ هذه الأماكن من حيث المساحة والتجهيزات، شروط الصحة، ما يجب أن يرتديه الطاهي وما يجب أن يقلع عنه، نوع المادة المصنوع منها أواني الطهي، عبوات زجاجية محكمة الاغلاق للمواد المستخدمة، جلايات كهربائية لتنظيف وتعقيم أواني التقديم، ثلاجات تعمل على مدار الساعة، ليس لمدة ساعتين يومياً، تفسد الأطعمة ويعاد طهيها واخفاء عيوبها بالتوابل والمنكهات، كيف يفكر هؤلاء، وهم يحضرون عائلاتهم ليتناولوا طعاماً يعرفون أنه فاسد، هل التوكل على الله وأنه لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا يعني أن نلقي بأنفسنا إلى التهلكة؟!، ألا يخشون على أطفالهم والسرطان ينهش أجسادَ شيبٍ وشبابٍ، أم هي فكرة لأعيش اليوم وأدع الغد لغده، هل طالت اللامبالاة أرواحنا بحيث نلقي بها للهلاك وكأننا ننتقم من جلادينا بذبح أنفسنا ببطء يعذبنا ولا يؤثر بهم؟
إلى متى سنظل ندفع فاتورة انقسام بغيض، طال أرواحنا، فأصبح ذبح الروح أهون من التذمر، من الغضب، والسعي للتغيير؟.



#سعاد_أبو_ختلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد العمال يلقي قفازات آلاف العمال المتعطلين عن العمل في وجه ...
- ثقافة الاقتباس
- ثالوث الجهل والفقر والعنف أسباب معاناة النساء
- صندوق الموسيقى
- كلام في حال الصحافة الفلسطينية
- محاكمة مبارك
- العالم الافتراضي .. حيوات أخرى


المزيد.....




- أول تعليق من نتنياهو على الغارات ضد الحوثيين
- الإشعاعات النووية تلوث مساحة كبيرة.. موقع إخباري يؤكد حدوث ه ...
- 53 قتيلا ومفقودا في قصف إسرائيلي على منزل يؤوي نازحين في غزة ...
- مسؤول روسي: موسكو لا ترى ضرورة لزيارة جديدة لغروسي لمحطة كور ...
- -نيويورك تايمز-: شركاء واشنطن يوسعون التجارة مع روسيا ولا يس ...
- بينها -مقبرة الميركافا-.. الجيش اللبناني يعلن انسحاب إسرائيل ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط وإصابة اثنين آخرين في معارك ...
- الكويت.. خادمة فلبينية تقتل طفلا بطريقة وحشية تقشعر لها الأب ...
- 76 عامًا ولا يزال النص العظيم ملهمًا
- جلس على كرسي الرئيس.. تيكتوكر سوري يثير الجدل بصورة له في ال ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - سعاد أبو ختلة - أماكن سياحية فاخرة.. مراتع للأمراض!