" والله لو سئل من قالوا بإلحاد الطبري عن معنى الإلحاد ما عرفوه"
الوزير علي بن عيسى
بصوت عراقي الدمع اخبرني الصديق كاظم الشاهري عن موت (( الذي رسم جنة الله)) الفنان فائق حسين،وقرأت حزنه ، وحزن امير الدراجي عن امير غرناطة الازرق، وحزنت معهم غناءً جنوبياً اخذتني فيه كلمات الرثاء والحنين الى زمان الوصل الجنوبي،وزمان الوصل الاندلسي:
جادك الغيث إذا الغيث هما يا زمان الوصل بالأندلس
لم يكن وصلك إلاّ حلما في الكرى أو خلسة المختلس
و سرعان ما تلاشت نشوة الحزن ، فثمة من ينغّص علينا حتى احزاننا.
تلاشى الحزن الى عدم، وظلام كلمات، لحظة طالعت ما كتب مجمع اكليروس الانترنت، تكفيراً لحزن الدراجي، ولم يلد العدم حزناً اخر بل الماً عميقاً،جاد به الظلام وانا اردد كلمات جادك الغيث للأديب الاندلسي لسان الدين ابن الخطيب ، وليست مصادفة ان يكون ابن الخطيب من اوائل ضحايا ارهاب التكفير،يوم افتى حكماً بكفره قاضي غرناطة، وسجل عليه بالزندقة، لكلمات وجدت له في بعض تآليفه، حتى أجمع بعض فقهاء الظلام على قتله، وألبوا عليه العامة ،فاقتحموا سجنه وخنقوه وأحرقوه مهللين .
لم يستمعوا، للوعته ؛
واتقوا الله و أحيوا مُغرماً يتلاشا نفَسَاً في نَفَس
حبس القلب عليكم كرما أفترضون عفاء الحبس
اخرجوه من سجنه الى الموت، وابقاهم سجناء امله وقلبه.احرقوه متوهمين استراحتهم من اشعاره التي رددها مشرق العرب ومغربه ، وفلسفته التي شغلت الغرب، ومواعظه الهائلة ونصائحه السياسية التي اغنت ملوك زمانه من المسلمين وغيرهم ،ولعل اهمّها مايورده المؤرخ الإسباني " لويت دي أيالا " في مدونته عن تاريخ ملوك "قشتالة" من مراسلات الاديب ابن الخطيب مع ملك قشتالة بدرو الأول.
وكتب عن ابن الخطيب ايضاً المؤرخ الإسباني"استبان جاريباي"، في مؤلفه (مختصر تاريخ ممالك أسبانيا) :"أن القيم الأخلاقية التي اتسمت بها مواعظ هـذا المسلم ابن الخطيب تفوق في قيمتها ما كتبه سينكا وغيره من فلاسفة الرواقيين الأقدمين ".
قتل ابن الخطيب ولكنه بقي؛
في ليال كتمت سر الهوى بالدجى لولا شموس الغرَرِ
مال نجم الكأس فيها وهوى مستقيم السير سعدَ الأثر
وطرٌ ما فيه من عيب سوى انه مر كلمح البصر
حين لذّ الأنس شيئاً أو كما هجم الصبح هجوم الحرس