|
القوى اليمينية العنصرية والظلامية ضد مكاسب البشرية
حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)
الحوار المتمدن-العدد: 1456 - 2006 / 2 / 9 - 10:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ادعاءات الرؤساء و السلاطين و خدم الحرم الشريفة و الأئمة و الوعاظ بتمثيلهم لمليار ونصف مسلم في العالم وقاحة بلا حدود. وأكثر وقاحة من ذلك ، التكلم باسمهم و ادعاؤهم بأن مشاعر هذا المليار والنصف من البشر قد جرحت بسبب الرسوم الكاريكاتورية للنبي ّ محمد ، في جريدة " يولاندس بوستن" الدانمركية . فمن لا يعرف أن هؤلاء الحكام المتجبرين قد تربوا وراثيا ، وعلى أيدي أناس ينعتونهم بالكفرة ، على إتقان وممارسة فنون إيذاء رعاياهم ومن لا يعرف أن مبرر وجودهم هو إهانة الإنسان وسلب إرادته واستغلاله أبشع استغلال. وقد جعلوا من أنفسهم وبمساعدة وسائل الإعلام الإمبريالية ناطقين باسم ملايين البشر ، وذلك بتحريك جماعات من أتباعهم ، وتضليل أناس فقراء وبسيطين بإثارة مشاعرهم الدينية ودفعهم للتظاهر ضد الغربيين بدون تمييز وتهديدهم بسفك دمائهم ، و عدم قبول حتى أي اعتذار. إن الجموع الخارجة الغاضبة مقارنة بمليار ونصف لا تشكل نسبة كبيرة ، و وسائل الإعلام الغربية تصب الماء في طاحونة الحركات الإرهابية في منطقتنا بتكرار ادعاءات فعالي هذه الحركات ، والتأكيد عليها في كل الميادين ، في المدارس والتجمعات الأخرى.
أئمة الإسلام السياسي وقادته ، و حكام الغرب السرسرية وإعلامهم التضليلي قد وحدوا خطابهم الموجه للجماهير المحرومة ، وقد ملت الآذان من ترديدهم شعارات مثل احترام الرأي بشرط أن تشعر مقدسات الآخرين. لقد دفعت بنات وأبناء الغرب ثمنا باهظا في سبيل نيل حرية الرأي ، وحرية انتقاد حتى المقدس ، واليوم نرى الحكام الرأسماليين ، بعد أن وصلوا الرأسمالية مرحلة الانحطاط الخلقي والسياسي والفكري ، يساومون القوى الظلامية في كل مكان ، ويقايضون الحرية بالربح و المادة والسلطان.
فماذا يتبقى من حرية الرأي والتعبير إن جردت من حرية انتقاد المقدس؟ فمنذ وجود الطبقات ، والاستغلال الطبقي والصراع الطبقي ، ظهرت المقدسات لكي يكم الحكام أفواه الرعية والمحرومين باسمها وبواسطتها أيضا. لقد كان دوما الملك ، أو القائد والزعيم ، والله والوطن والتراب ، والعلم والإمام و الشيخ و المرجع الديني مقدسا، وكذلك التوراة والإنجيل والقرآن والتقاليد والعادات مقدسة وفوق المساءلة والنقاش ، لأنها ببساطة شديدة مقدسة. الطبقات الحاكمة حرمت دوما نضال الطبقات المضطهدة في سبيل حقوقها باسم المقدسات ، وبواسطتها، كفرت أي أمرؤ يتجرأ على انتقاد الأوضاع الاجتماعية . المجتمع الإنساني الحر لا يمكن أن يفرض المقدسات على بناته وبناته، بل يحقق لأجلهم الرفاهية والحياة الحرة الكريمة ، و يؤمّن لهم كرامتهم الإنسانية و كل الحريات الفردية والجماعية ، وليس فيه ما يقف بوجه حرية الإنسان وتقدمه وفق الشرع والقانون. الأنظمة القمعية والحركات الإرهابية لكي تستمر وتنجح و لكي تطبق برامجها السياسية ضروري لها أن تخلق للناس مقدسات ، وتؤكد عليها ليل نهار . فهذه الأنظمة والحركات السياسية الإسلامية تشكل أكبر إهانة للإسلام و القرآن و الرسول. فهي التي رسخت هذه الصورة المقززة للإسلام والمسلمين في العالم ، صورة القتل والذبح و التخلف و العبودية . وهي لا يمكنها البقاء في أجواء صحية من حرية الفكر والتعبير و الشعور. وإلا كانت تواجه الجريدة الدنمركية بالفكر و القلم . هذه الجريدة الدنمركية العنصرية كانت ستخسر و ستخسأ لو ووجهت بتهم العنصرية ومعاداة الشرقيين و المهاجرين. لكن الحركات الإسلامية و شيوخها استغلوا هذه الفرصة لابتزاز العالم ، و انتزاع الإتاوات منهم بالسكوت على سجونهم ومقابرهم الجماعية و على جرائمهم ضد النساء و الحقوق المدنية و الحريات في بلدانهم التي يحكمونها بالنار والحديد وسفك الدماء . إن الحركات الإسلامية السياسية تدين للغرب بوجودها ، و ثمة جمعيات سلفية و قوى ظلامية كثيرة لها منظماتها وجمعياتها في الدانمارك واسكاندينافيا و الغرب وتحصل على معونات كبيرة لبث سمومها بين الجاليات الهاربة أصلا من الحكام المجرمين في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي. و الجدير بالذكر أن القوى اليمينية والعنصرية في سكاندينافيا هي من أشد ّ المؤيدين لدعم جمعيات الظلاميين و الطائفيين و الرجعيين ، وفق مبادئ ما يسمى احترام تقاليد الجماعات البشرية وثقافاتاتها وعقائدها. من لا يتذكر كيف تم شحذ وتنشيط حركة المجاهدين في أفغانستان ضد الوجود السوفيتي في بداية ثمانينات القرن الماضي. واليوم يعمل على تشكيلها وفق مواصفاته التي تدعم مصالحه الاستعمارية . فإسرائيل التي تحتل فلسطين و تضطهد الفلسطينيين ، و القوات الأمريكية ومعها بعض الغرب تحتل العراق وأفغانستان ، ما تستمد منه الحركات الإسلامية الحياة به تديمها. فالدول الغربية تؤكد يوما بعد يوم أنها مستعدة للمساومة مع أية حركة ، مهما بلغت رجعيتها ودمويتها على حساب شعوبنا و الطبقات المحرومة في الغرب في سبيل الربح . و قد أصبح واضحا للعيان منذ أعوام وخاصة بعد عملية 11 سبتمبر الإرهابية ، التضييق على حريات المواطنين و خاصة الجاليات من أصول شرق أوسطية.
#حميد_كشكولي (هاشتاغ)
Hamid_Kashkoli#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثلاث خفقات
-
ناظم حكمت في مستوصف السجن
-
مغزى وصول اليسار إلى الحكم في أمريكا اللاتينية
-
لنؤمنْ بوقع خطى فصل الجحيم
-
باول تسيلان يسمع أن الفأس قد أزهر
-
هرات تهوي في خريف المؤودات
-
فنُّ - هارولد بينتر- لتحرير الإنسان من الظلم والاضطهاد
-
أقولها وأموت : 1- مهزلة التوحيد تراجيديا كُردية
-
ومضى عهد الراحة
-
قصيدتا - أكتوبر - و - الأمل- لناظم حكمت
-
ولاية الفقيه رغم أنف الديمقراطية
-
من غابرييل غارسيا ماركيز إلى غيفارا
-
صوت اللقاء وقصائد أخرى لسهراب سبهري
-
من أغاني الفنّان الخالد -فيكتور خارا - لجي غيفارا و ماريّا
-
في ذكرى الفنان المناضل فيكتور خارا
-
الزرقاوي و العروبيون : وحدة الأهداف واختلاف الأساليب
-
حي ّ ُ الفراعنة
-
خفقان الفجر
-
لتكن اللغات العراقية الحيةّ كلّها رسميّة
-
مصخّمة الدستور المهزلة ... نضح الإناء بما فيه
المزيد.....
-
هل انتهى دور المؤسسات الدينية الرسمية؟
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2024 على ال
...
-
الكشف عن خفايا واقعة مقتل الحاخام اليهودي في الإمارات
-
الجهاد الاسلامي:الاتفاق أحبط مسعى ايجاد شرق اوسط حسب اوهام ا
...
-
الجهاد الاسلامي:نؤكد على وحدة الدماء وصلابة الارادة التي تجم
...
-
الجهاد الاسلامي:نثمن البطولات التي قدمتها المقاومة بلبنان اس
...
-
الجهاد الاسلامي:اتفاق وقف اطلاق النار انجاز مهم يكسر مسار عن
...
-
حماس تشيد بالدور المحوري للمقاومة الإسلامية في لبنان
-
دول عربية واسلامية ترحب بتوقف العدوان عن لبنان وتدعو الى توق
...
-
دول عربية واسلامية ترحب بتوقف العدوان على لبنان وتدعو لوقفه
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|