فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري
(Fayad Fakheraldeen)
الحوار المتمدن-العدد: 1456 - 2006 / 2 / 9 - 10:50
المحور:
حقوق الانسان
(انتظروا زمن الطغاة)!!
كثيراً ما تشبه استقالة رزكار محمد أمين من محاكمة صدام حالنا العربية.. وليس العراقية فقط!!
فالأمة التي كانت تسير مثل عربة قديمة في شارع مزدحم بالعربات الحديثة المسرعة نحو عصر غني ومتطور باستمرار، لم تكتف ببطئها وبمحركها شبه اليدوي... وإنما أرادت اليوم أن تكمل سيرها.. بعكس السير!!
هل يعقل هذا؟!
في عراقنا ـ سلة الخير والغذاء.. والثقل الإقليمي والتوحد التاريخي على ثوابت الوطن.. ننتقل بلحظة لاغتيال كل ما هو جميل وحقيقي فيه.
من الوحدة الوطنية.. إلى الفيدراليات المذهبية.
ومن دستور شبه وطني ـ علماني.. إلى دستور شبه وطني ـ ديني.
ومن حالة مقاومة سلبية أو إيجابية للاستبداد والنظام الشمولي.. إلى الذبح على الهوية المذهبية.
ومن حالة الهدوء الأمني الداخلي إلى جحيم التفجيرات والقتل العبثي..
ومن بلد مستقل متمتع بسيادة وهيبة عالميتين إلى بلد يعيش تحت ظل الاحتلال.. ومشاعر الامتهان لإنسانية المواطن العراقي.. وكرامته.
حكومة فعلت كل شيء في فترتها الانتقالية.. خلا الفعل الوطني الذي يشمل الخريطة العراقية بكاملها: كرامة وسيادة ولقمة عيش وأمن المواطن العراقي.
حكومة تعلن حربها على أية بادرة وطنية تحمل لواء العراق الحقيقي الذي يعطي صورة للعالم: أننا بلاد تعرف شيئاً آخر.. غير الدم والقتل والتفجير والاختطاف والتعذيب.
خيرة علمائنا وخيرة إعلاميينا وخيرة ضباطنا وخيرة سياسيينا ومفكرينا... تمت تصفيتهم إما بالاغتيال وإما في أقبية التعذيب أو أنهم محاصرون بآلاف القذائف والعملاء أو أنهم وراء القضبان تحت الأرض في أقبية الداخلية بكل مسمياتها من بدر إلى ذئب إلى مغاوير إلى غير ذلك من الميليشيات التي تعمل تحت الرايات الصفوية والبويهية .. هذه الرايات التي عاثت في العراق خراباً جاعلة إياه كغنيمة سهلة قدمها لهم الأميركان بحماقة.. وربما عن طيب خاطر؟!!
في دوامة فساد الحكومة وغلوها الطائفي ظهر رزكار محمد أمين طفرة فاجأت العالم.. وأعطى صورة حملت أملاً ما لهذا الشعب الذي يبحث جاهداً عن القانون والعدالة.. وتحولت محاكمة صدام حسين إلى بانوراما ترسم سيناريو محتمل لعراق ديمقراطي، يحاكم الطغاة ليس انتقاماً وحقداً.. إنما تسييداً للحق والقانون معاً..
الحكومة أبت على الشعب العراقي هذا الأمل وهذا الحلم..
أبت أن يستمر رزكار محمد أمين بتسامحه وحسه المرهف بعظمة العدالة.. كقاضٍ وإنسان معاً.
الحكومة لا تحب هذا الإحساس.. ولا وقت عندها لمسحة أمل ولحظة حلم.
استقال رزكار محمد أمين.. بعد كابوس من الضغوطات الحكومية..
وانتظرنا القاضي الجديد.. الذي قال للشعب العراقي بكامله وبمجرد اعتلائه منصة المحكمة:
انتهى زمن (الطاغية) ... إنما انتظروا زمن الطغاة
#فخر_الدين_فياض (هاشتاغ)
Fayad_Fakheraldeen#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟