سعادة أبو عراق
الحوار المتمدن-العدد: 5603 - 2017 / 8 / 6 - 22:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الخلافة كانت وليدة الظروف
لا أحد ادعى أو يمكنه الادعاء بان الخلافة ولدت هكذا، وخاصة أن العرب لم يكونوا قد جربوا الحكم، كي يأخذوا منه أو يطوروه، وكانت بيعة أبي بكر بنت اللحظة، وعلى عجل، ولأنها لم تأت من إرث سياسي، فقد قُبلت، ولم تثر اختلافا يذكر، وكذلك خلافة عمر التي كانت بالتزكية وخلافة عثمان كان بالانتقاء ما بين نخبة اقترحها عمر بن الخطاب.
ليس في هذه الأساليب ما يمكن القدح به، ولكن لا يمكن أن نجعل من واحدة نموذجا يُحتذى، أن بساطة الحكم وسهولة إدارة الأمور وعدم التكالب على الحكم، جعل من الجدل حول هذه السياسات قليلا جدا، أو غيبها المؤرخون، فالخليفتان أبو بكر وعمر لم يعتبرا الخلافة مكسبا بل واجبا ثقيلا، لكن الخليفة عثمان بن عفان الذي قيل انه كان يحابي أقرباءه، وأنا أقول ربما أن أقرباءه هم الذين استغلوه طيبته وتقواه في غير وجه حق، مما أدى إلى مصرعه المأساوي.
إذن فمشكلة الخلافة بدأت حينما أدركوا منافع الخلافة الكثيرة، وخاصة حينما اتسعت الفتوحات وتدفقت الغنائم، فراحت تساور أحلام الكثيرين بالجاه والثراء، لذلك أصبحت الخلافة ومنصب الخليفة مقصدا لكل طامح يأنس في نفسه القوة، فهذا معاوية بن أبي سفيان استشعر في نفسه قوة وجدها أداة لاغتصاب الخلافة من علي بن أبي طالب، وحينما استشعر بنو العباس قدرتهم، اغتصبوها من بني أمية، وقال أبو جعفر المنصور ما لم يقله معاوية أنا سلطان الله على الأرض ، وتوالت اغتصابات الحكم وأصبحت الخلافة عباءة تشريفية لتغطية المستور.
إن الخلافة الراشدة التي يحلم بها المتعبون من استبداد الحكام، لها ظروفها التي صنعتها فقد كانت تحكم شبعا لا يملك فكرة عن مفهوم الدولة، وليس لديه مطالب من الخليفة، ومشغولا بالفتوحات، أما حينما تحول المجتمع البدوي إلى مجتمع مدني، وتحولت الناس عن بساطتها الأولى، فإن الخلافة السمحة تحولت إلى ملك عضوض، إذن فإن اختيار نظام الخلافة الراشدي أو أي نظام آخر ليس اختيارا واعيا ذلك انه كان محكوما بالظروف الزمانية والمكانية ، ونحن اليوم محكومون بظروفنا الزمانية والمكانية
#سعادة_أبو_عراق (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟