|
نتائج الانتخابات التشريعية: مطلوب حكومة انقاذ وطني..
عدنان الكاشف
الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:50
المحور:
القضية الفلسطينية
أثارت نتائج الانتخابات التشريعية الفلسطينية ردود فعل مختلفة على كافة الصعد المحلية والعربية والاقليمية والدولية، تراوحت بين التأييد واحترام ارادة الشعب وانتهاء بالتهديد وفرض عقوبات جماعية على شعب حدد خياره الديمقراطي، من خلال وقف المساعدات للسلطة، ومحاولات اضفاء طابع الارهاب عليها وعلى شعبها، بإعتبار حركة حماس منظمة "ارهابية"، وهذا ما يحاول اعضاء يمينيون تبنيه كمشروع قانون في الكونغرس الاميركي. واذا كانت هذه النتائج قد صدمت الجميع، رغم ادراك العديدين ان حماس ستفوز بهذه الانتخابات لعدة اعتبارات، كتب كثيرون عنها، لكن الاهم من ذلك كله ان حماس المعارضة لا بد وان تختلف عن حماس السلطة، لما يلقيه عبء المسؤولية عليها تجاه شعبها وتجاه الاخرين. ولعل من المفيد التذكير ان من حق شعبنا ان يفاخر اعتى دول العالم ديمقراطية، بسلوكه الحضاري في الواقع الصعب والمعقد الذي عاشه طيلة الحملة الانتخابية وما قبلها، وفي ظل حالة احتقان واستقطاب حادة وشديدة بين فتح وحماس. ودون ادنى مبالغة، يسجل للرئيس ابو مازن كل التقدير على موقفه الحازم والشجاع وايمانه العميق بضرورة الالتزام بما قطعه على نفسه امام شعبه والعالم اجمع بموعد الانتخابات وعدم تأجيلها، رغم الضغوطات الكبيرة عليه محليا ودوليا. لقد كشفت نتائج الانتخابات عن زيف دعاة الديمقراطية الغربية التي لا تحترم ارادة الشعوب، وسعيهم الحثيث لممارسة ديمقراطية منقوصة ومشروطة، ديمقراطية تحقق المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة، وفي هذا السياق استذكر ما قاله احد اعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح قبل عامين بعد زيارته لالمانيا، على لسان المستشار الالماني السابق غيرهارد شرويدر، ان الولايات المتحدة لا تريد الانتخابات في فلسطين خوفا من فوز ياسر عرفات مرة ثانية، ونحن كأوروبا لا تستطيع الوقوف في وجه الولايات المتحدة, لقد دخلت الولايات المتحدة على خط الانتخابات التشريعية والقت بكل ثقلها، ليس فقط بالدعم المادي، بل سخرت الاعلام العالمي كله في خدمة سياستها الاستراتيجية، عندما أعلنت عن رفضها مشاركة حماس في هذه الانتخابات، حيث لحقت بها اوروبا بناء على طلبات اسرائيلية، والتهديدات المرافقة، وجاء رد شعبنا على ذلك برفض هذه السياسة اسوة ببقية الشعوب العربية، لان شعبنا بطبيعته ونتيجة تجربته المريرة، يكره الاملاءات والاوامر الاميركية والغربية، ولم يكن مستغربا ان تكون النتائج على النحو التي اتت به. لقد صوت المواطنون لصالح حماس ليس تأييدا لبرنامجها السياسي، بمقدار ما صوتوا ضد الفساد والفوضى والفلتان الامني والمحسوبية وهدر المال العام والبطالة والفقر.... الخ من مشكلات اجتماعية، واتساع الهوة بين أغنياء السلطة المتنفذين والجمهور الواسع العريض من الشعب، وكذلك بمقدارما لديهم من رغبة حقيقية في التغيير ورفض الواقع المعيشي، بعد ادراكهم ان الرئيس محمود عباس ليس بمقدوره احداث التغيير المطلوب وترجمة شعاراته الانتخابية اثناء الانتخابات الرئاسية، خاصة وان المجتمع المدني والمؤسسات الشعبية والشخصيات الاعتبارية قد حددت مطالبها من الرئيس المنتظر. لقد وضعت نتائج الانتخابات جميع القوى والاطياف السياسية في مأزق كبير، فيما ذهب الناس يتساءلون فيما بينهم: كيف ستسير الامور؟ وهل تستطيع حماس ان تقدم شيئا؟ وماذا عن المنساعدات، وماذا عن صلاحيات الرئيس ورئيس الوزراء، وما مصير القانون الاساسي ، وكيف يمكن التعامل مع الاجهزة الامنية، وكيفية تشكيل الحكومة، هل حكومة حماسية ام حكومة وحدة وطنية ام حكومة تكنوقراط...الخ، ولعل النكات السياسية التي نسمعها ونقرأ عنها تعبر عن القلق بين المواطنين وتجعلهم في حيرة من أمرهم. لقد ساهم الجميع في الوصول الى ما نحن فيه كل بطريقته، سواء حماس او فتح او قوى ديمقراطية يسارية او ليبرابيون جدد، لا يتسع المجال هنا لذكر ودور كل طرف فيه، وامام هذا الواقع يصبح من أهم الواجبات الوطنية الحذر الشديد من المخاطر المحدقة بتصدع الجبهة الداخلية، آخذين بعين الاعتبار محاولات الاعداء المحمومة لاثارة الفتنة واشعال حرب أهلية عجزوا عنها في السابق. ان مستقبل النضال التحرري لشعبنا الفلسطيني يقف اليوم على مفترق طرق، خاصة في الشهور القليلة المقبلة نظرا لجسامة التحديات التي تواجهه، ويعتمد على حماس بالاساس كيفية اجابتها على الاسئلة الصعبة والمعقدة المطروحة امامها. لقد لمس الشارع الفلسطيني بعض الليونة في مواقف حماس واشاد بها، واذا كانت حماس جادة وصادقة في توجهها نحو شراكة سياسية حقيقية، يتوجب عليها وعلى الرئيس ابو مازن الاعداد منذ الان لجولة حوار وطني عميق بين كافة القوى المكونة للمجلس التشريعي، والتقدم ببرنامج انقاذ وطني، يستند الى تداول سلمي للسلطة والى برنامج السلام الفلسطيني والقمم العربية، وخاصة قمة بيروت، والمنسجم تماما مع الشرعية الدولية، لضمان التواصل والتأييد لقضية شعبنا في المحيطين الاقليمي والدولي، واذا ما تم الوصول الى ذلك، تصبح مسألة تشكيل الحكومة والمشاركة فيها امرا روتينيا، وحينها تحظى بإحترام شعبنا والعالم أجمع. فهل نستبشر خيرا..؟
#عدنان_الكاشف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسطين: الانتخابات التشريعية والمسؤولية التاريخية
-
مطلوب غرفة عمليات سياسية مشتركة لمواجهة تحديات ما بعد الانسح
...
-
الانفلات الأمني وبقاء الشعب
-
على هامش حالة الاستقطاب في الساحة الفلسطينية لتتشكل لجنة تحك
...
-
نعم لانتخابات مؤجلة وفق قانوني الاحزاب والتمثيل النسبي الكام
...
-
هل فتحت قمة شرم الشيخ آفاق السلام الحقيقي؟!
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|