|
الإعلام العربي .. إلى اين ؟
ميثم محمد علي موسى
الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:27
المحور:
الصحافة والاعلام
ليس الأعلام ، باعتقادنا ، سوى اداة (ادوات) تمارس دوراً اساسياً في ايصال المعلومات والمستجدات والاحداث الى الجمهور ، كما ويقوم بدور تحريضي عبر طرح المشاكل المرتبطة بحياة الناس سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية او غيرها مما له تأثير مباشر على افراد المجتمعات ، ووعيهم . واذا كان الاعلام يسعى، عبر ممارسة دوره المذكور الى ايصال الحقائق والاحداث ، وسائل وتقنيات محددة وكوادر لها القدرة على استخدام تلك التقنيات ، فأن حياديته وصدقه ستكون مرهونه بتوفر هذه الوسائل والتقنيات والكوادر بعيدا عن قدرات تحكميه خارجية كالسلطة و رؤوس الاموال والايدلوجيات . فهل يقع الاعلام في البلدان العربية في هذه الساحة المحايدة ؟ وقبل الاجابة على هذا السؤال هل ندرك نحن اليوم خطورة دور الاعلام؟ نظراً لخطورة الاعلام في توجيه وبلورة الوعي ، فأن واحداً مثل لينين كان يسعى الى بناء امبراطورية ( شيوعية) كان يدرك ذلك ، وباستخدام ادوات ذلك العصر ( كالمنشور والصحيفة السرية ، اوالعلنية ) التي لاتضاهي التقنيات التي تمتلكها مؤسسات الاعلام اليوم ، فأنه ( أي لينين) أطلق عبارته الشهيرة – اعطني صحيفة اعطيك ثورة- هذا كان في بداية القرن العشرين ، فما بالك اليوم ، حين تمتد شبكة عنكبوتية هائلة يمكن ان تدخل كل بيت في ارجاء المعمورة – شبكة الانترت- التي تركت وسائل الاعلام الاخرى المتطورة حتى نهاية القرن الماضي كالاذاعة المرئية والمسموعة خلف ظهرها ! الاعلام العربي ، وستكون مزحة سمجة ، اذا اتهمناه (!) بالحيادية والاستقلال ، فهو خاضع لما يسمى بالرقابة ، والرقابة مؤسسة لاتمثل اكثر من يد ضاربة للسلطة ، والسلطات العربية تسعى للتجهيل ، وتنشئ المدارس والمعاهد والجامعات لاجل تخريج الكوادر الجاهلة ( وبامتياز) ، والحديث لايجري عن مدارس وكليات التجهيل الاعلامي فحسب ! والاعلام يجب ان يسبح بحمد القائد والزعيم والملك والرئيس وحاشيته وحزبه او ماشابه من تجمعات، ووسائل الاعلام تعلمنا الصلاة للقائد وعائلته او عشيرته قبل تعلم الصلوات الاخرى ! والويل والثبور لخارجٍ عن طاعة القائد وكيل الخالق عز وجل في بلداننا المنكوبة بطاعون الرؤساء مدى الحياة ! والسلطة ،اللعنة ، والعين الساهرة على كل حرف من حروف الاعلام ، تمتلك غالباً (القدرة الكلية ) في كل مايخص الاعلام . فكل وسائله وادواته بيدها ، وكل تقنياته مسيطر عليها ، وكل يوم ( هو الفاتح العظيم ) كما يحلو للاعلام الليبي وصف ثورة القذافي الازلية ( اي كل يوم هو ثورة الاول من سبتمبر !) ولايكتفي الرئيس بالسلطة المطلقة فهو يفرض ابنائه وعشيرته في كل مكان ، وهذا نموذجاً علي صالح محمد ، والقذافي ، و حسني مبارك وقبلهما السادات التي عُينت زوجته رئيساً شرفياً لنقابة الفنانين التشكيليين في مصر ، وصدام الذي عين ابنه المعتوه والسادي عدي نقيباً للصحفيين العراقيين ، والاسد الاب الذي فرض ابنه رئيساً بعده ( تقريباً) قبل ان توانيه المنية . ليس الهدف الحديث في الشأن السياسي ، ولكن الغرض ، التأكيد ان الاعلام هو في سلة السلطة ايضاً ، مازالت كل مرافق الدولة ومفاصلها بيد القائد الأوحد. اما رؤوس الاموال التي يحتاجها الاعلام فبيد السلطات العربية ايضاً ، وشبكة الاعلام اليوم لن تكون اعلاماً ان لم تمتلك مايجعلها قادرة على رصد الحدث في لحظته ومتابعة تطوراته اولاً بأول ، في وقت يموت فيه المثقف والاعلامي غير المرتبط بسلطة ولايملك طبلاً وزماراً يغني للقائد ، يموت على قارعة الطريق ، او على افضل تقدير في المنافي ، كما لو انه في سلة مهملات ! الاعلام العربي ان لم يكن بيد السلطة او في اكمامها ، واذا افلت من براثنها بان اصبح مهاجراً ، مثلاً ، فأن معظمه ملوث بالايدلوجيا ، السياسية اوالدينية ، وهذا ايضاً يجد من يفتح صنبور المال والحلال في حوضه ، بالرغم من ان الايدلوجيات الثورية الشمولية احتضرت من زمن بعيد ، الا ان النفخ في جثث ميتة يظل هواية المؤدلجين ! في هذا الاطار تضخ ادوات الاعلام الاخيرة سلعة قديمة ومهللة (ثياب ايدلوجية مرقعة بشرائط ملونه ) وتبيعها على زبون ، ليس فقط لايبحث عن الموضة ، ولكنه ايضاً لايمتلك ليشتري مايستر !! الاعلام العربي برأينا غائب عن الوعي ، أومغيب ، وليس اكثر من اداة بيد السلطة أو الأيدلوجيا المُستهلَكَة ، وليس محياداً ، لانه مشدود بسلاسل من حديد الى سلطات حديدية السيطرة على مقدرات شعوبها ، في بلدان يحكم كل منها ملهم واحد احد ! ومايحاول الافلات من دعسة العقب الحديدية للسلطات العربية محاصر ، وممنوع ، ومحارب ، وتمتد اليد لقتله ( لنتذكر الرسام ناجي العلي ، د. فرج فودة ، سيد القمني المصري ، واليوم من العراقيين د. سيار الجميل الذي يراد غل صوته واسكاته ). مستقبل الاعلام العربي اكثر سواداً ، وبلا تشاؤم ، مالم يتحقق شرط واحد من اهم الشروط ، شرط جعل الاعلام في البلدان الغربية المتحضرة سلطة ، احياناً فوق كل السلطات وأقوى منها ، هذا الشرط هو الديمقراطية . نعم ، بدون ديمقراطية فان بساطيل العسكر تحيل الاعلام الى علكة مدهوسة ، كالمواطن المدهوس . وليس لامة ان تنهض بدون ديمقراطية واعلام حر ! 06-01-2006
#ميثم_محمد_علي_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سخرية ألأقدار من ألدوري ، قبل وبعد موته !
-
قصر لساجدة خير ألله طلفاح في لاهاي !!
-
ملاحظات سريعة حول مداخلة د. سيار ألجميل
-
درس في ألتواضع
-
ألمسافة بين ألقتل وألعقل
-
أكتب غاضباً..
-
يوم أغتيال ألتأريخ / 8 شباط 1963
-
إعادة حكم الإعدام في العراق /بين د.عبدالخالق حسين و ألأستاذ
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|