أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - طلال الشريف - سويلم والتمارييز















المزيد.....

سويلم والتمارييز


طلال الشريف

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:50
المحور: القضية الفلسطينية
    


قصة قصيرة
آخر مرة رأيت فيها صديقي عطية, كانت في ساحة فلسطين, وكان محمر العينين, والوجنتين, كثير الهرش في جميع أنحاء الجسم, بصورة لفتت نظر المارين إلي مواضع الهرش لديه. واضطررت خجلاً أن أسأله عن هذا الهرش, فطلب مني أن نأخذ جانباً, حتى لا يراه المارة, فقد كان هرشه معيبا, ولكني فضلت أن أصطحبه إلي المستشفي الذي أعمل فيه والقريب من المكان, وصعدنا إلي ركن هادئ بالمستشفي في الهواء الطلق, وأخذنا نتبادل أطراف الحديث, فقال عطية وهو مازال يهرش, هل تذكر قصة "سويلم والتمارييز" التي كنا ندرسها في المدرسة الحزبية؟ فقلت له نعم, فقال لقد حدث لي ما يشبهها, فقلت له كيف؟ فقال:

عندما هاجر كبار القوم, "الحجاب", و"الدردير", تفرق قومهم, وبقي المصنع القديم في عهدة "الحشام" الذي حاول بخبرته, وشخصيته القوية, أن يدير العمل, وقد قام بإجراءات إدارية أدت إلي الحفاظ علي استمرار العمل في المصنع إلي وقت قصير, حيث اكتشف أن هناك خللاً بنيوياً خطيراً, ولا يمكن أن يستمر الإنتاج في المصنع بدون إصلاح هذا الخلل الخطير, وكان هذا الخلل, هو أن ماكينات هذا المصنع قد أصبحت قديمة, ودائمة التعطل, ومنتجاتها لا تواكب العصر واحتياجات السوق, وقد أصبح الإقبال الجماهيري علي بضاعة أكثر قبولاً من الجمهور الذي بدا أكثر "محافظاً".
وبعد وقت قصير اقتنع "الحشام" بأن وقت توقف الماكينات عن العمل كلية قد اقترب, فحاول أن ينقذ المصنع وتاريخه الطويل حيث كان هو أقدم مصنع سياسي في فلسطين, فلم يجد إلا طريقة واحدة, وهي أن يعقد صفقة مع مصنع آخر, أو شركة أخري للنهوض بالإنتاج والحفاظ علي التاريخ, ولم تستجب له الشركات السياسية الأخرى أو الشركات المعولمة الحديثة, واضطر لاحقاً أن يعقد صفقة مع مصنعين ذيا قدرات إنتاجية محدودة, وماكيناتها أيضاً من النوع القديم ضئيلة الإنتاج, وبعد مدة قصيرة من عدم تحسن الإنتاج, طلب الحشام من خبراء التقييم دراسة الحالة الجديدة للاتحاد, فكانت المفاجأة, أن تقرير الخبراء قد قدم تقديراته بأن هذه المصانع الثلاث ومصانع بالية غيرها علي الساحة, ستتوقف ماكيناتها عن العمل في 25/1/2006م, وبذلك يكون المصنع القديم قد أسدل عليه الستار, بعد أن فر الحشام وعنترة, أحد مالكي هذه المصانع المهددة بالإغلاق إلي مغفر شرطة التشريعي للاحتماء به مالياً من غدر الزمان, وبعد أن تركا "ريهام" في مصنعها علي عروشه الخاوية والمنهار سلفاً.

وأضاف عطية بأنه كان قد أخذ أوراقاً كثيرة من مكتب "الدردير" بعد رحيله, ووجد فيها مخططاً لمصنع جديد أكثر تطورا, وجاهزاً للتصميم, ولا يحتاج إلا إلي رجل ذكي كي يشغله, فتصدي عطية لذلك, وجال الدنيا, شرقها بغربها, حتى بادر إلي تشغيل المصنع الديمقراطي الحديث.
ولسوء حظه كما قال, أنه لم يبدأ العمل بالمصنع بعمال جدد, وقد تلقفه بعض العمال من التمارييز الكسالى الذين عملوا معه سابقاً, وكان لا يثق بهم, ولا يثقوا به, وقد استغلوا نقطة الضعف لديه, وهي الزهو والتفشخر والفهلوة وحب النظر في المرايا, وإحساسه الدائم بأنه سيصبح ملكاً في يوم ما.

وأخذ التماريز يفعلون كل ما يريحه من متطلبات, رغم كرههم له, ولكنهم كانوا مستفيدين من ذلك, لأنهم كسالي ومحتالين, ويتلقون رواتب باهظة, دون جهد يذكر, وقد كان عطية يجاريهم أيضاً لحاجته المؤقتة لهم, حتى طفشوا كل المخلصين له, ولمصنعه, وللعمل بشكل عام. ولكن الله رزقه بأصدقاء مخلصين له وللمصنع, لكنهم لا يصغون للتعليمات التي درج عليها, بل كانوا يعملون بتفان, وإخلاص أكثر من عطية شخصياً للمصنع, وسرعان ما اشتبك المخلصون مع التمارييز الكسالى النصابين الذين ابتزوا عطية, وحاولوا تدمير المصنع.

كان عطية يحاول بقدر الإمكان التوفيق بين الفريقين ليستمروا جميعاً تحت قيادته, لتداخل المصالح بينه وبين الفريقين, لكن الأمر كان دائماً لا يستقيم في وجود مسئول التمارييز, سويلم, وصديقه عبيوي الحسود, والخبير في ضرب الأسافين علي طول المسيرة, والذين ما انفكوا يدمرون كل الأشياء القابلة للتطور والنهوض, ولا يحبون الآخرين, ولا يحبون أنفسهم, وراح سويلم, وعبيوي, والتمارييز, يحرضون دائماً ضد أي شخص مخلص يحاول أن يساهم في تطوير, وتكبير المصنع, ودفعوا أخيراً بالدندريش المستقلين لإعاقة طلبية الإنتاج الأولي للمصنع الجديد بأي طريقة كانت, وكان لهم ذلك لميل عطية وتصديقه لما يقولون.

وكانت موقعة الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير), حين أجبر التماريز والدندريش, عطية, علي ارتكاب العمل المشين الذي أودي بالمنتج الأول للمصنع, وكذلك بعلاقته بالشاطر سمعان, وحمودة الوحش, وجابر الصالح, هؤلاء المخلصين الذين باعهم عطية علي أول الطريق, في ظل الزوابع, والأمطار, التي هطلت علي القائمة في ذلك اليوم المشهود, وحين ترك عطية هؤلاء المخلصين علي الطريق الوعر, والمليء بالذئاب, في ليلة من ليالي كانون الأول(ديسمبر) القارصة, وبعد طول طريق كان عطية قد وصل إلي مغفر شرطة التشريعي للاحتماء هناك من البرد القارص, ونسي عطية, وهو داخل المغفر ما فعله بتأثير من سويلم, وعبيوي, والتمارييز والدندريش, بمن أخلصوا له, وحموا ظهره, وحاولوا بكل ما استطاعوا تطوير المصنع, وقد خذلهم عطية, وجحد بهم, وبقدراتهم وعرقهم.

وهناك التقي "الحشام" ذلك الصديق اللدود الذي فعل هو أيضاً بعمال مصنعه نفس الفعلة التي فعلها عطية بالمخلصين, وجلسا كالإخوة الأعداء لا يتجاذبا الحديث, بعد أن كانا شريكين في يوم من الأيام, ومرت الأيام وانكسرت شوكتهم بعد أن فقدا كل الأصدقاء القدامى, ومرت الأيام وهم يضعفون أمام الآخرين في المغفر حتى أهملا تماما, ولم يعد لهما شأن أو تأثير.

أما سويلم فقد رحل بلا عودة, واستقر الحال بعبيوي ملك الأسافين يكلم نفسه في غرفته, وساءت حالته, لأن الناس كشفت حقيقته البائسة, التي كان يغطيها بالكذب والنفاق, وبانت ثقافته الضحلة, وضاعت المساحيق التي تواري خلفها والتي اكتشفها الناس متأخراً. وانقرض التمارييز, بعد أن خربوا المصنع, حيث اختنقوا جماعة في مصعد المصنع نتيجة لخلل فني لم ينتبهوا له لعدم كفاءتهم في العمل, أما الدندريش فقد عادوا من حيث أتوا وتبخروا كما لم يكونوا أصلاً.

وأدرك عطية أن عليه أن يبحث عن جابر, وحمودة, وسمعان, الذين أخلصوا له طوال حياته, لأن كل من عرفهم عطية قبلهم وبعدهم, كانوا من النهابين, الذين, يستغلونه, ويستغلهم, إلا هؤلاء الثلاثة الذين احتاجهم الآن في ظل الاخضرار الكبير الذي كسا الأرض, والسماء ليتباهى بهم, ولكن للأسف كان قد فات الأوان, وقد عرفوا عدم إخلاص عطية وفهموا أن من تعود علي الشبابة لا يطربه اليرغول.

وأعجب ماحدث طوال رواية عطية, هو هذا الهرش المتواصل في كل أنحاء جسمه, والذي لم يكن بالمناسبة نوع من الحساسية, أو المرض الجلدي, بل كان حالة عصبية تنتج عن الندم الكبير علي ما فعله عطية بالصادقين المخلصين له وللمصنع العتيد.

وهذه الحالة العصبية تجعل صاحبها دائم الهرش, وفي مناطق حساسة في الجسم, وقاكم ووقانا الله من مثل هذه الحالات العصبية التي تحرج ولا تضر, ولكن أحياناً يكون الضرر أفضل من الإحراج, مثل عطية الذي ما انفك يمشي وهو يهرش في مؤخرته, بعد أن كان يحلم أن يصبح الملك, وعجبي!!!!!.
5/2/2006م



#طلال_الشريف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لأحبائنا ...هذا النداء !
- موال ...حليمة وقدري !!!
- ِِِِِِعندما اكتشفت البروفسورة( .... ) أن المتر يساوي ثمانين ...
- نحن في حاجة لمن يولد غداً .......... وبعد غد !!!
- من يوقف التراجع.... ويبدأ النهوض في مواجهة المشروعين ؟ !!!
- يا فقراء العالم اتحدوا ... وثوروا !!!
- زمن العويدة
- عويمز والسنطريز ..... في العصر الطزيز !!!
- جراح سياسي..... للفلتان !!!
- عندما أصاب الدهشان أطيب الشهرمان!!
- المبادرة الوطنية الفلسطينية..محطةإجماع
- غداً بداية جديدة!!!
- العوانس ولصوص التشريعي القادم!!!
- مذبحة الأحزاب والانتخابات!!!
- فدعوس والدبكة الديمقراطية والانتخابات!!!
- الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة وحقوق الطفل
- مخاطر تشكيل هيئة وطنية لادارة قطاع غزة
- عندما يضيق الممر الوطني الفلسطيني!!!
- !!!عند الاختبار.........تحدث الصحوة
- المبادرة الوطنية الفلسطينية- أحدث حركات النضال الفلسطيني


المزيد.....




- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...
- نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا ...
- -لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف ...
- كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي ...
- الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص ...
- ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
- مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
- إيران متهمة بنشاط نووي سري
- ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟ ...
- هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - طلال الشريف - سويلم والتمارييز