أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل عيدان - الاجتهاد .. وراهنية التغيير















المزيد.....

الاجتهاد .. وراهنية التغيير


عقيل عيدان

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يمثّل بقاء باب الاجتهاد مفتوحاً أفضل الحلول لمعالجة مشاكل الحياة المتجدّدة مستهدفاً بذلك تواصل المسلمين مع مشاكل العصر المستجدة عبر ما يقوم به الفقيه والمجتهد من اطلاع ودراسة لهذه المشاكل المستجدة ، ومن ثم استنباط الرأي فيها في ضوء القواعد الفقهية الشرعية المقرّرة وهو هنا غير متغافل لحيثيات الزمان والمكان التي تطرأ على مُجمل الأوضاع الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها ، وعلى هذا الأساس يمكن للفقيه أن يختلف مع غيره من الفقهاء السابقين والمعاصرين في حكم مسألة من المسائل الشرعية ، وربما أثَّر تغيير الأوضاع وتبدّل الظروف في الأسس التي يُراعيها الفقيه في عملية الاستنباط نفسها ، خاصة إذا علمنا أن طريقة الاستنباط تتطوّر وتنمو بحكم تأثّر الفقيه بما يُحيط به من ظروف وما يُعاصره من قضايا متنوّعة .
وربما تنشأ تقصيرات في بعض الممارسات الفقهية حين يبتعد بعض الفقهاء عن تفهّم مشاكل العصر ، أو الابتعاد عن طرحها كواقع وبالتالي لا توجد الحلول المناسبة لها . أو إنهم يقدمون حلولاً يعجز الواقع عن قبولها ، فيبقى المكلّف حائراً تتجاذبه من جهة رغبته في إطاعة الحكم الشرعي ومن جهة أخرى ضغوطات الواقع التي تمنعه من تحقيق رغبته في امتثال الحكم الشرعي .
ومن هنا ، نستشعر ضرورة أن يهتم المعنيّون بالشأن الفقهي الإسلامي في مسألة تطبيق الإسلام وفاعليته في الحياة بالمستوى الذي يفكرون فيه على أية إجابة لقضية مستحدثة أو مشكلة مستجدة . لأن الله عز وجل لم يرد للإسلام أن يبقى أفكاراً ونظريات في بطون الكتب والأسفار من دون أن يتجسَّد في الواقع ويشق طريقه إلى حياة الناس وممارساتهم اليومية .
والمتغيّر والثابت المتعلِّق بمجالين هما قريبين عن بعضهما وبعيدان عن كليهما أيضاً ، والمجالان هما الدين أولاً والفكر الديني ثانياً . فالدين هو تنـزيل سماوي من قِبَل الله سبحانه وتعالى على رسول من رسله أو نبي من أنبيائه وعلى هذا الأساس يتمتّع بقدسية وصيانة بحكم كَوْن المنـزّل للدين هو الله تعالى الذي ينزّهه العقل السليم عن كل موجبات التقصير والقصور وتبرئ الفِطرة السليمة مساحته عن كل مقتضيات الغفلة والسهو والنسيان والخطأ ، والمنـزّل عليه الدين هو الرسول أو النبي الذي عصمه الله من الخطايا وجعله أميناً في التبليغ فلا يغيّر ولا يُحرّف ، وحُكم العقل يُرشدنا إلى أن ضرورة تنزيه الله تعالى من كل نقص ، وضرورة تنزيه أنبيائه ورسله من كل قصور وتقصير في تأدية رسالاتهم السماوية وابلاغها إلى الخلق . والقرآن الكريم يحفل بهذه المعاني ، يقول تعالى : {وبالحقّ أنزلناه وبالحقّ نَزَل}(الاسراء : 105) ؛ وقوله عز وجل : {وإنه لتنزيل ربّ العالمين * نَزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين}(الشعراء : 192-194) ، هذا بخصوص الرسول محمد (ص) ، أما بخصوص المرسلين قال تعالى : {ما كان لبشر أن يُؤتيه الله الكتاب والحُكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربّانيين بما كنتم تُعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون}(آل عمران : 79) .
وبما أن الفكر الديني هو نتاج العقل البشري الذي يخطئ ويُصيب فثمّة فارق جلي بين الدين والفكر الديني . فالدين كنص سماوي لا يدخله النقص ولا تعتريه الشوائب ، محفوظ في لوح رب العالمين ، ولكن الفكر الديني وإن اتخذ من الدين منطلقاً وأساساً إلاّ أنه لا يَعدوا قراءة بشرية للدين قابلة لأن تُصيب أحياناً وتخطئ أحياناً أخرى ، وهذا الأمر يجعل الفكر الديني لا يرقى إلى مستوى الدين إلاّ بمقدار ما يصيب من حقيقة الدين وواقعيته .
والتنبيه لهذا الفارق هام جداً لشدة الارتباط والتداخل بينهما مما يجعل مسألة التفريق بينهما في كثير من الأحيان مسألة معقّدة لا يتيسَّر عَبرها التمييز بين ما هو الدين وما هو المفهوم البشري . وهو ما يتحسَّس به المتديّنون عند الحديث عن المتغيّر والثابت على أساس اعتقادهم أن كثيراً من الأفكار التي يجري طرحها وبيان مدى قابليتها للتغيير والثبات هي من صميم الدين فلا تقبل النقاش والمجادلة ولا يتورَّع بعضهم في وصف من أراد النقاش حول الثابت والمتغيّر في الدين والفكر الديني بالخروج عن الدين ومحاولة إفساد عقائد المسلمين .
في حين يجب على هؤلاء أن يفهموا أنه بوجود متغيّرات في الدين أو الشريعة لا يعني بحال من الأحوال أن لا ثابت في الدين أو الشريعة لأن الدين إذا ما فسّر بمجموعة التعاليم والعقائد والأحكام والحقائق الوجودية التي يأتي بها الرسول/النبي (ص) من قِبَل الله تعالى مباشرة بواسطة الوحي الإلهي أو عن طريق أحاديث النبي الخاصة (السنَّة) والتي لا تكون وحياً سماوياً ولكنها تكتسب قُدسية بحكم ارتباط الرسول بالله عز وجل ارتباطاً يمنعه من التحدّث بغير ما يرتضيه الله تعالى ، ومن هنا يكون كلام المرسل حُجّة لأنه يتحدّث عن الله وينقل مراده وهو ما نعيه في قول الحق عز شأنه : {ما ضلّ صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلاّ وحي يُوحى}(النجم : 2-4) .
وإذا ما فسَّرنا الدين بهذا التفسير الواسع نلحظ أنه يحتوي على أحكام شرعية قابلة في بعض مجالاتها للتغيير على أساس تغيير الظروف وتبدّل الموضوعات الخارجية ، وبهذا التفسير للدين نكتشف أنه يحوي رؤى عقيدية فلسفية قابلة للتغيير في ضوء اتساع آفاق الفكر البشري وتجدّد فهمه للدين واكتشافه أبعاداً في الدين لم يكتشفها السابقون ولم يتعرّفوا عليها .
إن القول بوجود مجالات للتغيير في الدين – في ضوء التفسير المتقدّم – يعني أننا لا نمتلك ثوابت دينية غير قابلة للتغيير والتحويل . فالدين قد جاء لإصلاح الوضع الإنساني في جوانبه المتغيرة والثابتة فلا بد أنه يحمل جانب ثبات وجانب تغيّر .
فحينما نقول ( بتغيّر الفهم الديني ) فهذا لا يعني أن لا ثوابت في الفهم الديني ، فكما أن الدين يحوي حقائق غير قابلة للتغيير والتبديل فكذا الفهم الديني فيه كثير من الحقائق التي لا يمكن اعتبارها حقائق زمانية قابلة لأن تلغى أو تبدّل . ولا يستطيع أحد أن يزعم أن لا حقائق ثابتة في فهمنا الديني لأننا نجزم أن للإنسان عقلاً يدرك بها العديد من الحقائق والمعارف ونسبة كبيرة من هذه الحقائق تتطابق فيها الحقيقة الدينية مع الفهم البشري .



#عقيل_عيدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأسيس المجتمع المدني .. وصراع المجتمع والدولة


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عقيل عيدان - الاجتهاد .. وراهنية التغيير