أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - .. وهل انعدم التساؤل أيضا ؟














المزيد.....

.. وهل انعدم التساؤل أيضا ؟


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 5599 - 2017 / 8 / 2 - 09:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كيف نمتلك الوعى لندرك الحقائق من تحت ركام الأكاذيب الموروثة والسائدة فى علوم التاريخ والسياسة والفلسفة والدين والطب والفن والقانون والأخلاق؟ كيف يمتلك العقل المصرى القدرة على كشف الخطط الذكية لإخفاء الظلم والاغتصاب الجسدى والاقتصادي، تحت ستائر من الروحانيات والمقدسات؟

أى عقل عبقرى يملك القدرة على فك طلاسم الاسلاموفوبيا مثلا، أو الحروب الداعشية والفتن الدينية، ليكشف الخطط الأوروبية الأمريكية الإسرائيلية الخفية، ويخترق الدخان الإعلامى الكثيف حول المسجد الأقصى مثلا، الذى تصنعه إسرائيل لتغطى على قتلها الفلسطينيين بالسجون وإقامة المزيد من المستوطنات غير القانونية دوليا ومحليا؟ هل يقترن الإجرام بالذكاء والمكر وتطور القدرات العقلية ؟ لماذا يزداد الثراء والقوة للدولة أو للفرد بازدياد القدرة على الكذب والخداع ؟

أصبحت إسرائيل أقوى دولة فى المنطقة، رغم جرائمها الوحشية وخرقها الدائم لقرارات الأمم المتحدة، وأصبحت الولايات المتحدة أقوى دولة فى العالم، رغم جرائمها المعروفة ومساندتها الدائمة لإسرائيل. من تجاربى فى الحياة وجدت أن أكثر الرجال أو النساء قدرة على الخداع هم الأكثر ثراء واعتلاء للمناصب، وبالأمس دعانى صديق قديم لا يكف عن الكتابة عن الديمقراطية، كان قريبا من الحكام فى كل العهود، لم يتعرض لبطشهم رغم أنه يعارضهم أحيانا، لكنه يجيد المراوغة والتبرير، معارضا كان أو مؤيدا، ويعتبر النفاق ذكاء اجتماعيا، كسب الجميع ولم يكشفه أحد، حتى زوجته لم تعرف شيئا عن حياته خارج البيت، يتخلى عن أصدقائه فى الأزمات، وإن بطشت بهم السلطة لمجرد التعبير عن رأيهم. لم أسمع صوته حين عشت المنفى والسجن وقضايا الحسبة وغيرها من الشدائد، ثم دعانى إلى بيته أخيرا فى الحى الراقي، لم أعرف لماذا؟ وقلت لنفسى ربما تلهمنى الدعوة بفكرة جديدة لقضية أو مقال.

كانت المائدة فى الفيللا الفخمة محملة بأشهى الأطعمة.. الخدم والسفرجية يحومون حولها حاملين الأطباق والصوانى والمشروبات الروحانية فى أوان فضية، والآيات المقدسات منقوشة داخل براويز ذهبية، وأجهزة التكييف تجعل الجو ربيعا، رغم ان الحرارة ثلاث وأربعون مئوية بالخارج والنوافذ الزجاجية الكبيرة، تكشف الحديقة الدائرية والأشجار.

تذكرت فيللا شكرى بيه فى طفولتي، نشأت بين طبقتين مختلفتين، أهل أبى الفقراء فى القرية، رغم «جلابيبهم» المتربة، كانوا أكثر إنسانية وصدقا من عائلة أمى الأثرياء، رغم بدلهم المكوية وفساتينهن اللامعة، وتم انحيازى لأهل القرية بالفطرة، ولأنهم وقفوا مع الثورة ضد الاستعمار والملك والإخوان والطبقة الحاكمة الثرية، الذين اتهموا عبد الناصر بالشيوعية، رغم أنه وضع الشيوعيين بالسجون عشرة أعوام بالأشغال الشاقة. ورثت الطبقات الحاكمة أساليب الخداع والمكر من الاستعمار القديم والجديد. وراحوا يلوكون كلماتهم البراقة، منها كلمة الديمقراطية، أصبحت إسرائيل هى الدولة الديمقراطية الوحيدة فى المنطقة، والولايات المتحدة الأمريكية هى واحة الديمقراطية.

وتعمل إدارة دونالد ترامب اليوم مع بعض أعضاء الكونجرس على استصدار قانون يمنع المواطن الأمريكى من المشاركة فى الحملة الشعبية التى ترفع شعار المقاطعة لمنتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراض فلسطينية محتلة، هكذا تكشف الديمقراطية الأمريكية عن حقيقتها الديكتاتورية، وهى تحاول ضرب شعبها ذاته، وانتهاك حريته فى التعبير عن نفسه ضد الظلم والاستبداد العنصري. وترفض إسرائيل تنفيذ إنذارات مجلس الأمن وقرارات الأمم المتحدة المتكررة على مدى السنين، ولا تتلقى أى عقاب إن ضربت العراق وسوريا بالقنابل، بل تكافأ بالمزيد من الأموال والسلاح الكيماوى والنووى المتطور، وتعاقب الشعوب العربية جميعا دون استثناء، الفلسطينى بالقتل والفتن والتقسيم والإرهاب، و«اغتيال» القذافى وصدام حسين وجمال عبد الناصر وغيرهم، بتهمة الاستبداد والديكتاتورية، ويكافأ الحكام العرب الذين تخلوا عن شعوبهم وتعاونوا مع الاستعمار الأمريكى الإسرائيلي.


اليوم هل تشارك النخب المصرية والعربية فى حملة مقاطعة منتجات إسرائيل؟ بدلا من الحملات ضد عبدالناصر؟ أو نشر الفتاوى فى الأكشاك والصلاة بالمسجد الأقصى؟ أو حملات تحجيب الأطفال البنات وختانهن وتعدد الزوجات وزواج القاصرات؟ ألا تسأل النخب المصرية والعربية نفسها هذا السؤال: لماذا تحدث حملات المقاطعة لمنتجات إسرائيل دائما من خارج الوطن العربي؟

هذه الجماعات الشعبية المناضلة من النساء والرجال، متعددة الثقافات والديانات وأغلبهم ليس لهم دين، لكنهم يؤمنون بالإنسانية والعدل والكرامة والحرية والمساواة بين جميع الشعوب، بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو الجنسية، ويدافعون عن حقوقنا أكثر مما ندافع نحن عنها، أليس هذا مثيرا للخجل؟ أو للتفكير؟ أو للتساؤل على الأقل.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازدراء الأديان والجماعة فى رمضان
- امرأة رقيقة قاتلة
- التفاحة المحرمة والجاذبية
- فى ذاكرتى مع لغة الأم
- لا حياد فى عالم يبطش
- وتزيد المتعة بزيادة المعرفة
- رسالة من فتاة سجينة
- رسالة الى صديق قديم
- متى يبدأ السقوط ؟
- ليست امرأة مثالية
- ما بين البحرين الأحمر والأبيض
- الدين والمرأة والسينما
- الفتاة الصغيرة أمام باب المحكمة
- أنتِ طالق يا دكتورة
- التأويل الذكورى للتاريخ المصرى
- الطب النفسى والإلحاد
- قضايا الحسبة والإرهاب
- قشرة الحياء الهشة .. يا أنت ؟
- الفدائيون وهدى عبد الناصر
- سقوط العرش المصنوع بالقش


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - .. وهل انعدم التساؤل أيضا ؟