أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - كيف تحول الاحتجاج علي الإساءة للرسول.. إلي إساءة للإسلام؟















المزيد.....

كيف تحول الاحتجاج علي الإساءة للرسول.. إلي إساءة للإسلام؟


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1455 - 2006 / 2 / 8 - 09:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حملة الاحتجاج علي رسوم الكاريكاتير الدانماركية التي تضمنت اساءة الي نبي الاسلام محمد عليه الصلاة والسلام، مستمرة ومتصاعدة وتزداد سخونة وغضبا يوما بعد يوم.. وكأن هناك من يغذيها ويلقي بالمزيد من الزيت علي نيرانها المتأججة، ولا يريد لها ان تنطفئ ابدا.
لكن الأهم من هذا الاستمرار المتصاعد لحملة الاحتجاج علي الاساءة الي الرسول الكريم، صلوات الله وسلامه عليه، هو ان نفس هذه الحملة بدأت تسيء الي الاسلام والمسلمين، وهذه معادلة صعبة من العسير فهمها، او بالاحري مفارقة تبعث علي الدهشة والاستغراب.
فكيف يتأتي لحملة هدفها المعلن هو الاحتجاج علي اي شكل من اشكال الاساءة لنبي الاسلام ان تتضمن اساءة للاسلام والمسلمين؟!
واشكال هذه الاساءة الاخيرة متعددة.
منها - علي سبيل المثال - اقدام المتظاهرين علي احراق القنصلية الدانماركية في بيروت، ومحاولة المتظاهرين في عواصم عربية واسلامية اخري اقتحام السفارات الدانماركية والاعتداء عليها، في حين ان مبادئ الاسلام السمحة تنهي عن مثل هذه الممارسات التي تسيء الي صورة المسلمين في العالم بأسره، لان هذه السفارات وتلك القنصليات الاجنبية لها حصانتها وحرمتها منذ فجر الاسلام حتي اليوم، وانتهاكنا لهذه الحرمة - بحجة الاحتجاج علي الاساءة لنبي الاسلام - يضعف موقفنا ويسيء الينا.
فما بالك اذا كان هذا الهجوم علي القنصلية الدانماركية في بيروت مصحوبا بأعمال تخريب وسلب ونهب وشغب واتلاف للملكية العامة والخاصة ودور العبادة، فضلا عن مواجهات بين المتظاهرين والقوي الامنية، الامر الذي ادي الي سقوط قتيل من بين المحتجين، واكثر من ثمانين جريحا من عناصر الجيش وقوي الامن وعناصر الاطفاء والدفاع المدني والمتظاهرين!
فكيف يمكن تصور ان يقترن الاحتجاج علي الاساءة الي الرسول صلي الله عليه وسلم بأعمال سلب ونهب وشغب واعتداء علي المواطنين المسيحيين ورشق الكنائس بالحجارة.
وهذه مسألة كريهة اذا وقعت في أي مكان، وتزداد سوءا اذا وقعت في لبنان علي وجه الخصوص.
وهو الامر الذي يفسره لنا الكاتب اللبناني الكبير طلال سلمان بقوله انه لأن »القنصلية الدانماركية تقع في منطقة خلف »خط التماس« القديم والغالبية الساحقة من سكانها من »المسيحيين«.. فقد كان يكفي أي سوء تصرف أو أي سوء تفسير او أي خروج علي الانضباط، لكي يقلب الوضع رأسا علي عقب، فيبدو وكأن »المسلمين« يقتحمون علي »المسيحيين« احياءهم ومنازلهم.. فاذا ما افلت الزمام وارتكب بعض الغوغاء جريمة الاعتداء علي كنيسة مار مارون، كما حدث فعلا، توفرت الفرصة امام مستثمري الاخطاء من اجل اغراضهم السياسية للافادة من جو ثورة الغضب لكرامة الدين لكأنما الاساءة الي »المسيحيين« في لبنان تعوض الاهانة الدانماركية للمسلمين«!!
وازاء هذه الصورة البشعة وغير الحضارية اصدر المرجع الشيعي السيد محمد حسين فضل الله فتوي حرم فيها »التعرض للاملاك العامة والكنائس ودور العبادة والسفارات والقنصليات للدول الغربية بطريقة الحرق أو التكسير«، معتبرا أن »من يقوم بذلك يسئ الي الاسلام والنبي محمد كما أساء اليه الآخرون«.
وليست هذه هي الاساءة الوحيدة التي لحقت بالاسلام والمسلمين بحجة مقاومة الاساءة التي لحقت بنبي الاسلام، وانما هناك اساءات اخري، منها التصلب العصبي والتشدد المبالغ فيه الذي رفع الشعار الذي اصبح يتردد علي كل لسان والذي يقول ان »الاعتذار لا يكفي«.. حتي عندما طرحت بعض الاوساط الدانماركية مبادرة لاثبات حسن النوايا ببناء مسجد كبير في العاصمة كوبنهاجن للجالية الاسلامية، قابل المتشددون هذه المبادرة بفتور شديد بل ان بعضهم قال ان هذا المسجد سيكون مشيدا علي »المداهنة« وليس علي »التقوي«!
وغني عن البيان ان هذا التشدد المغالي فيه يكرس صورة سلبية عن المسلمين في الغرب، ملامحها الاساسية هي التعصب وعدم التسامح ورفض الحوار.. الذي يصل في بعض الاحيان الي رفض الآخر نفسه.
وذلك من شأنه ان يضع المسلمين في مواجهة البشرية وليس كجزء لا يتجزأ منها، يتفاعل معها اخذا وعطاء.
فالوضع الانعزالي ينسجم مع القطيعة التي يكرسها اسلوب التعاطي الحالي مع الازمة، بما تتضمنه من رفض وشجب وادانة واحراق للاعلام والمباني والقنصليات وتسميم للآبار.
اما التفاعل فيفترض اللجوء الي اساليب اخري تعطي الاولوية لشتي اشكال الحوار، واطلاق مبادرات لاعادة بناء الثقة، وتهدئة الخواطر، ووضع اهداف معقولة يمكن التوصل اليها والبناء عليها، واعطاء فرصة لازالة سوء الفهم الناجم عن التباينات الثقافية.. الخ.
هذا المنهج الاخير.. الذي يحقن الدماء ويقرب وجهات النظر ويؤدي الي الوصول الي نتائج ملموسة، لا يكفل فقط الحصول علي اعتذار عن تلك الاساءات غير المقبولة، وانما يكفل ايضا حرمان المتطرفين علي الجانبين من اختطاف القضية والنفخ فيها والعمل علي تضخيمها بدون توقف بما يخدم اجنداتهم الخاصة التي تتناقض بطبيعة الحال مع اجندات الاغلبية الساحقة من الناس العاديين، مثلي ومثلك، الذين يريدون السلام والتعايش المشترك وتبادل المنافع خاصة مع بلد لا تمثل اراضينا ولايشكل حجمها الصغير تهديدا سياسيا او اقتصاديا او ثقافيا لنا.
ان النار لا تطفئها النار.. والاساءة غير المقبولة للنبي صلي الله عليه وسلم، التي تسببت فيها رسوم سخيفة وجهولة، لا تمحوها الاساءات المضادة، او نسف الجسور.
أليس تراثنا الاسلامي هو صاحب الحكمة القائلة: »لو ان بيني وبين الناس شعرة لما انقطعت«؟!
وبعد هذا السؤال الذي يبحث عن اجابة.. تتبقي ملحوظة تتطلب ذكرها دواعي الامانة مع النفس:
إن الرسوم الدانماركية التي اساءت الي رسول الاسلام صلي الله عليه وسلم مرفوضة وقائمة علي الجهل، وربما مبنية علي التعصب ايضا، لكن هل نحن ابرياء من هذه الصورة السيئة ام اننا مساهمون في رسمها بممارساتنا المتخلفة والفتاوي »المضروبة« التي يتطوع بها بعض مشايخنا الاجلاء، والتي تسئ الي الاسلام والمسلمين، من قبيل تلك الفتاوي التي لا تري في الانسان المسلم رجلا كان او امرأة سوي نصفه الاسفل؟!
ويكفي ان نسأل انفسنا: ماذا نتوقع من الغرب غير المسلم عندما يصل الي مسامعه ان احد كبار مشايخنا يفتي بان استرقاق خلق الله »حلال« اذا كانوا من النساء غير الكتابيات، وان المسلم يمكن ان يشتري من هؤلاء من يشاء بدون حساب ويجعلهن »محظيات« حلالا بلالا؟!
أليست مثل هذه الآراء عوامل مساعدة لفتح أبواب الإساءة الي الإسلام؟!
وأليس تخلف معظم البلدان الاسلامية، وتفشي الفساد والفقر والاستبداد بها، فضلا عن قابليتها للاستعمار عوامل اضافية مساعدة تسهل مهمة من يريد الاساءة الينا؟!
وهل يختلف معنا أحد في ان اقصر الطرق لمنع كل اشكال الاساءة الي ديننا هو ان نصلح احوال دنيانا وان نسهم ايجابيا في انتاج الحضارة الانسانية.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر والسودان لنا.. والدنمرك إن أمكنا!
- إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2- ...
- غيرة ماجد عطية علي الأقباط.. دفاع عن المسلمين وعن مصر
- هند الحناوى .. فريسة محمود سعد .. أيضاً
- مع الاعتذار لعادل إمام التجربة الدانماركية
- حل مشاكل النوبيين.. اليوم وليس غداً
- لماذا كل هذا الفزع من فوز »حماس«؟
- المسألة ليست مصير جمعية أهلية.. بل مصير وجه مصر الثقافى
- تشيني غادر حدود أمريكا.. إذن توقعوا مصيبة وشيكة!
- أزمة بيت الحكم الكويتي.. جرس إنذار للجميع
- النخب العربية في مواجهة تحديات تجديد الدماء!
- ذمة الوزراء علي العين والرأس.. لكن المطلوب آلية قانونية لمنع ...
- كليمنصو!
- هل نكتفي بالتباهى ب -شعر- أختنا اللاتينية؟!
- .. لكن هل يجوز أن تكون الرئيسة مطّلقة .. وعلمانية؟!
- النخب العربية فى مواجهة تحديات تجديد الدماء
- رئيس تحرير تحت الطلب
- أربع ساعات مع رئيس الحكومة !
- شجرة الأرز اللبنانية .. وغابة أشجار الصبار العربية
- حتى لا نكون نحن والزمن وعنصرية الغرب ضد السودانيين


المزيد.....




- أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج ...
- استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
- “فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سعد هجرس - كيف تحول الاحتجاج علي الإساءة للرسول.. إلي إساءة للإسلام؟