|
عنوان الخطاب الملكي - الملك ينتصر لصديقه فؤاد الهمة -
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5596 - 2017 / 7 / 30 - 16:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد طول انتظار من قبل العديد من المتتبعين للشأن العام المغربي ، لِما قد يكون عليه الحال بعد الخطاب الملكي ، بمناسبة مرور ثمانية عشر سنة من جلوس الملك على كرسي الحكم ، جاء الخطاب كغيره من الخطابات التي مرت بمناسبات عديدة ، ليؤكد على الاستمرارية ضمن نفس الطقوس والتقاليد المرعية . والخطاب الذي قرّع الإدارة باتهامها بانعدام الكفاءة ، وغياب الحكامة ، والتقاعس ، والبيروقراطية ، هو خطاب لا يختلف عن خطابات سابقة ، بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية ، حين وجه الانتقاد إلى الإدارة ، وكأنها تعمل في فراغ ، وليس ضمن منظومة تقليدانية تشكل أهم أسس العرقلة التي تعرفها الإدارة المغربية منذ أكثر من خمسين سنة خلت . قد يبدو خطاب الملك عند البعض انه حقا ثورة . لكن لنتساءل إن كان الأمر كذلك : الخطاب ثورة على من ، وضد من ؟ فهل الملك يثور على الإدارة التي هي إدارته ، وتنتمي لوزارات على رأسها وزراء هم وزراءه ؟ فهل الملك يثور على نفسه ؟ وهناك البعض اعتبر الخطاب ، بمثابة نقد موجه إلى الإدارة . وهنا حين نتكلم عن الإدارة ، فإننا لا نلمس حدود نقد الملك لها . هل هو موجه إلى الهياكل ، والقوانين ، والمساطر ، ام انه موجه إلى المسؤولين الذين هم جزء من الفريق الذي يعمل تحت إشراف الوزير الذي عينه الملك ، ويعمل تحت أوامره ضمن المبادئ العامة المتحكمة في العمل الإداري ؟ . أم ان ما قام به الملك ، ونيابة عن وزراءه ( المتهاونين الفاشلين ) ، هو نوع من النقد الذاتي الذي يقوم به أي شخص ، بعد الفشل الذي يكون قد أصاب تجربة ، او بعد الاقتناع بخطأ تنظيرات خاطئة كانت تصب في واد ، والواقع يصب في آخر ، او بسبب مراجعات فكرية وسياسية يقوم بها أي مسؤول لإعادة البناء ، ضمن شروط العصر الفارضة لنفسها ، في اي عملية لتدبير الشأن العام . ومن المفارقات الغريبة ، ان ما جاء في الخطاب الملك يعاكس المقالة التي نشرتها ساعات قبل الخطاب بعنوان " الملك يعفي مجموعة من الوزراء " ، وكأن بالذي حرر الخطاب ، كان يرد على ما جاء في مقالتي عندما حمّلت الملك المسؤولية عن الفشل أصاب المشروعات التي دشنها شخصيا ، من خلال المسؤولية الواضحة لوزير الداخلية ، والولاة ، والعمال المفروض فيهم ان يكونوا السّاهرين الأولين على انجاز المشاريع ، ومن ثم تحميلهم مسؤولية النجاح او الفشل ، لان العامل والوالي الذي يعتبر الرئيس الفعلي لجميع المندوبيات الوزارية ، ومن خلال مختلف اللجان التي تعمل تحت سلطته ، يعتبر مسؤولا عن فشل انجاز المشروعات ، ومنه فان المسؤول الأول عن الفشل ، يبقى صديق الملك فؤاد الهمة ، لأنه هو المسؤول المباشر عن المجال الترابي السياسي ( وزارة الداخلية ) ، والمسؤول عن المجال الأمني ( الرئيس الفعلي للأجهزة الأمنية المدنية ) . وفي مقالتي ، برأت الوزراء من تهمة الفشل ، لان وجودهم كمنتمين لبعض الأحزاب في الحكومة ، هو لتبرير ديمقراطية مخزنية ، بهدف ضمان استمرار مساعدات الدول المانحة . وبتعبير عبدالاله بنكيران في مرات عديدة قال : " الملك هو الذي يحكم ، وأنا أساعده فقط " ، وقالها مرات عديدة ، وهي من سببت له ما سببته من إبعاد ، بعد بلوكاج مصطنع ، وتعويضه بأضعف منه هو سعد الدين العثماني . في مقالتي السباقة بساعات عن الخطاب الملكي ، تساءلت عن كيفية تشكيل الحكومة ، خاصة منذ تولي محمد السادس مقاليد الحكم ، وخاصة بعد التعديل الذي ادخل على الدستور في سنة 2011 . فإذا أصبحت اللعبة تقتضي ، ان الحزب الذي تصدر الفوز في الانتخابات ، هو من له حق تولي الوزارة الأولى ، فان الواقع العملي اثبت ، ان هناك من الوزراء في الحكومة ، من لا ينتمي الى الأحزاب ، ولم يشارك في الانتخابات ، وعددهم أكثر بكثير من عدد وزراء الأحزاب التي شاركت في الانتخابات ، رغم ان كل الأحزاب هي أحزاب ملكية ، تخدم على أساس برنامج الملك ، لا على أساس برنامج الحزب ، او الأحزاب ، و الذي يختفي بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات . ورغم ، ولو شكليا ، ان وزراء الأحزاب يستمدون ( شرعيتهم ومشروعيتهم ) من ( الناخبين الممثلين عن الشعب ) ، فان مشروعية الوزراء الغير المنتمين الى الأحزاب ، يستمدونها من الملك الذي اختارهم ، وعينهم على وزارات تعتبر بوزارات السيادة ، وهؤلاء الوزراء يسمون بخدام الدولة ، وهم دائما فوق القانون . وهنا لنا ان نتساءل : كيف للملك ان يميز بين وزراء حكومته ، حين حمّل المسؤولية عن الفشل الذي أصاب المشاريع إلى الأحزاب ، من خلال الوزراء الذين ينتمون إليها ، وكيف له ان يثني ، ويشيد ، ويبرأ وزير الداخلية ، والولاة ، والعمال ، والأجهزة المنية ؟ ألا تعمل الحكومة ضمن منظومة متكاملة ومنتظمة ؟ الم تتحدد المسؤولية الحكومية جماعة أمام الملك رئيسها التنفيذي ، وأمام البرلمان شكليا ؟ كيف للملك ان يتهم وزراء ، ويبرأ وزير الداخلية ؟ وكيف للملك أن يحكم بفشل وزارات ، ويشيد بواحدة التي هي وزارة الداخلية ؟ وهنا الم يصبح الملك طرفا في ( نزاع ) بين وزراء فاشلين ينتمون الى الأحزاب ووزير ناجح ( الداخلية ) ؟ وهنا الم يعد معيار الملك للحكم على المؤسسات ، هو معيار الأمن من اجل الأمن ، وليس معيار التنمية الاجتماعية والاقتصادية . وهنا ، وبما ان الرئيس الفعلي لوزارة الداخلية ، وللأجهزة الأمنية المختلفة ( المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، المديرية العامة للأمن الوطني ، المفتشية العامة للقوات المساعدة ، هيئة رجال السلطة من ولاة وعمال ) ، هو صديق الملك فؤاد الهمة . ألا يعتبر خطاب الملك انتصارا للمقاربة الأمنية وللغة العصا . ويصبح السؤال : ألا يعتبر خطاب الملك انتصار لصديقه فؤاد الهمة ، ليس فقط ضد حزب اللاّعدالة وللاّتنمية ، بل ضد منافسين وأعداء الهمة بالمحيط الملكي ؟ وهنا يجب ألاّ ننسى ان الهمة هو من يقف وراء إبعاد رشدي الشرايبي المدير العام السابق للديوان الملكي ، كما انه وراء أبعاد أول ناطق رسمي باسم القصر الملكي حسن اوريد . وإبعاد الوالي محيي الدين أمزازي بتوجيهات المتواري عن الأنظار الرديء المدعو الشرقي ضريس .... الخ . ان أحسن عنوان للخطاب الملكي هو : الملك ينتصر لصديقه فؤاد الهمة ضد الجميع . وبهذا يكون من حرر خطاب الملك ، قد جعله ينتصر للأمن من اجل الأمن .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الملك يعفي مجموعة من الوزراء
-
بخصوص الدعوة الى مسيرة 30 يوليو
-
إستمراء كل الشقاوات والعذابات في انتظار اليوم الموعود
-
واخيرا تأكد ما توقعناه باعتقال وسجن المدون حسام تيمور -- بين
...
-
بين تصريحات سعيد شعو للقضاء الهولندي وجريمة سحل وتشويه الزفز
...
-
إسْحلْ اتشويه ابناء الشعب -- في المغرب الجميل
-
ملك المغرب محمد السادس جد قلق وجد منزعج
-
الوضع بالصحراء اضحى اكثر من خطير
-
النقد والنقد الذاتي : لماذا ترفضهما نخبنا ؟
-
سيادة قطر في الميزان
-
حدود العلاقة بين السياسي والمثقف
-
تقرير تحليلي -- حراك الريف يعري هشاشة الانفتاح الديمقراطي ال
...
-
تحليل لعبة الانتخابات بالمغرب
-
الحق في الإختلاف
-
لتفادي السكتة الدماغية بالمغرب
-
وحدة الشعب ووحدة الارض -- المغرب الكبير --
-
عقد البيعة والدستور . اين تتجسد مشروعية الملك عند ممارسته ال
...
-
حتى لا ننخدع : هل جبهة البوليساريو منظمة ثورية واشتراكية ؟
-
بعد الآن هل لا يزال من يشكك في المغربية الصحراء
-
حين يتم تحويل الهزيمة الى نصر . قرار مجلس الامن 2351 حول مغر
...
المزيد.....
-
بعد وصفه بـ-عابر للقارات-.. أمريكا تكشف نوع الصاروخ الذي أُط
...
-
بوتين يُعلن نوع الصاروخ الذي أطلقته روسيا على دنيبرو الأوكرا
...
-
مستشار رئيس غينيا بيساو أم محتال.. هل تعرضت حكومة شرق ليبيا
...
-
كارثة في فلاديفوستوك: حافلة تسقط من من ارتفاع 12 متراً وتخلف
...
-
ماذا تعرف عن الصاروخ الباليستي العابر للقارات؟ كييف تقول إن
...
-
معظمها ليست عربية.. ما الدول الـ 124 التي تضع نتنياهو وغالان
...
-
المؤتمر الأربعون لجمعية الصيارفة الآسيويين يلتئم في تايوان..
...
-
إطلاق نبيذ -بوجوليه نوفو- وسط احتفالات كبيرة في فرنسا وخارجه
...
-
في ظل تزايد العنف في هاييتي.. روسيا والصين تعارضان تحويل جنو
...
-
السعودية.. سقوط سيارة من أعلى جسر في الرياض و-المرور- يصدر ب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|