أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - لماذا لا تنفع انتفاضات الشارع في تغيير واقعنا ؟














المزيد.....

لماذا لا تنفع انتفاضات الشارع في تغيير واقعنا ؟


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5594 - 2017 / 7 / 28 - 02:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعرف المغرب سياقا جديدا يطبعه تزايد الاحتجاج الشعبي ذي الطابع الاجتماعي والاقتصادي على الخصوص، كما يشهد تصاعد نقاش عمومي نوعي وجريء في كل القضايا ذات الصلة بالسياسات العمومية، نقاش يميزه حرص مغربي كبير ـ وخاصة لدى القوى الإصلاحية عموما ـ على اجتياز منطقة العواصف بدون تصدّع كيان الدولة، وهو ما يظهر في إسهام مختلف الفاعلين الرئيسيين ـ السياسيين والمدنيين ـ في التدخل في اللحظات الحرجة، لاقتراح منطلقات التغيير وأسس البناء المستقبلي، عبر تقييم التجارب السياسية المنصرمة، وبيان العثرات والنقائص والعوائق، وتحديد مواطن الخلل التي اقترحت لها حلول عديدة، تشكل في مجملها التصور العام للمشروع الديمقراطي المغربي الذي تبتغيه القوى الحية بالبلاد. غير هذه الجهود التي تبديها القوى الإصلاحية ، لا تتطابق دائما مع حركية الشارع المغربي التي أصبحت تتجه بشكل حثيث نحو التصادم مع السلطة في الفضاء العام، في ظل إنهاك كبير أصاب القوى السياسية التقليدية على الخصوص.
ورغم محدودية التجربة السياسية للخمس سنوات المنصرمة التي تلت دستور 2011، والتي لم ترق إلى مستوى تطلعات القوى الديمقراطية بالبلاد، إلا أنها بحكم موازين القوى المتواجدة في الساحة، فتحت الباب على ما هو أخطر من الجمود أو التردد: القضاء المبرم على الحلم، بل وعلى الحق في الحلم في واقع أفضل.
لم تنكشف تناقضات سنوات ما بعد الحراك الديمقراطي عن مجرد التطلعات الصادقة نحو التغيير، ولم تبِن فقط عن بواعث النهوض والمُضي نحو المستقبل، بقدر ما انكشفت أيضا خلال السنوات المنصرمة، سواء من جانب السلطة أو المحافظين، عن توجهات ونزعات مضادة لقيم الديمقراطية، ممهورة برغبة ملحة في استعادة مساوئ الماضي، وتكريس قيم الاستبداد والنكوص العقائدي والفكري والقيمي، مما جعلنا نعيش مفارقة سياق صعب أحدث خلخلة في الوضع السابق، دون أن يوفر الأسس الموضوعية الصلبة للبناء البديل. وقد ساهم تشرذم القوى الشبابية والديمقراطية التي كانت في طليعة الحراك الشعبي، والتنظيم المحكم الذي ظهرت به القوى المحافظة، في تصدر هذه الأخيرة للمشهد السياسي، مما أدى إلى تكريس ميل واضح نحو اختزال الديمقراطية في آلية الاقتراع والتصويت دون غيرها من الآليات والقيم الأخرى، الضامنة للمساواة والعدل والحرية، وبدأت تظهر بوادر نزعة ترمي إلى تجميل العديد من السلوكات السلبية القائمة على العنف واللاتسامح، في محاولة لتطبيع علاقة المواطنين مع الكثير من مظاهر التخلف الاجتماعي والثقافي والفكري التي بذلت القوى الديمقراطية تضحيات كبيرة من أجل تجاوزها.
في ظل هذا الواقع ترسخت عوامل الجمود والنكوص المتمثلة في:
ـ الطابع المزدوج للسلطة.
ـ التمركز المفرط للدولة الوطنية.
ـ تكريس استعمال الدين في المجال السياسي كأحد أسس الشرعية، في غياب الشرعية الديمقراطية.
ـ تجذر الفساد البنيوي في مختلف هياكل الدولة ومؤسساتها.
ـ ضيق وتناقض الإطار القانوني.
ـ انهيار الأحزاب السياسية وضعف القوى المدنية الضاغطة.
ـ غلبة التاكتيك الظرفي وغياب استراتيجية واضحة للتنمية والدمقرطة.
ـ ارتباط المنظومة التربوية بالحسابات الظرفية للسلطة ورهاناتها التاكتيكية.
ـ تضخم الشعارات وتراجع الممارسات.
ـ تراجع دور المثقفين وضمور الفكر السياسي.
تراجع القيم التي تجمع بين المغاربة وخاصة الشعور بالانتماء إلى الوطن المشترك.
لقد استطاعت السلطة في إطار الموانع المذكورة أن تقوم ببعض الإصلاحات الجزئية التي لا تندرج في إطار استراتيجية واضحة للإصلاح الشامل، غير أن القرارات الفوقية للسلطة، التي انخرط فيها الناس بسبب انعدام بديل موضوعي واضح، علاوة على أنها لم تأت عن طريق ترسيخ آليات ديمقراطية، لم تعرف التحقق الميداني المطلوب إلا بنسب ضئيلة، بسبب شلل المؤسسات وعدم وجود وعي جمعي ديمقراطي مشترك بين المغاربة، مما أدّى في النهاية إلى تحولها إلى آليات لتكريس التحكم الفوقي في الحياة السياسية، وأفقد الفاعلين الرئيسيين روح المبادرة، وجرّد الحياة السياسية المغربية من جزء كبير من مصداقيتها.
وقد أظهرت هذه التجارب بأن النظام المغربي إن كان يتصف بقدر من المرونة تحول دون وجود قطيعة نهائية بينه وبين القوى المتفاعلة في الساحة، إلا أنه يظل يحتفظ بمجال واسع للمناورة تمكنه من تكريس الواقع القائم مع تغيير بعض الشعارات وإحداث بعض الترميمات في النصوص القانونية بين الفينة والأخرى.
يتضح من التحليل أعلاه أن جوهر المعضلة المغربية ليس فقط في وجود انتفاضات السكان في هذه المنطقة أو تلك، والتي رغم أهميتها تظل محدودة التأثير، لأنها ليست مؤطرة بالوعي الديمقراطي المطلوب، وإنما يكمن راهنا في تشرذم القوى الديمقراطية وتشتتها، مما يخلّ بالتوازنات المطلوبة لاستكمال البناء الديمقراطي وترسيخ آلياته، وهو ما يجعلنا ملزمين بالتفكير في كيفيات توحيد جهود حملة المشروع الحداثي الديمقراطي، وتشكيل قوة وازنة ومستقلة ذات فعالية وحضور، وقادرة على اقتراح البدائل المطلوبة في الوقت الراهن، قوة تمكّن السياسيين النزهاء والمثقفين وحاملي الأفكار والفاعلين الجمعويين من ذوي الخبرة ورجال ونساء الإعلام والفنانين من التأثير الإيجابي في التحولات الجارية اليوم في بلادنا.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمعيات -الطابور الخامس-
- -الاستثناء المغربي- هل يخون نفسه ؟
- عود على بدء
- حياد المساجد هو الذي يقي من الفتنة
- الفلسفة في درس التربية الإسلامية
- -حتى لا تفقد الأمة روحها !-
- ليسوا أشرارا يا زغلول النجار
- تركيا: خطوات ثابتة نحو العودة إلى ترسيخ الاستبداد الشرقي
- ترتيب البيت الداخلي أولا قبل نظرية المؤامرة
- كيف نعيد للناس متعة القراءة ورُفقة الكتاب ؟
- من يحمي منظومتنا التربوية من الإرهاب ؟
- بين الصوفية والسلفية والإخوانية
- -البرقع- بين الحقوقي، القانوني والسياسي
- هل استوعب حزب -العدالة والتنمية- الدرس ؟
- رسائل قصيرة إلى المغاربة
- أزمة سياسة أم أزمة دولة ؟
- توسيع مفهوم -إمارة المؤمنين- يقتضي تدبيرا عمليا للتعددية الد ...
- الصورة والحياة الخاصة، قراءة في -النزعة الفضائحية-
- عالم مجنون يتجه بخطى ثابتة نحو الكارثة
- لماذا تنعدم الثقة بين أطراف الدولة ؟


المزيد.....




- وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
- مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي ...
- ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
- -تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3 ...
- ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
- السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
- واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
- انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
- العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل ...
- 300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - لماذا لا تنفع انتفاضات الشارع في تغيير واقعنا ؟