|
التحالفات السياسية: حصيلة تاريخية متناقضة
تيار التحرر الديمقراطي (التحدي) المغرب
الحوار المتمدن-العدد: 5595 - 2017 / 7 / 29 - 09:43
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
مقدمة: تندرج سياسة التحالفات ضمن السياسة التكتيكية وهي تشكل عنصرا رئيسيا في استراتيجية التغيير السياسي والاجتماعي. وبغض النظر عن الشكل الذي يمكن ان تأخذه (تكتل برلماني، جبهة سياسية) فان الاطار العام المحدد لسياسة التحالفات (على الاقل بالنسبة لحركة سياسية ثورية) يتكون من اربعة اضلع. 1- طبيعة المشروع السياسي. 2- طبيعة المرحلة (مرحلة نهوض جماهيري ام مرحلة تراجع؟). 3- طبيعة الاستراتيجية السياسية. 4- وأخيرا، وضعية الحركة العمالية والاجتماعية (مستوى الوعي والتنظيم وموازين القوى السياسية داخل الحركة الجماهيرية). وحين نتحدث عن ارتباط التحالفات بالإستراتيجية الثورية وبالإطار السياسي العام للسياسة التكتيكية، فإننا نضع انفسنا على طرف نقيض من رؤية براغماتية تعتبر سياسة التحالفات مجردة من المبادئ وغير خاضعة لأية ضوابط. ان سياسة التحالفات التي سنتناولها في هذا المقال، هي سياسة لها مبادئها وضوابطها واطارها السياسي المحدد لها، فهي ليست سياسة انتهازية ترمي تحقيق مصالح انية على حساب المصالح الاستراتجية العامة، وليست قواعد عمل جامدة صالحة لكل مكان وزمان. هي اذن سياسة ملموسة مستوحاة من التحليل الملموس للتناقضات السياسية والاجتماعية خلال مرحلة محددة، هدفها المحوري هو التدخل المباشر والملموس في حركة الصراع الطبقي لتسريع وثيرة تطوره في اتجاه الهدف النهائي. نحن اذن بصدد نقاش مسالة جد متشعبة وذات ابعاد متعددة (نظرية وسياسية وعملية) وهي قد تحدد، من خلال نتائجها، ليس مستقبل حركة سياسية بعينها، بل حركة الصراع الطبقي ككل (في اتجاه ايجابي او سلبي). لا يزعم صاحب هذا المقال الالمام بكل الجوانب المرتبطة بهذه المسالة، ناهيك عن ادعاء امتلاك الجواب عما يجب ان تكونه سياسة التحالفات وشكلها بالنسبة لليسار الجذري في هذه المرحلة. كل ما نتوخاه، هو المساهمة في تحفيز التفكير والنقاش لردم الفراغ الذي خلفه نصف قرن من غياب النقاش والتفكير حول مسائل الاستراتيجية والتكتيك في صفوف اليسار الثوري . يمكن تركيز الهدف المحوري لهذا المقال في الجواب عن السؤال التالي: ماهي المداخل الضرورية لبناء رؤية سياسية متماسكة حول مسالة التحالفات وما هي طبيعة التحالفات الممكنة والضرورية في هذه المرحلة بالنسبة لليسار الجذري؟. في المحور الاول من هذه المقالة سنعود الى التجربة التاريخية، لتسليط الضوء على تجربة تيارات الحركة العمالية خلال القرن الماضي، ليس بخلفية البحث عمن كان على صواب ومن كان على خطأ، بل بهدف استخلاص ما يجب استخلاصه من التجربة التاريخية لتفادي اعادة انتاج اخطاء الماضي. وفي محور ثاني، سنتطرق الى بعض التجارب الراهنة لسياسة التحالفات، ليس بهدف استنساخها لتطبيقها في واقعنا وشروطنا السياسية الملموسة، بل بهدف اعطاء صورة حول كيف تطرح المسالة في صفوف اليسار سليل الحركة العمالية او المنحذر من تجربتها التاريخية. وفي محور ثالث وأخير، سنتطرق الى مسالة التحالفات كما هي مطروحة لدى اليسار المغربي. الحركة العمالية الاشتراكية ومسالة الاستراتيجية والتكتيك النقاش والخلاف داخل الحركة العمالية حول الاستراتجية والتكتيك هو قديم قدم الحركة العمالية الاشتراكية نفسها. فمنذ تشكل هذه الاخيرة، برز الخلاف داخلها حول استراتيجية الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية وحول علاقة الحركة العمالية مع باقي الحركات السياسية والاجتماعية المعارضة للطبقات الحاكمة. بعد انقسام الحركة العمالية الاشتراكية الى تيارات سياسية مختلفة انقسمت الحركة العمالية نفسها حول قضايا التكتيك والإستراتيجية. ففي عهد كارل ماركس برز الخلاف داخل اول منظمة اممية (الجمعية الدولية للعمال) بين التيارالشيوعي بقيادة ماركس وانجلز والتيار الفوضوي بقيادة باكونين. ومباشرة بعد تأسيس اول حزب اشتراكي عمالي في المانيا برز الخلاف بين اللاساليين والشيوعيين. وفي عهد الاممية الاشتراكية برزالخلاف داخلها حول المسائل الاستراتجية وتكتيك التحالفات، بعد اصطفاف التيار المهيمن داخلها الى جانب الاحزاب البرجوازية ودعمه للحرب باسم المصلحة الوطنية وخيانته لمصالح الطبقة العاملة. وخلال الموجة الثورية التي اطلقتها الثورة الروسية (1917) والتي امتدت الى اوربا الغربية، انقسمت الحركة العمالية الاشتراكية حول استراتيجية الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية. وبعد تراجع الموجة الثورية وهزيمة الثورة وصعود الفاشية، انقسمت الحركة الشيوعية نفسها حول طبيعة السياسة التكتيكية لمواجهة الفاشية. ويبرز عمق الانقسامات التي عرفتها الحركة العمالية، ان الخلافات حول مسالة التحالفات (ومسائل التكتيك السياسي بشكل عام) ليست مسالة ثانوية، بل هي خلافات تخفي خلافات حول الاستراتجية الثورية وهدفها النهائي. فالخلاف حول تكتيك "الجبهة الوطنية" خلال الحرب العالمية الاولى، لم يكن مجرد خلاف تكتيكي بين الاشتراكيين والشيوعيين، كما ان الخلاف حول تكتيك "الجبهة الموحدة" لمواجهة الفاشية لم يكن مجرد خلاف ثانوي داخل الحركة الشيوعية. وهو نفس الخلاف الذي يطرح اليوم مع سياسة "الجبهات السياسية" مع التيارات الدينية الرجعية لمواجهة الدكتاتورية في العالم العربي. لا يمكن اذن تناول مسالة التحالفات باستقلال عن الاستراتيجية السياسية العامة التي تندرج ضمنها هذه التحالفات. كما لا يمكن تناول سياسة التحالفات بشكل منفصل عن الاهداف النهائية للاستراتيجية السياسية. لا يعني هذا اشتراط كل تحالف سياسي بتطابق اهداف الحلفاء مع أهدافنا، بل يعني انسجام تحالفاتنا التكتكية مع الاهداف النهائية لاستراتيجيتنا السياسية. فسياسة الهدنة المؤقتة مع احد فصائل العدو الطبقي قد تكون ضرورية في مرحلة معينة لاضعاف العدو، لكن شروط وشكل الهدنة ليست هي شروط وشكل عقد اتفاق سياسي ظرفي او جزئي مع حليف طبقي غير موثوق بحزمه واستقلال سياسته في المعركة ضد العدو المشترك. الاحزاب الاشتراكية الاصلاحية وتكتيك الجبهات السياسية قبل تحولها السياسي من احزاب عمالية اصلاحية الى احزاب برجوازية، دافعت الاحزاب الاشتراكية عن استراتيجية سياسية ترتكز على العمل النقابي والنشاط السياسي البرلماني بهدف الفوز بأغلبية برلمانية تسمح بتشكيل "حكومة عمالية" (بقيادة اشتراكية). وتنقسم هذه الاستراتيجية الى مرحلتين، لكل مرحلة برنامجها وتحالفاتها وقيادتها السياسية: فالمرحلة الاولى هي مرحلة تطبيق برنامج حكومي لا يتجاوز سقفه انجاز "حد ادنى" من الاصلاحات الاجتماعية والديمقراطية دون المساس بتوابث الرأسمالية والنظام البرجوازي (الملكية الخاصة والدولة). اما المرحلة الثانية فهي مرحلة الشروع في تطبيق برنامج حكومي يستهدف التحويل السلمي والتدريجي للاقتصاد والدولة في افق "الانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية". اما الترجمة التكتيكية لهذه الاستراتجية السياسية (الاصلاحية) فقد كانت تستهدف في الاصل (قبل الانقلاب عليها فيما بعد) تشكيل تحالف سياسي بين منظمات الحركة العمالية (الحركة النقابية والحركة الاشتراكية) بهدف الحصول على الاغلبية البرلمانية التي تسمح بتشكيل "حكومة عمالية" بقيادة اشتراكية. لم يكن الخلاف داخل الحركة العمالية انذاك يكتسي بعدا استراتجيا (الخلاف حول الهدف) بل كان يكتسي بعد تكتيكيا (الطريق الى الهدف). فالانتقال من الرأسمالية الى الاشتراكية كان هدفا مشتركا بين مختلف تيارات الحركة العمالية الاشتراكية بينما اختلفت تيارات الحركة العمالية حول التكتيك السياسي لانجاز هذا الانتقال (الاصلاح ام الثورة؟). وقد شكلت الحرب العالمية الاولى والازمة الاقتصادية والاجتماعية التي ترتبت عنها، اول امتحان تاريخي لحسم هذا الخلاف. فتحت ضغط الازمة الاقتصادية والحرب وحدة المنافسة بين الطبقات الرأسمالية الاوربية، اصبحت مصالح ومستقبل كل برجوازية وطنية رهين بانتصارها في الحرب ضد البرجوازية المنافسة لها. ومع زيادة تكاليف الحرب البرجوازية، لم تعد الرأسمالية تسمح بتحقيق حد ادنى من الاصلاحات الاجتماعية التي كانت تقوم عليها استراتيجية الاحزاب الاشتراكية الاصلاحية. فانقلبت هذه الاخيرة على استراتيجيتها السياسية "الاصلاحية" مستبذلة مصالح الطبقة العاملة بمصالح برجوازيتها الوطنية ومبدأ التضامن الاممي بين الشعوب بالمبدأ الرجعي للرأسمالية، حرب الجميع ضد الجميع. وقد مثلت الثورة الروسية والموجة الثورية التي عمت اوربا الغربية انذاك، معيارا تاريخيا على استحالة التحالف السياسي بين الثوريين والاصلاحيين لاستحالة التوفيق بين استراتيجية الاصلاح وإستراتيجية الثورة. وعلى قاعدة هذا المعيار التاريخي، انفصل اليسار الثوري عن اليسار الاصلاحي. اذ لم يعد الخلاف مجرد خلاف تكتيكي، بل اصبح يكتسي بعدا استراتيجيا (خلاف حول محتوى وأهداف السياسة التكتيكية وخلاف حول الهدف النهائي للسياسة التكتيكية ككل). منذ هذه اللحظة التاريخية اصبحت مسالة استقلالية اليسار الثوري عن اليسار الاصلاحي تشكل حجر الزاوية في سياسته التكتيكية (لا تحالف سياسي دائم مع الاصلاحيين). لكن، هل تعني استقلالية اليسار الثوري عن اليسار الاصلاحي استحالة اي عمل مشترك بينهما؟ وما هي هذه الاعمال المشتركة وحدودها وفي اي شروط وبأية شروط؟ يشكل الجواب على هذه الاسئلة مضمون السياسة التكتيكية. ولا بد من الاشارة هنا الى ان اختلاف الاجوبة حول مضمون السياسة التكتيكية، خاصة سياسة التحالفات مع التيارات الاصلاحية، هي خلافات تندرج ضمن اختلاف التقديرات السياسية ولا ترقى الى مستوى الخلاف الاستراتجي كما تزعم التيارات اليسراوية والعصبوية. الشيوعيون الثوريون وتكتيك مواجهة الفاشية بعد هزيمة الثورة في اوربا الغربية وصعود الفاشية واستعادة البرجوازية التحكم بزمام الامور وقيام حكومات برجوازية رجعية، عرفت الحركة العمالية (الاشتراكية والشيوعية) تحولات عميقة افضت الى اصطفافات جديدة في صفوف تياراتها وقياداتها. فقد انتقلت الاحزاب الاشتراكية من سياسة "الاصلاح الاجتماعي" الى سياسة "انقاد الرأسمالية" وانتقلت الاحزاب الشيوعية (او على الاقل قياداتها) من مشروع "القطيعة مع الرأسمالية" الى سياسة "التعايش السلمي" مع الرأسمالية. وبفعل هيمنتها على الحركة العمالية الاوربية، فقد عملت كل من الاممية الاشتراكية والاممية الشيوعية على "تدويل استراتيجيتهما وتكتيكهما السياسي على القسم الاعظم من الحركة العمالية العالمية. وهو ما شكل تدميرا ممنهجا طال كل عناصر الاستراتيجية الثورية لصالح استراتيجية انقاد الراسمالية او التعايش معها التي اصبحت استراتيجية في حد ذاتها. لن نعود الى تجربة الاحزاب الاشتراكية الاصلاحية، التي انتقلت سياسة تحالفاتها من هدف الانتقال التدريجي من الرأسمالية الى الاشتراكية الى هدف انقاد الرأسمالية بدل الانتقال الى الاشتراكية ولو بشكل سلمي وتدريجي قبل ان تتحول الى احزاب برجوازية في خدمة الرأسمالية. بل سنركز على الحركة الشيوعية لتسليط الضوء على منظورين لسياسة التحالفات تبلورا خلال مرحلة مفصلية في تاريخ الحركة العمالية بشكل عام والحركة الشيوعية بشكل خاص. المنظور الاول هو سياسة الجبهة الموحدة الذي بلورته الاممية الشيوعية مع بداية العشرينات من القرن الماضي لمواجهة الثورة المضادة والمنظور الثاني هو سياسة الجبهات الشعبية كشكل من اشكال التحالفات السياسية مع الاحزاب البرجوازية الديمقراطية لمواجهة الفاشية. لكن قبل ذلك لا بد من العودة ولو بشكل سريع الى تلك المرحلة لوضع هذه السياسات التكتيكية في سياقهما التاريخي والسياسي. لقد شكلت الفترة الممتدة من بداية العشرينات الى منتصف الثلاثينات من القرن الماضي فترة مفصلية في المسلسل الثوري الذي بدأ مع الثورة الروسية: فترة انتقالية بين طور صعود الموجة الثورية التي انطلقت مع ثورة اكتوبر 1917 وامتدت الى اوربا الغربية مع بداية الثورة في المانيا (1919) وفي ايطاليا (1921) واسبانيا وفرنسا (1936) وبداية طور تراجع الموجة الثورية بهزيمة الثورة الايطالية والثورة الالمانية والثورة الصينية والاسبانية وصعود الفاشية والانحطاط البيروقراطي لأول دولة عمالية اشتراكية. في ظل هذه الشروط (تراجع الثورة وصعود الثورة المضادة) طرح على الحركة الشيوعية سؤال: اية سياسة تكتيكية وأية تحالفات لمواجهة الثورة المضادة وصنيعتها الفاشية ؟. ويمكن اعتبار كل ما حصل فيما بعد، او جزءا كبيرا منه، له علاقة مباشرة او غير مباشرة بطبيعة السياسة التكتيكية التي نهجتها تيارات الحركة الشيوعية العالمية خلال هذه اللحظة التاريخية المفصلية. نحن اذن هنا ازاء تقييم سياسة التحالفات خلال لحظة سياسية في السيرورة الثورية، تتموقع بين طور الصعود وطور الجزر، بين بداية تراجع الثورة وبداية صعود الثورة المضادة. وهي لحظات عرفتها كل الثورات الكبرى (الثورة الفرنسية، الثورة الاوربية في 1848 الثورة الاوربية في 1919). وتكتسي السياسة التكتيكية خلال هذه الفترات اهمية خاصة وحاسمة في التطور المستقبلي للثورة ولحركة الصراع الطبقي. هناك اذن جدوى وفائدة راهنية، لتقييم نتائج مختلف الاختيارات التكتيكية التي نهجتها تيارات الحركة الشيوعية خلال تلك فترة المد والجزر. ونعتقد ان المسافة الزمنية والسياسية التي تفصلنا عن ثورات القرن الماضي، كافية للقيام بتقييم، ليس من زاوية البحث عمن كان على خطأ ومن كان على صواب، بل من زاوية استخلاص ما يجب استخلاصه من دروس للجواب عن سؤال: اية سياسة تكتيكية وأية تحالفات لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة وهي تحديات شبيهة بتحديات القرن الماضي وان في شروط تاريخية مختلفة. لن نعود هنا بالتفصيل الى النتائج السياسية الكارثية والمأسي الانسانية التي ترتبت عن الاختيارات "التكتيكية" التي نهجتها الحركة الشيوعية خلال تلك المرحلة، بل يكفي مقارنة ما جرى مع يجري حاليا في مصر بعد تراجع الموجة الثورية التي فجرتها انتفاضة 25 يناير وصعود الحركات الدينية والسياسية الرجعية والانقلاب العسكري على الثورة، لإعطاء صورة مصغرة عن حجم الخسائر السياسية والبشرية التي تكبدتها الحركة الثورية خلال تلك المرحلة. الاممية الشيوعية وسياسة الجبهة الموحدة هي سياسة بلورها الشيوعيون الثوريون في سياق تاريخي (سياق مسلسل ثوري) وسياسي (تراجع الموجة الثورية وصعود الثورة المضادة) وتندرج هذه السياسة التكتيكية ضمن اطار استراتيجية سياسية ثورية في شروط كان الشيوعيون الثوريون يتمتعون بنفوذ قوي وسط القطاعات الطليعية للحركة العمالية، لكنهم لم يكونوا يشكلون الاغلبية داخل المنظمات العمالية التي كانت خاضعة لنفوذ الاحزاب الاشتراكية. ليست اذن سياسة الجبهة الموحدة قواعد عمل صالحة لكل زمان ومكان، بل هي سياسة تكتيكية للجواب عن تحديات ملموسة طرحتها تلك المرحلة على الثوريين وخاصة في اوربا الغربية. وقد بلور الثوريون سياسة الجبهة الموحدة انذاك كبديل عن سياسة التحالف مع الاحزاب البرجوازية الديمقراطية التي كانت تدعوا اليها الاحزاب الاشتراكية الاصلاحية بمبرر "حماية الديمقراطية" ضد خطر الفاشية وكبديل عن سياسة الشيوعيين اليسراويين الرافضين لكل سياسة تكتيكية اتجاه الاحزاب الاصلاحية بدعوى "حماية الثورة" ضد خطر الاصلاحية. مقابل تحالف الاصلاحيين مع الاحزاب البرجوازية الديمقراطية ورفض العصبويين لكل اشكال التحالف، دافع الثوريون داخل الحركة العمالية عن استراتيجية سياسية تضع الاطاحة بالحكومة البرجوازية كهدف مباشر وعن سياسة تكتيكية تدعو مختلف التيارات والمنظمات المنتسبة للحركة العمالية، بما في ذلك النقابات والأحزاب الاصلاحية، الى جبهة موحدة هدفها المباشر توحيد الحركة العمالية في مواجهة الراسمالية والفاشية ومفتوحة على هدف قيام "حكومة عمالية" تعمل على تطبيق "برنامج معادي للرأسمالية" يفتح الطريق امام التغيير الجذري لطبيعة العلاقات الاقتصادية والاجتماعية. ويعود تاريخ سياسة الجبهة الموحدة الى سنة 1921، حين شرعت الاممية الشيوعية ابتداء من مؤتمرها الثالث في مراجعة سياستها التكتيكية للتكييف مع الوضعية الجديدة التي نشأت على اثر هزيمة الثورة في المانيا وايطاليا ونتائج هذه الهزيمة على مجمل نضال الطبقة العاملة الاوربية الاوربية وحصار الحكومة الثورية في روسيا السوفييتية واستعادة البرجوازية لزمام المبادرة وانتقالها الى الهجوم عبر تشجيع صعود الحركات الفاشية لتصفية الحركة العمالية في البلدان التي كانت مرشحة للثورة. في هذا السياق التاريخي والسياسي طرحت الاممية الشيوعية "سياسة الجبهة الموحدة" لمواجهة منعطف سياسي حاسم في تاريخ الحركة العمالية والبشرية على السواء. وتركز ثلاث فقرات مقتبسة من تقرير مؤتمر الاممية الشيوعية حول الوضع العالمي الخلفية السياسية لسياسة الجبهة الموحدة: الفقرة الاولى: "ليست الثورة العالمية سيرورة ثورية تتطور وفق خط مستقيم" فالصراع السياسي هو الاخر له "دورات مد وجزر". تبرز من خلالها الاممية الانعطاف الذي حصل في السيرورة الثورية من حالة المد الى حالة الجزر. االفقرة الثانية: "المنحى العام لتطور الرأسمالية هو الانكماش مع فترات صعود ظرفية" وهي فقرة تبرز التوقعات داخل الاممية باحتمال عودة الركود الاقتصادي بعد الصعود الظرفي الذي عرفته السنوات الاولى بعد توقف الحرب (وهي التوقعات التي اكدها انفجار الازمة الكبرى في نهاية نفس العقد). الفقرة الثالثة: "المنحى العام لتطور الثورة هو الصعود مع فترات تراجع ظرفية" تبرز هذه الفقرة استبعاد قيادة الاممية الشيوعية لعودة الرأسمالية الى الاستقرار (وهو تقدير قابل للنقاش على ضوء تطورات الوضع فيما بعد). اما موازين القوى داخل الحركة العمالية (وهو عنصر رئيسي في بلورة أي تكتيك سياسي) فلم تكن لصالح الثوريين. فخلافا لرؤية كانت سائدة داخل الحركة الشيوعية (خاصة لدى تيارها اليسراوي) تعتبر ان ازمة الرأسمالية ستقود الى زيادة نفوذ اليسار الثوري وان خيانة الاحزاب الاشتراكية للثورة ولمصالح الجماهير سيسمح لليسار الثوري بالتحول الى قيادة سياسية جديدة للحركة العمالية بديلة عن قيادات اليسار الاصلاحي... خلافا لهذه الرؤية، سيستغل الاشتراكيون الاصلاحيون سيطرتهم على المنظمات العمالية لتعزيز نفوذهم وسط جماهير واسعة ضعيفة الوعي ومستعدة في ظل الخراب الذي خلفته الحرب والأزمة الاقتصادية للقبول بالبؤس والاستغلال الفاحش والعيش تحت عتبة الفقر، بدل الانخراط في "ثورة اجتماعية" حظوظ نجاحها ضئيلة ومحفوفة بخطر صعود الفاشية التي تهدد سحق الحركة العمالية. لقد طرح الوضع العام على الشيوعيين سؤال: مراجعة "البرنامج" ام مراجعة التكتيك؟. وتجيب الاممية في الفقرة الاولى من موضوعاتها حول التكتيك بما يلي: «لقد تأسست... الأممية من أجل تنظيم النشاط الجماعي للبروليتاريا في مختلف البلدان، لتحقيق هدف مشترك هو: الإطاحة بالرأسمالية. هذا الهدف هو المحدد لكل المسائل التكتيكية". اما المقصود بالتكتيك بالنسبة لقيادة الاممية الشيوعية فهو "كل وسائل العمل التي ينبغي ان يستعملها الثوريون سواء من اجل "كسب اغلبية الطبقة العاملة" او "تنظيم الطليعة الاجتماعية" او "تنظيم العلاقة مع الشرائح البرجوازية الصغيرة" او تعلق الامر بالأعمال التي يتوجب على الثوريين استخذامها من أجل "تقويض أجهزة السلطة البرجوازية". ادن لم يطرح الثوريون في مرحلة تراجع المد الثوري تغيير "البرنامج" (الاطاحة بالرأسمالية) بل تغيير"التكتيك" لانجاز المهام التي كانت تفرضها الظروف الجديدة انذاك: "توحيد نضال الطبقة العاملة" و"تجميع الطليعة الشيوعية" للانتقال من وضعية "جماعات صغيرة" يقتصر نشاطها على "التحريض والدعاوة" الى وضعية "حزب ثوري جماهيري" منخرط في النضال العملي للجماهير العمالية. ما يجب استنتاجه هو ان مسائل التكتيك ومن ضمنها سياسة الجبهة الموحدة، لا يجب النظر اليها كعناصر منفصلة عن بعضها البعض، بل يجب النظر اليها كعناصر مركبة، الخيط الرابط فيما بينها هو الطريق نحو الهدف النهائي. وفق هذا المنظور، لا يمكن تبرير سياسة تكتيكية بصحة أهدافها المباشرة فقط، بل لا بد من انسجام هذه الاهداف مع الاهداف الاستراتجية (لا يمكن التحالف مع الشيطان سعيا الى الجنة، فالطريق الى جهنم اقرب في هذه الحال). فلا يمكن، من وجهة نظر ثورية، تبرير تحالفات تكتيكية تتعارض مع الاهداف الاستراتيجية للحركة الديمقراطية (التحالف مع العدل والاحسان في حركة 20 فبراير على سبيل المثال) او تبرير تحالفات تكتيكية تشكل عائقا امام تنظيم الطبقة العاملة بشكل مستقل وديمقراطي (التحالف مع القيادات البيروقراطية). لكن بما ان تحقيق الاهداف التكتيكية، لا يمكن ان يكون ثمرة جهود الثوريين لوحدهم، فان ذلك يستدعي من الثوريين بلورة سياسة تكتيكية اتجاه الاحزاب والمنظمات التي لها تأثير على الطبقة العاملة والشرائح الاجتماعية الكادحة. هذه السياسة التكتيكية هي سياسة الجبهة الموحدة. وهي ليست مجرد اتفاق فوقي بين القيادات، بل هي سياسة هدفها المحوري هو توفير الشروط التي تسمح للطبقة العاملة والجماهير الكادحة بالنضال بشكل موحد. ومتى سقط هذا الشرط سقط مبرر الجبهة الموحدة. وبالعودة الى التجربة التاريخية، فان سياسة الجبهة الموحدة من منظور ثوريي القرن الماضي لم تكن مجرد "جبهة موحدة بين الثوريين" بل هي جبهة بين الثوريين والإصلاحيين والوسطيين والقوى المنتسبة الى الحركة العمالية. اذ لا فائدة ولا مبرر لوجود جبهة موحدة، اذا كانت اغلبية الطبقة العاملة والجماهير الكادحة موحدة تحت قيادة الثوريين وخلف راية التغيير الثوري. كما ستكون سياسة الجبهة الموحدة عديمة الفائدة اذا كان الثوريون يشكلون اقلية معزولة لا تاثير لها على الحركة العمالية والشعبية. ان مسالة الجبهة الموحدة تطرح بالنسبة للثوريين وهم يشكلون قوة سياسية لها تأثير ملموس على النضالات، لكن هذه القوة غير كافية لوحدها لتوحيد النضالات وحشد فئات واسعة من الطبقة العاملة والجماهير الشعبية في المعركة ضد العدو الطبقي. ليست ادن سياسة الجبهة الموحدة بالنسبة للثوريين مجرد مناورة تكتيكية لفضح القيادات السياسية والنقابية المتخاذلة او مجرد غطاء سياسي لهدنة مع عدو سياسي وضعته الشروط الظرفية في معارضة العدو الرئيسي، بل هي معركة سياسية تدور فصولها بشكل علني ومكشوف وليست مشروط بأية تنازلات سياسية بما في ذلك ازاء الشركاء. الشيوعيون الستالينيون وسياسة الجبهات الشعبية بعد المؤتمر الرابع (1924) عرفت الاممية الشيوعية انعطافا يمينيا تجلى في صعود قيادة يمينية ونهج سياسة يسراوية. فخلافا لتحليلات وتوقعات الاممية بقيادة ليننين وتروتسكي، لم يعد تطور في عهد ستالين وبوخارين، مفتوحا على احتمالات (توالي اطوار من المد والجزر كما جاء في تحليل المؤتمر الثالث والرابع) بل اصبح النهوض الثوري الدائم هو الاحتمال الوحيد. وعلى مستوى السياسة التكتيكية لم تعد سياسة الجبهة الموحدة ممكنة، بمبرر ان الاحزاب الاشتراكية الاصلاحية قد تحولت الى "احزاب اشتراكية فاشية". وهكذا، بدل تشكيل جبهة واسعة لمواجهة تحديات تراجع الموجة الثورية والتصدي لصعود قوى الثورة المضادة والفاشية، تقوقعت الاحزاب الشيوعية الفتية حول نهج عصبوي رافض لكل اشكال العمل المشترك مع باقي التيارات والمنظمات المنتسبة للحركة العمالية، بدعوى حلول مرحلة ثورية جديدة ستقود الاحزاب الشيوعية حتما الى السلطة. تبعا لهذا التحليل، لم يعد هناك اية امكانية لتطبيق سياسة الجبهة الموحدة لتوحيد نضالات الحركة العمالية ضد عدوها الطبقي وصنيعته الفاشية، بل اصبحت السياسة التكتيكية الوحيدة هي سياسة فضح الاصلاحية من اجل انتزاع قيادة الحركة العمالية. خلال هذه المرحلة (المرحلة الثالثة في ادبيات الاممية الشيوعية) وبفعل رفض سياسة الجبهة الموحدة، ستجد الفاشية الظروف مواتية للتطور من عصابات شبه عسكرية (جماعات بلطجية بلغتنا الراهنة) الى حركات سياسية ذات نفوذ جماهيري وتمثيلية في البرلمان. كما سمح لها الرفض العمل السياسي من داخل المؤسسات الديمقراطية بتحقيق اختراق سياسي لمؤسسات الدولة في عدد من بلدان اوربا الغربية. ففي المانيا وايطاليا كانت الفاشية قد تحكمت بمؤسسات وجهاز الدولة. اما في اسبانيا فقد تحكمت الفاشية بقيادة الجيش مكنها من تأطير وتسليح مليشياتها الارهابية. لم يعد مهما اليوم العودة الى اسباب رفض قيادة الاممية الشيوعية تشكيل جبهة موحدة مع الاحزاب الاشتراكية (سوء تقدير لتطورات الوضع في اوربا الغربية ام بسبب ارتهان الحكومة السوفياتية الاممية بسياسة التوازنات الدولية مع الحكومات البرجوازية؟). لكن ما يجب علينا استخلاصه كدرس هو ان الزمن ليس عاملا محايدا في السياسة التكتيكية. فنفس التكتيك السياسي قد يؤدي وظائف سياسية مختلفة ويقود الى نتائج مختلفة. وهذا ما حصل مع سياسة الجبهات الشعبية. بعد رفض سياسة الجبهة الموحدة، عادت الاممية الشيوعية مع منتصف الثلاثينات من القرن الماضي، لتدعو في مؤتمرها السابع (1935) الى تشكيل جبهات شعبية لمواجهة الفاشية. وقد تشكلت هذه الجبهات على شكل "تحالف سياسي مناهض للفاشية" بين الاحزاب الشيوعية والاحزاب الاشتراكية (الاحزاب والمنظمات العمالية) وبعض الاحزاب الديمقراطية البرجوازية. ولفهم خلفيات هذه السياسة وتقييم نتائجها واستخلاص دروسها، لا بد من وضعها هي الاخرى في سياقها التاريخي والسياسي. فقد تميزت بداية الثلاثينات بانفجار الازمة الرأسمالية الكبرى، وصعود الفاشية في اوربا الغربية بعد هزيمة الثورة في ايطاليا وألمانيا واسبانيا. وهي مؤشرات على انتصار الثورة المضادة ونهاية الموجة الثورية التي انطلقت مع الثورة الروسية في 1917. كما تميزت بتعميق الانقسامات داخل الحركة العمالية والاشتراكية. فقد عرفت الاممية الاشتراكية انقساما جديدا بعد اصطفافها خلال الازمة الاقتصادية الكبرى، خلف البرجوازية وتبنيها لسياسة "الاتقاد الاقتصادي" على حساب "الاصلاح الاجتماعي". هذا الانقسام ترتب عنه انفصال تيار نقدي (الاشتراكيين المستقلين) داخل الاممية الاشتراكية وتشكيل تيار عالمي جديد (تيار فيينا وتيار امستردام). اما الاحزاب الشيوعية الفتية التي تشكلت مع تأسيس الاممية الشيوعية، فقد تعرضت هي الاخرى الى الانقسام بعد سيطرة التيار الستاليني على قيادة الحزب الروسي وقيادة الاممية وطرد المعارضة اليسارية وتصفية قيادتها. في هذا السياق العام والخاص، دعت قيادة الاممية الشيوعية الى التحالف مع التيار اليميني داخل الحركة الاشتراكية في اطار "جبهات شعبية" لمواجهة الفاشية الصاعدة في اوربا. حركات التحرر الوطني وسياسة الجبهة الوطنية الديمقراطية كما هو حال الحركة العمالية الاشتراكية في البلدان الرأسمالية الامبريالية، عرفت حركات التحرر الوطني في البلدان الرأسمالية التابعة هي الاخرى خلافا حول استراتيجية التحالفات. ولعب تخلي قسم مهم من الحركة العمالية الاشتراكية (بتيارها الاشتراكي والشيوعي التقليدي) عن دعم حركات التحرر الوطني واصطفافه خلف "برجوازيته الديمقراطية" على حساب دعم ثورات التحرر الوطني في المستعمرات دورا رئيسيا في هذا الخلاف. لن نعود هنا ايضا الى ارشيف الاحزاب الاشتراكية والشيوعية لكون تحالفاتها كانت تندرج ضمن التحالفات المعادية للتحرر الوطني. بل سنركز على منظور تيارات حركات التحرر الوطني لمسالة الاستراتيجية والتكتيك. بعد الحرب العالمية الثانية والتي انتهت بهزيمة الفاشية، تشكل نظام عالمي يقوم توازنه على التعايش بين قطبين: القطب الامبريالي تحت قيادة الولايات المتحدة والقطب الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي. وفي عام 1948 تم تشكيل "الكومنترن" لتعويض الاممية الشيوعية التي تم حلها من قبل ستالين. وفي تقريره امام الكومنترن اقر بوجدانوف (ستالين في حقيقة الامر) بتقسيم العالم الى قطبين: "قطب اشتراكي" يتشكل من الاتحاد السوفياتي ومحيط نفوذه (اوربا الشرقية) و"قطب رأسمالي" يتكون من الولايات المتحدة ومحيط نفوذها الممتد من امريكا الجنوبية الى اروبا الغربية واليابان. ضمن هذه الخريطة لم تكن دول الجنوب (البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة بلغة تلك المرحلة) تشكل حقيقة مستقلة عن القطبين المهيمنين. فهي بالنسبة للقطب الامبريالي منطقة تدخل ضمن نفوذ "العالم الحر" (منطقة حرة لانتشار الرأسمال) وهي بالنسبة للقطب الاشتراكي منطقة "التطور اللاراسمالي" كتعبير عن عدم التدخل في شؤون المستعمرات مقابل عدم التدخل في شؤون دول المعسكر الاشتراكي. فيما بعد سيصبح تقرير بوجدانوف هو الخط السياسي الرسمي للأحزاب الشيوعية في اوربا وأمريكا اللاتينية، خلافا للأحزاب الشيوعية في اسيا والشرق الاوسط التي وقفت موقفا "نقديا" من خط التعايش السلمي. خلال هذه الفترة نهجت الاحزاب الشيوعية خطا سياسيا "مستقلا" عن الاحزاب الاشتراكية والديمقراطية. وقد ترجم هذا الخط في بلدان المستعمرات برفض الاحزاب الشيوعية لسياسة الجبهة الموحدة مع الاحزاب الوطنية لمواجهة الاستعمار بمبرر ان "البرجوازية الوطنية" في كل مناطق العالم قد خانت "القضية الوطنية" وان مهمة الشيوعيين هي تشكيل جبهة موحدة مع كل القوى الرافضة للتبعية والخضوع لهيمنة الامبريالية الامريكية. وقد عزز انتصار الثورة الصينية في 1949 والثورة الكوبية في 1959 وإطلاق حرب التحرير الشعبية في بعض دول اسيا (الفليبين، ماليزيا، التايلاند) خط جبهة الطبقات الشعبية تحت القيادة المستقلة للأحزاب الشيوعية او في اطار تحالف بقيادتها. لكن صعود حركات التحرر الوطني في المستعمرات والتي لم تلقى دعما حاسما من قبل الاتحاد السوفياتي، سيدفع بعض الاحزاب الشيوعية الى اعادة النظر في اطروحة ستالين (خيانة البرجوازية الوطنية للقضية الوطنية ) لتستبدل خط جبهة الطبقات الشعبية بقيادة شيوعية بخط جبهة وطنية ديمقراطية بقيادة تحالف وطني ديمقراطي. وقد تعزز هذا الخط مع تأسيس حركة عدم الانحياز (1960) الذي لقي دعما خاصا من الاحزاب الشيوعية الاسيوية (الحزب الشيوعي الاندونيسي والهندي والصيني) وفتورا من قبل الاحزاب الشيوعية الموالية لموسكو في بداية الامر، قبل ان تلجأ هذه موسكو الى اعادة النظر في موقفها من الحركات الوطنية البرجوازية، ودفع الاحزاب الشيوعية الى دعم الحكومات والأحزاب الوطنية. ومقابل خط موسكو الداعم للحكومات الوطنية المناهضة للامبريالية، استمرت الاحزاب الشيوعية الموالية لبكين في الدفاع عن خط جبهة الطبقات الشعبية بقيادة الاحزاب الشيوعية. التيار الشيوعي داخل حركات التحرر الوطني: استراتيجيتان وتكتيكان سادت داخل التيار الشيوعي في البلدان الرأسمالية التابعة رؤيتان استراتيجيتان ومنظوران لسياسة التحالفات حسب رؤية كل تيار لطبيعة الثورة في هذه البلدان: الثورة الوطنية الديمقراطية وإستراتيجية الثورة على مراحل، الثورة الاشتراكية واستراتيجية الثورة الدائمة. تقوم هذه الاستراتيجية على فكرة وجود "مرحلة ديمقراطية" بين الرأسمالية والاشتراكية، تتلخص مهامها في بناء القاعدة المادية الاساسية (اقتصاد وطني مستقل) وتوفير الشروط السياسية الضرورية (تشكل حركة عمالية مستقلة) للانتقال الى الاشتراكية. وتجد هذه الاستراتيجية ترجمتها في سياسة تحالفات هي الاخرى مراحلية : فخلال المرحلة الديمقراطية، يمكن اقامة تحالف سياسي بين الشيوعيين والديمقراطيين على قاعدة "برنامج حد ادنى ديمقراطي" لا يتجاوز سقف الديمقراطية البرجوازية. وفقط خلال "المرحلة الاشتراكية" يمكن اقامة تحالف استراتيجي على قاعدة "برنامج الحد الاقصى" للانتقال الى الاشتراكية. اما استراتيجية الثورة الدائمة فتقوم على اعتبار السيرورة الثورية في البلدان الرأسمالية التابعة سيرورة ثورية مستمرة، تنطلق على قاعدة مهام وطنية وديمقراطية لتتطور الى مهام دات بعد اشتراكي. وتجد هذه الاستراتيجية تعبيرها على صعيد التحالفات في اقامة تحالف استراتيجي بين القوى المناهضة للامبريالية والرأسمالية على قاعدة برنامج ديمقراطي انتقالي وتحت القيادة السياسية للطبقة العاملة من خلال حزبها السياسي المستقل عن احزاب البرجوازية الوطنية والديمقراطية. مرحلة تاريخية جديدة: تحديات اعادة بناء قوة سياسية مناهضة للرأسمالية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وعودة الرأسمالية الى دول اوربا الشرقية تحولت الاحزاب الشيوعية التقليدية في هذه الدول الى احزاب شبيهة بالأحزاب الاشتراكية الديمقراطية التي كانت قائمة في اوربا الغربية قبل تحولها الليبرالي. في حين انتهى بعضها الى التفكك او الاندماج في احزاب شبه قومية. اما في اوربا الغربية وبعد صعود الليبرالية الجديدة، فقد انتهت سيرورة التحول الطويلة التي عرفتها الاحزاب الاشتراكية الاصلاحية مع بداية عقد 80 الى تحول هذه الاخيرة من تيار اشتراكي اصلاحي الى تيار ليبرالي اجتماعي. في هذا السياق السياسي الجديد، وجدت الاحزاب الشيوعية التقليدية في اوربا الغربية نفسها امام خيارين: خيار تبني المشروع الليبرالي الاجتماعي والاندماج في الاحزاب الاشتراكية (حالة الحزب الشيوعي في المانيا وايطاليا) او خيار معارضة الليبرالية الجديدة وتشكيل "تيار نقدي" على يسار الاحزاب الاشتراكية. وقد ترتب عن هذا التحول الذي عرفته احزاب اليسار التقليدي (الاشتراكي والشيوعي) انشقاق تيارات اشتراكية نقدية وتيارات شيوعية لتجديدية وانضمامها الى منظمات اليسار الثوري (الماركسية والفوضوية) لتشكيل ما اصبح يحمل اسم "اليسار الجذري". وقد تضافرت عدة عوامل (الهجوم الليبرالي والتغيرات العميقة التي عرفتها الطبقة العاملة الاوربية، سواء على صعيد بنيتها الاجتماعية او على مستوى تمثيليتها السياسية، وعجز منظمات اليسار الثوري عن التحول الى قوة سياسية بديلة عن اليسار التقليدي...) لتغذية النقاش في صفوف اليسار الجذري الاوربي حول سبل تشكيل "قوة سياسية جديدة" لملئ الفراغ السياسي الذي ترتب عن التحول السياسي الذي عرفته الاحزاب الاشتراكية وانهيار الاحزاب الشيوعية التقليدية. وقد برز هذا الفراغ السياسي على مستوى تمثيلية "شعب اليسار" داخل المؤسسات البلدية والبرلمانية، وعلى مستوى مواجهة السياسات الليبرالية التي تولت الاحزاب الاشتراكية، بدعم من الاحزاب الشيوعية، تطبيق تدابيرها (التقشف والمديونية والخوصصة وتفكيك الحماية الاجتماعية....). افضى هذا النقاش الى خلاف في صفوف اليسار الاوربي يمكن تصنيفه ضمن مستويين: المستوى الاول يتعلق بطبيعة البرنامج السياسي الذي يمكن على قاعدته اعادة تشكيل وبناء قوة سياسية جديدة لليسار: برنامج لمقاومة الليبرالية الجديدة ام برنامج لمناهضة الرأسمالية؟. اما المستوى الثاني (وهو امتداد للمستوى الاول) فيتعلق بطبيعة الحكومة والعلاقة مع اليسار التقليدي: حكومة تحالف اليسار (بمشاركة الاحزاب الاشتراكية الليبرالية) ام حكومة شعبية بديلة؟ وتحت تأثير السياسات الليبرالية وتعميق ازمة الاحزاب الاشتراكية وبداية موجة جديدة من المقاومة الشعبية، بدأت تتشكل تكتلات وتحالفات سياسية جديدة يمكن تصنيفها ضمن توجهين رئيسين: توجه معادي لليبرالية وتوجه مناهض للرأسمالية. في هذا السياق السياسي العام (تعميق السياسات الليبرالية) والخاص (بروز مقاومة اجتماعية ) تشكلت بعض الاحزاب والجبهات اليسارية تعبر (موضوعيا) عن حاجة الجماهير الى تعبير سياسي مستقل يعطي امتدادا سياسيا لحركة المقاومة الاجتماعية وتعكس التمايزات والتقاطعات بين اليسار المناهض للرأسمالية واليسار المناهض لليبرالية. كما تعكس هذه التجارب تحديات بناء تحالف يساري (حزب او جبهة) على ارضية مناهضة لليبرالية وتحديات بناء تحالف يساري على ارضية مناهضة للرأسمالية . مسار تشكيل احزاب مناهضة لليبرالية تندرج ضمن هذه الاحزاب التشكيلات السياسية التي تشكلت نتيجة اندماج بين تيارات منحذرة من اليسار الاصلاحي التقليدي (الاحزاب الاشتراكية والشيوعية) وبعض التيارات المنحذرة من اليسار الجذري (الماركسي، البيئي، الفوضوي). تتموقع هذه الاحزاب على "يسار اليسار" على قاعدة خط سياسي معادي لليبرالية الجديدة وخطاب نقدي ازاء فساد الطبقة السياسية. حزب اعادة التأسيس الشيوعي تأسس حزب اعادة التأسيس الشيوعي بايطاليا (نفضل تسمية حزب التجديد الشيوعي) كاندماج بين تيار يساري منشق عن الحزب الشيوعي الايطالي وبين جماعات اليسار الثوري (الديمقراطية البروليتارية). وقد جاء هذه التأسيس على اثر التحول السياسي الذي عرفه الحزب الشيوعي الايطالي والذي انتهى بالاندماج مع تنظيمات برجوازية لتأسيس حزب ديمقراطي برجوازي ("الحزب الديمقراطي اليساري"). وقد مثل حزب التجديد الشيوعي التجربة الاولى في ايطاليا لحزب شيوعي ديمقراطي وتعددي (شبيه بحزب العمال البرازيلي). عرف "حزب التجديد الشيوعي" نموا متصاعدا خلال السنوات الاولى لتأسيسه، سواء على مستوى قاعدته الجماهيرية او على مستوى تمثيليته داخل المؤسسات الى حدود 2002. لكن مع سنة 2005 عرف هذا الحزب تحولا نوعيا في خطه السياسي بدأ بالانتقال من المعارضة الى المشاركة في حكومة رومانو برودي الليبرالية (حكومة الحزب الديمقراطي اليساري) وانتهى بتقدم قيادة الحزب خلال المؤتمر الوطني بمشروع قرار يقضي بحل الحزب لتشكيل "حزب جديد لليسار" (وهو المشروع الذي تم رفضه لصالح قرار يقضي بإعادة بناء الحزب). منذ هذا التاريخ بدا حزب التجديد الشيوعي يتأرجح بين التحالف مع الحزب الديمقراطي وبين تشكيل تحالف سياسي على يساره. ففي سنة 2006 انظم حزب التجديد الشيوعي إلى "تحالف الزيتونة" الذي يقوده "الحزب الديمقراطي اليساري" .وفي انتخابات 2008 انضم حزب التجديد الشيوعي الى تحالف انتخابي جديد (اليسار) الذي ضم بعض المجموعات اليسارية وفيدرالية الخضر. علاوة على تدبدبه بين التحالف مع حزب اليسار الديمقراطي وتشكيله لتحالف سياسي على يساره، شكلت مشاركة حزب التجديد الشيوعي في الحكومة البرجوازية نقطة تحول نوعي في مسار هذا الحزب. فقد مثلت هذه المشاركة، بالنسبة لبعض التيارات داخل الحزب ، تعبيرا عن انعطاف يميني يقطع مع اهداف التأسيس وهو ما ترتبت عنه عدة انشقاقات في صفوفه وانسحاب عدة تيارات ("اليسار النقدي" في 2007 وتيار "التجدد اليساري" في 2009) . وقد تعمقت هذه الازمة الداخلية مع النكسة الانتخابية التي مني بها الحزب في 2008 التي فقد معها تمثيليته داخل البرلمان. وفي 2009 ولتجاوزعتبة (5%) دخل الحزب في تحالف جديد مع حزب "الشيوعيين الإيطاليين" (منظمة صغيرة من اصل ماوي) لتشكيل تحالف تحت اسم "فيدرالية اليسار" التي توقفت في 2012. في مؤتمره الثامن (2011) طرحت الاغلبية داخل الحزب مشروع قرار يقضي بتشكيل "جبهة ديمقراطية " مع "الحزب الديمقراطي اليساري" على قاعدة برنامج "اصلاحات اقتصادية واجتماعية" تستهدف تجاوز "اختلالات السوق" وهو ما شكل تراجعا عن افق "مناهضة الرأسمالية" كما كان مطروحا خلال السنوات الاولى لتأسيس الحزب. ومقابل هذا المشروع طرح ما تبقى من معارضة يسارية داخل الحزب مشروع قرار يدعو الى التوجه نحو الشغيلة لتحويل الحزب الى حزب للطبقة العاملة وربط النضال من اجل الاصلاحات الاجتماعية بأفق القطيعة مع الرأسمالية (استعادة القطاعات الاقتصادية المحورية لإنهاء سيطرة الطبقة الحاكمة على الاقتصاد). حزب اليسار (المانيا): تشكل حزب "اليسار" في 2007 كاندماج بين حزب الاشتراكية الديمقراطية (الحزب الاشتراكي الموحد بألمانيا الشرقية سابقا) و تيار"البديل الانتخابي للعمل والعدالة الاجتماعية" (تيار منشق عن الحزب الاشتراكي الالماني). ويختلف حزب "اليسار" عن بقية احزاب اليسار التقليدية (الحزب الاشتراكي وحزب الخضر) بخطه السياسي المناهض لليبرالية وبالتعددية الديمقراطية داخله التي قطعت مع تجربة المركزية الديمقراطية التي ميزت الاحزاب الشيوعية الستالينية. فهو حزب تعددي يتشكل من عدة تيارات أهمها: 1-اليسار المناهض للرأسمالية: يعارض هذا التيار مشاركة الحزب في الحكومات المحلية والفيدرالية. 2-الارضية الشيوعية: هو تيار منحدر من توجه سابق داخل حزب الاشتراكية الديمقراطي. 3-منتدى الاشتراكية الديمقراطية: تيار منحدر من حزب الاشتراكية الديمقراطية، يدافع عن التحالف مع الحزب الاشتراكي. 4-اليسار التحرري: تيار فوضوي يدافع عن اللامركزية ودعم الحركات الاجتماعية. 5-شبكة اليسار الاصلاحي: تيار اشتركي ديمقراطي: يدافع عن التحالف مع الحزب الاشتراكي وحزب الخضر. 6-اليسار الاشتراكي: يضم الاشتراكيين الديمقراطيين اليساريين والشيوعيين اليمينيين وهو تيار منحدر من "البديل الانتخابي للعمل والعدالة الاجتماعية". اضافة الى هذه التيارات، هناك عدد من مجموعات اليسار الثوري التي التحقت بهذا الحزب منذ تشكله (جماعة ماركس 21، البديل الاشتراكي...). بينما اختارت مجموعات أخرى (الحزب الشيوعي، الحزب الماركسي اللينيني) تشكيل "تحالفات اقليمية" مع حزب اليسار. وقد عرف "حزب اليسار" هو الاخر نموا في عدد اعضائه وفي قوته الانتخابية، حيث وصل عدد اعضاءه بالبرلمان الى 76 مع انتخابات 2009. لكنه سيتراجع ابتداء من سنة 2010 وسيفقد عدد من مقاعده في البرلمان والمجالس المحلية. وتشكل العلاقة مع اليسار التقليدي (الحزب الاشتراكي الالماني) والموقف من المشاركة في المجالس المحلية والحكومات الاقليمية ومن خلالهما طبيعة القوة السياسية الجديدة المطلوبة وطبيعة البرنامج والتدابير لمقاومة الهجوم الرأسمالي، نقطة خلاف تهز تماسك الحزب وتهدد بانفجاره. مسار تشكيل تكتلات وأحزاب مناهضة للرأسمالية سندرج ضمن هذا الصنف من التشكيلات السياسية التي تشكلت على قاعدة ارضية سياسية مناهضة للرأسمالية، تجارب سياسية تشكلت على اثر اندماج بين تيارات منحدرة من تجربة اليسار الماركسي وتيارات اجتماعية افرزتها الحركات الاجتماعية المناهضة للعولمة الرأسمالية. وهي تكتلات تقف موقفا معارضا للتحالف مع احزاب اليسار التقليدي ، سواء على صعيد المجالس المحلية او على صعيد الحكومة. "كتلة اليسار" (البرتغال): يعود اصل "كتلة اليسار" الى الاندماج الذي حصل في 1999 بين ثلاثة تيارات سياسية من اليسار الجذري: الاتحاد الديمقراطي الشعبي (من اصول ماوية) الحزب الاشتراكي الثوري (من اصول تروتسكية) وتيار منشق عن الحزب الشيوعي. وقد عرف هذا التكتل السياسي منذ 1999 تقدما على مستوى تمثيليته في المؤسسات، فقد حصل التكتل في انتخابات عام 2005 على 8 مقاعد في البرلمان. وسنة بعد ذلك حصل مرشحه للرئاسة على اكثر من 5% من الاصوات. ويصل عدد اعضائه الى 7000 عضو. يتموقع تكتل اليسار على يسار الحزب الاشتراكي وهو يرفض التحالف معه او المشاركة في حكومات الوسط التي يقودها. فهو يعتبر السياسات التي يطبقها الاشتراكيون ليست فقط غير جديرة بالدعم او المساندة، بل هي سياسات تستوجب الشجب و المقاومة. وتشكل هذه المواقف احد اركان تماسك هذا التكتل السياسي ومصدر تعزيز مصداقيته ونفوذه. الحزب الجديد المناهض للرأسمالية (فرنسا): بعد الرفض الشعبي للوثيقة الدستورية الاوربية (تصويت اغلبية الفرنسيين بلا على الدستور الاوربي سنة 2005) والنتيجة الايجابية التي حصل عليها مرشحها في الانتخابات الرئاسية (2007). اعتبرت العصبة الشيوعية الثورية الفرنسية، هذه الاحداث بمثابة مؤشرات على بداية تحول في موازين القوى تستدعي في نظرها "تجميع القوى المناهضة للرأسمالية" في حزب سياسي جديد. ويختلف مشروع "الحزب الجديد" الذي طرحته العصبة الشيوعية عن مشروع "الاحزاب العريضة" الذي طرحه اليسار المناهض لليبرالية في ايطاليا وألمانيا على عدة مستويات: فهو ليس مجرد حزب لإعادة تجميع قوى اليسار على ارضية سياسية معادية لليبرالية. وهو ليس مجرد اداة للتدخل في الانتخابات لمعارضة السياسات الليبرالية من داخل المؤسسات وهو حزب لا يتوقف افقه الاستراتيجي عن حدود قطيعة مع الليبرالية الجديدة.... بل هو "اداة لتجيمع القوى المناهضة للرأسمالية" بهدف التدخل في النضالات وتنظيم القوى الاجتماعية على قاعدة: -الدفاع عن برنامج مناهض للرأسمالية في النضالات الاجتماعية والانتخابات. -الاستقلال الصارم عن الاحزاب الاشتراكية الليبرالية ورفض أي تحالف معها لتسيير المؤسسات مع مركزة نشاطه السياسي حول "الصراع الطبقي" والتعبئة الجماهيرية (سياسيا واجتماعيا). -التضامن الاممي مع كل القوى والمنظمات المدافعة عن افق معادي للرأسمالية. في شتنبر 2007انطلق المسلسل التأسيسي للحزب الجديد من خلال تنظيم ندوات وملتقيات جماهيرية في المدن والمعامل والجامعات. وقد توجت هذه الندوات بتشكيل "لجان الحزب الجديد" وفي يونيو 2008 عقدت "لجان الحزب الجديد" (300 لجنة بينها 50 لجنة شبابية) لقاء وطنيا حضره (1000 مندوب يمثلون 10 الاف عضو، وهو رقم يتجاوز بكثير عدد اعضاء العصبة الشيوعية (3500 عضو). وقد صادق هذا اللقاء على نداء وطني حدد هوية الحزب الجديد: "معادي للرأسمالية، اممي، مناهض للعنصرية، بيئي، نسوي ومتمرد ضد كل اشكال التمييز"، كما صادق على "لجنة متابعة" تتكون من 70 عضو من بينهم 20 ينتمون الى العصبة الشيوعية.وممثلين عن التيارات اليسارية التي شاركت بصفة ملاحظ في اللقاءات المحلية ( تيار الشعلة، اليسار الثوري). وفي فبراير 2009 انعقد المؤتمر التأسيسي للحزب الجديد. وعلى قاعدة الهوية العامة التي حددها مشروع الارضية التأسيسية للحزب الجديد والمتمثلة في (مناهضة الرأسمالية، الاستقلال عن الاشتراكية الليبرالية، التضامن الاممي) صادق المؤتمر على البرنامج السياسي والهيئات التنظيمية والخط السياسي. وفي تصريح له اعتبر الناطاق الرسمي باسم الحزب بان الحزب الجديد المناهض للرأسمالية "ليس حزبا تروتسكيا، بل هو حزب تنصهر داخله تجارب ثورية مختلفة، ماركسية وفوضوية". على مستوى سياسة التحالفات، يرفض الحزب الجديد كل تحالف سياسي مع احزاب اليسار الليبرالي ويدعو الى تحالف استراتيجي دائم بين القوى المناهضة للرأسمالية، ويدافع عن سياسة الجبهة الموحدة في النضالات. حزب بإمكاننا (بوديموس) (اسبانيا): تشكل هذا الحزب على قاعدة لائحة انتخابية وهو يعتبر نفسه تعبيرا سياسيا عن حركة 15 ماي (حركة الساخطين التي عرفتها اسبانيا). ويمكن تصنيف هذا الحزب ضمن الحركات السياسية التي تشكلت على يسار احزاب اليسار التقليدية. وقد حصلت قائمة بوديموس على حوالي 8 % من الاصوات خلال الانتخابات الاوربية لسنة 2014. وهو يحتل مكانة مهمة في الحياة السياسية الاسبانية (رابع قوة سياسية) ويتفوق على "اليسار الموحد" (التكتل السياسي الذي يقوده الحزب الشيوعي) في عدة مناطق. يعكس برنامج حزب بوديموس بعدين: بعد مناهض لليبرالية وسياسة التقشف بشكل صريح وجذري. وبعد مناهض للرأسمالية بشكل غير واضح وغير جذري. أما خطابه السياسي فهو الاخر دو بعدين: بعد نقدي اتجاه الطبقة السياسية وأحزابها بما في ذلك احزاب اليسار وبعد وحدوي اتجاه الحركات الجماهيرية التي تشكل في نظر قيادته اداة التغيير الديمقراطي. ويواجه الثوريون داخل هذه الحزب تحديات، ليس اقل شأنا من تلك التي يواجهها رفاقهم في تيارات وتشكيلات سياسية اخرى . فعلاوة على مسالة العلاقة مع اليسار التقليدي ومسالة المشاركة في المجالس والحكومات الاقليمية، يواجه الثوريون داخل حزب بوديموس تحديات أخرى من بينها : - بناء بوديموس كحزب ديمقراطي تعددي مرتبط بالنضالات وليس كحزب انتخابي. - بناء قيادة سياسية من تحت لمواجهة خطر تكريس قيادة بونبارتية شعبوية. - تنظيم وتكوين القاعدة الجماهيرية الواسعة التي يتشكل منها الحزب (400 لجنة محلية). - مواصلة "مسيرات الكرامة " لحشد قطاعات شعبية جديدة خاصة الشغيلة وتجميع اليسار النقابي لغرس الحزب في صفوف الطبقة العاملة. ازمة تحالف اليسار الحكومي وافق بناء تحالف سياسي جديد هناك ثلاثة عوامل سياسية متداخلة لتفسير اسباب وأهداف تشكل جبهات سياسية يسارية في بعض دول الاتحاد الأوربي) فرنسا، سويسرا): العامل الاول هو الازمة الاقتصادية. فمع انفجار ازمة الرأسمالية (2008) دخلت الاحزاب الاشتراكية الليبرالية منعطفا جديدا في مسار ازمة هويتها السياسية. لم يعد مطلوبا من الاشتراكيين الليبراليين وهم في الحكومة تطبيق سياسات ليبرالية مصحوبة بتدابير اجتماعية لتخفيف اثار الاصلاحات الليبرالية اللاشعبية، بل اصبح المطلوب منهم تعميق نفس السياسات الاقتصادية مرفوقة بتدابير تقشفية . هكذا لم تعد حكومات الاشتراكيين الليبراليين تجسد في نظر الاغلبية الشعبية الواسعة "بديلا" عن حكومات اليمين البرجوازي، بل حكومات لتطبيق نفس السياسات. كما لم يعد تحالف اليسار الحكومي تجسيدا للأمل (حتى وان كان وهميا) بل تجسيدا لفقدانه. العامل الثاني فهو ازمة المشروع السياسي الاوربي. فمع انفجار الازمة في 2008، انفجرت ازمة الاتحاد الاوربي. اذ لم يعد الانضمام اليه مرادفا للتنمية الاقتصادية والرفاه الاجتماعي، بل المرادف للمديونية والتقشف وسيطرة مؤسسات الاتحاد الاوربي على حساب المؤسسات الوطنية لشعوب الدول الاوربية. العامل الثالث هو ازمة الديمقراطية الليبرالية والتي تتجسد مرحليا، في عدم قدرة نظام التناوب بين قطبين سياسيين (اليمين واليسار) على اعادة انتاج الوفاق الطبقي الذي ساد خلال مرحلة الاستقرار. وقد ترتب عن هذه الازمة تعميق الشرخ بين الطبقة السياسية التقليدية (البيروقراطية البرلمانية) والقاعدة الشعبية الواسعة. من بين النتائج السياسية لتضافر هذه العوامل انفجار ازمة "تحالف اليسار" بقيادة الاحزاب الاشتراكية (الليبرالية) التي تمظهرت على المستوى المباشر في الحصيلة الانتخابية للأحزاب الاشتراكية وحلفائها. فقد انتهى هذا تحالف اليسار بقيادة الاشتراكيين (في ايطاليا واسبانيا والبرتغال وفرنسا واليونان) الى الانهيار، ممهدا الطريق امام صعود اليمين البرجوازيّ. لم يعد ادن "تشتت اليسار" وحده، بل ايضا "وحدة اليسار" ايضا يعبدان الطريق امام اليمين المتطرف الفاشي. وبعد فشل محاولات تغيير موازين القوى داخل "الاغلبية الحكومية" لصالح اليسار المناهض لليبرالية والمعارض لسياسة التقشف، نظرا لاستعداد الاشتراكيين الى التحالف مع احزاب اليمين البرجوازي على حساب "تحالف اليسار"، بدأ حلفاء الاشتراكيين التقليديين في البحث عن سبل تشكيل "تحالف سياسي جديد" سعيا وراء تشكيل "اغلبية برلمانية جديدة" لتشكيل حكومات "مناهضة لسياسة التقشف". في هذا السياق تشكلت "جبهة اليسار" في فرنسا وجبهة سيريزا في اليونان وبعض الجبهات الجزئية في اسبانيا. وهي عبارة عن تكتلات انتخابية اكثر منها تجمعات سياسية جديدة على يسار الاحزاب الاشتراكية. ورغم مشاركة بعض تيارات اليسار الجذري في هذه الجبهات، فان هيمنة اليسار الاصلاحي داخلها واضح. وتعكس رئاسة اللوائح الانتخابية خلال الانتخابات الاوربية الاخيرة، موازين القوى داخل هذه الجبهات. ففي "جبهة اليسار" الفرنسية، حاز حزب اليسار (تيار منشق عن الحزب الاشتراكي الفرنسي) على رئاسة ثلاثة لوائح متبوعا بالحزب الشيوعي الفرنسي بلائحتين وتكتل معا (Ensemble وهو تيار منشق عن الحزب الجديد المناهض للرأسمالية (بلائحة واحدة (وتم منح رئاسة لائحة واحدة لمرشح من الحركة الاجتماعية). كيف تطرح المسالة في المغرب؟ كما سبق واشرنا اعلاه، فان تحديد السياسة التكتيكية بشكل عام وسياسة التحالفات بشكل خاص مرتبط بتحليل طبيعة المرحلة وتحديد مهامها وتحديد الإستراتيجية السياسية لتحقيق هذه المهام. حول هذه القضايا تختلف التيارات والأحزاب المنتسبة لليسار. وبدل الحديث عن اليسار يمكن الحديث عن ثلاثة توجهات سياسية تخترق اليسار: توجه ديمقراطي ليبرالي وتوجه ديمقراطي اجتماعي وتوجه ديمقراطي اشتراكي. انطلاقا من هذا التصنيف السياسي لقوى اليسار، فان الجواب عن سؤال ما هي التحالفات الضرورية او الممكنة بين القوى اليسار في المرحلة الراهنة، هو الجواب عن سؤال ماهي قاعدة الالتقاء بين اليسار الحكومي واليسار البرلماني واليسار الجذري، باعتبارها التيارات السياسية الاكثر تعبيرا في المرحلة الراهنة عن مختلف التوجهات التي تخترق اليسار. انطلاقا من هذه الرؤية، فان قاعدة الالتقاء بين هذه التيارات الثلاث غير متوفرة، سواء على مستوى تحليل طبيعة المرحلة او على مستوى تحديد المهام المرحلية وطبعا لا يمكن تبعا لذلك الالتقاء حول نفس الاستراتجية السياسية. ما نخلص اليه هو غياب قاعدة سياسية كافية لقيام تحالف سياسي بين تيارات اليسار الثلاث على الاقل في المرحلة الراهنة سواء على المستوى الاستراتيجي او المستوى التكتيكي. فاندماج اليسار الحكومي في المشروع السياسي والاجتماعي للطبقة الحاكمة وتحوله الى اداة للمشاركة في تدبير هذا المشروع، يجعله في تعارض، ليس فقط مع اليسار الجذري الذي يناضل من اجل قطيعة جذرية مع هذا المشروع، بل ايضا في تناقض مع اليسار البرلماني الذي ينشد الاصلاح. مع اليسار الحكومي لا يجب استبعاد امكانية النضال المشترك فحسب (جبهة موحدة في النضال) بل يجب الاستعداد لمعركة سياسية مفتوحة مع هذا التيار. فكل المؤشرات تسير في اتجاه تعميق تبعية اليسار الحكومي الى الطبقة الحاكمة والتفافه حول سلطتها الاستبدادية. لكن هل هناك قاعدة التقاء بين اليسار الاصلاحي واليسار الجذري تسمح ببحث امكانية تحالف سياسي في المرحلة الراهنة؟ في الحقيقة لقد قدمت تجربة "تجمع اليسار الديمقراطي" عناصر الجواب عن هذا السؤال: عدم توفر قاعدة سياسية منسجمة لقيام تحالف سياسي بين اليسار الاصلاحي واليسار الجذري. ونحن الان في بداية تشكل قطبين سياسيين مستقلين لكل واحد منهما سياسته الاستراتجية ومنظوره الخاص لمسالة التحالفات. منظور فيدرالية اليسار الديمقراطي تعتبر "فيدرالية اليسار الديمقراطي" ان المرحلة الراهنة هي "مرحلة الانتقال الديمقراطي". اما الهدف السياسي المركزي خلال هذه المرحلة فهو الانتقال من "الدولة المخزنية" الى "الدولة الديمقراطية" من خلال "استراتيجية النضال الديمقراطي". في اطار هذه الاستراتيجية (استراتجية النضال الديمقراطي) تطرح فيدرالية اليسار مهمة "تجميع وتوحيد كافة القوى الديمقراطية في إطار جبهة عريضة" كأداة لتوفير شروط "الانتقال إلى الديمقراطية". اما شروط هذا الانتقال، فتتمثل من وجهة نظر قيادة فيدرالية اليسار في تجديد "التعاقد" مع الملكية حول "قواعد وأسس الملكية البرلمانية". نحن اذن ازاء مشروع "جبهة سياسية" (تحالف سياسي) يتمثل هدفها التكتيكي في "تجميع وتوحيد القوى الديمقراطية" وهدفها الاستراتيجي في "التعاقد" مع الملكية حول نظام "الملكية البرلمانية". بتعبير أخر، نحن امام دعوة مشروطة للمشاركة في "جبهة سياسية" ينفرد احد مكوناتها بتحديد ما يجب ان تكونه الاهداف (الملكية البرلمانية) والوسيلة (النضال الديمقراطي) وطبيعة العلاقة مع العدو السياسي (التعاقد). وفي هذه الحالة، من حقنا التساؤل عمن هي "القوى الديمقراطية" التي يمكنها الموافقة على هذه الشروط لتكون شريكا لقيادة الفيدرالية في تشكيل هذه "الجبهة السياسية العريضة"؟ من هي القوى التي يمكن ان تكون شريكا في "جبهة سياسية" مسيجة يمينا (ضد التيار الاسلامي ) ويسارا (ضد اليسار الجذري) وسقفها محدد سلفا (ملكية برلمانية) وطريقها مرسوم بشكل مسبق (الطريق المؤسساتي)؟ في الحقيقة لا احد غير احزاب "اليسار الحكومي" يمكنه ان يكون شريكا لقيادة "فيدرالية اليسار" في جبهة سياسية على هذا المقاس. هذه هي الاحزاب التي ترغب فيها قيادة فيدرالية كشريك في الجبهة التي تدعو اليها. لكن ما لا تدركه قيادة الفيدرالية اولا تريد ادراكه، هو ان انضمام احزاب "اليسار الحكومي" بجبهة " فيدرالية اليسار" سيكون، ليس بهدف تعزيز المعركة الديمقراطية ضد الملكية هذا ناهيك عن تقويض سلطاتها وصلاحياتها المطلقة، بل سيكون بهدف استثمار مصداقية اليسار غير الحكومي لتعزيز التموقع داخل مؤسسات الواجهة، بما يسمح لها بالمشاركة من جديد في الحكومة الملكية. وفي هذه الحالة ستكون جبهة فيدرالية اليسار مثقوبة ومهددة بالانفجار امام كل دعوة ملكية لأحزاب اليسار الحكومي للمشاركة في الحكومة . أما "التيارات والحساسيات الثقافية والسياسية غير المهيكلة والحركة الأمازيغية الديمقراطية والقوى الإسلامية المستنيرة" التي تتوجه اليها قيادة فيدرالية اليسار كشريك في "الجبهة السياسية العريضة" فهو وسط اجتماعي واسع تخترقه كل الميولات السياسية، الليبرالية والديمقراطية والاشتراكية، بما في ذلك الميولات الجذرية والثورية المعارضة لإستراتيجية النضال الديمقراطي البرلماني والمناهضة للملكية البرلمانية. واذا كانت قيادة فيدرالية اليسار "تعي جيدا أن "الملكية البرلمانية" نفسها لن تكون منحة من أحد" وتقر بضرورة خوض "الصراع والكفاح" ضد الطبقة الحاكمة من اجل انتزاعها، فإنها مع ذلك لا تقدم أي توضيح حول طبيعة هذا الصراع او شكل وادوات هذا الكفاح لإرغام الطبقة الحاكمة على خلع الملكية المطلقة والتعاقد حول الملكية البرلمانية . اذ لا يكفي اليوم الاقرار بضرورة النضال والكفاح (فكفاح الشعب المغربي وقواه الديمقراطية ضد الطبقة الحاكمة ومعركة اليسار ضد الملكية هو امر واقع وحقيقة تاريخية) بل لا بد من الاقرار ايضا بفشل استراتيجية النضال الديمقراطي في تقويض الملكية المطلقة او على الاقل تحسين شروط النضال ضدها. نحن على اتفاق مع قيادة فيدرالية اليسار في تقييمها لحركة 20 فبراير مقارنة مع المعارضة البرلمانية. فما قدمته حركة 20 فبراير خلال شهر هو افضل مما قدمته المعارضة البرلمانية خلال 20 سنة. لكن هذا التقييم الصائب لحصيلة "النضال الجماهيري" مقارنة مع حصيلة "النضال البرلماني" يستلزم من قيادة فيدرالية اليسار، اجراء تعديل في استراتيجية النضال الديمقراطي، تعديل تكون نتيجته على الاقل تغيير مركز الثقل في هذه الاستراتيجية من المؤسسات الى الشارع. نحن لا ندعو قيادة فيدرالية اليسار الى التخلي عن النضال من اجل "الديمقراطية السياسية"، بل ندعوها الى التخلي عن وهم امكانية تحقيق هذا الهدف بواسطة صناديق الاقتراع. ولا ندعوها الى التخلي عن النضال البرلماني بل ندعوها الى عدم تحويل التكتيك البرلماني الى خط سياسي استراتيجي. فقد أتبثت تجربة المعارضة البرلمانية، فشل تحقيق اختراق ديمقراطي في جدار السلطة الاستبدادية من خلال المؤسسات. ان قيادة الفيدرالية تستنتج هي نفسها،على ضوء تقييمها للمسيرة المشتركة بين كدش وفدش "قدرة اليسار على العودة الى ساحة الكفاح الجماهيري والقيام بمبادرات نضالية". ونحن على يقين بان الاستنتاج نفسه ستصل اليه، اذا قامت بقراءة النضالات الجارية، من زاوية تطوير خط النضال الجماهيري وليس من زاوية تحسين الوجود السياسي داخل المؤسسات. لا يكفي ادن الوعي بأهمية وضرورة توحيد قوى اليسار على قاعدة "خط النضال الديمقراطي الجماهيري" من اجل "احداث تغيير ملموس في ميزان القوى كمدخل للتغيير الديمقراطي الحقيقي" ولا يكفي الاقرار بضرورة "إعادة هيكلة أدوات الصراع الديمقراطي والجماهيري برؤية جديدة ومتجددة" من اجل "التشكل التدريجي لتيار جماهيري ديمقراطي واسع داخل المجتمع المغربي... الضمانة الحقيقية لربح معركة التغيير الديمقراطي"، بل ان ما ننتظره من قيادة الفيدرالية هو الاقرار بان عودة اليسار الى ساحة الكفاح الجماهيري وتوحيد قواه على قاعدة خط النضال الجماهيري واعادة هيكلة ادوات الصراع وتشكيل تيار ديمقراطي جماهيري، هو الاساس والأرضية لتشكيل جبهة النضال الوحدوي من اجل احداث تغيير ملموس في موازين القوى والتقدم نحو ربح معركة التغيير الديمقراطي. وعلى قاعدة هذه الارضية ستجد قيادة فيدرالية اليسار في قوى وتيارات اليسار الجذري الشريك الموثوق به والحليف الموضوعي لتشكيل جبهة موحدة للنضال، بما في ذلك النضال من اجل هدف تقويض سلطات الملكية المطلقة وتعزيز سلطة المجالس المنتخبة . لكن اذا كانت قيادة الفيدرالية لا تدرك ذلك (ونحن نشك في ذلك) او لا تريد الاقرار بذلك (ونحن نتأسف لذلك) فليست قوى وتيارات اليسار الجذري هي من سيحل محل القواعد المناضلة داخل فيدرالية اليسار لإرغام قيادتها على الاقرار بان الجبهة الديمقراطية الفعلية هي جبهة النضال الوحدوي مع تيارات وقوى اليسار الجذري على قاعدة خط النضال الجماهيري. وهي جبهة يمكن ان تكون في نفس الوقت اداة لتغيير موازين القوى في الصراع ضد الطبقة الحاكمة وأداة لتوحيد المعارضة اليسارية الديمقراطية بمختلف تياراتها واتجاهاتها في معركة التغيير الديمقراطي ضد الملكية المطلقة وضد القوى المعادية للديمقراطية. لكن قواعد الفيدرالية لن تستطيع "تحرير" قياداتها من وهم ارغام الملكية على التنازل عن سلطاتها لصالح الشعب بواسطة صناديق الاقتراع، اذا لم تتحرر هذه القواعد هي نفسها من "القيود" التي تكبل انخراطها في عمل جبهوي (محلي وقطاعي) مع تيارات اليسار الجذري. فاذا ما تمعنا قليلا في "الشروط" التي تضعها قيادة فيدرالية للانخراط في جبهة موحدة مع اليسار الجذري (الاعتراف بشرعية الملكية وشرعية الحرب في الصحراء وشرعية الواجهة الديمقراطية) فسنجدها في العمق تشكل قيودا سياسية مفروضة على فيدرالية اليسار وقواعدها قبل ان تكون مفروضة على اليسار الجذري وقواعده. اما اذا نظرنا الى هذه الشروط من حيث محتواها السياسي فهي تشكل "تنازلات" سياسية مقارنة مع محتوى ارضية حركة 20 فبراير التي تبنتها ودعمتها مكونات الفيدرالية. وهي تشكل ايضا تراجعا سياسيا مقارنة مع المحتوى السياسي لبرنامج الحد الادنى الذي سبق ان صادقت عليه مكونات الفيدرالية في اطار "تجمع اليسار الديمقراطي". اليسار الجذري ومهمة بناء جبهة موحدة للنضال طبعا لا يمكن لتيارات اليسار الجذري تغيير موازين القوى بالاعتماد فقط على قواها الذاتية. فمن اجل فتح افق جديد للتغيير السياسي والاجتماعي لابد من سياسة وحدوية تلف الحركة النقابية والاجتماعية وتيارات وأحزاب اليسار الديمقراطي في جبهة موحدة. هذه السياسة الوحدوية، لا يجب ان تكون مشروطة بالاتفاق حول طبيعة النظام السياسي والاقتصادي البديل او مشروطة بالاتفاق حول نفس الاستراتيجية السياسية. بل هي "جبهة موحدة في النضال ومن اجل النضال" على قاعدة مطالب ملموسة وأهداف مباشرة واضحة ومتفق عليها. لا يتعلق الامر بصياغة ملف مطلبي، بل يتعلق الامر بدعم المطالب الديمقراطية والاجتماعية الاساسية التي تناضل من اجلها الجماهير الشعبية ( الشغل، السكن، العلاج، الحماية القانونية والاجتماعية، الحريات النقابية والديمقراطية...) ويمكن، اذا حصل الاتفاق حول نفس التدابير لتحقيق هذه المطالب، القيام بمبادرات مشتركة (حملات تعبوية، عرائض، مسيرات واعتصامات) لتعبئة الجماهير حول هذه التدابير السياسية البديلة وتنظيمها لإسقاط التدابير الحكومية اللاشعبية وارغام الحكومة على تلبية المطالب الشعبية. وفي حال عدم الاتفاق حول نفس التدابير، يمكن لكل طرف الدفاع عن التدابير التي يراها ضرورية لتلبية المطالب الشعبية. ليست "الجبهة الموحدة" ممثلا للجماهير او مفاوضا باسمها او استبدالا لتنظيماتها، بل يجب ان تكون الجبهة الموحدة هي الحاضن لاستقلالية حركة الجماهير والداعم لتنظيماتها والمدافع عن حق الجماهير نفسها في اختيار من يمثلها ومن ويفاوض باسمها. ليست الجبهة الموحدة هيئة سياسية او منظمة جماهيرية مهيكلة، بل هي حركة ميدانية موحدة في النضال ومن اجل النضال. لا يعني هذا استبعاد تشكيل اليات تقنية لتنظيم العمل الوحدوي وتنسيقه لضمان فعاليته وحمايته من العدوان والاختراق والبلطجية، بل يعني فقط استبعاد تنصيب هيأت وصية على الجماهيروتنظيماتها واستبعاد تشكيل هيأت قيادية لا تعكس واقع الحركة ولا تحترم التعددية السياسية داخلها. ليس هناك من "قواعد نموذجية" لتنسيق العمل الوحدوي وتنظيمه، لكن الوعي الجماعي بالوحدة النضالية كسلاح وتوفر والإرادة الجماعية في النضال واحترام تعددية الحركة واستقلاليتها، يمكن ان تشكل ضمانة اكثر فعالية ونجاعة من اكثر قواعد التنظيم صرامة وانضباطا. ان تشكيل جبهة موحدة للنضال، لا ينطلق من الصفر، اذ يمكن الانطلاق من مقدمات موجودة لتطوير العمل الجبهوي وتوسيعه وتصليبه تدريجيا. فالتنسيق القطاعي (النقابي والطلابي والمعطلين والنسائي...) والمحلي (اللجان المحلية للدفاع عن مطالب السكان وحقوقهم) ولجان التضامن (مع المعتقلين والمطرودين والمعتصمين والمقموعين...) يمكن الانطلاق منها كمقدمات للشروع في تشكيل وتوسيع الجبهة الموحدة للنضال. لا يعني هذا استبعاد او بخس اهمية النضال الوحدوي على قاعدة مطالب وأهداف سياسية، بل يعني فقط الانطلاق من المطالب الاجتماعية كمدخل لتشكيل جبهة موحدة. وبعد تشكيل الجبهة الموحدة (بناء الثقة والارادة الجماعية في النضال المشترك) يمكن فتح نقاش عمومي وديمقراطي حول مختلف التصورات لشكل التركيب بين المطالب الاجتماعية والديمقراطية وحول المطالب والأهداف الديمقراطية ذات الاولوية التي يمكن النضال من اجلها بشكل مشترك. وفي حال عدم الاتفاق حول مطالب وأهداف سياسية مشتركة بين مكونات الجبهة الموحدة، فان استمرار جبهة النضال الوحدوي على قاعدة المطالب الاجتماعية والشعبية لا يتناقض ولا يجب ان يتعارض مع حرية كل مكون في تعبئة الجماهير ودعوتها الى النضال على قاعدة المطالب والأهداف السياسية التي تحظى بالأولوية في برنامجه السياسي الخاص. كما ان جبهة النضال الوحدوي لا تعدم حق تشكيل "تحالفات سياسية" مؤقتة او دائمة شريطة ان لا تكون هذه التحالفات مع القوى المعادية للحركة الديمقراطية وجبهتها الموحدة.اذ لا يمكن على سبيل المثال الانتماء لجبهة موحدة للنضال من اجل تلبية المطالب الاجتماعية والديمقراطية الاساسية، وفي نفس الوقت التحالف مع الاحزاب الحكومية او مع الباطرونا أوالقوى المعادية للحقوق الاجتماعية والديمقراطية الاساسية، سواء كانت هذه الحقوق الديمقراطية فردية او جماعية. ما نود التأكيد عليه هو ان الجبهة الموحدة (بغض النظر عن اسمها وشكلها) بين اليسار الديمقراطي واليسار الجذري ممكنة وضرورية. ويمكن ان تشكل صلة وصل بين "فيدرالية اليسار الديمقراطي" و"فيدرالية اليسار الجذري" لتعزيز نفوذ الحركة الديمقراطية ككل وتغيير موازين القوى لصالح التيار الديمقراطي. لكن تجسيد سياسة الجبهة الموحدة، أي الوحدة النضالية، غير ممكن دون التخلص من مرض العصبوية والاعتراف بالتعددية الديمقراطية داخل اليسار الديمقراطي والتحرر من وهم الشرعية الممنوحة والاعتراف بالانتماء للحركة الاجتماعية كمصدر للشرعية. فالجبهة الموحدة ليست بالضرورة "حركة ثورية" ولا يمكن بأي حال اختزالها في تيارات اليسار الجذري، وهي ليست بالضرورة "كتلة انتخابية" ولا يمكن اختزالها في تيارات اليسار المؤسساتي... بل هي جبهة واسعة، تضم تيارات سياسية، ثورية وإصلاحية، وتنظيمات جماهيرية،نقابية واجتماعية وثقافية. وهي في نفس الان جبهة شعبية مفتوحة في وجه المواطنين افرادا وجماعات. اليسار الجذري ومهمة بناء قيادة سياسية لجبهة النضال الشعبي ما هي اهدافنا النهائية؟ وأية استراتيجية سياسية لتحقيق هذه الأهداف؟. هذه هي الاسئلة التي يجب الانطلاق منها للجواب عن سؤال أية سياسة تكتيكية؟ فتغيير السياسة التكتيكية ممكن، بل قد يكون ضروريا اذا كانت الظروف تفرض ذلك، لكننا لا يمكننا تغيير الاهداف النهائية والسياسة الاستراتجية. نحن ننظر الى سياسة الجبهة الموحدة ضمن هدف اعادة بناء العامل الذاتي (اعادة بناء الحركة العمالية والشعبية) وليس فقط ضمن تحقيق اهداف تكتيكية جزئية ومؤقتة. لكن اعادة بناء العامل الذاتي لا يختزل في تشكيل جبهة شعبية موحدة (تنظيم الارادة الشعبية) بل يشمل مهمة بناء قيادة سياسية جديدة للجبهة الشعبية الموحدة (تنظيم الوعي السياسي الشعبي). ضمن هذه الرؤية لازمة العامل الذاتي(ازمة الوعي والتنظيم والتجربة) لا تنفصل بالنسبة لنا سياسة الجبهة الموحدة (جبهة النضال الشعبي) عن مهمة بناء قيادة سياسية جديدة للطبقات الشعبية (حزب شعبي جماهيري او جبهة سياسية ) كجواب عن حاجة الجبهة الاجتماعية الى بديل ديمقراطي شعبي والى قيادة سياسية جديدة لحركتها. نحن في مرحلة تطرح فيها سياسة الجبهة الموحدة بشكل مختلف عن المرحلة التاريخية السابقة. ففي المرحلة الماضية، كانت الحركة العمالية والشعبية منظمة على مستوى القاعدة وموحدة على مستوى الاهداف النهائية لنضالها(القضاء على الرأسمالية) رغم كونها كانت منقسمة على مستوى طليعتها السياسية حول الطريق لتحقيق هذه الاهداف (الاصلاح ام الثورة؟). وقد شكلت سياسة الجبهة الموحدة بالنسبة للثوريين انذاك،الية لتوحيد نضال الطبقة العاملة (الوحدة النضالية) نظرا لاستحالة تجاوز الانقسام داخل طليعتها السياسية (الانقسام بين التيار الاصلاحي والثوري). وقد كان الهدف هو توفير الشروط الضرورية التي تسمح للأغلبية الواسعة من الشغيلة وخاصة الشرائح المتخلفة الوعي، بادراك ان طريق تحررها من الازمة الاقتصادية والحرب والفاشية،هو الثورة الاجتماعية والقضاء على الرأسمالية. هذا الوعي الطبقي لا يمكن ان تصل اليه الجماهير الواسعة من خلال "عمل مدرسي" (حسب تعبير ليون تروتسكي احد مهندسي سياسة الجبهة الموحدة) بل من خلال النضال الجماهيري الوحدوي. من حيث المنهجية تحافظ سياسة الجبهة الموحدة على كامل راهنيتها كقواعد عمل، لكنها تختلف من حيث المحتوى وشروط تطبيقها نظرا لا ختلاف الوضع الراهن عن الوضع الماضي . نحن في مرحلة تتميز بأزمة شاملة تطال كل عناصر العامل الذاتي. ازمة على مستوى اشكال النضال وأزمة على مستوى الوعي والتنظيم. وهي ازمة لا ينحصر نطاقها في الطليعة السياسية، بل تطال، ومنذ مدة طويلة، القاعدة الجماهيرية. والمطروح على الثوريين في مرحلة هذه سماتها، ليس بناء الحركة وتوحيد فعلها فحسب،بل ايضا بناء قيادة سياسية للحركة من اجل اعادة بناء العامل الذاتي ككل (الوعي والتنظيم وأشكال النضال). ضمن هذه الرؤية المركبة لتجاوز ازمة العامل الذاتي فان السياسة التكتيكية ككل (ومن ضمنها سياسة الجبهة الموحدة) ليست مفصولة اومنفصلة، في نظرنا، عن المهمة المركزية المتمثلة في بناء قيادة ديمقراطية ثورية لحركة النضال الشعبي. بهذا المعنى، يجب ان تتوجه سياسة الجبهة الموحدة ، ليس فقط نحو الطليعة (جبهة بين التنظيمات) بل يجب ان تتوجه صوب القاعدة الشعبية من اجل مساعدتها على مراكمة الوعي والتجربة والتنظيم لفرز وتنظيم طليعتها السياسية. يجب ان يكون الهدف من سياسة الجبهة الموحدة، هو توفير الشروط السياسية الملائمة لمساعدة الجماهير الشعبية على توحيد حركتها (في النضال) وتعزيز ثقتها في الانتصار (من خلال النضال) لبناء ارادتها الجماعية لمواجهة شاملة مع عدوها الطبقي. لكن الجماهير الشعبية لا يمكنها الانتصارعلى عدوها فقط بواسطة الوعي الطبقي والتجربة النضالية والتنظيم الجماهيري... بل لا بد من توفرها على الاستراتيجية والبرنامج السياسيين. وهذه ليست مهمة الجماهير بل هي مهمة قيادتها السياسية. واذا كانت الجبهة الموحدة غير مشروطة بالاتفاق على برنامج سياسي (ادنى او اقصى) او الاتفاق على اطار تنظيمي موحد (حزب او جبهة). فالاتفاق على خوض نضال مشترك من اجل تحقيق مطالب او اهداف موحدة لا يشترط اكثر من الالتزام بحد ادنى من التنسيق والتنظيم واحترام تعددية مكونات الجبهة الموحدة واستقلالية الحركة الجماهيرية وتنظيماتها. انطلاقا من هذه الرؤية، نحن لا نرى فائدة من تشكيل "تحالف سياسي" بين اليسار الجذري واليسار الاصلاحي كشرط ضروري لخوض نضال وحدوي وتشكيل جبهة (او جبهات) ميدانية. بل قد يكون هذا الشرط عائقا بدل ان يكون عاملا مساعدا على تشكيل جبهة موحدة. فالتحالف السياسي يمكن ان يقوم بين تيارات واحزاب تعبر بشكل مختلف او غامض عن نفس المشروع السياسي، بينما يمكن ان تتشكل الجبهة الموحدة بين تيارات و احزاب تعبر عن مشاريع سياسية متعارضة ولا يمكن التوفيق بينهما من خلال برنامج حد ادنى. لا يعني هذا رفضا مبدئيا لكل عمل سياسي مشترك مع تيارات اليسار الديمقراطي الاصلاحي او نضال وحدوي في المعركة الديمقراطية ضد النظام السياسي، بل يعني عدم تقييد امكانية هذه العمل المشترك ببرنامج سياسي او وضع شروط مسبقة امام واجب النضال الوحدوي. نحن على خلاف مع التيارات العصبوية التي ترفض العمل المشترك والنضال الوحدوي مع التيارات الديمقراطية بمبرر طابعها الاصلاحي او الليبرالي، لكن في نفس الوقت نحن على خلاف مع بعض التيارات الجذرية المستعدة لتشكيل تجمعات وجبهات سياسية على قاعدة برنامج حد ادنى للتعاون الطبقي. فمن حق الاحزاب الديمقراطية تشكيل تحالفات سياسية فيما بينها على قاعدة الحد الادنى السياسي المشترك بينها، ونحن ندعم ذلك اذا كانت هذه التحالفات تهدف الى تقويض الاستبداد لتوفير شروط قيام نظام برلماني يضمن تمثيلية ديمقراطية للأغلبية الشعبية وحكومة منبثقة من البرلمان وليس من الديوان الملكي. وهنا يجب التمييز بين تقويض الاستبداد بهدف تعزيز الديمقراطية (الاصلاح الديمقراطي) وبين استبدال شكل الاستبداد القائم بشكل جديد (الانقلاب الرجعي على الحركة الديمقراطية الشبيه بالانقلاب الفاشي على الحركة العمالية الاشتراكية). لكن ليس من حق قيادات هذه الاحزاب اشتراط كل عمل مشترك او نضال موحد بالاتفاق على برنامجها الاصلاحي وخطها الانتخابي. نحن نتوجه الى قواعد هذه الاحزاب من اجل العمل المشترك والنضال الجماعي الوحدوي بدون شروط سياسية مسبقة. الشرط الوحيد هو ان تكون الاهداف واضحة والمطالب دقيقة وان تكون هذه الاهداف والمطالب في مصلحة الجماهير. بهذا المعنى لا يشكل بالنسبة لنا (ولا يجب ان يشكل ) تحالف احزاب اليسار الديمقراطي،سواء في اطار تجمع او فيدرالية او في اطارحزب ديمقراطي واسع، عائقا امام العمل المشترك والنضال الوحدوي، بل يجب ان يشكل حافزا ودعامة سياسية للنضال ضد العدو المشترك ورافعة من رافعات دعم النضالات الشعبية. ويمكن الذهاب الى ابعد من ذلك في العلاقة مع احزاب اليسار الديمقراطي الاصلاحي في شروط سياسية اخرى. اذ يمكن ضمن شروط سياسية محددة، مساندة هذه الاحزاب في تشكيل "حكومة ديمقراطية " مستقلة عن الملكية وعن الأحزاب البرجوازية الليبرالية . نحن ادن مع كل اشكال العمل المشترك والنضال الوحدوي مع التيارات والأحزاب الديمقراطية الاصلاحية على الصعيدين المحلي والقطاعي، كما على الصعيد الوطني. وبغض النظر عن الاسم والشكل الذي يمكن ان يحمله هذا العمل المشترك والنضال الوحدوي (تنسيق، تحالف، جبهة) فهو، من حيث المحتوى والاهداف،غير مشروط بالاتفاق على برنامج سياسي او مقيد بإطار تنظيمي او قيادة سياسية موحدة. ولا يعني بأية حال من الاحوال، خلطا للرايات او اعداما لحرية النقد والمبادرة.
#تيار_التحرر_الديمقراطي_(التحدي)_المغرب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نداء للمشاركة في مسيرة 20 يوليوز تضامنا مع حراك الريف
المزيد.....
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|