أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال














المزيد.....

ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال


فاخر السلطان

الحوار المتمدن-العدد: 1454 - 2006 / 2 / 7 - 12:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ذكرى عاشوراء الحسين بن علي بن أبي طالب، هي ولادة للشعور تجاه أزمة تميزت بدمويتها المقيتة من جهة وبدوافعها البشرية والسياسية الاجتماعية من جهة أخرى، بالرغم من أن غالبية كبيرة ممن تسعى لإعادة طرح وقائعها في شهر محرم من كل عام، ومن أولئك الخطباء في الحسينيات والمنتديات، يركزون على صورتها العاطفية الطقوسية فحسب، متجاهلين وعن عمد التركيز على الجانب الإنساني والأخلاقي للواقعة ولسيرة الحسين الفرد، وجانب العدالة الاجتماعية في مواجهته لجيش الخليفة يزيد بن معاوية، لأن التركيز على هذين الجانبين يطفئ الجانب العاطفي المولّد للجماهيرية والملئ بالتبعية غير الموجهة والتقليد الخالي من أي محتوى قيمي واقعي، ويؤسس لمزيد من التراجع في سلوك من يسعى إلى التقليل من قيمة الحسين الأخلاقية والإنسانية وحتى العرفانية.

فلقد جرت أحداث عاشوراء بعد ان احتج الحسين على المظاهر السلبية التي اتسمت فيها حقبة حكم الخليفة يزيد في أوجه الحياة المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث سعى إلى إحياء الشعور لمواجهة تلك المظاهر، وقد كان من إفرازات ذلك أن جرت معركة على أرض كربلاء العراق قتل خلالها الحسين ومجموعة كبيرة من أهله وأصحابه بطريقة لا يمكن للضمير الإنساني أن يتقبّلها.

فميزة شهر محرم، لا أقل لدى الشيعة، جاءت من واقعة كربلاء، لكن قلما طرح الخطباء المذكّرين بالواقعة ما يرمز إلى مواجهة المفسدة الاجتماعية أو شرحوا ما يفضي دون تكرار التجربة الفردية الاستبدادية التسلطية في الحكم، واستبدلوا ذلك بالتركيز على الجانب الأسطوري للواقعة وكأنها نابعة من خيال فوق بشري، لعل يخدم ذلك نهجهم الساعي إلى اختزال الحركة في ممارسة مزيد من اللاعقلانية التي تخدم في نهاية المطاف حركة الرجعنة والاعتماد على الخرافة في معالجة مشاكل المجتمع، بدلا من التركيز على الجانب العقلاني والواقعي القيمي والذي يطرح القضية بوصفها شأن بشري لا فوق بشري، شأن يخدم الحياة البشرية الطبيعية بواقعيتها، ولا يخدم الأسطورة والخرافة والرجعنة في المجتمع.

ومن أهم الأسباب التي لعبت دورا رئيسيا في تركيز الخطباء على الجانب العاطفي الأسطوري لا القيمي والإنساني لواقعة كربلاء، هو تدهور موقع العقلنة وقيم الحداثة في الثقافة الاسلامية بوجه عام والشيعية بوجه خاص، فالثقافة الشيعية لم تعد تمتلك في أدبياتها ما يمكن أن توظفه إنسانيا وفق فهم حديث في طرحها لواقعة كربلاء، مثلما لا تمتلك الثقافة الاسلامية ذلك الشئ لخدمة مشروعها في الحياة العامة.

فباتت الثقافة الشيعية لا تتحدث عن الحسين بوصفه إنسانا ومتقيا ومسؤولا وبشرا، بل باتت تتحدث عنه بوصفه شخصية أسطورية فوق بشرية وأن العاطفة البكائية الطقوسية الناتجة عن شرح الواقعة هي سبيل لحل مشكلات عجز عنها التطور العلمي.

فهي اختزلت الحسين في إطارٍ يخدم تفسيرها الديني التقليدي الذي عفى عليه الزمن، كما اختزلته في سبيل دعم خطابها غير القيمي من أجل مزيد من الهيمنة القائمة على التقليد والمنطلقة من ضرورة أن تلعب الشعائر والطقوس والخوارق دورا رئيسيا مؤثرا في الحياة العامة والمنتهية بطبيعة الحال إلى طرد العقلنة من حياة البشر.
فمن خلال واقعة كربلاء ظهرت شهرة الحسين إسلاميا وعربيا وعالميا، بمختلف التصنيفات التي من شأنها أن تخدم الحياة البشرية، وبالذات ما يتعلق بدوره في مواجهة الظلم ومن ثم الطريقة البشعة التي قُتل خلالها هو وأهله وأصحابه، ما جعله رمزا من رموز التضحية في سبيل قيمة إنسانية، لا رمزا من رموز البكاء ومؤشرا لحاجة غير مفهومة.

فالانحرافات المضللة التي ظهرت ومازالت تظهر في سماء الأنشطة المراد من خلالها إحياء واقعة كربلاء ساهمت بشكل كبير في تحريف قيمة التضحية الإنسانية التي عكسها الحسين، واستبدلت تلك بمظاهر البكاء والحاجة والمراد، حيث انطلقت في ذلك اعتمادا على اللاعقلانية ومن خلال معاداة واقعية الحركة وصورتها البشرية.
لذلك فإن غالبية عظمى إن لن نقل جميع الحسينيات والمنتديات والفضائيات التي يتم خلالها إحياء واقعة كربلاء قد أغفلت وتجاهلت (وغالبيتها تعمدت ذلك) الدور الذي قام به الحسين لتفعيل إنسانية الإنسان ومواجهة الخنوع للإستبداد المتخفي تحت شعار "لا صوت يعلو على صوت الخليفة" وإن أدى الأمر إلى الإيثار والتضحية. لذلك واجه الحسين مختلف أصناف الضغوط الساعية كي لا يقف بوجه يزيد بن معاوية، وأبى الخنوع لتلك الضغوط في سبيل أن تحيا قيم الأخلاق والعدالة والمساواة، ولكي يعيش الإنسان بحرية وكرامة وتحترم جميع حقوقه. فهل خطباء الحسينيات والمنتديات والمتصدين لإحياء ذكراه يقدرون مسؤولية ما قام به الحسين؟ وهل ما يثيرونه في تلك المجالس له علاقة بما قام به الحسين من تضحية وإيثار؟ أم انه بمعارضته العظيمة كان في واد والخطباء في واد آخر همّهم هو خدمة الجانب فوق البشري للتفسير والمستند إلى العواطف والطقوس والخوارق لا خدمة الجانب الاجتماعي والانساني المستند إلى رفض الظلم السياسي وتحقيق العدالة الاجتماعية؟.
فبروز ظاهرة التفسير التقليدية لواقعة كربلاء يشير إلى منحى واحد لا غير في المسيرة التذكيرية، وهو المنحى العاطفي التقليدي الذي يهتم بقضايا الطقوس بافراط بوصفها موضوعا رئيسيا، مما أدى إلى بروز حالة من الغلو العاطفي في التعاطي مع القضية ومع الواقع المعاش، وبالتالي إلى نتيجة مؤداها غلبة الطقوس بجميع أنواعها وأصنافها وما يرافقها من عاطفة جياشة غير مستندة إلى مبدأ قيمي، فكانت النتيجة خسران الجانب القيمي لموقعه على الساحة الاجتماعية ولولهه في النفوس البشرية وطغيان الجانب البكائي الطقوسي فوق البشري، أو بعبارة أخرى ضياع قيم الإيثار والعدالة الاجتماعية التي ارتبطت بواقعة كربلاء في بحر التلاطم العاطفي الخوارقي غير الهادف.



#فاخر_السلطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل خسرت الكويت من أزمتها؟
- سياق التسامح والإنسانية في وفاة جابر
- لا مجتمع مدني.. إذن لا تنمية للديموقراطية
- إقصاء المختلف.. رهان الخطاب الديني
- المحبة والتسامح من وجهة النظر الأصولية
- الحاجة ماسة لتيار الإصلاح الديني في الكويت
- الفوضى سياسة البعث من العراق إلى سوريا
- وقت الدبلوماسية.. بين واشنطن وطهران
- إخوان مصر.. هل يستطيعون التعايش مع الديموقراطية؟
- -ديمقراطية- التجمعات الدينية.. هيمنة وإلغاء
- بين صلاح الدين وصدام والزرقاوي.. لم نتعلم الدرس
- ادعاءات.. وافتراءات ضد الديموقراطية
- الاسلام هو الحل
- إلغاء حكم الإعدام.. وحق الاختلاف


المزيد.....




- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاخر السلطان - ذكرى عاشوراء.. مناسبة للنقد والسؤال