لا أريد الدخول في مشادة أو سجال ذاتوي مع الأستاذ أحمد النعمان ولكنني أود أن أوضح بعض الأمور وباسمي الشخصي فقط وآمل أن يتسع صدره لتوضيحاتي :
- فوجئت مرتين ، الأولى حين أخبرني أحد الزملاء أن السيد أحمد النعمان طلب إضافة توقيعه الى قائمة الداعين لعقد مؤتمر جديد للمعارضة الوطنية المعادية للحرب والنظام الدكتاتوري ( بمعنى أن النعمان هو الوحيد من بين الأكثر من سبعين شخصا وقعوا على المبادرة وبعضهم يمثلون أحزابا وقوى وجمعيات و الذي لم نتصل به ونطلب توقيعه بل بادر من تلقاء ذاته – مشكورا - فطلب ذلك ثم بادر ثانية ورفع توقيعه بمقالة نشرت على وسائل الإعلام مع قدر كبير من الضجيج والصخب فهل في هذا التصرف ما ينم على التفكير السليم والتماسك العقلي ؟ ) و فوجئت ثانية حين قرأت اسم النعمان ضمن قائمة كنعان مكية وسعد البزاز وجاسم المطير و رندا رحيم ومحمد بحر العلوم و ضياء الشكرجي وآخرين ، في رسالتهم التي نشرت أول ما نشرت على موقع "إيلاف" السعودي يوم 20 من الشهر الجاري والتي يسكتون فيها سكوتا مطبقا عن الحرب ضد العراق بل ويعتبرون ما تقوم به فصائل المعارضة المؤيدة للحرب العدوانية عملية تحرير للعراق ( السطر الثاني من الرسالة ) و التي وجهوها باسم (الحملة من أجل المجتمع المدني وحقوق العراقيين ) الى اجتماع أربيل لأحزاب أحمد الجلبي والمجلس الأعلى والبارتي والاتحاد الوطني والذي تقرر تأجيله كما يبدو تأجيلا أبديا ! وأقول فوجئت ، ليس لأنني كنت على علم عميق وشامل بقناعات السيد النعمان الوطنية والرافضة للحرب والنظام الفاشي معا فمعرفتي به لا تتجاوز قراءة بعض ما يكتبه على الإنترنيت ومكالمات هاتفية سريعة وقليلة ، ولكن لأنه حاول الجمع بين نقيضين : الصلاة خلف علي والغداء على مائدة معاوية العامرة ، أي بين السكوت على الحرب العدوانية أو اعتبارها حرب تحرير والتعاون مع الأمريكان عمليا كما فعل حين وضع توقيعه على بيان العشرين من شباط الجاري، وبين رفض الحرب والدكتاتورية بوضعه لتوقيعه على نداء تيارنا الداعي الى عقد مؤتمر جديد للمعارضة العراقية على أسس الثوابت الوطنية المعادية للحرب والنظام الفاشي معا وليس على أسس المحاصصة الطائفية والعرقية العنصرية .
- لقد رفع النعمان توقيعه من قائمة الداعين الى عقد مؤتمر جديد للمعارضة الوطنية فأزال اللبس الحاصل والتناقض الفاضح وأنا احترم تماما رغبته هذه ،وكان بوسعه أن يفعل ذلك بأقل قدر من الضجيج والصخب فلا يوجه لنا شتائمه وتشكيكاته المخابراتية بل يطلب رفع اسمه برزانة وهدوء كما يفعل الناس الذين يحترمون أنفسهم وغيرهم و ليلتحق بعد ذلك بتياره الأصلي والحقيقي ،تيار دعاة الحرب واحتلال العراق . لقد حاول النعمان – للأسف - أن يثير غبارا كثيفا وتشكيكا غير منصف حولنا كتيار وكمبادرة سياسية ، إضافة الى أنه لم ينجح في طرح تبرير مقنع واحد لما قام به فبين اتهامه المخابراتي - وهذا تقليد ستاليني بائس منذ عصر الديناصورات يوجه للمختلفين والمخالفين - مفاده بأن جماعة الحل الثالث مخترقة من قبل مخابرات النظام وبين خشيته من أن الجماعة نفسها قد تنتهي الى انتحار جماعي ثمة برزخ من التذاكي والخلط العقلي لا يمكن ردمه . جماعة سينتحرون وهم في الوقت نفسه مخترقون مخابراتيا !! ولو أنه اكتفى بالتهمة المخابراتية الأولى لكان منطقيا أكثر وصادقا مع نفسه وكنا عندها سنطالبه بأن يفضح العناصر المدسوسة والتي اخترقتنا حفاظا على سلامتنا على الأقل ألسنا شركاء في الغربة والحرمان ؟ فإن فعل ذلك وأخبرنا شكرناه وإن سكت ولم يقدم اسما أو دليلا على الاختراق لكان إما يتستر على المدسوسين الذين اخترقوا جماعة الخيار الثالث وحاشاه ذلك ، أو إنه ألقى مبررا لا مصداقية فيه ليتخلص من الإحراج مع من وضع توقيعه معهم ( جماعة كنعان مكية والجلبي ) فأعلن انسحابه من قائمة الموقعين على مبادرتنا .
- يواصل النعمان كيل اتهاماته لنا فيصفنا بأننا نريد غسل أيادي الفاشيين البعثيين ، وإننا اتجاه يميني مدان ، إنه يقول كل هذا على الرغم من أنني ناقشته قبل أيام حول أمور منها موضوع المصالحة مع النظام بالذات فرضتها جملة وتفصيلا وكتبت له رسالة ( يجدها القارئ بعد هذه الرسالة مباشرة ) حاولت فيها تفنيد هذه التهمة وقلت له بأننا نرفض المصالحة مع النظام ، ونعتبر أن زمان المصالحة قد فات ، وان المطلوب الآن هو انتقال سلمي وسلس للسلطة من النظام الى حكومة إنقاذ وطني يقودها معارض وطني عراقي وتتمثل فيها كل قوى المعارضة العراقية والمكونات المجتمعية كافة و قد وضحت وجهة نظري في مقالة أخرى حول مبادرة هازم الصهاينة الشيخ المجاهد حسن نصر الله وقد نشرت تلك المقالة في الصحافة وعلى الانترنيت كما أهديت النعمان مقالة أخرى قبل نشرها على الانترنيت حول مسئولية النظام الفاشي عن كارثة الحرب المقبلة .. أ فبعد كل هذا يصر النعمان على تكرار هذه الفرية أم إنه لم يجدْ بُدا من تكرارها تبريرا لعودته الى موقعه الأصلي ، موقع وليمة معاوية وحرب التحرير الأمريكية ؟
- أكتفي بهذا القدر من التوضيحات ولن أرد على درره الأخرى من قبيل (مبادرة لجماعة ميتافيزيقية / أضغاث أحلام ..الخ ) وغير ذلك من العبارات التي يجيدها البعض من حملة الدكتوراة السوفيتية . ولكني أقول له بأنه لن يخيف أحدا بعباراته التي ختم به مقالته والتي يصرخ فيها الحرب قادمة، الحرب قادمة ، وعجلة الحرب دارت !! فهذه العبارات باتت مكررة هي الأخرى ،ثم أن الحرب ليست نهاية التاريخ فالعراقيون قادرون على تحرير بلادهم من الأمريكان وعبيدهم في المعارضة المؤيدة للحرب ومن النظام الفاشي في صولة عراقية قادمة و لا مندوحة منها تعيد للعالم أجمع ذكريات ثورة العشرين الخالدة !
نص الرسالة التي وجهتها الى السيد أحمد النعمان قبل بضعة أيام :
الأخ العزيز أحمد النعمان
تحية طيبة
قرأت رسالتك المفتوحة لي وللأخوين أمير الدراجي وعبد الأمير الركابي وقد وددت أن أبادر فأكتب لك بعض ملاحظاتي التوضيحية ولأبدأ أولا بموضوع مقالتي حول استقالة صدام حسين والتي يبدو إنك اطلعت عليها ولم تطلع على مقالتي الثانية التعقيبية على ما كتبه العقيد عبد المنعم القطان حول المقالة نفسها ونشرت تعقيبي عليه في البرلمان والحوار المتمدن , وباختصار فقد بدأت المقالة بالقول أن هدفي هو (الأسطر التالية يحاول كاتب هذه السطور دحض التناقض الظاهري بين اعتقاده بضرورة العمل على إنهاء النظام الدكتاتوري في العراق عبر أسلوب التغيير السلمي الشامل والمضبوط بضمانات وآليات دولية وبين خطورة وخطأ أسلوب فرض الاستقالة بواسطة الضغط العسكري الأمريكي على رئيس النظام كأسلوب في التغيير لما سيؤدي إليه من تفجير داخلي واسع النطاق بسبب خصوصيات الحالة لعراقية وتراكمات القمع الحكومي لأكثر من ثلاثين عاما الأمر الذي قد يؤدي الى إغراق العراق والمنطقة في حريق شامل وكارثي ) هذا في المقالة كما نشرتها القدس العربي ولم تنشر هذه المقدمة للمقالة في طبعة جريدة السفير . وفي تعقيبي على الأخ عبد المنعم القطان ميزت بين استقالة طوعية لصدام مرحب بها ولا يرفضها إلا عدو للشعب العراقي واستقالة مفروضة عليه بالقوة المسلحة الأمريكية أو نتاج لصفقة بينه وبين الأمريكان مقابل ان يسلم لهم رأس العراق وهذه مرفوضة وسوف تؤدي الى اندلاع القتال من بيت الى بيت بين كل العراقيين كنتاج لأربعة وثلاثين سنة من القمع والقتل والإرهاب الفاشي الحكومي .. عموما ليست في وضع تبرير نفسي و الدفاع عن أفكاري المعروفة بإشكالياتها ومعارضتها العميقة للنظام الفاشي والمعارضة العميلة على حد سواء بقدر ما أحاول توضيح فكرة سياسية حول استقالة الدكتاتور وقد أكون مصيبا فيها وقد لا أكون ..ثم إننا انتهينا حتى من موضوع المصالحة واعتبرنا أن هذه المفردة وما تتضمنه من معاني أصبحت في ذمة الماضي ولا علاقة لها الواقع الحالي ..وهكذا فالمصالحة صارت شعارا للكبيسي والنظام وليس للمطالبين بالتغيير الجذري والإنقاذ فالمطلوب ليس مصالحة مع نظام يجب ان يزول بل إنقاذ العراق وشعبه من الحرب ومن القمع معا وطرحنا تصورنا لذلك .. ويمكنك أيضا فهم موقفي أكثر من النظام من خلال نص مقالة نشرتها أمس الثلاثاء في الزمان وأرفق لك نصها الكامل ولم تنشر بعد على المواقع على الانترنيت حتى الآن .
بخصوص موضوع المؤتمر المنشود وظهور اسمك في قائمة الداعين إليه وعدم وصول الوثائق إليك : بصراحة ملاحظاتك مشجعة وتفتح العين على مواضع خلل عانينا منها في توصيل خطابنا وعلى مواطن ضعف وأخطاء ناتجة عن سرعة التحرك وقلة التجربة اللوجستية وغير ذلك ولكنني لم أفهم من رسالتك أنك ترغب في سحب اسمك من قائمة المستقلين ليصفق لك أحدهم جزاء ذلك بل طلبت الوثائق ولا أدري عن أية وثائق فنحن طرحنا نداء لعقد مؤتمر ونشرناه ثم تابعنا الموضوع بعدد من التصريحات والبيانات المنشورة على المواقع العراقية باستثناء موقع واحد ( لا يأتيه الباطل من خلفة أو من بين يديه ) بل من المخابرات الإيرانية " إطلاعات " ! ( المقصود موقع النهرين لصاحبة عبد الكريم الكاظمي وهو من الموقعين على بيان كنعان مكية الأخير .. ملاحظة مضافة )
وعلى أية حال فهذه البيانات والتصريحات تحت تصرفك وسوف أرسلها لك ساعة تشاء ! أما وثائق وبرامج القوى التي ستشارك في المؤتمر فهي ملك لها وبخصوص الوثيقة البرنامجية الخاصة بنا في التيار الوطني الديموقراطي والتي سنطرحها في المؤتمر فسوف أرسلها لك بمجرد الانتهاء منها وستنشر على الملأ في حينه.فنحن لم نطالب بتشكيل حكومة بوجود صدام بل قلنا نطالب بحكومة إنقاذ يرأسها معارض وطني تتمتع بصلاحيات كاملة . وقلنا هذا النظام يجب أن يرحل وهذه مسألة غير قابلة للمساومة ولكننا فرقنا بين حزب البعث كحزب سياسي له جمهوره وبين النظام الفاشي . دعني أقتبس لك مما قلناه في المؤتمر الصحافي (بعد ذلك بدأت الأسئلة توجه مركزة على الاستفسار عن تفاصيل المبادرة السياسية .فقد سأل أحد الصحفيين عن الجوانب العملية من المبادرة فقام الركابي بالرد عليه موضحا، أن المطلوب هو قيام حكومة إنقاذ وطني من القوى الأساسية أي : القوى الإسلامية ، الأكراد ، القوى اليسارية الديمقراطية والقومية ، ممثلي المكونات الأخرى العقائدية والقومية ، وممثلي القوى العشيرية ، بالإضافة الى حزب البعث ، هذه الحكومة تكون أصلا انتقالية وتؤول إليها شؤون البلاد كاملة ، وتكون مسؤولة عن تأمين الانتقال نحو نظام دستوري ديمقراطي خلال فترة لا تتجاوز السنة . قال مراسل وكالة الأنباء الفيتنامية مستفسرا: هل يعني مقترحكم أن تقوم هذه الحكومة بظل وجود صدام حسين ؟ فتولى الركابي الرد قائلا: نحن نتحدث عن إنهاء كامل للدكتاتورية ، هذا النظام يجب أن يرحل ، لا مساومة في هذه النقطة على الإطلاق ) وأيضا أقتبس ( سأل صحفي قائلا أنتم تقولون بأنكم لا تستبعدون حزب البعث عن الحكومة الانتقالية ،وتقولون في نفس الوقت ذاته أنكم تريدون زوال الدكتاتورية ،أليس في هذا تناقض ؟ فتولى الركابي الجواب قائلا : حزب البعث حزب موجود وله آلاف الأنصار ، فهل من الديمقراطية أن نتجاهل وجودهم ؟ هل من الديمقراطية أن نتسبب في استمرار متواليات الانتقام ؟ إذا كنا نتحدث عن حل سلمي وعن تسوية تاريخية فيجب أن نفصل ما بين صدام حسين ونظامه وبين حزب البعث كقوة سياسية .)
عزيزي أحمد :
هذه ملاحظات عاجلة حول رسالتك التي وجهتها لنا أملا أن أكون قد وضحت بواستطها بعض الأمور وأزلت بعض مواضع الغموض وأكرر لك شكري على ملاحظاتك التي تؤكد لنا جميعا وفي سوق الهرج السياسي الراهن أن هناك من أمثالكم من يقرأ بصدق ويتساءل بنية مخلصة وحرص أكيد ولهذا فهو سيشارك في كل عمل بناء من شانه إنهاء النظام الدكتاتوري ودرء الحرب العدوانية على العراق .
ملاحظة :
تجد مجموعة البيانات والتصريحات الصادرة عن مكتبنا في ملف ملحق آخر .وبالمناسبة لم أرسل هذه الرسالة للنشر كرسالة مفتوحة موجهة إليك هربا من المهاترات مع الآخرين والمهاترات المضادة وخصوصا ممن يكتبون ثم يفكرون وليس ممن يفكرون ثم يكتبون ولا داعي لذكر الأسماء فبعضهم طيبون كبيض اللقلق !!
وشكرا
علاء اللامي
جنيف
18/2/2003
ملاحظة : سأنشر رأيي المفصل في بيان العشرين من شباط لجماعة كنعان مكية في مقالة أكتبها الآن وستنشر في الصحافة قريبا ولكنني أدعو القارئ لقراءة نص شعري بعنوان ( فلنكتب قصيدة عن هذا الكرسي !) حول الموضوع والنص منشور الآن على موقع : nisabaonline.com