|
في قضية رسوم النبي ...لا صوت يعلو على صوت الهمج
أمنية طلعت
الحوار المتمدن-العدد: 1454 - 2006 / 2 / 7 - 12:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرة هي ردود الأفعال التي خرجت من أشخاص ودول وتجمعات بخصوص قضية الرسوم الكاريكاتيرية الخاصة بشخص نبي الاسلام محمد عليه الصلاة والسلام، وكثير حجم العنف واللا عقلانية التي اتسمت بها ردود الأفعال تلك فيما عدا رد فعل واحد وهو الموقف السعودي الخاص بسحب سفيرها من الدنمارك وإن كان هو الآخر يدعو بل ويثير ملايين الأسئلة، أولها ألم يكن بالأحرى اتخاذ موقف دبلوماسي أيضا مما تفعله الجيوش الأمريكية في العراق وتغاضيها عن انتهاك اسرائيل لكل المعاهدات والاتفاقات الدولية مع الفلسطينيين، أليس ذلك أيضا إهانة للإسلام بدأت ولن تنتهي بهدم المساجد وقتل المسلمين الآمنين في ديارهم وانتهاك حقوقهم كبشر في سجون أبو غريب، وبالتالي يخرج الموقف الدبلوماسي السعودي فارغا من محتواه حيث أنها تكيل وتزن الأمور بمكيالين فهي قد تأخذ موقفا من دولة لا تفعل سوى انتاج الألبان وتصمت وتغض البصر عن دولة أخرى تعمل على أن تقض بنياننا كدول مستقلة ذات هوية ثقافية خاصة يغلفها الدين الاسلامي. طوال الأيام السابقة كنت أراقب وأحاول العثور على عاقل واحد يتحدث بمنطق ويدعو إلى اتخاذ مواقف منطقية ذات طابع سياسي دبلوماسي يأتي لنا بحقنا بشكل ملموس، لكن لم يحدث سوى أن خرجت بعض الأقلام الفقيرة إلى الله مثلي لتحاول أن تضع الموضوع في نصابه الحقيقي ولكن هيهات لتلك الأقلام أن يسمعها أحد أو يعقل كلامها، فالكل مشغول بالتظاهر وتوحيد الصوم والدعاء على الدنمارك عند الإفطار وإحراق السفارات واختطاف الرعايا الدنماركيين بل والأوروبيين بشكل عام ومن أي مكان حتى لو كان هذا الأوروبي موجود بغرض خدمة مجتمعاتنا في قضايا حقوق الانسان وغيرها. ألم يكن حريا بنا أن نتوجه كشعوب إلى حكوماتنا لنطالبها بدعوة اجتماع القانونيين لدراسة كيفية رفع قضايا خاصة بالتمييز ضد الفكر الاسلامي والمسلمين بشكل عام؟ انظروا لليهود وماذا يفعلون فمن ينطق بكلمة واحدة يشوبها انكار للسامية يقيمون الدنيا ولا يقعدونها ولكن ليس باختطاف الناس ولا باحراق السفارات ولا بالمظاهرات العنيفة وإنما بسلك طريق الدبلوماسية والقضاء الدولي ليأخذوا حقهم ليس في صورة اعتذار كلامي عبر شاشات التليفزيون ولكن في صورة نفع مادي ملموس ينصرهم وينصر قضيتهم ويقوي وجودهم سياسيا واقتصاديا في المجتمع الدولي، ان تكتيكات الحروب الاسلامية القديمة والتي تقتضي التعلم من العدو ودراسة خطواته وخططه والاستفادة بها وتطويرها، ولى عهدها ولم يبق سوى العقول الفارغة التي تثور وتخمد فلا تخرج بفائدة وإنما تخسر الكثير في المقابل حتى ولو كان الحق معها...أتساءل كثيرا لماذا لا تقوم التيارات الدينية المتصاعدة في المجتمعات العربية بخلق مصطلح وتقيم من أجل تثبيته والسعي لتحقيق مكاسب من ورائه بشكل اعلامي ودبلوماسي ومادي اقتصادي، الدنيا؟، ألا وهو (العداء للإسلامية) ؟ أم أن كل المكاسب التي يسعون لحصادها هي القضاء على أي معلم مدني في بلادهم وتحويلها لبلاد أصولية غابرة ليبقى نفس التعاون مع العدو كما هو ولكن فقط يلبس الحاكم عمامة بدلا من البدلة ؟ أعتقد تماما بأن موقف الشعوب التي تدين بالاسلام من قضية رسوم النبي في الدنمارك لم تنصر محمدا ولم تنصر دين الاسلام وإنما أنقصت من قدرهما كثيرا، خاصة وأن نفس الشعوب لم تفعل شيئا عندما قام بوش الابن بتهذيب القرآن لاغيا منه كل الآيات التي تدعو للجهاد وحوله لكتاب لطيف هادئ بلا أي جملة تعكر صفو الأمريكان أو تقف ضد ما يقومون به في العالم أجمع بما فيها منطقتنا المنكوبة...كما أننا عندما ننظر للنبي عليه الصلاة والسلام ليكون قدوتنا بالفعل وزعيمنا حقا سنجد أنه لم يكن ليفعل أي مما فعلته الشعوب المسلمة فهو الذي أمرنا بأن لا نحرق ولا نقتل ونهدد آمنين وبالتالي ما حدث لسفارة الدنمارك في سوريا ولبنان ليس من الاسلام في شئ، كما أنه عليه صلوات الله وسلامه جعل فدية الأسرى في بدر أن يعلموا عشرة مسلمين ولم يقتلهم أو يعذبهم فاستفاد من عدوه وأخذ منه علما أفاد به شعبه، وهو الذي ذهب ليطمئن على اليهودي الذي كان يؤذيه يوميا بالقاء القاذورات والحجارة أمام بيته وفي طريقه، فلما انقطع عن ايذائه ذهب ليتفقده فأسلم اليهودي ...هو ذا النبي الذي تناصروه وتهتفون بعلو أصواتكم فداك أبي وأمي يا رسول الله ...هل تفدونه بالتأكيد على أنكم شعب همجي وتوثقون الصورة المأخوذة عنكم في الخارج؟ إن ما يحزنني فعلا أننا أصبحنا شعوبا الصوت فيها للعامة والغوغاء أما العقلاء فإما ماتوا غيظا وكبتا أو اعتزلوا ولزموا دورهم عندما تم إفقادهم لدورهم في المجتمع ولم يعد هناك صوتا ليعلوا على صوت الهمج.
#أمنية_طلعت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهجوم على فيلم دنيا وعودة موسم تشويه سمعة مصر
-
مصر ليست خريطة في الجغرافيا
-
انتبهوا جيدا وأنتم تفتحون الصنبور
-
سياسة تكسير العظم وحرق الدم
-
ابتسم فأنت تتبع السفارة المصرية!
-
عيد ميلاد أبو الفصاد
-
لهذا السبب أقول لا وألف لا لمبارك
-
الإعلام المصري بدأ بث رسائله المسمومة
-
عالم الانترنت وحرية الرأي المفقودة
-
مجرد كلام لإخراج شحنة غيظ
-
في بلدي أصبح الناس يموتون جوعا
المزيد.....
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|