|
لماذا قبل عبدالناصرمبادرة روجرزالأمريكية؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5587 - 2017 / 7 / 21 - 12:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(حرب الاستنزاف) استنزفتْ مصر أم إسرائيل؟ لماذا كان عبدالناصر أكثر واقعية من الناصريين؟ روّج الناصريون والعروبيون وأغلب الماركسيين لمقولة أنّ (حرب الاستنزاف تعنى هزيمة إسرائيل، وهى التى مهـّـدتْ لنصر أكتوبر73) فما مدى صدق تلك المقولة؟ وإذا كان بفحواها (بعض المنطق) فلماذا أجهضها عبدالناصر عندما وافق على مبادرة روجرز؟ وهى المبادرة التى تــُــعتبر البروفة الأولى لما تضمّـنته (معاهدة كامب ديفيد أو معاهدة السلام المصرية/ الإسرائيلية) حيث اشترطتْ المبادرة وقف إطلاق النار بين مصر وإسرائيل، فلماذا وافق عبدالناصر على تلك المبادرة الأمريكية؟ هل نجد الإجابة عند معبود الناصريين (هيكل) الذى كتب مقاله الشهير(تحية للرجال) فى أعقاب مبادرة روجرز، وخلط فيه (بذكاء شديد) بين تحية ضباطنا وجنودنا طوال السنوات من1967-70، والتى أخذتْ الاسم الشهير(حرب الاستنزاف) وبين تصويره (الصادق) عن وضع القوات المصرية فى سيناء، والمقارنة بين قوة مصر العسكرية وقوة إسرائيل، حيث تميل كفة الميزان لصالح إسرائيل (أهرام 12مارس1971)؟ وإذا كان ما كتبه هيكل ليس كافيـًـا، فهل فكــّـر الناصريون فى السبب الذى أعلنه عبدالناصر، وجعله يوافق على مبادرة روجرز، وكان السؤال من (بعض الصحفيين العرب) بعد هجوم كافة الفصائل الفلسطينية على عبدالناصر لأنه قبـِـل (من وجهة نظرهم) تلك المبادرة الذليلة، ونقده- بل وتجريحه- وكانت المقابلة بحضور ياسرعرفات ولكن بأسلوبه الدبلوماسى المهذب. وكان تركيز أسئلة الصحفيين أنّ مبادرة روجرز ستــُـنهى حرب الاستنزاف فقال عبدالناصر إنّ ((المضى فى حرب الاستنزاف، على حين أنّ إسرائيل تتمتع بتفوق جوى كامل، معناه ببساطة أننا نستنزف أنفسنا)) وأعتقد أنّ ذلك السبب- أو المبرّر- هو غاية فى الحكمة (بغض النظرعن التحليل السياسى) لأنّ هذا القرار منع المزيد من جرائم إسرائيل التى استباح طيرانها الأجواء المصرية، ليس على معسكرات الجيش المصرى (فقط) وإنما على المدن والأحياء المكتظة بالسكان، مثل محافظة الفيوم وحى المعادى..إلخ. وكانت أشهرجرائم إسرائيل: الجريمة الأولى : قتل شبابنا وشيوخنا عمال مصنع أبوزعبل يوم21فبراير1970، حيث دمّـرتْ الطائرات الإسرائيلية المصنع بالكامل، وقتلتْ70عاملا وإصابة69بإصابات خطيرة، تسببت فى العجز الكلى لكثيرين منهم. وهى الجريمة التى وصفتها بعض الصحف الأوروبية بأنها (عربدة إسرائيلية وهمجية متوحشة) الجريمة الثانية : مذبحة قتل أطفال مدرسة بحر البقر يوم8 إبريل1970، وهى المذبحة التى نالتْ أكبر قدر من الهجوم على إسرائيل من كافة منظمات حقوق الإنسان العالمية، ومن أغلب دول العالم، بما فيها الكثير من دول أوروبا. وقد بدأتْ إسرائيل خطتها لاقتحام أجواء مصر بطائراتها، وشن الغارات على العمق المصرى، مع بداية شهر يناير1970، لذلك سافر عبدالناصر(يوم22يناير70) إلى الاتحاد السوفيتى ليشرح للقادة الروس حقيقة وضع القوات المصرية، وأنه مع نهاية عام1969فإنّ قوات الدفاع الجوى المصرى على وشك الانهيار التام، إزاء تفوق الطيران الإسرائيلى. وقال لهم إنّ ((مصر كلها تشعر بأنها دون حماية، خاصة بعد أنْ استباح الطيران الإسرائيلى المدن والأحياء لقتل المدنيين. وأنه من الضرورى الوقوف فى وجه التفوق الجوى الإسرائيلى، وهذا لن يتحقق إلاّ بواسطة الدفاع الجوى)) وقال لهم أيضًا إنّ ((مصر تقف عارية أمام غارات العمق الإسرائيلى، وأنه أصبح من المستحيل حماية السكان المدنيين.. كما أنّ مصر فى حاجة إلى المزيد من الأسلحة لتحرير الأرض المحتلة، ولهذا نرى أنه لابد من إقامة حائط صواريخ فعـّـال، يستطيع مواجهة غارات الطائرات الإسرائيلية على العمق المصرى)) وبعد جريمة إسرائيل فى مذبحتىْ عمال مصنع أبوزعبل وأطفال مدرسة بحر البقر، سافر عبدالناصر مرة أخرى إلى الاتحاد السوفيتى يوم29يونيو70 وقال لهم ((إنّ القوات المسلحة المصرية تتعرّض لغارات إسرائيلية عنيفة جدًا بطائرات الفانتوم الأمريكية، المُجهـّـزة بمعدات الكترونية مُـتطورة للغاية. وأنّ الهدف من تلك الغارات- وفقــًـا لتصريح موشى ديان- هو منع الجيش المصرى من استكمال استعداداته لتحرير أرضنا المحتلة. وقال للروس أيضًـا إنّ خسائرنا فى شهر مايو70 (وحده) بلغتْ حوالىْ ألف قتيل وجريح. وأنّ الولايات المتحدة زوّدتْ إسرائيل بالأجهزة التى تــُـحـدّدْ مواقع الصواريخ والتشويش عليها لضربها بالطائرات. وأوضح لهم أنه من الخطأ القول بإمكان مواجهة مائة طائرة (ميج) لمائة طائرة ميراج أو فانتوم، لأنّ الطائرة الميج الروسية تبقى فى الجو عشرين دقيقة، بينما تبقى الطائرة الميراج الفرنسية فى الجو مدة ساعة، والفانتوم أكثر من ذلك. وبدون إمداد مصر بأجهزة الحرب الالكترونية المتطورة، فإنّ دفاعنا الجوى سيبقى ضعيفــًـا)) وإذا كان الناصريون زعموا أنّ (حرب الاستنزاف) هى التى مهـّـدتْ لحرب أكتوبر73 وعبور قناة السويس، فإنّ هيكل (المُـعتمد لديهم) كذبهم حيث كتب عن صعوبات عبور القناة على النحو التالى : الصعوبة الأولى : مانع مائى خطير هو قناة السويس، وكثبان رملية على شاطئها الأيسر مباشرة، وعلى هذه الكثبان أقام العدو خطه الدفاعى الأمامى على حافة الماء مباشرة. الصعوبة الثانية : منطقة رمال مفتوحة، محصورة بين شاطىء القناة ومنطقة المضايق الحاكمة فى سيناء، والتى لا تبعد عن القناة نفسها أكثر من ثلاثين كيلومترًا. الصعوبة الثالثة : منطقة المضايق نفسها، وهى طبيعة صخرية شديدة الوعورة وعليها أقام العدو الإسرائيلى خط دفاعه الثانى. الصعوبة الرابعة : الصحراء المكشوفة حول منطقة المضايق وما وراءها، بما تــُـقدمه من فرص للعدو الذى يعتمد كثيرًا على الطيران. الصعوبة الخامسة : بعد أنْ أتمتْ مصر بناء شبكة الصواريخ المصرية- بمساعدة الاتحاد السوفيتى- غيـّـرتْ إسرائيل تخطيطها للمعركة، فأعادتْ بناء خط بارليف على صورة مغايرة تمامًـا للخط القديم، وأصبح قرارها أنْ تكون المعركة الكبرى على حافة الماء مباشرة، بواسطة التحصينات والمدرعات الكامنة وراء هذه التحصينات (هيكل - أهرام12مارس1971) فهل كان هيكل يستهدف (التحذير) أم (التيئيس)؟ لقد تعوّدتُ عدم الدخول إلى ضمائر الناس. ولكن بإفتراض حــُـسن النية، يظل السؤال الخادش للصعوبات التى طرحها هيكل : كيف استطاع جنودنا وضباطنا اقتحام خط بارليف وعبور القناة؟ وقد أبدى د. عبدالعظيم رمضان بعض الملاحظات على مقال هيكل، فإذا بالهجوم ينهال عليه من الناصريين، وكان من بينهم عقيد متقاعد كتب مقالا عن محترفى التشويش على أفكار الأجيال التى لم تــُـعاصر حرب الاستنزاف، وتهدم القيم النبيلة بإهدار تضحيات أبطال حرب الاستنزاف (أهرام27/4/1996) ولكن عبدالناصر كان أكثر واقعية (من الناصريين) فوافق على المبادرة الأمريكية التى أنهتْ (حرب الاستنزاف) التى (أنهكتْ) قواتنا المسلحة، ورغم مرور خمسين سنة مازال الناصريون يـُـغنون (نشيد حرب الاستنزاف) والتضليل الإعلامى وتزييف وتزوير الحقيقة ، لتوصيل تلك الرسالة الفجة ، بأنّ الجيش المصرى هو الذى استنزف الجيش الإسرائيلى ، بينما كان الواقع عكس ذلك تمامًـا على النحو الموضح بعاليه ، وباعتراف معبود الناصريين والعروبيين. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ممولو الإرهابيين سيحاربون الإرهاب؟
-
هل هزيمة يونيومؤامرة أمريكية/ إسرائيلية؟
-
لماذا هاجم شيوخ الأزهر الشيخ شلتوت؟
-
إيزيس : كيف ولماذا خدعتْ (رع)؟
-
تحليل عقلية رواة الأحاديث المنسوبة لنبى الإسلام
-
كيف تكون حرية العقيدة مع منع المسلم الانتقال لغيرها؟
-
أليس ما فعلته قطرمع جيرانها العرب امتداد لتاريخ العرب؟
-
مغزى استهداف الأقباط المسيحيين وليس الأقباط المسلمين
-
طه حسين يدافع عن الشيخ الذى أباح الإفطارفى رمضان
-
هىّ مصرلسه مقفوله وعاوزه اللى يفتحها؟
-
هل اقتربت لحظة خروج العرب من التاريخ؟
-
تكفيرأسامه أنورعكاشه ودوره التنويرى
-
معارك فؤاد زكريا الفكرية والسياسة
-
خيانة المثقفين لشعبنا المصرى
-
النصوص الدينية ومواثيق حقوق الإنسان العالمية (1)
-
أسئلة الواقع وردود السماء
-
هل ساهمتْ الفلسفة فى التحررمن الثوابت؟
-
مقولة التراجع فى التاريخ العربى/ الإسلامى
-
نماذج من قتل الفلاسفة فى التاريخ العربى/ الإسلامى
-
العلاقة بين الدين والفلسفة: متوازية أم عكسية؟
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|