|
التفاهمات الدولية ومخاطر التقسيم
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 5585 - 2017 / 7 / 19 - 14:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لما اقتحم " دونالد ترامب " المليارد ير العبثي ، المعروف بتصرفاته المثيرة ، عالم السياسة الأمريكية ، بمشاركته في الانتخابات ، وسط صخب جماهيري ، وسخط ساسي ، قل نظيره في التاريخ الأمريكي ، دخل العالم ، وليس أميركا فقط ،في مشهد سياسي شاذ ، شكل فيه حضور " ترامب " كفاعل رئيسي فيه ، اختراقاً في المألوف في السياسة العالمية ، وافتراقاً في السياسة الداخلية ، بين عهدين متميزين في فهم وممارسة السياسة . وكاد يجزم جميع المحللين والناشطين السياسيين و المتظاهرين ، على أن الزمن الرئاسي في عهد " ترامب " ، سيكون مختلفاً ، ومسيئاً ، لأمريكا وللعالم كله .
وحدث بعد فوزه بالرئاسة ، ترقب سياسي عام ، أشبه بالجمود .. بانتظار ما سيفعله هذا الرجل ، لملاقاته والتعامل معه بما يناسبه . ولتجنب المفاجآت غير السارة منه ، سيما تعامله نع المشاكل الدولية والحروب القائمة . وقراءته خرائط المستقبل ، من منظوره ، غير المستقر .. وغير المطمئن . ويبدو أأنه بعد فوزه بالرئاسة ، وسط كل ما حدث من ضجيج وتعابير غير سارة ، صار يشارك الآخرين هذه المشاعر المقلقة . واستنفر العائلة الشخصية ، والفعاليات الحزبية ، لمشاركته ، الخيارات ، والقرارات الرئاسية . وبخاصة الهامة منها . ولما بدأ بتطبيق سياساته وقراراته ، اختار أن يكون الشرق الوسط ، القاعدة العسكرية والسياسية الأمريكية الأقوى ، لتؤمن له السيطرة على العالم . فهذا الشرق بالنسبة له ، هو الأكثر أهمية ،لامتلاكه المفاتيح السياسية والاقتصادية والعسكرية ، لانتشار النفوذ الأمريكي . فمن الواضح أن الشرق الذي اختاره " ترامب " يحتوي على أكبر مخزون للطاقة في العالم .. ومتمركز في دول الخليج العربي وإيران . ويحتوي على أكثر العملاء عدداً وخضوعاً لأميركا . ويشمل تركيا العضو الشرس الفعال في حلف الأطلسي . كما يشمل دولة الصهيوني الشريك العضوي لأمريكا . وتشكل أراضي هذا الشرق ، جغرافية سياسية ، متكاملة ، متصلة بقارات العالم الحيوية الثلاث ، أوربا ، وأفريقيا ، وآسيا ، وفي هذا الشرق ثلاث محاور رئيسية ، تحمل أبعاداً متعددة ، ذاتية ، وإقليمية ، ودولية . وهي سوريا وقد زادتها الحرب عليها أهمية ، وتركيا ، وإسرائيل .ومركزها المقرر الآن ، سوريا ، والحرب على سوريا .
ولذلك ليس من الغرابة بشيء ، أن يختار" ترامب " سوريا . ويبحث مع مستشاريه خطط اللعب في الحرب عليها ، لضمان المصالح الأمريكية ، في المسائل الشرق أوسطية الأخرى ، وأهمها الطاقة ، والجغرافية السياسية ، والنفوذ ، وإيجاد مرتكزات أمريكية على الأرض السورية ،،لتقلص الحضور العسكري الروسي فيها ، تمهيداً لإقصائه عن الشرق الأوسط . أول قرارات " ترامب " في هذا الاتجاه كانت : = منح " ترامب " للبنتاغون صلاحية وحرية تحديد عدد ونوعية القوات الأمريكية ، التي سترسلها أميركا إلى سوريا للقتال فيها في تلك الحرب المتعددة الأطراف ، والأهداف القذرة . ويقال أن عدد القوات الأميركي التي أرسلت إلى سوريا حتى الآن يتجاوز الالاف ، فضلاً عن المطارات التي استحوذ عليها من المؤسسات السورية ، في شمال شرق سوريا وتتمركز مع وإلى جانب عملائها من " قوات سوريا الديمقراطية " . = واصلت طائرات التحالف الدولي الأمريكي غير المشروع ، ضرب مواقع معظمها مدنية في محيط الرقة مستخدمة القنابل الفوسفورية المحرمة دولياً . وتدمر البنى التحتية في المدينة = قامت الطائرات الأمريكية بضرب مطار الشعيرات بالقرب من تدمر ، حيث كان " داعش " يولي الأدبار هرباً من ضربات الجيش السوري المتلاحقة على مواقعه .
ولما وجد " ترامب " أن لا جدوى مما يفعله البنتاغون ، حيث ما زالت القوات السورية تحقق الانتصارات المتتالية على " داعش " وغيره . فكر أو نصح ، بالتعامل مع الروس دبلوماسياً ، لإيجاد مخرج مشترك ، عبر .. تفاهمات روسية أمريكية ، تؤدي إلى ، الحل العملي للأزمة السورية . ولاكتساب قواعد نفوذ عسكرية و سياسية في آن . وقد سار " ترامب " في اتجاه اليحث عن التفاهمات المطلوبة مع روسيا . وجرى وضع مباديء التفاهمات . وتم بناؤها مطابقة لخطة " تخفيف التصعيد الجاري إعدادها أيضاً مع الجهات المعنية . التي تشمل أربع مناطق سورية ، بإشراف وضمان روسي أميركي ودول ذات صلة حية بالحرب على سوريا . والجدير ذكره هنا ، ينبغي أن يفهم أن " تخفيف التصعيد الحربي ، يعني عملياً " الهدنة " . بمعنى أن الحرب على سوريا سيكون فيها عمليات عسكرية متصاعدة في مناطق " داعش والنصرة " وهدنة .. تخفيف التصعيد في مناطق تحت سيطرة مسلحين آخرين .
فهل هذه التفاهمات الروسية الأمريكية .. تفتح الطريق حقاً للحل السياسي .. وبين من ومن ، وبإشراف وضمانات من هذا الحل ؟ من الواضح أن سوريا قد وصلت عسكريا وسياسياً ، إلى واقع ثابت ، أن الحاضنة الدولية بوجهيها الصديق والمعادي ، قد عززت حضورها العسكري على الأرض السورية ، وامتلكت ، إلى حد كبير ، قرار المصير السوري . ما يعني منطقياً أن سوريا قد باتت مقبلة على مرحلة احتمالات جدية تقسم فيها أراضيها .. ومدنها .. وسيادتها . لا تختلف عما طالبت به الأقليات السورية الانفصالية منذ بداية الحرب ، وما تزال، . فضلاً عن استدعائها .. وتعا ملها مع الخارج لتحقيقها
إن إحدى النتائج المأساوية للتداعيات الصراعية التناحرية ، ومن ثم المسلحة ، واستدعاء الأجنبي المعادي ، والرهان على حلوله لما سمي بالأزمة السورية .. هي أن المعارضة السورية بالمحصلة كانت فاشلة ، ممزقة الرؤى والأهداف والصف الوطني الموحد ، خاصة بتشبثها في ظروف الحرب الوطنية بعدائها الهيستيري العبثي للحكم . وفشل قوى الحكم بتأمين الجسور المؤدية إلى التلاقي ، مع من هم على خلافات غير خيانية معهم . وبعد هذه السياسات لقوى المعارضة ، وردود فعل الحكم ، ستتحول مناطق واسعة من سويا إلى ، بعد كل هذه الحرب البشعة ، إلى محميات تحت مظلة التفاهمات الروسية والأمريكية ، ومشاركة بعض دول الجوار المتآمرة .و ليس لهذه التفاهمات أمد محدد .. ولا مخارج مشرفة في المستقبل المنظور .. بل وباعتبار " ترامب " وتركيا ، وإسرائيل والأردن شركاء في التفاهمات ، فإنها مهددة بالتحول واقعياً إلى تغطية لتقسيم سويا . بدلالة أن الجهود الدبلوماسية ، قد فشلت جمس مرات في أستانا ، وسبع مرات في جنيف . وهذ سيعزز في حال استرار نهج " ترامب " الدولي المشكوك في نواياه إزاء سوريا وغيرها من بؤر العالم الساخنة الآن وفيما بعد .
ما يفرض السؤال .. أليس من العار ، واللاعقلانية ، أن تتفاهم قوى دولية متصارعة ، وأحد أطرافها " ترامب " المعروف بغدره ، وعدوانيته ، ومطامعه ، وعدم الثقة بمصداقيته ، جرياً وراء مصالحها في سوريا ، وفي جوار سوريا المستضعف ، وتتباحث حول مخرج ينسجم ومخططاتها الآنية والاستراتيجية .. فيما السوريون باقون على خلاف عسير الحل .. ويتركون للأجنبي ، وفيه " ترامب " وأمثاله ، فرص التصرف بشؤونهم ومصيرهم . وفي أحسن الأحوال يشارك بعضهم في تنفيذ مشيئة الآخرين في الأمور السورية . ؟ ..
فقط وحدة المعارضة الوطنية .. ووحدة الصف الوطني ، هو الذي يحول دون خيارات التفاهمات الدولية المفخخـة .. بألاعيب " ترامب " وغيره .. أن تمر في سوريا .
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة 14 تموز .. والمتحدة .. والمصير التاريخي
-
عودة ووحدة اليسار مطلب وطني وطبقي
-
خيار المقاومة وحتمية الانتصار
-
عالم بلا قانون دولي
-
في مواجهة غزو التحالف الدولي الأمريكي
-
الرقة العظيمة .. صامدة .. تقاوم .. وستنتصر
-
50 عاماً على حرب حزيران ثانية
-
خمسون عاماً على حرب حزيران
-
الشعب لن ينتظر طويلا
-
الرأسمالية ستزول .. والاشتراكية عائدة
-
من أجلك تشرق الشس
-
أخي السوري اصنع نصرك
-
موت عابر خلف قضبان الجحيم
-
أول أيار عام سابع حرب
-
كلنا فلسطين .. كل فلسطين
-
مقدمات وتداعيات استفتاء أردوغان الانقلابي
-
عيد الجلاء .. عيد المقاومة والتحرير
-
عن غير يسار
-
سوريا قادرة على دحر الإرهاب الأميركي
-
الفرات حين يغضب إلى الرقة المحتلة
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|