رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 5582 - 2017 / 7 / 16 - 02:28
المحور:
الادب والفن
الحكمة في كتاب
"كهل وكهف وقول"
نجاح الخياط
عندما يبلغ الإنسان من العمر عتيا تستكين نفسه ويتجه إلى التأمل والتفكير بروية، فبعد انقضاء عمر مديد في العمل ومعترك الحياة لا بد له من التوقف عن العديد من المحطات التي أثرت فيه.
"نجاح الخياط" تقدم لنا هذا الكتاب الذي يمثل خلاصة فكرتها عن الحياة، فهي تبدأ نصوصها بلغة أدبية ناعمة أقرب إلى الطبيعة وما فيها من جمال حركة، وكأنها بهذه اللغة تؤكد حالة التأمل التي وصلت إليها، فهي لم تعد قادرة على الصراع، لهذا تصالحت مع الحياة وأخذت تحدثنا بهذا الشكل: "كهف في أحد الجبال، عنكبوت ينسج خيوطه بهدوء وطمأنينة، ينتقل من حجر إلى حجر" ص12، إذا ما توقفنا عند الافعال المستخدمة نجدها أفعال ناعمة وسلسة، تبتعد عن الصخب والعنف، فحتى العنكبوت رمز الخراب نجده ينسج خيوطه بهدوء، وهذا يؤكد على أن الكاتب منسجمة تماما في أفكارها وألفاظها. ونجد هذا الانسجام أيضا عندما نرى لمسة إيمانية تضفيها على نصوصها: "شكرت الله وحمدته، صليت ودعوته" ص34، بمثل هذه المقاطع الناعمة والسلسة والهادئة تفتتح لنا "نجاح الخياط" الأفكار التي تريدنا أن نصل إليها، ففي نهاية كل فقرة نجد الحكم التي استخلصتها من الحياة، وفي غالبيتها جاءت على لسان الفلاسفة كقول "أفلاطون": "كلما قل تفكير الإنسان كثر كلامه" ص13 والعظماء الانقياء الذي اخلصوا لفكرهم ولعقيدتهم، فنجد اكثر من قول للنبي (ص): "لا شيء يرفع المرأة كالعفة" ص 35، ومنها ما استخلصته من الحياة كهذا القول: "ليس ثمة بارجة كالكتاب تنقلنا بعيدا بعيدا، ليس ثمة جياد كصفحة شعر متوثب" ص31، أعظم لذة أعرفها هي أن أفعل الفعل اطيب خفية" ص14، وهذا القول: " التصوف الجلوس مع الله بلا هم" ص40، ومنها ما هو متداول كهذا القول: "عجبت لمن يغسل وجهة مرات في النهار ولا يغسل قلبه ولو مرة في السنة" ص14، وهذا القول: " جمال بلا فضيلة كزهرة بلا رائحة" ص18، " وابن المقفع: " ليعرف العلماء حين تجالسهم أنك على أن تسمع، أحرص منك على أن تقول" ص35، وتضع الكاتبة في نهاية كتابها لوحات يغلب عليها اللون القاتم، يمثل الحالة التي مرت بها، فهي عاشت بعيدة عن وطنها الذي هجرته مكره، فبقى حلمها أن تكون فيه وليس في المنفى.
الكتاب من منشورات الدار المتحدة للنشر، 1997، ونذكر بأن الكاتبة من مواليد مدينة نابلس، فلسطين.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟