|
ما بين النخبتين - الحزبية والعشائرية -
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 1453 - 2006 / 2 / 6 - 11:27
المحور:
القضية الكردية
ليس جديدا على الوطنيين الكرد ما يلحظونه بين الحين والآخر من مشاهد ومحاولات وتحركات في مناطقهم من جانب أجهزة السلطة واداراتها بزعم البحث عن حلول لقضاياهم حسب الدعاية الرسمية دون أي اعتبار لآرائهم ومطالبهم كما حصل مؤخرا في استدعاء مجموعة من المواطنين الكرد من مناطق محافظة – الحسكة – تحت مسميات زعامات العشائر والعوائل الى دمشق للقاء الرئيس السوري الذي لم يتم بل استبدل بلقاء بعض المسؤولين في الحزب الحاكم وأجهزة الأمن فطبيعة ادارة النظام لجوانب القضية القومية الكردية لم تتغير وباتت أكثر من مكشوفة وهي لمن لايعلم بعد أو لمن يتجاهلها عبارة عن مسألة أمنية تدار من جانب منظومة الاجهزة المتعددة وبشكل خاص كل من " الأمن العسكري " و " الأمن السياسي " وباشراف مباشر من الضابط المتخصص بالملف الكردي اللواء – محمد منصورة – الذي يدير خططه ومشاريعه – الكردية – حتى الأن من العاصمة والذي قضى جل خدمته ! في احدى المناطق الكردية وتحديدا في – القامشلي – ( جاء برتبة ملازم وغادر جنرالا ) بالاضافة الى تعامله المباشر مع قضايا كرد العراق وتركيا ومازال ممسكا بهذا الملف بعد نجاحاته الباهرة ! بفضل وسائل التهديد والترغيب من - السلطة والمال والنفوذ - في اختراق الحركة السياسية الكردية وتفتيتها والتأثير السلبي في مسار بعض منظماتها خاصة بعد أن ضمن صعود نجمه كابن بار للمنظومة الأمنية العائلية الحاكمة واخلاصه الكامل للرئيسين السلف والخلف . من غير المنصف أن يصب البعض جام غضبه بادعاء الحرص على المصلحة القومية على أفراد الوفد الذين استدعوا الى دمشق ليس لأنهم لاحول لهم ولاقوة ولم يزعموا أنهم يمثلون كرد محافظة الحسكة ومن المؤكد أن بينهم وطنييون صالحون بل لأن هذا الأسلوب هو نوع من التهرب في مواجهة الحقيقة بالتركيز على النتائج وتجاهل الأسباب والمسببات ومنها : أولا : ليس لأي طرف أو جهة حزبية وعشائرية وعائلية ومناطقية لوحدها وفي ظل الواقع الراهن حق الادعاء بتمثيل الكرد والقضية الكردية أو الانفراد باتخاذ القرار القومي أو توزيع شهادات حسن السلوك الوطني على الآخرين واذا كانت الحركة القومية الديموقراطية الكردية قد اكتسبت نوعا من الشرعية التاريخية والاحترام الشعبي والتمثيل الواقعي لطموحات ومصالح الأغلبية من أبناء الشعب الكردي في بعض المراحل مقابل برنامجها النضالي السليم وتضحيات قادتها ونشطائها ووحدة مواقفها السياسية بشكل عام - رغم خروج قلة قليلة غير مؤثرة في أكثر الأحيان عن الاجماع القومي - فانها الآن وبكل أسف بدأت تفقد مصداقيتها أمام الجماهير وتبدو ضعيفة أمام الأصدقاء ومحرومة من كل أنواع أوراق الضغط أمام النظام الحاكم الذي لايتورع عن سلوك كل السبل لاستثمار ذلك باثارة الفتنة بين صفوف الكرد وتعميق الخلافات الجانبية وتجاهل الأحزاب باحياء العصبيات ما قبل الوطنية لاغراق المناطق الكردية بالجهل والتخلف واعادة عقارب الساعة الى الوراء وعزل الطاقات الوطنية الفاعلة في الوسط الكردي عن حركة المعارضة الديموقراطية الناهضة في البلاد . ثانيا : اذا كان الوفد الأخير قد توجه الى دمشق ولايحمل برنامجا مشتركا واضحاحول الحقوق القومية والديموقراطية ولم يتسن له الاجتماع برئيس الجمهورية حسب ما خططت له الأوساط الأمنية بهدف جرد الموضوع من مضمونه القومي والسياسي وتلوينه بالطابع المحلي فان الأمر لايعدو كونه جزء من ألاعيب السلطة وتكتيكاتها المتبعة تجاه الشأن الكردي وهذا ما أراد فضحه واعلانه عدد من أعضاء الوفد عبر بعض الأدوات الاعلامية ومن منطلق المصير المشترك يمكن معاتبة العقلاء منهم وتخطئتهم على التورط في – ابتلاع الطعم - ولكن علينا القول أيضا أن بعضا من أحزابنا مارس الشيء ذاته أكثر من مرة وخلال أعوام متواصلة و – هرولت – قياداتها في جنح الظلام الى العاصمة لتقف بوجل أمام مسؤولين أقل مراتب ومواقع من مضيفي – وفد الوجهاء – دون أن تقدم أية توضيحات وتفسيرات ليس للشعب الكردي فحسب بل حتى لمناصريها وأتباعها لذلك نلاحظ أن تأثر وانزعاج البعض من الأحزاب ينمان عن الغيرة والحسد لأنه كان الأولى بنيل تلك – الحظوة – قبل أولئك المدعوين متناسيا أن السلطة تقوم بتغيير – معتمديها وأنصارها– بين حين وآخر عندما تدعو مصالحها ذلك . ثالثا : متزعموا الأحزاب الكردية يتحملون المسؤولية الأولى والأخيرة في الحدث الراهن – هذا اذا كان هناك ثمة كارثة قومية - فهم يقفون عقبة كأداء أمام التغيير الديموقراطي داخل الحركة الكردية الذي سيؤدي – اذا تم – الى التخلص من ضعاف النفوس وأصحاب الغايات الشخصية وحاملي الأحقاد والى ضخ الدماء الجديدة في جسم الحركة والتوحيد وصياغة البرنامج النضالي الواقعي واكتساب ثقة الرأي العام الكردي وتفعيل دوره في الساحتين القومية والوطنية بمافي ذلك توفير وتهيئة محاور كردي يفرض نفسه على الصديق والعدو ويعبر عن الحقيقة الكردية ويمثل مصالح وطموحات الأغلبية الساحقة من ابناء الشعب وأن ما يقلق أكثر ويثير التساؤل هو احجام المجموعات التي تتشابه في الطرح السياسي والمنطلقات الفكرية – المعلنة - عن احداث أي تقدم باتجاه التنسيق – وهو أضعف الايمان - ولا نقول الاتحاد والوحدة بل الأنكى من ذلك انها تتشاطر على البعض في المناورات والمزايدات لكأنها تعيش في كنف – وطن حر وشعب سعيد – ولا تنقصها الا ترف الألاعيب البهلوانية , انه لمن المؤسف أن تمضي – قيادات – الأحزاب في مواصلة تجاهل حقائق نتائج ومعطيات الهبة الكردية في آذار 2004 وأولى دروسها في تجاوز التشكيلات الحزبية القائمة بمرتكزاتها الذاتية والموضوعية التي ثبت فشلها وتقدم الجماهير والجيل الجديد بأشواط على قيادات الأحزاب من جهة التضحية والفداء والوعي السياسي والالتزام بالمبادىء القومية والوطنية . رابعا : ليس من باب التغني بالأمجاد بل في سبيل استذكارالصفحات الناصعة من تاريخ حركتنا واستخلاص العبر والدروس من مسيرتها النضالية ومقارنة الأمس باليوم أعود اربعين عاما الى الوراء عندما قررت قيادة حزبنا – البارتي الديموقراطي الكردي اليساري – تكليفي بالعمل لتشكيل وفد شعبي كردي في محافظة – الحسكة – يعبر قدر الامكان عن النسيج الاجتماعي والمناطقي بهدف التوجه الى العاصمة وابلاغ رفض الكرد لمخطط الحزام العربي في بداية تطبيقه في المحافظة على رئيس الحكومة السورية آنذاك الدكتور يوسف الزعين ولم يمض اسبوع الا وكنت على رأس وفد من خمس وثلاثين مشاركا في دمشق استجابوا لندائنا والتزموا بأغلبيتهم الساحقة بالمذكرة التي أعددناها لتقديمها لرئيس الحكومة والتي تضمنت بالاضافة الى مسألة الحزام العربي الخاص بالجزيرة مطالب الكرد القومية والديموقراطية والاجتماعية , ان ما يمكن استنتاجه هو أن الحزب في ذلك الوقت كان واثقا من دوره وشرعيته التاريخية والنضالية وهو الذي دعا لوفد شعبي وليس السلطة واستطاع تحقيق ذلك مع قبول مذكرته وطرحه السياسي من جانب الآخرين دون اكراه لأن الحزب ورغم وجود تيار اليمين المناوىء لنهجه كان متماسكا وصاحب برنامج نضالي شفاف وموقف سياسي ديموقراطي واضح وقيادة صادقة مضحية لم يمنع نهجه اليساري القومي من أن يستحوذ احترام مختلف مكونات المجتمع الكردي ومن بينها الشخصيات الوطنية المستقلة ومرجعيات العشائر والوجهاء والعوائل ورجال الدين والفئات الميسورة التي تمثلت في عضوية ذلك الوفد الوطني . وهكذا وفي ظل غياب الحركة السياسية الكردية الموحدة القوية ببرنامجها وفعلها ونشاطها وقيادتها الواعية المضحية وفي غياب المرجعية القومية المركزية الشاملة فان القرار الكردي سيبقى غائبا أو مشتتا وموزعا بين هذه المجموعة أوتلك وستفلت الأمور من سيطرة الجميع وتترك الساحة لسيادة السلطة الشوفينية وأجهزتها وأتباعها كما هو حاصل لتعبث بقضايانا القومية والوطنية كما تشاء , لقد أوشك التردي الحاصل أن يدفع بنا وجها لوجه أمام حالة جديدة مبتكرة تتحول فيها أحزابنا الى نخب عائلية – شللية لايجمعها فكر أو منهج لأنها ظهرت – بأغلبيتها – وخاصة منذ بداية سبعينات القرن الماضي من تحت ركام الانشقاقات والخلافات الشخصية وترعرعت على ثقافة التخوين والغاء الآخر المخالف بأي ثمن وبصورة أخص المنبثقة في حقبة اللواء – منصورة - ثم لتتشابك مصالحها يوما بعد يوم مع أوساط السلطة الحاكمة , وتتوجه فيها عشائرنا وبعض أغنيائنا المستفيدين من – الأزمة – الكردية أيضا الى مهنة – صناعة - أحزاب وجمعيات ومراكز قوى حسب مقاسها قد تكون سهلة على الانصياع على غرار ما هو قائم مادام الأمر بهذه السهولة . هذا ما أردت الافصاح عنه في هذه العجالة بما يتعلق بجانب من هموم الخصوصية الكردية في سورية برهن الأغلبية الصامتة من الوطنيين والديموقراطيين الكرد والجيل الشاب على وجه الخصوص – منبها ومحذرا - وللموضوع صلة .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديموقراطية المغدورة
-
أيام سورية خارج التاريخ
-
حوار مع شركاء التاريخ والجغرافيا
-
الحل العربي للأزمة السورية : - فاقد الشيء لا يعطيه -
-
ماذا يعني خروج - خدام - على النظام ؟
-
نظام - الرجل المريض - على حافة الهاوية
-
جدلية الداخل والخارج
-
كركوك : التحدي الأكبر أمام التعايش القومي في العراق الجديد
-
قناة - الجزيرة - : عنوان الاعلام المضاد في عصر التغيير
-
المنبر الذي يزداد تألقا
-
قناة الجزيرة : عنوان الاعلام المضاد في عصر التغيير
-
الديموقراطية في الشرق الأوسط الجديد
-
شهادة في الراحل مصطفى العقاد
-
هل صحيح أن استقرار المنطقة مرهون ببقاء النظام السوري ؟
-
رحلة بارزاني : سبعة أيام - عولمت- كردستان
-
نعم انه حل - بعثوي - للقضية الكردية في سورية
-
اعلان - المترددين - في دمشق والمهام العاجلة
-
مأساة متواصلة برسم النظام العالمي الجديد
-
نحو دستور التوافق الوطني السوري - وجهة نظر كردية
-
الرئيس - المعارض - ضد الحزب - الحاكم - !
المزيد.....
-
المقررة الأممية لحقوق الانسان في فلسطين: اسرائيل تريد ترحيل
...
-
السعودية.. إعدام 3 أجانب والكشف عن جنسياتهم وجرائمهم
-
-قطع جثتها إلى 20 قطعة-.. محكمة تؤيد إعدام مواطن كويتي ارتك
...
-
واشنطن تجهز غوانتانامو مقرا لترحيل المهاجرين
-
-الأمن السوري- يشدد قبضته بالساحل ويعتقل العميد عاطف نجيب ال
...
-
أميركا.. هذا ما ينتظر -المهاجرين المرحلين- في غوانتانامو
-
إسرائيل تعيد اعتقال أسرى سابقين في الضفة الغربية
-
إبداع ورسائل كالرماح.. مغردون يصفون عملية تسليم القسام دفعة
...
-
حماس: الاحتلال يتلكأ في تنفيذ مسار الإغاثة والإعمار بغزة
-
حماس: الإحتلال يتلكأ في تنفيذ مسار الإغاثة والإعمار في غزة
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|