أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يزيد القرطاجني - ايات من الذكر الحكيم















المزيد.....

ايات من الذكر الحكيم


يزيد القرطاجني

الحوار المتمدن-العدد: 5580 - 2017 / 7 / 13 - 21:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


« Le fait est que la race d’Ismaël a été infiniment plus favorisée de Dieu que la race de Jacob. L’une et l’autre race a produit à la vérité des voleurs… » Voltaire, Dictionnaire Philosophique, A, Abraham.
كثيرة هي السور والآيات التي تثير الريبة وتبعث في النفس حيرة وشكا، "فلا يطمئن القلب ولاهم مؤمنون"، كذا يكون الحال حين يتعلق الأمر بسورة النساء مثلا أو بهجاء "العزيز الحكيم" للأسود بن يغوث أو الأخنس بن شريق أو الوليد بن المغيرة، حيث يغدو إله الإسلام أشد قسوة من آلهة الأولين ومقذعا في السباب والشتم بدرجات تتجاوز فظاعة وشناعة هجاء جرير أو قول أبي الطيب في أعتى لحظات سخطه على كافور... ولا تختلط وتتكثف في قولهما معاني ومشاعر الحقد والكراهية والمقت والبغضاء كتلك التي اجتمعت في آيات سورة القلم التي نزلت في الوليد:" ولا تطع كل حلاف مهين (10) هماز مشاء بنميم (11) مناع للخير معتد أثيم (12) عتلّ بعد ذلك زنيم (13)". هذا القول الآثم (وهو ثلب يعاقب عليه القانون في أيامنا هذه) يتحول -بقدرته فقط !!- إلى شكل من أشكال الإعجاز والبيان لدى المسلم الذي سلب الإيمان الأعمى عقله، بمجرد أن يرتله صوت جميل فينتشي بجمالية الترنيم ولا يفقه قبح القول. وإله محمد أهجى آلهة الكون، إذ لم يسلم من "لسانه" لا البشر ولا الحمير ولا الكلاب ولا الأنعام وحتى الجبال والجماد والشجر والحجر...
بعيدا عن هذه السور والآيات التي لا يحتاج فيها العقل السديد إلى جهد جهيد ليتبيّن بشريّة النص القرآني، هناك من الآيات ما يمكن اعتبارها آيات مفاتيح تساعد على الفهم، لا الحكم، يعني أن نفهم بها ومن خلالها السياق التاريخي للقرآن ولغز شخصية محمد وأحداثا أخرى تلته مثل حادثة ما يعرف بالسقيفة أو الفتنة التي سمّيت كبرى... لكن أن نفهم أيضا كيف يفكر المسلم اليوم وبخاصة في علاقته بالآخر "اللامسلم" أو "الكافر" على حدّ تصنيفه ... ضمن هذا السياق اعرض لآية أربكتني منذ سنوات علاقتي البريئة بالقرآن، قبل الخلاص من العصاب الجماعي، لمّا كنت أردّد فيها مع الصبية آيات من "الذكر الحكيم" دون قراءتها (حول الفرق بين الترتيل والقراءة يمكن مراجعة كتاب يوسف الصديق: "هل قرأنا القرآن أم على قلوب أقفالها؟"). ويتعلق الأمر ههنا بقوله "تعالى": "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم..." (الفتح 29). آية تحوي مغالطة تاريخية في شطرها الأول، وتختزل على نحو بليغ، في شطرها الثاني، تاريخ علاقة المسلمين بغيرهم، من أبي بكر القرن السابع (الصديق) إلى أبي بكر القرن الواحد والعشرين (البغدادي) على أنّ الفرق بينهما لا يعدو أن يكون مجرّد كنى، وأمّا "المآثر" فنفسها: من إضرام النار في رأس مالك بن نويرة إلى حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة.
تجمع هذه الآية المقتضبة تناقضات صارخة، كما تكشف عن أبعاد في شخصية نبيّ الإسلام وأصحابه، لذلك سيتم الاشتغال عليها وفق ثلاثة محاور رئيسة:
- المحور الأول: ذكر اسم محمد في القرآن؛ فهذه الآية تعتبر من الآيات القلائل (أربع آيات) التي ذكر فيها اسم محمد في القرآن. ولا ريب أن هذه المسألة، مسألة نسب محمد واسمه، أثارت جدلا واسعا لدى المؤرخين والمختصين في دراسة الأديان منذ سيرة ابن إسحاق ولا يمكن الجزم فيها على نحو متسرع وعابر. بيد أنّ ما يمكن التنبيه إليه انه في المرات الأربع التي ذكر فيها محمد في القرآن لا يمكن القطع بأن الأمر يتعلق باسم علم بدل صفة أو نعت أو شيء من هذا القبيل. وما تشديد المصادر الأولى على انه اسم سمي به منذ الطفولة وحياكتها للأساطير والخرافات حول مولده وتأكيدها على أنه اسم متداول في عُرف العرب قبل مولد نبي الإسلام، بل ومحاولة تقديم جرد بقائمة من الأشخاص الحاملين لهذا الاسم في الجاهلية إلا مؤشّر على وجود لبس أو هو مشكل الكمون (contenu latent) والمأثور كما عالجه فرويد في كتابه موسى والتوحيد، حيث يؤول المأثور(الروايات الشفوية الأقرب إلى الحقيقة التاريخية) إلى منسي ومهمل تحت وطأة المكتوب، غير أن هذا المكتوب عادة ما يحمل في طياته كمونا باعتبار أن الوقائع والمعطيات الأقرب إلى الواقع التي تسعى الروايات المكتوبة إلى طمسها قصدا وعمدا لا تضيع بشكل نهائي، بل تجدها مشتتة هنا وهناك؛ في بحث ابن إسحاق عن الأصول السريانية لاسم محمد مثلا ؟ أو في قول البلاذري في أنساب الأشراف في معرض حديثه عن عبد الله انه "كان يكنى ابا قثم"...؟

- المحور الثاني: الحقيقة التي تتضمنها الآية حول أصحاب محمد" الرحماء بينهم"، "فالصحابة كلهم عدول، أولياء الله تعالى وأصفياؤه، وخيرة من خلفه بعد أنبيائه ورسله" كما فسّر ذلك القرطبي (تفسير سورة الفتح). هذه الحقيقة برزت للعيان وأيدت حكمه "الحكيم" بمجرد وفاة نبيه، إبّان حادثة السقيفة وصراع الخلافة وانتزاع البيعة عنوة من بعضهم، لكنها تأكدت أكثر في الفتنة الكبرى بدءا بمقتل عثمان ابن عفان "ذي النورين، الصحابي الجليل والخليفة الثالث" حتّى مقتل علي "الذي كرّم الله وجهه فخرّ في المحراب، فعملية جرد بسيطة لأعداد القتلى من المسلمين في واقعة الجمل ومن بعدها صفين من شأنها أن تبين قطعا شدة الرحمة والتوادد بين أصحاب نبي الإسلام:
+ الجمل: حرب علي، ابن عم نبي الإسلام وأحد أبرز أصحابه، ضد عائشة، أم المؤمنين وأحب زوجات نبي الإسلام إلى قلبه، يعضدها في ذلك الزبير بن العوام، حواري رسول الله وابن عمته، وطلحة بن عبيد الله، من المبشرين بالجنة ومن السابقين الأولين الى الإسلام. ويحصي الطبري في تاريخه ناقلا عن سيف بن عمر موت عشرة آلاف مسلم موزعين على نحو متفاوت بين مختلف القبائل المشاركة في هذه المعركة، مع مقتل الزبير وطلحة (رقم مفزع يعبر عن رحمة لا مثيل لها بين المسلم والمسلم).
+ صفين: حرب علي ومعه عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر، ابن الخليفة الأوّل، في مواجهة معاوية وعمرو بن العاص وعبيد الله بن عمر بن الخطاب، ابن الخليفة الثاني. وتنقل المصادر أنها دامت تسعة أيام وسقط فيها قتلى وجرحى كثيرين وقتل فيها عمار بن ياسر وعبيد الله بن عمر.
إن رحمة أصحاب رسول الإسلام وأتباعه وتوددهم بعضهم لبعض سيتواصلان في النهروان والمجزرة التي خلفها أنصار علي في صفوف الخوارج، وفي الفتنة الثانية وما صاحبها من مقتل الحسين وعبد الله بن الزبير، وفي الصراع الأموي العباسي...، وصولا الى المودة التي تبديها مملكة آل سعود اليوم تجاه اليمنيين، مودة ورحمة بلغت حد "الكوليرا"...
- المحور الثالث: الشدة على الكفار، فهذه الآية تحمل تعريفا للمسلم، أي محمولا على جوهر أو هوية المسلم، صفة يمكن ان نميز من خلالها المسلم عن غير المسلم. وصفة المسلم أن يكون شديدا عنيفا على الكفار، غضوبا عبوسا في وجوههم، غير أنه يمكن لبعضهم أن يعترض قائلا إن هذا القانون إلهي يكون ساري المفعول فقط في المعركة، أوفي ساحة الحرب، أو في حالة التعرض للاعتداء... واعتراضهم هذا لا يستقيم، فالشدة على الكفار ارتبطت بغزو شعوب لم تفكر في يوم ما في الاعتداء على العرب في جزيرتهم المعزولة، والشدة أو الغلظة هوية تعين كينونة المسلم، ففظاظة عمر بن الخطاب وغلظته صرتا مضربا للأمثال، و جعلتا منه، إلى يومنا هذا، نموذجا للمسلم الكامل وحلما يراود كل شاب مسلم في أن ينحى منحى الفاروق ...
ان "جزيرة الإسلام"، جزيرة قفر لا مكان فيها الا "للشبيه المماثل"، اما الاخر فهو كافر يعالج بصلابة وقسوة لا تلين؛ فهو اما الضعيف المهين، "يدفع الجزية صاغرا ذليلا"، او هو المتآمر على الدين الحق، "المحارب لله ورسوله"، "فيقتل او يصلب او تقطع ايديه وأرجله من خلاف او ينفى من الأرض"...
مسلم جحود، لا يرغب في ثروة، او مجد، او شهرة



#يزيد_القرطاجني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -فلما قضى زيد منها وطرا-، أو في مغالطة الخلط بين السبب والنت ...
- المعجزة و العجز و العجيزة


المزيد.....




- كيشيناو تمنع رئيس الأساقفة من السفر إلى القدس مجددا
- استجواب جماعي لرجال الدين الأرثوذكس في مولدوفا
- رئيس البعثة الكنسية الروسية في القدس: سلطات كيشيناو تتدخل بش ...
- الكنيسة الروسية تعلق على تعطيل كيشيناو رحلة أسقف المطرانية ا ...
- إصابات إثر اعتداء للمستعمرين في سلفيت
- المسيحيون في القدس يحيون يوم الجمعة العظيمة وسط أجواء مثقلة ...
- البابا فرانسيس يزور سجنا في روما ويغيب عن قداس عيد الفصح
- فرح الصغار وضحكهم: تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على نايل ...
- جنود في مالقة الإسبانية يحملون تمثال المسيح في موكب الخميس ا ...
- استطلاع يظهر ارتفا مفاجئا لـ-عوتسما يهوديت- في الانتخابات


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يزيد القرطاجني - ايات من الذكر الحكيم