أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد العزيز مبارك حمزاوي - تأملات في سؤال الكينونة والماهية














المزيد.....

تأملات في سؤال الكينونة والماهية


عبد العزيز مبارك حمزاوي

الحوار المتمدن-العدد: 5580 - 2017 / 7 / 13 - 00:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من الأسئلة الحارقة التي تؤرق وتقض مضاجع الأفراد والجماعات؛ سؤال الوجود والماهية، وهو سؤال مركزي مهم، إذ يحمل أسئلة شتى تجعل الرؤية متشظية.
سؤال "من نحن؟ " سؤال وجودي ومصيري لكن للأسف لا يُثار في مجتمعاتنا الشرقية " إلا لماما، بل يَتْرُك مكانه لسؤال بديل قد يبدو للوهلة الأولى أنهما سيان غير أن هناك بون شاسع بينهما، وهو السؤال عن الكينونة : من نكون؟ وهذا سؤال يرتبط في ماهيته بالتاريخ، لذلك نجد كل من يثيره بهذه الصيغة - بوعي أو بلا وعي - ينطلق من محددات ماضوية أكل عليها الدهر وشرب ، فهو يُعدِّد لك أجداده وأصوله في حين أن السؤال المركزي يريد منك الحديث عن الآن وليس عن الماضي، فلله در الشاعر حينما قال:
كن ابن من شئت واكتسب أدبا,,,,,يغنيك محموده عن النسبِ
إن الفتى من يقول هاأنذا.......ليس الفتى من يقول كان أبي
سؤال الآن على النقيض مما سبق يدفعك دفعا إلى طرق مسلك وعر وهو مسلك سؤال الماهية والطبيعة "من نحن" عوض من نكون ف"النحن" تلخص الوجود الآني والطبيعة المرتبطة بالهُنا والآن، أما من نكون فهو يتكيء على الفعل "كان" المرتبط بأحداث قديمة، ولعل ما يدل على ذلك أننا نحدد وجودنا بالماضي فَحين تسأل واحدا من المغرب مثلا: من أنت ؟ فهو يجيب بمنطق من يكون؟ لا بمنطق من هو ؟ حيث قد يجيبك أنا أمازيغي من أبناء مازيغ ابن من أبناء دادا عطا هذا إن كان ينتمي لأيت عطى مثلا! أو أنا دكالي أو سوسي أو ريفي أو غيرها من التحديدات القبلية... ، في هذا كله يكون قد جانب الصواب في جوابه لسبب بسيط هو أن السؤال يرمي إلى تحديد الماهية لا الكينونة ، فالمُستفهِم يسأل عنك أنت لا عن أسلافك ويريد منك تحديد ماهيتك وجوهرك.
إنه تحوير للنقاش وتغيير لاتجاهه من الاستفهام عن الذات والبحث في ماهيتها وحدودها إلى البحث في ذوات غيرية لا علاقة لها بالآنا إلا من الناحية الجينية، وهي نظرة قاصرة وغير معمقة لتصورنا للذات والآخر في الآن نفسه، وكلما تذبذب التصور حول هذا الموضوع بالذات صَعُب الإدراك وتعرض للتشويش ومن ثمة حينما لا تُحدد الذوات الفردية بناء على محددات تنطلق من الماهية لا من الانتماء - كما أسلفنا الذكر - فإن فرص الالتقاء والتعاون رغم الاختلاف والتباين الجيني تعتبر صعبة بل تكاد تكون مستحيلة.
لذلك أهمس في أذن الأجيال الصاعدة؛ تحرروا من أسر التاريخ إن شئتم أن ترقوا في درجات الوجود وإلا فإنكم لن تتحرروا من النظرة الماضوية التي تفرق، وتكبح سبل النمو والرقي ....
وعليه ينبغي أن نفكر بمحددات ماهوية تجعلنا ننماز بها عن غيرنا، لذلك علينا أن ننطلق من الحاضر محدثين قطيعة ابستمولوجية مع الماضي، قطيعة تساعدنا على تلمُّس محددات وجودنا بمقومات ذاتية!، بحيث نعي كينونتنا الآنية زمانا ومكانا دون التفريط في علاقتنا بالتاريخ على ألا يطغى هذا الجانب الأخير على هويتنا، ذلك أنه مليء بالمتناقضات، فيه إخفاقات وإشراقات؛ لذلك جاز أن يُعتبر حقلا للألغام بامتياز، لا يُـمكن النجاة منْ أفخاخه، وكأن الذي يتيه في مفاوزه يخوض غمار الغوص في بِرْكَة آسنة غير واضحة القرار.
إن القطيعة السالفة الذكر هي بمثابة قراءة متفحصة بنَفس انتقائي لمفاوز التاريخ ؛ إنها عملية غربلة واعية تنظر إلى الماضي بعيون الحاضر لا بعيون الماضي الذي يُصنِّف الأفراد والجماعات إلى أسياد وعبيد، رعايا وحكام، ويجعل الانتماء الهوياتي مرتبط بالقبيلة لا بمحددات آخرى تُستلهم مما يسمى في الأدبيات المعاصرة ب"المجتمع" المكوِّن للدولة المدنية بمفهومها المعاصر.
مشكلتنا المركزية تكمن إذن في كوننا نعيش انفصاما في الشخصية الجماعية، إذ أننا نعيش زمانيين؛ زمن آني من مظاهره الانخراط بوعي أو بلا وعي في الجانب المظهري للحضارة الإنسانية المعاصرة (خاصة قشور التكنولوجيا وسلبياتها) لكن بعقلية ماضوية مما يجعلنا نعيش زمنا آخر؛ هو الزمن الماضي الذي يتسم بالهلامية ويُنظر إليه عادة نظرة وردية غير واقعية وغير موضوعية!.




#عبد_العزيز_مبارك_حمزاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- كيشيناو تمنع رئيس الأساقفة من السفر إلى القدس مجددا
- استجواب جماعي لرجال الدين الأرثوذكس في مولدوفا
- رئيس البعثة الكنسية الروسية في القدس: سلطات كيشيناو تتدخل بش ...
- الكنيسة الروسية تعلق على تعطيل كيشيناو رحلة أسقف المطرانية ا ...
- إصابات إثر اعتداء للمستعمرين في سلفيت
- المسيحيون في القدس يحيون يوم الجمعة العظيمة وسط أجواء مثقلة ...
- البابا فرانسيس يزور سجنا في روما ويغيب عن قداس عيد الفصح
- فرح الصغار وضحكهم: تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على نايل ...
- جنود في مالقة الإسبانية يحملون تمثال المسيح في موكب الخميس ا ...
- استطلاع يظهر ارتفا مفاجئا لـ-عوتسما يهوديت- في الانتخابات


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد العزيز مبارك حمزاوي - تأملات في سؤال الكينونة والماهية