|
ما بعد الموصل
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5579 - 2017 / 7 / 12 - 21:02
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
كنا شهوداً على النصر الذي تحقق بجهود البواسل للجيش والقوات المسلحة وفصائل الحشد الشعبي ، وكنا مستبشرين بولادة يوم جديد وعهد جديد وحياة جديدة ستنمو وتتطور مع الأيام ، وستظل البشرى معنا حتى طرد أخر داعشي نجس من أرض العراق الطاهرة ، والحديث عن النصر طويل طويل والحديث لما بعد النصر طويل طويل كذلك جداً ، فبعد التحرير هناك ثمة أسئلة وهناك ثمة أشياء تدور حولنا ومعنا ، فنسأل أنفسنا ويسأل غيرنا ، وماذا بعد ؟ وهل إن نهاية عسكر داعش هو نهاية للمحنة ؟ أم إن هناك ما يجب الإنتهاء منه ليتم النصر الناجز ؟ ، ليس من شك إن نيران الفتنة لم تخمد بعد رغم كل تلك الدماء العزيزة ورغم كل تلك التضحيات الجسام ، ولا نستطيع نحن ولا غيرنا أن يعطي لكل ذلك حقه ، لكن الذي نقوله والذي قلناه : إن هذه الدماء الطاهرة كانت من أجل أن يكون العراق حراً عزيزاً مُهاباً غير منقوص السيادة ، صحيح إن الكارثة كانت بفعل فاعل قد هيجه الغرور والحقد ونقص الخبرة فكان سبب البلوى وسبب الإنتكاسة ، وفي هذا كانوا شركاء مع سياسيين ورجال دين وبعض من شيوخ العشائر المغرر بهم الذين هاجوا وماجوا في لحظة كان البناء لازال على أوله وفي بدايته ، أذكرهم جيداً وتذكرونهم كذلك كانوا أشر من داعش وأسوء .
وهنا أسأل : أيصح بعد هذا إدماجهم في العمل السياسي وفتح الطريق لهم ليكونوا شركاء عمل وبناء للدولة المستقبلية ؟ أم إن الضمير والعقل العراقي يقول : لا يلدغ المرء من جحر مرتين ؟ وأليس من المفيد أن يتركوا الناس بحالهم ويحترموا أنفسهم فليس هناك ثمة متسع ؟ بعد كل هذا الخراب والدمار !! ، يبدو أن صوت كل العراقيين يريد ذلك ويريد ان تكون السياسة القادمة فيها قدر من الشرف مقبول ، وفيها قدر من النزاهة مقبولة ، وفيها من نكران الذات والشعور بالمسؤولية الشيء الكثير ، وهذه إرادة و طلب وأمنية ورغبة نقرئها في عيون الأمهات وفي عيون الرجال والأطفال ، ولأنها كذلك فهو منا كلام نوجهه لشرفاء العراق ، ولمن ضحوا منهم وحاربوا بشرف نحثهم ونشجعهم ونشد على أيديهم ، أن يتكاتفوا في اللحظات العصيبة لكي لا تذهب جهودهم هباءاً ، فالعراق وكما كان في المعركة أمانة في أعناقكم ، هو اليوم أشد إحتياجاً لتكونوا معه وهو يجتاز الأزمة بروح عالية ، لكي تنقذوه من المتهورين والموتورين والفاسدين والراغبين بتضييع فرصة النصر في الجدل الخاوي .
ولا ضير عندي أن تعطلت بعض أشراط الديمقراطية ، فثمة ماهو أهم وأولى من الناحية الوطنية ، والكلام هنا عن القانون وتطبيق القانون ، الذي يجب أن يطبق بصرامة ومن غير تردد أو حسابات كانت وبالاً ولازالت ، فالقانون يعني الأمن ويعني النظام ويعني محاربة الفساد والواسطة والرشوة والمحاباة ، والقانون يعني حماية عوائل الشهداء والمجروحين وتوفير فرص العمل لهم ليندمجوا في الحياة ، والقانون يعني تطبيق آليات الضمان الإجتماعي والصحي للشعب كافة وبدقة ، والقانون يعني محاسبة المفسدين والسراق ممن يبددون الثروة العراقية هنا وهناك ، ومثال ذلك هو توزيع رواتب تقاعدية على المغتربين والمهاجرين في أمريكا وأوربا وأستراليا ، مع إنهم محميين ولهم عمل وراتب وحياة مستقرة ، لكنه الفساد الذي سن قانون الهدف منه ترضية البعض في الخارج لكسب ولائهم لا غير مع إنهم ليسوا عراقيين هم مهاجرين ولن يعودوا !!!! ، وأقصد تلك الرواتب التي تعطى للمهاجرين في الخارج أو ممن شاركوا بإنتفاضة 1991 من القرن الماضي .
وتعلمون أيها السادة هذه سرقة واضحة للعيان للمال والجهد العراقي ، وهناك أناس كثر في العراق أحوج مايكونون لهذا المال ولهذه العطايا ، فالقانون يعني إلغاء هذا العبث بالمال العام ، ولا يجب حساب العراقي كمرتزق في جهاده ونضاله ، فليس بالمال يكون موالياً أو نصيراً ، فمن يحب العراق فلا يجب ان نغريه بالمال ولا بقطع الأراضي فهناك حقوق وهناك واجبات وعلى الجميع دراسة ذلك حسب القانون ، وليس بالواسطة وبالغش وبالكذب وبتزييف الحقايق .
ما بعد الموصل بالنسبة للعراقيين هي فرصة للقضاء على كل من سبب أو ساعد أو مول هذا الإرهاب ، وتلك ليس فيها أنصاف حلول بل هو حل واحد ، وبالقانون لكن ليس القانون الهش الضعيف المُرائي ، ما بعد الموصل تركة ثقيلة من آثار الحرب يجب محوها من خلال الفكر الجديد والثقافة الجديدة ، والإعتماد على الشباب والشابات والطاقات الجديدة ، فخارطة الماضي ولدت وأنتجت كل هذا العفن الذي كلف العراقيين بحر من الدماء والأرواح الغالية ، وأنا أثق إن العالم يتفهم اليوم أكثر هذه المطالب ، وهو عاكف معنا على تحديد روح المستقبل وبهمة العراقيين ، فمن كان حريصاً على العراق الجديد فليركب معنا بالسفينة التي ستجري في موج كالجبال ، لا يتحمله إلاَّ ذوي النفوس الكبيرة والهامات الشامخة ، ولا يندبن بعد اليوم أحد حظه حين يجد نفسه خارج السفينة أو في البحر عارياً من غير منقذ ولا ومعين .
ما بعد الموصل يجب إخراج العراق من جو الشحن الطائفي الذي يتبناه رجال دين متخلفين ، ما بعد الموصل هناك فرصة لنبذ الدين السياسي وتطوير الدين الإجتماعي ، ، والإنفتاح على الجميع وحساب الجميع من فئة العراقيين لا غير ، ما بعد الموصل يجب ان تسود الموضوعية في أحكامنا ورؤانا فليس هناك خطأ مطلق وصواب مطلق ، وليتجمع الجميع حول الوطنية من أجل البناء والإعمار ، وتجهيز الناس بثقافة مدنية متحررة قادرة على التعايش مع العالم ، وفي ذلك الكل شركاء ، ولنهتدي بالقول المأثور - خير الناس من نفع الناس - ..
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمناسبة عيد الفطر
-
داعش في طهر ان
-
مشروعية الإغتيال السياسي
-
لسنة 2017
-
حثالات تُثير الفتن
-
قانون الحشد الشعبي
-
بدعة صيام عاشوراء
-
تصحيح الإعتقاد في معنى ثورة الإمام الحسين
-
لماذا لا ينجح العراقيون ببناء دولتهم ؟
-
تجذير مشروعية عمل الحشد الشعبي
-
غضب فاشل في تركيا
-
ما بعد العيد
-
بيان صادر عن الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي بمناسبة الإن
...
-
تحرير الفلوجة
-
قبح الله إسلامكم
-
رسالة مفتوحة للأخ رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي
-
أوهام المصطلحات
-
بين إسلام مكة وإسلام المدينة
-
سلاماً شهداء الناصرية
-
تدمر حرة
المزيد.....
-
خواطر واعتراض واحدة من “أطفال يناير” على ميراث الهزيمة
-
الانتخابات الألمانية القادمة والنضال ضد الفاشية
-
م.م.ن.ص// رقم إضافي لقائمة حرب الاستغلال البشع للطبقة العامل
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تدعو إلى التعبئة قصد التنزيل
...
-
غضب صارخ عند النواب اليساريين بعد تصريحات بايرو عن -إغراق- ف
...
-
النهج الديمقراطي العمالي يحيي انتصار المقاومة أمام مشروع الإ
...
-
أدلة جديدة على قصد شرطة ميلان قتل المواطن المصري رامي الجمل
...
-
احتفالات بتونس بذكرى فك حصار لينينغراد
-
فرنسا: رئيس الوزراء يغازل اليمين المتطرف بعد تصريحات عن -إغر
...
-
نقطة نظام النائبة البرلمانية الرفيقة نادية تهامي، باسم فريق
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|