|
اكذوبة ماركس الكبرى؟
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 5579 - 2017 / 7 / 12 - 14:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إكذوبة ماركس الكبرى ؟ عبدالاميرالركابي ربما لايكون ماانا بصدد الاشارة له في عمل ماركس النظري الكبيرمن خطأ فاضح، كان في حينه نتاج التعمد الواعي، اي الكذب العلمي، بقدر ماهو اعتقاد زائف موهوم، وقد اكون كما كانت حالته هو، ماخوذا بالرغبة في جلب الانظار، وجعل القراء والمهتمين يركزون انتباههم على ماانوي عرضه هنا من ادعاء، او اعتقاد ربما يكون له مايبرره. وماوجدت انه يستحق التامل والتدقيق في بنية نظرية ماركس المجتمعية التاريخية، او مااطلق عليه هو وعرف عنه، ب "المادية التاريخية"، لم يؤسس من حيث المنطلق على قاعدة يمكن الركون اليها، ذلك لانه وضع فرضية المراحل الخمس، على قاعدة تبدا ب "المشاعية البدائية"، معتبرا اياها واحدة من المراحل التاريخية التأسيسية، علما بان مااشار له هنا، وبما خص هذه المرحلة بالذات، لايمكن ادخاله في الباب الذي اعتمده، اي ان "المشاعية البدائية" فالتشاركية فترة استمرت لقرون مديدة، وهي تدخل في باب " ماقبل التشكل الاجتماعي" وهي عامة وشاملة. ان ماحصل تاريخيا، ان التشاركية الاولى، افضت الى "المجتمعية"، وهنا يرتكب ماركس خطأ جسيما باعتباره الانتقال منها، قد انتج الطبقية، والمجتمع الطبقي على مستوى المعمورة، مع ان ذلك لم يحدث الا في مكان بعينه، وفي موضع متأخر من حيث التشكل على هذه الصورة، ان علوم المجتمعات كما نعرف، تحتمل الخطا والازوراء، والمبالغة، وهو مايمكن ان يصيب العقول حتى الكبيرة، فالأمر في مثل هذا المجال المعرفي، ليس كمجال العلوم التطبيقية القاطعة، من حيث الاختبار والنتائج. وفي عالمنا العربي، مع ان الماركسية وتجلياتها اتباعية متهافته وسطحية، والعقل يعرّف الحداثة، ومجمل تفرعاتها، اطلاعا، لاكينونة وواقعا معاشا، وحيث الافكار تترجم بقوة الكينونة وخاصياتها الى عقائد جامدة اتباعية، متوقع ان يستهول الكثيرون مثل هذه الانتباهة الاستدراكية، التي تتعلق بصحة رؤيا "نبيهم" العلماني. غير ان الحقيقة تظل مجرده، ومتصلة بالعقل وتطوره، وتراكم خبراته، لابالاشخاص، ومكانتهم، او دورهم مهما عظم، وبما يتعلق بما نحن بصدده هنا،واستكمالا، نضيف بان الحقبة التعاونية التشاركية التي يطلق عليها ماركس "مشاعية بدائية"، لم تفض في كل مكان من الارض، لا الى مرحلة العبودية، ولا الى الطبقية حتما، وان هذا الشكل من التحول، يخص اوربا بالذات، دون غيرها، ذلك مع العلم ان "المجتمع"، او التجمع البشري، والانتقال من الصيد واللقاط، الى انتاج الغذاء، لم يحدث بداية في اوربا، وان المجتمعات الاولى عرفت قبل المجتمع الاوربي الطبقي بالاف السنين، من دون ان تظهر الطبقية، واحيانا كثيرة، ظهرت انماط من المجتمعات اللاتمايزية، كما كان الامر في جنوب ارض الرافدين، حيث اول مجتمع في التاريخ، وفي اوربا نفسها، تم الانتقال من التشاركية، التي يطلق عليها ماركس "الشيوعية البدائية"، لا الى المرحلة الثانية كما تصورها هو، اي العبودية، بل الى "المجتمع" والى صيغة من صيغه، ففي اوربا يكون المجتمع مجتمعا، ويظهر للوجود، بظهور التمايز والطبقات، واذن وبناء عليه، فان المجتمعات البشرية، اما ان تكون حين تتشكل، "مجتمعات طبقية"، او"مجتمعات لاتمايزية"، تفتقد فيها الملكية الخاصة، حسب اعترافه هو في اكثر من مناسبة، لتقوم فيها مجتمعات "لادولة". هذا يعني، ان ثمة حقب هي من نوع ونمط ماقبل مجتمعية، وسابقة عليها، وممهدة لظهورها، مرت على البشرية قبل تشكل المجتمعات وتمايزها، وتلك عرفت في ارض مابين النهرين، وفي امريكا واستراليا، واجزاء من اسيا وافريقيا، اي انها تشمل القسم الاعظم الكاسح من المعمورة، من حضارات المايا والانكا، الى السومريين وامريكا الشمالية واستراليا، مع وجود تمايز داخل هذا الشكل من المجتمعات، ليس هذا مجال البحث فيه، ان افتراض نموذجية وكمال التكوين الطبقي الاوربي كما تكرست في العصور الحديثة، وتحول المجتمعية الطبقية الى مثال على الكمال، بمقابل "بدائية" التكوينات والامم الاخرى،اشاعت نمطا من العنصرية المعرفية، اضرت بالعقل الجمعي الانساني، وباليات عمله، وكرست عبودية، وانفصالا عن الذوات الارحب على المستوى البشري، لصالح دكتاتورية نموذجية، غير مؤكدة، وليست صحيحه. ولو ان ماركس انتبه للفرق بين الانتقال الى "المجتمعية" طبقيا، بمقابل الانتقال اليها بسبل مختلفة عنها، لكان ربما واجه معضلة نظرية، تمس بناء نظريته بمجمله، وقد تهدد بتقويضه، وحيث هو يرسم خماسيته المراحلية، التي تبدا وتنتهي بين "الشيوعية" البدائية اولا، و" العلمية " اخيرا، فانه يرتكز من طرف واضح، على حقيقة ان المجتمعات بالاصل بداية، لاطبقية وتتحول اجباريا الى طبقية، ربما لكي يبرر الحل الذي ينتهي له اخيرا، بازالة ماهو طاريء،"الطبقات"، وماقد يوحي بانه دخل على بنية المجتمعات، والحقيقة ان مثل هذا الطاريء، لم يدخل على مسار التشكل المجتمعي، سوى في اوربا بالذات، وان الانتقال الى مجتمعات اللادولة، هو حقيقة طاغية وثابته، بالاخص في حالة العراق الاستثنائية والتأسيسية، ووقتها ستحوم الشكوك حول جدية ومصداقية مخطط " المادية التاريخية"، والحلول التي يعد بها، اي زوال الطبقات باعتبارها طارئا، كما توحي للذهن، وكما يلمح لذلك ماركس. بمقابل مثل هذا الافتراض المركب قسرا وعنوة، وبناء لمنطلقات غير مدقق فيها، او متثبت منها، يصير بالامكان القول بان الطبقية هي ظاهرة اصيلة ثابته ضمن البنية المجتمعية الطبقية الاوربية، وانها غير زائلة، ولايمكن محوها، ان بعض قاصري الرؤية، قد يعتقدون كما هي عادتهم،ان مانذهب اليه هنا، يقع في باب " الفذلكة"، وهي كلمه لاتنتقص من اي بناء اقناعي نظري، بما في ذلك عمل ماركس النظري الضخم، المشحون والمزدحم بالفذلكة وطرائق الاقناع، ومنها فذلكات الاقناعية بما هو، غير صحيح. ويبقى ان نفكر بقيمة القناعة الشاملة التي ركبت العقول، وقطاعات هائلة من البشر في العصور الحديثة، معتقدة وآملة بان تكون نظرية ماركس صحيحة، وتفضي بظل الامبريالية الراسمالية، الى ماوعدت به، وان اقتضى ذلك مالايحصى من التضحيات والجهود الجبارة التي ذهبت سدى، مما ينبهنا الى الشروط التي تكرس انماطا وصنوفا بعينها من المعارف احيانا، بغض النظر عن صوابيتها وخطئها، فالفكر ومعارف الانسان، لاتسير في جادات مستقيمة، وتطور نظرة الانسان لوجوده، سلكت وتسلك دائما، متعرجات حادة وماساوية غالب الاحيان، وقد يكون اكتشاف الخطأ، او ضياع الاحلام مؤلما، غير انه لازم لتحفيز وثبات العقل الجبارة. لقد كان ماركس، قمة كبرى من قمم عصرنا وايهاماته العظيمة، ونظريته تحكي قصة من قصص الامل البشري الكبير، انما ليس قطعا وحصرا نحو الجنة، التي لم يرها، وقد لايراها احد على الاطلاق.
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صاروخ بالستي ايراني فوق اربيل
-
الوطنية العراقية وخيانة النخب الحديثة (2/2)
-
الوطنية العراقية و - خيانة- النخبة الحديثة (1/2)
-
الثورة المؤجلة : الخلاص من الايديلوجيات (ملحق)
-
الثورة المؤجلة : سيرة الامبراكونيا (ملحق)
-
الثورة العراقيية المؤجلة وتخلف النخب ( 2/2)
-
الثورة العراقية المؤجلة وتخلف النخب (1/2)
-
هزيمة المشروع الوطني العراقي: من المسؤول عنها ؟
-
- الطائفوقراطية- واليسار كطائفة ؟ (2/2)
-
-الطائفوقراطية- واليسار كطائفه؟(1/2)
-
عراق - اللادولة- وخرافة - الدولة المدنية- (2/2)
-
عراق - اللادولة- وخرافة -الدولة المدنية- (1/2)
-
ثورة داخل الابراهييمة: هزيمة مزدوجه(3/3)
-
ثورة داخل الابراهيمية (2/3)
-
ثورة داخل الابراهيمية ( 1/3)
-
عراق بين منقلبين: حزبي ووطني ( 2/2)
-
عراق بين منقلبين: حزبي ووطني ( 1م2)
-
نداء للمشاعيين العراقيين خارج الحزب
-
المشاعة العراقية وشيوعية ماركس ولينين ( 3/3)
-
المشاعة العراقية وشيوعية ماركس ولينين ( 2/3)
المزيد.....
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|