أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نزار آغري - هل كردستان إسرائيل ثانية أم فلسطين ثانية؟















المزيد.....

هل كردستان إسرائيل ثانية أم فلسطين ثانية؟


نزار آغري

الحوار المتمدن-العدد: 5579 - 2017 / 7 / 12 - 10:34
المحور: القضية الكردية
    



كل مرة يتم فيها التطرق إلى إمكان قيام دولة كردية في المنطقة، تعلو أصوات تعلن أن ذلك سيكون بمثابة إسرائيل ثانية. ماذا يعني ذلك؟ واضح أن القصد من هذا القول التحذير من هذا الاحتمال، احتمال قيام كيان كردي مستقل. فبما أن صورة إسرائيل في وعي ولا وعي الغالبية الساحقة من العرب والمسلمين تقترن بكل ما هو مقيت، فإن سحبها إلى الحالة الكردية يهدف إلى تنفير الناس وتأليبهم وتجييشهم للنهوض ضد الكيان القادم.
إسرائيل، تبعاً للصورة المرسومة لها، والتي يتم بثها وإعادة بثها على مدار الساعة، هي: «كيان، استيطاني، استعماري، صهيوني، إمبريالي، زرعه الغرب في قلب الوطن العربي لتفتيته وتمرير المخططات الاستعمارية إلخ...».
هذه الوصفة المنتفخة الكاريكاتورية الراسخة في الأذهان نوع من فانتازيا نفسية لا صلة لها بالواقع. لم يهبط كلّ اليهود من السماء ليتم زرعهم في فلسطين. كانوا هناك جنباً إلى جنب العرب وقاوموا الانتداب البريطاني بعنفوان أشد من العرب، إذ اضطر البريطانيون إلى الانسحاب والإقرار بقيام دولة مستقلة لسكان المنطقة. لكن هذا موضوع آخر.
في 1948 قامت دولة إسرائيل. رسخ اليهود أسس دولتهم يوماً بعد يوم، فيما بقي مصير الكرد معلقاً في المجهول واستمر تعرضهم للتمييز والبطش وصولاً إلى محاولة إبادتهم على يد صدام حسين. في ١٩٩١، وبعد أن لاذوا بالجبال هرباً من بطش الجيش العراقي، أصدر مجلس الأمن القرار ٦٨٨ الذي قضى بتشكيل منطقة محمية للأكراد شمالي خط العرض ٣٦، أي عملياً معظم مناطق كردستان العراق. بعد ذلك أجرى الأكراد انتخابات وشكلوا حكومة محلية ما زالت قائمة حتى الآن. عملياً تمتعت المنطقة بحكم ذاتي واسع النطاق يقترب من حدود كيان مستقل. يمكن القول بقليل من الحيطة إن هناك دولة كردية ضمن الاتحاد الفيديرالي العراقي منذ أكثر من خمس وعشرين سنة، بكل ما للدولة من مقومات مادية ومعنوية.
حصل الكيانان، الإسرائيلي والكردي، على دعم أوروبي غربي وأميركي خصوصاً، وواجها، كلاهما، محيطاً معادياً ينتظر أقرب فرصة للقضاء عليهما.
بذل مؤسسو دولة إسرائيل جهوداً كبيرة لتعزيز وجودها وترسيخ بقائها. وهم سعوا منذ البداية لأن يتحقق ذلك على أسس ديموقراطية واستندوا إلى منظور دولتي، مؤسساتي، بعيداً من الوشائج العصبية، العشائرية أو العائلية أو الفئوية. وتشكلت أحزاب سياسية كثيرة راحت تخوض غمار التنافس الديموقراطي للوصول إلى الحكم. وانبثقت تجربة فريدة لا مثيل لها في أي مكان من العالم تمثلت في التجمعات السكنية التعاونية، الكيبوتز، لتسيير شؤون الناس وتنظيمهم في وحدات إدارية تعزز المشاركة في الأعمال الزراعية والاقتصادية.
شيئاً فشيئاً انبثق مجتمع جديد، متماسك ومزدهر، وخلال فترة قصيرة احتلت إسرائيل مكانة بارزة على جميع الأصعدة، السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والعلمية. وترسخت قواعد الأداء السياسي على آليات التبادل السلمي للسلطة بين الأحزاب المتنافسة. وتوطد الإعلام المستقل وحرية الرأي والتعبير والمعارضة بعيداً من أي سعي إلى الإقصاء أو النبذ أو التخوين.
في كردستان العراق سارت الأمور على نحو آخر. شكل الحزبان الرئيسان، اللذان يحتكران النشاط السياسي هناك، الديموقراطي والوطني، الحكومة، لكن لم يمض وقت طويل حتى دب الخلاف بينهما وانخرطا في صراع دموي رهيب أودى بحياة الآلاف. لم تتأسس قاعدة تسيير ديموقراطي، تداولي، للمجتمع بل تكرس سلطان العائلة والعشيرة والوراثة. وانقسم الكيان إلى كيانين، واحد تسيطر عليه عائلة البارزاني وآخر تتحكم به عائلة الطالباني. عند قيام دولة إسرائيل تسلم رئاسة الوزراء ديفيد بن غوريون، الذي تلا بيان قيام الدولة. لم يورّث بن غوريون أياً من أبنائه أو أحفاده السلطة أو الحكم أو النفوذ. منذ ذلك الحين وإلى اليوم، تناوب على رئاسة الحكومة الإسرائيلية أكثر من عشرين رئيس وزراء. في كردستان كان مصطفى البارزاني أسس الحزب الديموقراطي عام ١٩٤٦، ولكنه بقي رئيساً للحزب إلى يوم مماته عام ١٩٧٩، وخلفه ابنه مسعود الذي ما زال رئيساً للحزب. وهو الآن رئيس للإقليم، فيما يرأس ابن أخيه، نيجيرفان البارزاني، رئاسة الوزراء، ويتولى ابنه، مسرور البارزاني، رئاسة الأمن العام، الآسايش، فضلاً عن تولي أبنائه الآخرين مناصب في الحكومة. وبدوره بقي جلال الطالباني رئيساً للحزب الوطني وبقي مسيطراً على مقاليد الحكم والسلطة والمال إلى أن أقعده المرض فورثته زوجته هيرو خانم، فيما يتولى ابنه بافل الطالباني رئاسة جهاز المخابرات، وابنه الآخر قباد الطالباني منصب نائب رئيس الوزراء، كما يتقاسم أبناء أخيه مناصب أخرى. يظهر الحزب أشبه بشركة تتأسس على يد كبير العائلة ثم يتوارثها الأبناء والأحفاد.
كان يمكن للمرء أن يغفر للإقليم وجود مظاهر حكم العائلة وتمجيد الزعيم على أساس أن الأمر وجد أرضيته كأثر من آثار العقود الطويلة من الحكم البعثي الذي انتعشت فيه هذه الظاهرة. غير أن الأكراد يحكمون في إقليمهم شبه مستقلين منذ قرابة ثلاثة عقود، وكان من المفروض أن تبدأ هذه المظاهر المقيتة بالتقلص ومن ثم الزوال. لكن الذي حدث هو العكس، فهي تزداد رسوخاً كما تتكرس السيطرة العائلية باضطراد وبلا توقف: عائلة الرئيس مباشرة، ثم أشقاؤه، فأبناء أشقائه، فأبناء عمومته وأخواله، فأنسباؤه، فأقاربه الأقربون.
ويتمتع رئيس الإقليم بالصلاحيات ذاتها التي كان يستحوذ عليها صدام حسين، فهو أيضاً رئيس الحزب ورئيس الأمن القومي والقائد الأعلى للجيش فضلاً عن رئاسة العشيرة. أما البرلمان فهو، على شاكلة البرلمانات العربية، مجرد ديكور لا يتمتع بأي قيمة فعلية لجهة صنع القرار. هو واجهة صورية لإضفاء طابع ديموقراطي، كاذب، على العملية السياسية. ولقد رأينا كيف أن رئيس الإقليم دعا إلى طرد رئيس البرلمان حين بدرت منه مجرد لفتة خجولة في معارضة الآليات غير الديموقراطية.
ليس هناك أي أمل، في المدى المنظور، في أن تأخذ الأمور منحى آخر إذا ما حصل الأكراد على استقلال فعلي وقامت دولة كردية. فالطبخة هي هي والطباخون هم هم، ولن يختلف الطبق، والحال هذا، سواء تم على «بابور» قديم أو على «بوتوغاز» حديث.
إذا قامت كردستان فلن تكون إسرائيل ثانية. الأرجح أنها ستكون فلسطين ثانية كالتي تتقاسمها بضراوة «حماس» و «فتح»، والله أعلم.



#نزار_آغري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولتان إلى جانب دزلة الأسد
- جلال الطالباني وبشرى الأسد
- إرهابيون ...


المزيد.....




- كنايسل تنتقد ازدواجية المعايير لدى الغرب تجاه مذكرات الاعتقا ...
- -المملكة المتحدة ستفي بالتزاماتها القانونية-.. لندن تعلق على ...
- 5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس ...
- مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين ...
- مذكرة اعتقال نتانياهو.. هل تتخذ إدارة ترامب المقبلة -خطوات ع ...
- نتنياهو وغالانت والضيف: ماذا نعرف عن الشخصيات الثلاثة المطلو ...
- زاخاروفا تعلق بسخرية على تهديد أمريكي للجنائية الدولية بشأن ...
- ما هو نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية؟
- كيف ستؤثر مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت على حرب غزة ول ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - نزار آغري - هل كردستان إسرائيل ثانية أم فلسطين ثانية؟