|
إعجاز بلاغي ولغوي في القرآن أم ركاكة وثرثرة ولغو
مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 5579 - 2017 / 7 / 12 - 07:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
. كثيرًا ما سمعنا أنّ في القرآن إعجازا بلاغيًّا ولغويًّا، إلخ، لكن من يتأمّل ما جاء في هذا الكتاب بحياديّة وتجرّد ودون تقديس، مثلما يفعلُ حين يقرأ رواية أو مقالة منشورة في جريدة على سبيل المثال، سيفهمُ بسرعة أنّ كلّ أنواع الإعجاز المزعومة لا تساوي شيئًا، بل هي خرافة سمجة لا أصل لها ولا دليل على صحّتها وأوهام فارغة. فالقرآن كتابٌ من أسوأ الكتب، لا هو أفلح في أن يكون شعرا أو نثرًا ولا إقترب حتّىى من المستوى البلاغي للخُطب التي وصلتنا عن "الجاهليّين" ولا إستطاع أن يأتي بقصّة متماسكة ومرتّبة ولا حتّى أتى بخطابٍ منظّم ومنطقي يمكن أن يدلّ على صحّة كاتبه العقليّة. كلّ ما فيه لا يساوي حتّى ما يمكن أن يكتُبه كاتبٌ مبتدئ أو حتّى تلميذٌ في المعهد. . بطبيعة الحال، هالة التّقديس التي يحيط بها المسلمون هذا الكتاب هي العائق الأساسي والرّئيسي الذي يمنعهم من التّفطّن لركاكة القرآن وتفكّكه وعدم صلاحيّته كنصّ، ناهيك عن أن يكون نصًّا دينيًّا "موحى به" من إله المسلمين الذي تُنسبُ له كوكبة من الصّفات الخارقة ويُزعمُ أنّه خالقُ الكون، إلخ. ولو تجرّأ المسلمون على نزع هذا التّقديس من أدمغتهم وتناولوا القرآن بالدّرس والتّفكير لإنتهى الأمر بمعظمهم إلى رميه في أقرب قمامة. . على سبيل المثال، يقول كاتب القرآن: "مَن كَفَرَ باللَّهِ مِن بَعْدِ إيمانه، إلاّ مَن أُكْرِهَ وَقلبُه مطمئنٌّ بالإيمان، ولكن مَن شَرَح بالكفرِ صدْراً، فعليهم غضبٌ مِن اللَّه ولهم عذابٌ عظيم" (النّحل، 106). هل فهمتم شيئًا من هذه الجملة؟ ألا تحسّون بأنّها مفكّكة أو على الأقلّ ناقصة؟ في الآية حُكمان، لكنّنا لا نجدُ إلّا الحُكم الثّاني كاملًا، أمّا الأوّل فلا نرى منه إلّا بدايته... من شرح صدره بالكُفر سيغضبُ عليه الله ويُعذّبه: هذه فهمناها. لكن، ما الذي سيحدُث لمن كفر بالله بعد إيمانه ولكنّ قلبه مطمئنّ بالإيمان؟ هل سيشتري له الله قطعة حلوى؟ أم سيُرسله في رحلة إلى تايلاندا؟ أم سيُهديه تذكرة سينما؟ أين الحُكم؟ أم أنّ الله ترك الأمر للمفسّرين لكي يُرقّعوا كلامه بما أرادوا، حسب فهمهم أو عدم فهمهم؟ ثمّ، لو كتبتُ أنا جُملة بهذا الشّكل، هل ستقولون أنّ في كلامي إعجازًا وبلاغة؟ بالعكس، ستقولون أنّ هناك ركاكة في التّعبير وتفكّكًا، وفي أحسن الأحوال ستقولون أنّ الجملة فيها خطأ. وهذا هو المنطق. إذن، فهذه الآية آية ركيكة لا إعجاز فيها ولا هُم يُعجزون... . وفي آية أخرى، نقرأ: "وَهُوَ الذي أنْزَلَ من السماءِ ماءً، فَأَخْرَجْنَا بِهِ نباتَ كلِّ شيء، فَأَخْرَجْنَا مِنه خضيراً نُخْرِجُ مِنه حباً متراكماً..." (الأنعام، 99). ما هذا؟ أيّ أسلوب أخرق هذا؟ "فأخرجنا"، "فأخرجنا"، "نُخرجُ"؟ فِعل واحدٌ يتكرّرُ ثلاث مرّاتٍ في آية واحدة؟ لو وُجِدت جملة مثلُ هذه في أيّ كتابٍ لتمّ التّشهير بكاتبه ولَمُسِحَتْ به الأرضُ. ثمّ أنّ أبسطُ إنسانٍ يعرفُ أنّ من قواعد البلاغة أن لا تُكرّر الألفاظ، وأن تستعمل المرادفات عند الضّرورة، فهل إله الإسلام غبيّ إلى درجة جهله بأبسط القواعد البلاغيّة؟ . وفي آية أخرى، نجدُ ما يلي: "إليهِ يُرَدُّ عِلْمُ الساعةِ، ومَا تَخْرُجُ مِن ثمراتِ من أكمامِها، ومَا تَحمِلُ مِنَ أُنثَى ولا تَضَعُ إلاّ بِعلمِهِ. ويومَ يُناديهِمْ: أينَ شُرَكائي؟ قَالوا: آذَنَّاكَ، مَا مِنّا مِن شهيد" (فُصّلت، 47) أين العلاقة بين بداية الآية ونهايتها؟ أليست هذه الآية مفكّكة؟ أو لعلّها مفبركة من آيتين منفصلتين؟ في كلّ الحالات، لو كتب أحدهم كلامًا كهذا لسخر منه النّاسُ ولإتّهموه بالحماقة أو على الأقلّ بالعجز، فكيف يكون في هذه الآية إعجاز وبلاغة؟ أين عقولكم؟ أم أنّ التّكرار والإجترار أفقدكم الإحساس؟ . وهذه آية رابعة: "فلَولا أنَّه كَانَ مِنَ المسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ في بَطنِه إلى يومِ يُبعَثون. فَنَبَذنَاهُ بالعَراءِ وهُو سَقِيمٌ. وأنْبَتْنا علَيه شجرةً مِن يَقطِينٍ. وَأرْسلْنَاه إلى مَائَةِ ألفٍ أو يَزيدون، فآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهم إلى حين. فَاستَفْتِهِم: أَلِرَبِّكَ البَنَاتُ وَلَهُمُ البَنُون؟ أم خَلَقْنا الملائِكةَ إناثاً وَهُم شَاهدون؟" (الصّافّات، 143-150) مرّة أخرى، أسأل: هل فهمتم شيئًا؟ هل هذا نصٌّ يمكن أن يتحدّى النّاس أن يأتوا بمثله؟ نصٌّ يقفز من موضوع إلى موضوع آخر إلى موضوع ثالث، إلخ، دون روابط أو حتّى تحضير ومقدّمات؟ بداية الآيات الأخيرة تحكي عن "يونس"، وقبلها هناك آيات كانت تحدّثنا عن "لوط" وقومه، ثم يقفز كاتب القرآن مباشرة إلى موضوع الملائكة؟ ما دخل الملائكة بالموضوعين السّابقين؟ ما العلاقة بين يونس والحوت والملائكة إن كانت إناثا أم لا؟ إنّها الرّكاكة القرآنيّة في أجلّ مظاهرها. . وفي آية أخرى، يقول كاتب القرآن: "وإذ قُلنا لكَ إنّ ربَّكَ أحاطَ بالناسِ، وما جعلْنا الرّؤيا التي أَرَيْنَاكَ إلاّ فِتنةً للنّاسِ، والشّجرةَ الملعونةَ في القرآن، وَنُخَوِّفُهُمْ، فما يَزيدُهُم إلاّ طُغياناً كبيراً. وإذ قُلنا للملائكة اسجُدُوا لآدم فَسَجدوا إلاّ إبليسَ، قال أأسجُدُ لمَنْ خلَقتَ طيناً" (الإسراء، 60). تفكّك الخطاب في أوجِهِ في هذه الآية، أليس كذلك؟ أترك لكم مهمّة البحث عن الرّوابط بين مختلف أجزاء هذه الآية-الكوكتيل. . ولكن السّؤال الذي يجبُ أن يُطرح هو: لماذا لا نرى المدلّسين الذين يتحدّثون عن الإعجاز البلاغي واللّغوي القرآني يستدلّون ويستشهدون بهذه الآيات التي ذكرناها وبأمثالها؟ أليس في تهميشهم لمثل هذه الآيات إعتراف صريح بأنّ الإعجاز اللّغوي والبلاغي في القرآن خرافة؟ ألا تفكّرون؟ . --------------------- الهوامش: 1.. مدوّنات الكاتب مالك بارودي: http://utopia-666.over-blog.com http://ahewar1.blogspot.com http://ahewar2.blogspot.com 2.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية": https://archive.org/details/Islamic_myths https://www.academia.edu/33820630/Malek_Baroudi_-_Islamic_Myths 3.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك: https://www.facebook.com/malekbaroudix
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الأديان والسّخرية وحريّة التّعبير والحقيقة
-
خواطر لمن يعقلون – ج123
-
كلمة حول الخطاب القرآني المنافق وخرافة تجديد الخطاب الدّيني
-
جولة بين خرافات عبد الدّائم كحيل في الإعجاز العلمي القرآني:
...
-
خواطر لمن يعقلون – ج122
-
همجيّة وإرهابُ الإسلام: علّة إقامة الحدّ على المرتدّ
-
إلى السّلفي المدعو هيثم طلعت: وحي من جهة بلاد العرب أم أكاذي
...
-
فليأتوا بحديث مثله - سورة رمضان
-
هل التّكفيريّون والإرهابيّون لا يمثّلون الإسلام فِعلًا؟
-
خواطر لمن يعقلون – ج121
-
خواطر لمن يعقلون – ج120
-
خواطر لمن يعقلون – ج119
-
خواطر لمن يعقلون – ج118
-
محمد بن آمنة يفجّر كنائس مصر
-
خواطر لمن يعقلون – ج117
-
خواطر لمن يعقلون – ج116
-
خواطر لمن يعقلون – ج115
-
خواطر لمن يعقلون – ج114
-
خواطر لمن يعقلون – ج113
-
خواطر لمن يعقلون – ج112
المزيد.....
-
السويد ترحل رجل دين ايراني دون تقديم توضيحات
-
10 أشخاص من الطائفة العلوية ضحايا مجزرة ارهابية وسط سوريا
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر تتسلم الاسير الاسرائيلي كيث سيغا
...
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|