أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - عن الأديان والسّخرية وحريّة التّعبير والحقيقة













المزيد.....

عن الأديان والسّخرية وحريّة التّعبير والحقيقة


مالك بارودي

الحوار المتمدن-العدد: 5578 - 2017 / 7 / 11 - 23:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عن الأديان والسّخرية وحريّة التّعبير والحقيقة
.
لا أعتقد أنّ هناك من القرّاء من لا يتذكّر المجزرة التي حدثت في بداية سنة 2015 على يد إرهابيّين مسلمين وراح ضحيّتها رسّامو الصّحيفة الفرنسيّة السّاخرة "شارلي إبدو". ما السّبب الذي كان وراءها؟ السّخرية من دين المسلمين ومن قرآنهم ورسولهم عبر رسوم كاريكاتورية. أو لنقل أنّ السّبب الحقيقي كان الإسلام، هذا الدّين الإرهابي والعنصري والبدائي الذي لا يعترف بحقّ الإنسان في الإختلاف وفي إبداء رأيه كما يريد ويشتهي.
.
سيقول البعض أنّ السّخرية من الأديان غير مقبولة. "غير مقبولة"؟ من قال هذا؟ كلّ أصحاب دين سيقولون لك أنّ السّخرية من الأديان غير مقبولة، لكنّهم بقولهم هذا لا يعنُون "كلّ الأديان" بل دينهم هم فقط. تمامًا مثلما يزعمُ المسلمون أنّهم يحترمون كلّ الأديان ولكنّهم يتّهمون كتبها بالتّحريف ويتّهمون تباعها بالكُفر، أي أنّهم في نهاية الأمر لا يحترمون إلّا الإسلام، أمّا التّعميم في قولهم، فليس سوى طريقة للتمويه والتّخفّي.
.
وسيقول البعض الآخر أنّ السّخرية من الأديان لا تجوز. مرّة أخرى، يجب أن نسأل: من قال هذا؟ ما الفرق بين الإسلام والشّيوعيّة واليهوديّة والرّأسماليّة والدّيمقراطيّة، إلخ؟ كلّ هذه أفكار قابلة للنّقد وللإنتقاد وقابلة أيضًا للسّخرية والفكاهة. فإذا قبلت أن تكون النّازيّة أو الدّيكتاتوريّة موضوع سخرية، فلماذا لا تكون الأديانُ كذلك؟ كونك تؤمن بدين مّا وتُصدّق ما جاء فيه، هذا لا يجعله إستثناءً ولا ينفي عنه أنّه مجرّد فكرة مثل بقيّة الأفكار.
.
وسيقول آخرون أنّ السّخرية ماهي إلّا وسيلة العاجز عن التّعبير، يلجأ إليها لتفريغ غضبه. أمّا القول بأنّها وسيلة العاجز عن التّعبير فهذا فيه نظرٌ. فالعجزُ ليس عيبًا، فكلّ الموجودات في الكون لديها نقاطُ عجز، والإنسانُ لا يشذّ عن هذه القاعدة. فالبشر ليسوا متساوين في قدرتهم على التّعبير، إذ هناك من قدرته على التّعبير والإفصاح والتّبليغ ضئيلة وهناك من لديه موهبة في نظم قصائد الهجاء ولا يستطيع قول بيت واحد في الغزل، إلخ. والتّعبيرُ ليس لديه قواعد، فإذا عبّرت عن فَرحِك أو حزنك، لا شيء يمنعك من التّعبير عن غضبك. والغضبُ شيء عادي في الإنسان ولا يمثّلُ عيبًا وليس جريمةً.
.
لكن هل يصمدُ المسلمون مثلًا (بما أنّهم يمثّلون أكبر وأخطر كُتلة بشريّة تعارضُ الّسّخرية من دينهم وتصلُ إلى حدّ إستعمال العنف والقتل والإرهاب، كما ذكرنا في بداية المقال) أمام حجّة أنّ السّخرية وسيلة العاجز؟ ألا يقول القرآن: "مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" (العنكبوت، 41)؟ أليس هذا سخرية وإستهزاء بغير المسلمين وآلهتهم ورموزهم؟ أليس القرآن هو الذي يقول: "مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" (الجمعة، 5)؟ أليس هذا سخرية من اليهود وتحقيرًا لهم؟ فهل ربّ الإسلام عاجزٌ عن التّعبير ليستعمل السّخرية والإستهزاء والتحقير؟ أين إحترامُ الإسلام لمعتقدات الآخرين؟ أين إحترامك لكلّ الأديان، يا عزيزي المسلم، وأنت تقرأ هذا الكلام المليء بالسّخرية؟ أم أنّ ربّك الخرافي له الحقّ في السّخرية من النّاس وغير المسلمين ليس لهم الحقّ في الرّدّ على سخريته بالطّريقة التي يرونها؟ أليس هذا نفاقًا؟
.
لكن الواضح أنّ الله الإسلامي نفسه مصاب بإنفصام في الشّخصيّة أو مجرّد منافق، فهو يقول في مكان آخر من القرآن: "وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الأنعام، 108). حسنًا، ألم يَكُنْ هو نفسه يسبُّ غير المسلمين منذ قليل؟ ألم يُشبعهم سبًّا وشتائم في الكثير من الآيات؟ أم أنّ قائل آيات السّخرية والشّتائم هو إله آخر؟ أم أنّ من ينهى عن سبّ غير المسلمين في الآية الأخيرة لا علاقة له بإله الإسلام الشّتّام السّاخر؟
.
في نهاية الأمر، كلّ الحجج التي يمكن أن يقدّمها المتديّن معتقدًا أنّها تُثبتُ عدم مشروعيّة السّخرية من الأديان هي حجج وهميّة وفي أحسن الأحوال فاشلة. لكن الثّابت أنّ السّخرية هي أسرع طريق للتّغيير، وهي أسرع طريق لكسر الهالة المقدّسة المحيطة بالمعتقدات وإنزالها إلى مستوى بقية الأفكار المتداولة التي لا قداسة لها والتي تخضعُ لكلّ أنواع الخطاب وأساليب التّعبير المعروفة من المدح إلى الهجاء والسّخرية. ففي كلّ مرّة تسخرُ فيها من معتقداتِ أحدهم، فأنت تفتحُ نقاشاً جديدًا، لأنّك تُجبره على أن يفكّر رغماً عنه. فأنت تكسر حاجز الخوف النّقدي لدى الآخرين. ونزعُ القداسة عن أيّة فكرة هي بداية الطّريق نحو معرفة حقيقتها.
.
---------------------
الهوامش:
1.. مقال "الإسلام دين الإرهاب - حين قال محمد بن آمنة: من لرسامي شارلي إبدو فإنهم قد آذوا الله ورسوله؟":
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=450217
2.. مقال "الإسلام هو الإرهاب: حول ولد إمخيطير ورائف بدوي وشارلي إبدو ودين الإرهاب":
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=449973
3.. مدوّنات الكاتب مالك بارودي:
http://utopia-666.over-blog.com
http://ahewar1.blogspot.com
http://ahewar2.blogspot.com
4.. لتحميل نسخة من كتاب مالك بارودي "خرافات إسلامية":
https://archive.org/details/Islamic_myths
https://www.academia.edu/33820630/Malek_Baroudi_-_Islamic_Myths
5.. صفحة "مالك بارودي" على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/malekbaroudix



#مالك_بارودي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر لمن يعقلون – ج123
- كلمة حول الخطاب القرآني المنافق وخرافة تجديد الخطاب الدّيني
- جولة بين خرافات عبد الدّائم كحيل في الإعجاز العلمي القرآني: ...
- خواطر لمن يعقلون – ج122
- همجيّة وإرهابُ الإسلام: علّة إقامة الحدّ على المرتدّ
- إلى السّلفي المدعو هيثم طلعت: وحي من جهة بلاد العرب أم أكاذي ...
- فليأتوا بحديث مثله - سورة رمضان
- هل التّكفيريّون والإرهابيّون لا يمثّلون الإسلام فِعلًا؟
- خواطر لمن يعقلون – ج121
- خواطر لمن يعقلون – ج120
- خواطر لمن يعقلون – ج119
- خواطر لمن يعقلون – ج118
- محمد بن آمنة يفجّر كنائس مصر
- خواطر لمن يعقلون – ج117
- خواطر لمن يعقلون – ج116
- خواطر لمن يعقلون – ج115
- خواطر لمن يعقلون – ج114
- خواطر لمن يعقلون – ج113
- خواطر لمن يعقلون – ج112
- خواطر لمن يعقلون – ج111


المزيد.....




- بوتين يحضر قداس عيد الفصح في كاتدرائية المسيح المخلص بموسكو ...
- رغم القيود الإسرائيلية... آلاف المسيحيين يحيون طقوس سبت النو ...
- الحرب الصامتة على الوجود المسيحي في القدس
- لجنة شئون الكنائس في فلسطين: سبت النور يتحول لنموذج لانتهاك ...
- خطوات تنزيل تردد قناة طيور الجنة على أحدث الأقمار الصناعية 2 ...
- دعوات لتعزيز التقارب السعودي الإيراني وترسيخ الوحدة الإسلامي ...
- طريقة تثبيت قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات لمشاه ...
- تردد قناة طيور الجنة أطفال 2025 بجودة ممتازة على النايل سات ...
- مستني ايه فرحك أبنك حالًا مع أحدث تردد قناة طيور الجنة الجدي ...
- من قلب الدمار... المسيحيون الأرثوذكس يحيون الجمعة العظيمة في ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مالك بارودي - عن الأديان والسّخرية وحريّة التّعبير والحقيقة