|
الكتيبة 103
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 5577 - 2017 / 7 / 10 - 18:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
==================
قبل ثمانية أشهر، وقف أحدُ شباب نبلاء الجيش المصري أمام جثمان قائده. وبعدما أدّى التحيةَ العسكرية لقائده، وعده بأن يحمل عنه المشعلَ الشريف، قبل أن يسقط على الأرض مع سقوط حامله الشهيد العقيد "رامي حسنين"، القائد الأسبق للكتيبة 103، صاعقة بشمال سيناء. ثم كتب على صفحته ينعيه قائلا: “في ذمة الله أستاذي ومعلمي. تعلمت منك الكثير. إلى لقاء، شئنا أم أبينا، قريب". ثم حمل ذلك النبيلُ المشعلَ القيادي للكتيبة ليُكمل المسيرة الشريفةَ التي بدأتها الكتيبةُ فائقةُ الكفاءة منذ عام 1967، إثر هزيمة يونيو، وحتى اليوم وغدًا، وبعد غد. ذلك الشابُّ النبيلُ هو العقيد أركان حرب "أحمد المنسي"، قائد الكتيبة الخالدة ذاتها، الذي استشهد فجر الجمعة الماضية، في هجوم رفح الإرهابي، الذي أُهرق فيه دمُه، ليلحق بقائده في فردوس الخلود السماوي والأرضي، مع ستة وعشرين مقاتلا من أنجب وأقوى وأشرس ضباط ومقاتلي قواتنا المسلحة الباسلة، من أفراد الكتيبة، بين شهيد وجريح. لكن شهداءنا البواسلَ، لم يجودوا بدمائهم الطاهرة عبثًا، إنما لاقوا وجه ربّهم الكريم، بعدما أدّوا واجبهم الخالد في إحباط هجوم دموي إرهابي أسود، وقتل أربعين مجرمًا من العناصر التكفيرية استهدفوا نقاط تمركز عسكرية في جنوب رفح المصرية. كلُّ مصريّ يعرف تلك الكتيبة التي اقترن اسمُها مع بطولات إثر بطولات في حربنا الشرسة من الإرهاب الأسود في شمال سيناء، الذي كان ثمنًا غاليًا لتحررنا من قبضة الجماعة الإرهابية التي سرقت عرش مصر في غفلة من الزمان، وغفلة من وعينا. مع إشراقة كلّ نهار، على مدار السنوات الأربع الماضية، كانت تلك الكتيبة الباسلة تقدّم شهيدًا بطلا يفتدي مصرَ ويفتدينا بدمه. تلك الكتيبة كان لها دائمًا النصيبُ الأوفر من بين كتائب قواتنا المسلحة الباسلة، في العمليات النوعية الفائقة لمكافحة غول الجماعات الإرهابية الأسود، من الإخوان والدواعش والمتطرفين. وعلّ القارئ الكريم يتذكر ما فعله المجنّد صاعقة "محمد أيمن"، ابن محافظة دمياط مع نهاية عام 2015، حين احتضن بجسده إرهابيًّا مجرمًا كان يتدثّر بحزام ناسف، لينقذ بدمائه ثمانية من زملائه من الضباط والجنود المصريين في ثكنة عسكرية مُستهدفة، قبل أن يُكمل عامَه الحادي والعشرين في هذا العالم. على أنّ تاريخَ تلك الكتيبة المشرّف الحافل بالمآثر، يعود إلى أبعد من السنوات الأربع الفائتة، منذ رحل الإخوان عن سمائنا وتخلصنا من دنسهم. فقد كانت لتلك الكتيبة أياد بيضاء في حربنا مع العدو الصهيوني في أكتوبر 1973. وكان مجرد ذكر اسم "الكتيبة 103 صاعقة"، يسبب الرعب والوجل للجيش الإسرائيلي، نظرًا لما يمتلكه أفرادُها من مواهب قتالية نوعية، وقدرات جسمانية وذهنية فائقة. نذكر من مدوّنة تلك الكتيبة، على سبيل المثال لا الحصر، ما فعله المجنّد الشهيد "محمد طه"، في حرب أكتوبر، حين اشتبك بمفرده مع ستة عناصر من الجيش الإسرائيلي في أرض سيناء، حتى يفتدي المدرّعة التي كانت تُقلُّ زملاءه، فأنقذهم بدمائه، ليسطر سطرًا بطوليًّا خالدًا من سطور تلك الكتيبة المصرية النبيلة، في حرب أكتوبر. قائد تلك الكتيبة، النبيل بطلُ المقال، عقيد أركان حرب "أحمد صابر المنسي"، الذي لن يكون منسيًا أبدًا، لم يكن وحسب مقاتلا جسورًا، بل كان شابًّا واعيًّا مثقفًا، ووطنيًّا فريدًا. حين تجولت في صفحته على فيس بوك، وجدت خواطرَ شعرية تنمُّ عن حسٍّ فطريّ جميل. قصائد غزل في حب مصر، ومرثيات لزملاء شهداء سبقوه إلى دار الخلود، من القادة والمجندين. من خواطره؛ وجدت هذه الزجلية الجميلة: “كام بطل وبطل/ م الوهم اتلدع/ تعرف تعد؟/ عدّ يا جدع يا ابن الجدع/ شاف الفساد وأكل المراااااااار/ ومن غير ميه.... بلع/ قوم يا بطل وعافر/ ده وطن/ مهما زاد الوجع/ عاش البطل/ وعاش اللي/ عن الصغائر علا... وارتفع/ اصحى يا خير جوانا/ في عرضك … وبطل دلع/ ورينا مين صِبر لابس هدومه/ ومين بسرعة …. قلع.” كذلك وجدتُ هذا البوست الذي ينمّ عن تأمل في مشاكل وطن مأزومٍ ببعض مَن فيه. كتب يقول: “واحدة بترضّع طبيعي، بتروح تصرف لبن مدعم عشان تبيعه، ده مش فقر، ده غياب ضمير. واحد عنده بضاعة مخزنها عشان يكسب بالهبل، دي مش شطارة، ده غياب ضمير. واحد أخد أرض زراعية عشان يسقّعها، ده مجرم. واحد أخد شقة إسكان اجتماعي عشان يبيعها، ده انعدام ضمير. واحد راح يبني أوضه في حي عشوائي عشان اللجنة تديله شقة، ده شيطان. رجالة بشنبات بتشحت في الشوارع تحت مسمّى سايس أو مخلصاتي، دي فهلوة. بلد بتشتغل بمليون موظف، والمتعين 10 مليون بيسألوا عن الأرباح والعلاوات وزيادة المرتب!!! خلاصة البوست عشان مطولش عليكم: “إن الله لا يُغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.” انتهى بوست أحد الخالدين: الشهيد: غير المنسي "أحمد المنسي”. طابتْ لكم السماءُ وطاب لكم الخلود يا شهداء مصر. وعاشت قواتنا المسلحة حِصنُ مصرَ وشرفُها. طوبى لك يا مصرُ، وإشفاقًا على دول تدعم الإرهابَ لأن لا حصنَ لها ولا شرف. واسلمي يا مصرُ …. إننا الفدا.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زي النهارده واليومين اللي فاتوا... كارت أحمر
-
مسيحيون يغنّون للقرآن
-
دستور ماعت … وقانون الأزهر
-
وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر
-
المصري اليوم … طيارة ورق
-
احذر … الفيروس ينخر في عظامك!
-
مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام
-
هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟
-
نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط
-
لأن الشمس غير عادلة والقمر كاذب!
-
جرس الكنيسة لإفطار رمضان
-
كيف سمحت بالدم ... وأنت كريم!
-
حكاية من كتاب الأقباط: سامح الله من لامني في حبهم
-
المرأةُ في عيني نيتشه
-
تاريخ الأقباط وجنود داعش في مصر
-
ليلة... بكى فيها الشيطان
-
هؤلاء وأولئك ….. أكثرُ منّا إيمانًا!
-
هؤلاء وأولئك … أكثرُ منّا إيمانًا!
-
ماذا قالت الراهبةُ للشيخ
-
مصر الجديدة كما يرجوها شبابُها
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|