أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن الجنابي - في ذكرى إغتيال الإمام محمد صادق الصدر الامام الذي الذي لم يغب















المزيد.....

في ذكرى إغتيال الإمام محمد صادق الصدر الامام الذي الذي لم يغب


حسن الجنابي

الحوار المتمدن-العدد: 406 - 2003 / 2 / 23 - 03:41
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في ذكرى إغتيال الإمام محمد صادق الصدر

الامام الذي الذي لم يغب

 


بروز شخصية الامام الشهيد محمد صادق الصدر في ظل الحكم الصدامي، بكل العنفوان، والتحدي، والشعبية التي ظهر بها، ظاهرة ملفتة.
 فمن راقب احداث العراق انذاك، وخاصة في النجف، وكربلاء، والكوفة، حيث أقام الامام، أو شاهد أشرطة الفيديو التي سربت من داخل العراق عن انشطته، وخطبه، وقدرته على احياء دور المؤسسة الدينية النجفية، لا بد أن يصاب بالذهول ازاء هذه الشخصية الفذة التي أحيت الامل بالخلاص لدى الملايين المستلبة، واعادت لهم بعض ما انتزعه الطاغية بقوة القمع، والقتل، والحروب، كالشعور بالكرامة، وحرية التوجه الى دور العبادة، والصفاء الروحي، وزيارة الاماكن المقدسة، والدعاء للارواح المنتهكة والشرف المستباح، والوقوف معا ايام الجمع للصلاة خلف إمامهم، الذي محضوه ولائهم بعفوية وصدق قل مثيلهما، في ظل طاغية سخر كل موارد البلاد للتمتع بجزء، ولو يسير، من ذلك الولاء، ففشل.
ماالذي يفعله طاغية يرى إماما زاهدا، غير مسلح، يقود تلك الجموع الهائلة في مسيرة زاحفة نحو الانعتاق؟
كان خيار الامام واضحا، ومسيرته مندفعة بزخم لايمكن أن يفكر بايقافه الا طاغية مهووس بالقتل والجريمة، غاطس بوحل التآمر، وصناعة الاغتيال المحاكة في أقبية محصنة مظلمة، وإن كانت مضاءة. طاغية من نوع صدام حسين، لا يأبه بشيء، ولايسأل نفسه، أو مساعديه عن خياراته المتاحة لأن قرار القتل أسهل عنده من جرعة ماء.
لم يحتمل صدام حسين، المتمرس في السلطة منذ أكثر من ثلاثين عاما، والمحروس حتى من الهواء، وجود شخص معارض حتى لو كان في قارة اخرى، وتشهد بذلك قائمة اغتيالات المعارضين العراقيين في مشارق الارض ومغاربها، فكيف الامر وهو يرى ظاهرة شعبية ودينية تتبلور الى حركة تغيير وانعتاق مليونية يستقطبها رجل في مدينة يحكمها محمد حمزة الزبيدي؟
لقد ادرك صدام أن ظاهرة الامام محمد صادق الصدر لم تكن عابرة. وكطاغية مهووس بالحكم فهو يدرك، بغريزته، أن بروز قائد ميداني يحظى بدعم شعبي يمكنه تحدي حكمه المطلق سيكون مؤهلا لإسقاطه. فقرر تصفية الامام بكل البشاعة التي شهدناها. وهو لم يشذ بهذا العمل عن سلوكيته المعروفة بتصفية أي شخص مهما كان موقعه، إذا ماشك أنه غير قادر على ترويضه وإستخدامه لتكريس سلطته، فضلا عن خصومه او من يمثل لديه مشروع تحد.
فهو منظم أكبر حفل رسمي للاعدام من نوعه لمجموعة كبيرة من قادة حزبه، بضمنهم خمسة من أصل تسعة أعضاء مايسمى بـ "مجلس قيادة الثورة" ألذي يفترض أنه إنتخبه رئيسا بالاجماع  قبل اسبوع واحد من اعدامهم.
وقد انغمس بممارسة نهج "القتل على النية" والمستند على اعتقاده بمعرفة نوايا خصومه قبل بدئهم بالتخطيط لإقصائه، وذلك بمجرد النظر اليهم وقدرته على تقمص شخصياتهم!.
 
لكن تعامله مع المؤسسة الدينية النجفية وحوزتها العلمية، له خصوصيات اخرى لا تنبع فقط من دورها التاريخي، وإمتداداتها الشعبية، وقدراتها في تحريك الشارع العراقي، بل من كونها مؤسسة كبرى مستقلة تماما عن مؤسسات الدولة التعليمية، والتربوية، والثقافية، والمهنية، والسياسية، التي يتحكم بها صدام عن طريق حزبه وأجهزته الامنية المتنوعة، ويمسك من خلالها برقاب الناس ومصير الوطن.
ليس هذا فحسب، فللمؤسسة الدينية النجفية تأريخ عريق بمواجهة الظلم، والطغيان، والقمع الطائفي والسياسي. ولها من القدرات الفكرية والجهادية والمعنوية مايؤهلها لقيادة حركة الناس، وتوجيهها والتأثير بمجريات الاحداث. وهي بحكم هيبتها، وعفة زعمائها، وعلمهم، وقدسيتهم، ومنزلتهم الاجتماعية والدينية الرفيعة، تحتل حيزا مهما في وجدان السكان، وعقولهم، وتعاطيهم مع حقائق حياتهم، وتقاليدهم الثقافية، والاجتماعية، وولاءاتهم الدينية الضاربة في أعماق التأريخ، وهي حالة مرعبة لمن هم من امثال صدام، ممن لايسعه حتى الحلم بأنه يحظى بواحد من مليون مما تتمتع به المرجعية الدينية في النجف من ولاء شعبي، رغم جبروت آلته القمعية وطغيان جهازه الاعلامي، وتخصيص جل ثروات العراق لهذا الهدف.
لقد قادته نزعتة المريضة هذه الى خوض حروب التدمير مع دول الجوار، مخدوعا بتحقيق نصر عسكري سريع يسهم في تعزيز جبروته المتخيل، والى قمع خصومه والتنكيل الجسدي والنفسي بهم، وبعوائلهم، وأقاربهم، بطريقة لم يألف مثلها العراق رغم كل الكوارث الانسانية التي مرت عبر تأريخه الطويل، وذلك لخلق حالة من الرعب الشامل يتمخض عنها شعور مطبق بالعجز إزاء قدراته الخارقة، فيضطر المواطن على التعامل معه إما ككائن الهي لاطاقة للبشر على مواجهته، أو كشبح مرعب يراقب تفاصيل حياته، ويحصي عليه أنفاسه وإيقاع نبضه
ففي الوقت الذي لايعلم أحد بمكان إقامته أو مقره الرسمي وأوكاره التي يقود قطيعه بواسطتها، فهو الحاضر ابدا في كل زاوية وزقاق وغرفة يأوي اليها المواطن المسكين.
إن صدام نفسه اسير الكيان الذي خلقه لنفسه ولاتباعه. وهو "الضحية" الاولى لهذه الحالة المرضية التي تبلورت حولها شخصيته الشرسة، ولربما يكاد يكون الوحيد ،إذا استثنينا بعض مؤيديه من الجهلة او المرتزقة، الذي يصدق مايسوقه يوميا للناس من أوهام حول مواهبه الخارقة وتفوقه اللامحدود وشجاعته. فهو محاط بأتباع ووزراء إن لم يكونوا أميين فجلهم من الجهلة وأنصاف المتعلمين ممن أثبتوا، مثله، فشلا ذريعا في إدارة شؤون البلاد وأنتشالها من الازمات والحروب والفوضى. بل أنهم سبب أساسي لما آل اليه مصير العراق، بإشرافهم المباشر على عصابات النهب، والسرقة، والتزوير، والبغاء، التي تعصف بالعراق اضافة الى هجرة ملايين العراقيينخارج وطنهم.
فصدام حسين الذي اعاد الاعتبار للعشائرية المقيتة، وروابط الدم، والنقاء العرقي، لم يتمكن من اخفاء عقدة النقص والدونية، التي يعانيها جراء اصله المتواضع، وجسد ذلك الشعور باختراع شجرة لإصوله ينتمي من خلالها لسلالة الرسول، ويحاكي بها انتماءات رجال الحوزة العلمية النجفية!..
لقد اعتقد صدام أن بإمكانه القضاء على المؤسسة الدينية النجفية عن طريق تزوير التاريخ، والتصفية الجسدية للمرجعية وأبرز علماء الدين الذي يشك بخطر نفوذهم الشعبي، ومواقفهم المستقلة على نظامه. لكنه ارتكب، كالعادة، خطئا فادحا. فبالرغم من الخسارة الكبرى لفقدان أؤلئك الزعماء الاتقياء، أثبتت المرجعية الدينية انها أكبر من أن يحطمها دكتاتور صغير. إنها ذلك التراث الهائل من الاجتهاد، والحضور الوجداني، والعمل في سبيل حرية المعتقد، وحفظ كرامة الانسان، ومكافحة الظلم والتمييز.
إن قتل العالم الديني على يد طاغية، يضفي مع الزمن مجدا متوجا للمؤسسة التي أنتجته، والمدينة التي احتضنته، والشعب الذي أنجبه وعلمه التضحية في سبيل الحق. فمع كل جريمة قتل ترتكب ضد علمائها يكبر دور المؤسسة الدينية وضرورتها في بعث الطمأنينة في النفوس المستلبة، والمساعدة في تعزيز نزعة مقاومة العسف، وتعلق الانسان الحر بمعتقداته وكل مايمنحه الشعور بالعزة والحرية. ولابد ان صدام ادرك الان بأنه عجز تماما عن محو ذكراهم من وجدان الناس وقلوبهم
لم يكن الامام متآمرا، ولا طامعا بسلطة. لكنه لم يكن مترددا أيضا، بل مدركا لعظم مسؤوليته، وحجم الخطر المحدق بحياته وحياة عائلته ومرجعيته. فقد دأب على اعادة الاعتبار للمرجعية الدينية ودورها الريادي بذكاء وتواضع، وباستقلال وتصميم لم يرق لصدام، خاصة اثر الاستجابة الشعبية الكبرى لاحياء صلاة الجمعة في المساجد، وخطبه عن احترام مقدسات الناس، ومعتقداتهم. فرأى بها صدام مشروع تحد سياسي، ونقطة جذب يهرع لها الناس في اية مواجهة مع السلطة التي اذلتهم طيلة ثلاثة عقود.
لقد اتهم طارق عزيز، في لقاء صحفي بعد اغتيال الامام، وبكل خسة وصفاقة، المجلس الاعلى للثورة الاسلامية بتدبير مقتل الامام الصدر. وفي معرض تبريره لمنع صلاة الجمعة والضغط على الامام لفعل ذلك، قال أن السلطة تخاف أن يفجر الصهاينة والعملاء هذه التجمعات الكبرى وتخلق فتنة طائفية، متناسيا انهم يحشدون الشعب عن بكرة ابيه في كل مناسبة تافهة من مناسبات "الحزب والثورة".
لقد ارتكب صدام في اغتيال الامام محمد صادق الصدر واحدة من اكبر جرائمه السياسية والاخلاقية، واضاف بها الى سجله الشخصي البشع جريمة لن تغتفر. وهاهو اليوم، واعوانه الجبناء، يعدون ايامهم الاخيرة التي سيختفون بعدها ليتركوا ورائهم ارثا هائلا من الجرائم، والمصائب سيبقى معها العراقيون يلعنونهم الى ما لانهاية، في حين سيحيي ابناء الشعب ذكرى الشهداء الميامين الذين سقطوا في ساحات الكفاح من اجل حرية المعتقد وقدسية الحياة.




#حسن_الجنابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما احوج الجميع لحوار متمدن
- سفينة البردي وأسئلة الحضارة في ذكرى عالم تعلم من المعدان
- اليسار العراقي…… خلق شروط الانعتاق أم قدسية النصوص
- خطاب الكراهية المنفلتة
- عالم الاهوار
- الاستبداد والتنمية في العراق
- الطغاة وهوس السلطة - العراق نموذجا
- ملاحظات حول العمل الحزبي المعارض
- ألحرب ضد الارهاب تتحول الى عقيدة سياسية
- المواطن ومحيطه في الدولة المستبدة
- إشكالية المناخ والبيئةوالديمقراطية السياسية


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - حسن الجنابي - في ذكرى إغتيال الإمام محمد صادق الصدر الامام الذي الذي لم يغب