أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باتر محمد علي وردم - عندما تصبح العلمانية عقيدة متعصبة














المزيد.....

عندما تصبح العلمانية عقيدة متعصبة


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 1452 - 2006 / 2 / 5 - 10:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أثار مقالي الأخير المنشور في "الحوار المتمدن" وصحيفة الدستور ردود فعل متباينة جعلتني أصاب بحيرة ودهشة. من جهة أولى تلقيت الكثير من رسائل البريد الإلكتروني الانتقادية من بعض المؤدلجين إسلاميا تقول بأنني أحاول ايجاد تبرير للرسومات السخيفة التي نشرتها الصحيفة الدنمركية وفي أنني "خرجت عن مبادئ الأمة". أما زملائي أصحاب التوجه العلماني فكانوا أكثر حدة بقولهم في بعض الرسائل إنني لا احترم حرية التعبير ولا مبادئ العلمانية التي تعلي من شأن الحريات وأنني متعاطف مع التنظيمات الأصولية، وقد كشف التصويت الذي تم على مقالي في الحوار المتمدن بعضا من هذه التوجهات حيث أن معدل التصويت حتى كتابة هذا الرد هو 44%.

والواقع أنني أحسست بدهشة في بداية الأمر، لأنني وقعت بين سندان الأصوليين ومطرقة العلمانيين، وأحسست ببعض الأسى لأنني كنت أتوقع تهجما أصوليا يتناسب مع الموقف الفكري المتعصب للأصوليين ولكنني استغربت من هذا الهجوم العلماني، مما جعلني أفكر مليا في ماهية الفارق بين الأصولية الدينية والأصولية العلمانية، واكتشفت أن الفارق ضئيل جدا.

أنا أفخر بكوني علمانيا ومؤمنا بحتمية فصل الدين عن الدولة وإعلاء سيادة العقل على طغيان النص. ولكن في العلمانية التي أؤمن بها لا يوجد ما يشير إلى حرية البعض في إيذاء معتقدات ومشاعر ملايين الناس من خلال رسومات سخيفة ومسيئة. إنني كعلماني أحترم ثقافة وديانة الغرب سواء المسيحية أو اليهودية واحترم الديانة البوذية والهندوسية واحترم حضارة المايا وثقافة رجال الأدغال في الأمازون، لان التعددية الثقافية هي جوهر العلمانية والمبدأ الأول في التعاون الإنساني، ولهذا فإنني أتوقع في المقابل احتراما للثقافة العربية والإسلامية.

كوني علمانيا لا يعني مطلقا أن أنسلخ من احترامي للثقافة العربية والإسلامية والحضارة التي طورتها هذه الثقافة ويشهد لها القاصي والداني، وهذه الحضارة التي بناها العقل دمرها التعصب الأصولي والديني ولكن هذا لا يعني وجود خلل جوهري في هذه الثقافة بل خلل في طريقة التفكير يمكن معالجته بالكثير من الجهد.

لم يكن النبي محمدا إرهابيا، ولو كان من أصحاب الدعوات العنيفة لما استجاب له أحد. والنقلة النوعية التي أحدثها في الظروف الاجتماعية والاقتصادية للجزيرة العربية تستدعي كل أنواع الاحترام. والنبي محمد لم يكن قاتلا إرهابيا ليرسمه الرسام الدنمركي السخيف مرتديا عمامة على شكل قنبلة، فالدين الإسلامي أعلى من شأن العقل والعلم وحتى لو كان الزمن قد تجاوز هذا التفكير وتأخر الدين الإسلامي عن ملاحقة العصر فهذا ذنب الشيوخ والرموز الدينية المتعصبة وليس ذنب الرسول.

اشعر كمواطن عربي علماني بإساءة من هذه الرسوم، ولا أؤمن بأنها مبررة نتيجة حرية التعبير. أن حرية التعبير التي أؤمن بها كعلماني تحترم ثقافات الناس المحلية ولا تدعي سطوة الحضارة الغربية والفكر الغربي على أفكار الثقافات الأخرى، ولهذا فإن الحرية يجب أن تقترن بالمسؤولية واحترام التعددية.

مشكلة العلمانية في أوروبا وكذلك بالنسبة لبعض العلمانيين العرب أنها أصبحت مقتصرة على مفهوم "معاداة الأديان" والاستهزاء بقيم الأديان سواء كانت الإسلام أو المسيحية أو اليهودية وقد أحسست بكثير من الاحترام لكبير الحاخامات في فرنسا والذي انتقد نشر الرسومات واعتبرها إهانة للأديان، بينما هناك في العالم العربي مثقفون يدعون الحضارة والتقدم والعلمانية ممن يؤيدون نشر هذه الرسومات أو يجدون التبرير لها.

أن العلمانية تعلي من شأن العقل ولكنها أيضا تهتم بحرية المعتقد واحترام الثقافات، وتحويل العلمانية إلى عقيدة متعصبة في أوروبا بات يشكل أزمة حقيقية لأن على الأوروبيين أن يتعلموا احترام الاختلاف وعدم التعامل بعنصرية وفوقية مع الثقافات الأخرى. صحيح أن بعض الأبعاد في ردة الفعل الإسلامية كانت خاطئة وغير مقبولة مثل حرق الأعلام الدنمركية والنرويجية وهدر دم رعايا الدول التي نشرت بعض صحفها الرسومات لكن هذا التعصب ليس قائما لدينا فقط بل أيضا ساهم التعصب العلماني في أوروبا في زيادة حجم المشكلة.

ربما علينا كمثقفين علمانيين عرب أن نراجع مفهومنا للعلمانية وأن نفرق ما بين فصل الدين عن الدولة كمبدأ سياسي وما بين معاداة الأديان بطريقة غير مبررة، وأنا واثق بأن كل العلمانيين في الشرق الأقصى وأميركا اللاتينية وإفريقيا يحترمون ثقافاتهم وأديانهم وحضاراتهم المحلية ولا يسمحون للتعصب العلماني الأوروبي أن يسئ إليها وهذا هو دور العلمانيين العرب كأداة للحوار الثقافي الأوروبي-العربي واحترام الثقافات المتبادل وليس أداة للطعن في الثقافة العربية، فلن يحترم أي أوروبي علمانيا عربيا لا يحترم ثقافته المحلية.



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسلحة العولمة في المواجهة الإسلامية- الدنمركية
- السلطة التنفيذية حق مشروع لجبهة العمل الإسلامي...ولكن!
- ما هي السيناريوهات الأردنية بعد فوز حماس؟
- التصويت لعجائب الدنيا السبع الجديدة: ثقافة أم تجارة؟
- الكل يعرف من قتل الحريري، ولا أحد يقدم الأدلة!
- مع الشعب السوري: بيان لمثقفين وصحافيين أردنيين
- تقارير المنظمات الدولية عن الأردن: وجهات نظر وليست اعتداء عل ...
- أزمة حركات مناهضة العولمة في الأردن
- المرحلة القادمة في الخطاب -القومي الثوري-: إيجاد مبرر لاغتيا ...
- قانون مكافحة الطبقة الوسطى في الأردن قبل قانون مكافحة الإرها ...
- مراقبة الإنترنت في الأردن: بين حقوق التعبير وتهديد الإرهاب
- بعد بيان الزرقاوي...سقوط نظرية -إبحث عن المستفيد-!
- مواجهة ثقافة الإرهاب تتطلب مناخا من الحريات والمشاركة العامة
- تفنيد الأوهام العشرة المستخدمة لتبرير الإرهاب!
- العراقيون أخوة لنا!
- هل يغسل الدم الأردني الغشاوة عن أعين المتعاطفين مع القاعدة؟
- أخطاء المثقفين والإعلاميين الأردنيين بحق الشعب العراقي
- لو أتيح المجال لذهبت في زيارة إلى أوشفتز!
- الانتخابات العراقية: نحو رؤية الصورة الشاملة!
- بزنس الدعاية الانتخابية العراقية في الأردن!


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باتر محمد علي وردم - عندما تصبح العلمانية عقيدة متعصبة