في بلد تكون فيه الحكومة والمعارضة كلاهما مسيرين، سوف لن ينعم شعبه بالحرية والإستقلال السياسي و الاقتصادي. هذا البلد الذي تكالبت و تتكالب علية دول الجوار وأمريكا و معظم الدول الغربية الأخرى بالإضافة الى روسيا، بهذا الإنقسام و التشرذم بين قوى المعارضه و الحكم الدكتاتوري المتسلط على رقاب الشعب و الغير مستعد حتى وهو على فراش الموت أن يعلن توبتة ويطلب الغفران والمعذرة من ربة وشعبة، سوف يضعون العراق في هاوية سحيقة، يصبح فيه عهد الاحتلال البريطاني عصرا ذهبيا مقارنة بما سيكون علية الوضع ما بعد الاحتلال الجماعي للعراق.
مسألة معادات السلطة لرغبات الشعب وعدم تمثيلها وإكتراثها لمصالحه، لايختلف علية إثنان من المراقبين السياسيين، ونتيجة لتأريخها الطويل في الإضطهاد والتسلط الدكتاتوري أصبح إنتقاد النظام من الامور النادرة وليست ذو جدوى. كمسألة المجنون الذي يجوز له فعل كل شئ. ولكن من المفيد أن نناقش نتائج السياسة التي ينتهجها النظام والكوارث التي ستجلبها سياسته و تشبثه بالسلطة على العراق و مستقبله.
لكي يتسنى لنا معرفة مستقبل العراق يجب أن ننظر الى العراق من ثلاث زوايا. النظام وسياستة الخارجية والداخلية، أمريكا ومصالحها وسياستها تجاه العراق، المعارضة العراقية وخلافاتها وعلاقاتها وتبعيتها للدول الأقليمية والاجنبية.
النظام بأصراره على عدم الإستجابة لقرارات الامم المتحدة وتشويهة الواضح والصريح للحقائق سيعطي أمريكا وقطب الحرب في العالم الارضية الملائمة للاستمرار في حشد قواتهم وكسب التأييد الدولي لشن الحرب على النظام وعن طريقة على العراق بأجمعة. ففي الوقت الذي ينكر فية ممثل العراق في الامم المتحدة قدومة بقتل شعبه بالاسلحة الكيمياوية في حلبجة ،ينسى أو يتناسى بأن نائب الرئيس طارق عزيز كان قد إعترف بذلك في مقابلة سايقة مع القنوات الاجنبية وبالاخص السويدية.هذة التصريحات الكاذبة تفقدة النذر اليسير من المصداقية التي بقت لدية عند بعض الدول. تشبث النظام بالبقاء في السلطة من دون إحداث أي تغيير في سياستة و نهجة الدكتاتوري وعلاقاتة مع شعبة وممثليهم ستؤدي الى تنفيذ أمريكا لتهديداتها و سقوط كل الاحتمالات و السيناريوات الاخرى تجاة العراق و مستقبلة السياسي.بل حتى أنة غير مستعد لتغيير سياسة حزبة ويتيح إمكانية حدوث تغيير سلمي في العراق أو تغيير داخلي في من دون تدخل أجنبي، كالذي حصل في دول الاتحاد السوفيتي السابق ودول أوربا الشرقية.(والذي سيكون موضوعا لمقال جديد). فتصرفات النظام لحد الان ستقود به الى المواجهة العسكرية مع أمريكا ومعسكرها الحربي.
أمريكا لحد الامس القريب لم يكن لديها تواجد عسكري مباشر في العراق أو تواجد يذكر في المنطقة. بعد الغزو العراقي لدولة الكويت ذاقت أمريكا بفضل سياسة النظام العسل الخليجي وأصبحت أمريكا تعرف وتتوقع مذاق العسل الشرق أوسطي وسوف لن تدعه مرة أخرى للدب الأبيض والفرنسي بل ستحتكرة لنفسة ومعاونية. يكفينا أن نعرف سبب عدم أحتلال أمريكا للعراق إبان إنتفاضة أذار المجيدة وعدم قبولها تحرير العراق من قبل العراقيين أنفسهم وتطبيقها لسياسة الاحتواء المزوج تجاه العراق.
بعد الحرب العالمية الاولى والثانية قسمت دول المحور و المنتصرون العالم الى مناطق نفوذ ومستعمرات. ولكن بعد تفكك الاتحاد السوفيتي و حلف وارشو، بقت منطقة الشرق الاوسط على الوضع الذي هي عليه وكاد الرئيس العراقي صدام حسين يصدق نظريتة حول إمكانية الحفاظ على نظام حكمه دون إحداث تغييرات فيه. وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر كالقشة التي قصتم ظهر البعير وكذريعة لكي تأخذ منطقة الشرق الاوسط وأسيا الصغرى أيضا نصيبها من خارطة النظام العالمي الجديد السياسية والاقتصادية.
هناك إختلاف جذري بين الاستعمار القديم وجديد الجديد أي الحالي. فإذا كان الاحتكلر سمة الاستعمار القديم فإنه حسب معطيات النظام الجديد من الافضل توزيع الثروات و السلطة على العديد من الدول ذو الاهتمام المشترك. فإذا كانت أمريكا القوة الضاربة في أفغانستان فإنها أعطت تنفيذ ماربها الى دول أخرى. وقس على ذلك البوسنة و كوسوفو و العديد من المناطق الاخرى في العالم. والدول التي أعطتها أمريكا التفويض هي بريطانيا وتركيا واسبانيا وايطاليا. والمعلن لحد الان هو ما حصلت عليه تركيا من نفط ونفوذ مباشرفي العراق تحت ذريعة الحفاظ على الامن و النظام في عراق ما بعد صدام.
فأمريكا والدول التي لديها أطماع في العراق ترغب بالحصول على حصتها من الارض و النفوذ والغنائم الدائمية وإخراج العراق من دائرة المعسكر الوطني الرافض للهيمنة و الذيلية.
حول المعارضة العراقية يمكننا الاختصار والتركيز فقط على سياستها الحالية تجاه تحرير العراق وعلاقة التيارات المختلفة فيه مع بعضهم ومع الدول الاخرى. فبعض الاطراف تدرك الان بأن سياسة أمريكا تجاه العراق و أقطاب المعارضة خاطئة وإن هي نفذت سياسة أمريكا فإنها ستفقد مصداقيتها ووطنيتها. هذه الاطراف نتيجة إندفاعها و تلهفها الى إرضاء أمريكا بإسقاط النظام العراقي، لم تناقش مع أمريكا أسس هذا التغيير. والان وبعد القرار الامريكي بإسقاط النظام و بالصيغة الامريكية، أدركت بعض الاطراف الخطأ الذي وقعت فيه وأن أمريكا سوف لن تعطي المعارضة الدور الذي كانت تتمناه بل أنها قد تعطي دورا أكبر لقيادات حزب البعث الحاكم.
الجزء الاخر من المعارضة إختارت أسهل الطرق للتهرب من المسؤولية و قررت الان وليس قبل مؤتمر لندن، الانسحاب وعدم المشاركة لكي لا تتحمل نتائج السياسة الامريكية الخاطئه في العراق.
إنقسام المعارضة الى العديد من الاقطاب المتناقضة والغير متفقة على برنامج للحد الادنى، أدى بدوره الى ضعف دور المعارضة وعدم أخذها بنظر الاعتبار من قبل أمريكا وأفراد الشعب العراقي. المعارضة إن أرادة إبعاد شبح الحرب و تحقيق أهداف الشعب يجب أن توحد صفوفها وأن تتفق على أهداف أساسية وتدع خلافاتها جانبا وتكون الديمقراطية الاساس للاتفاق و التعاون وحل المشاكل. أما الاصرار على مطالب تعجيزية و إدخال مصالح الدول المجاورة في المعادلة السياسية لاقطاب المعارضة، فأنها سوف لن تتمكن من الاطاحة بالنظام بل أنها ستفقد العراق السيادة المتبقية. تشرذم قوى المعارضة العراقية وخلافاتها ستؤدي بالنتيجه وستسهل الطريق للامريكيين وحلفاءها السيطره المباشرة على زمام الامور و الحكم الفعلي في العراق.
أمريكا تريد أن تطبق سياسة فرق تسد بطريقة عصرية وليس على طريقة بريطانيا في العشرينات من القرن الماضي.وأن كانت بريطانيا وحدها تحكم العراق في السابق وبعدها تحدد نصيبها من ثروات العراق، فإن أمريكا وزعت ثروات العراق وأقاليمها قبل أن تدخل قواتها العراق.
إذا أرادت المعارضة الاخذ بزمام المبادره وحتى أن تعطيهم أمريكا الدور الذي يليق بها كمعارضة، فيجب أن تتوحد و ترتقي الى مستوى المسؤولية الواقع على عاتقها وأن ترفض التدخل الاجنبي و الاقليمي في شؤون العراق وترحب فقط بالمساعدات الانسانية الصرفه والمسانده السياسية وأن تمتنع هذه الدول من مساعدة الدكتاتوريه في الاستمرار في السلطه، لأن هذه الدول هي التي أوصلت النظام الى القوة التي هو علية الان وهم الذين يستطيعون إضعافه دون اللجوء الى التدخل العسكري المباشر و يساعدون المعارضة لتنفيذ اهداف الشعب.