|
حركة حماس..المطلوب قرارات حاسمة
احمد أبو مطر
الحوار المتمدن-العدد: 1451 - 2006 / 2 / 4 - 10:22
المحور:
القضية الفلسطينية
الإنتصار الحماسي الحاسم في إنتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني ، ألقى مسؤوليات كبيرة وثقيلة على الحركة التي وصلت لهذا الإنتصار من خلال ثقة الجماهير الفلسطينية ، وإن كانت ثقة الشعب الفلسطيني هذه تعود بنسبة من النسب إلى خيار المقاومة الذي مثّلته حماس ، فإنه يعود بنسبة أخرى إلى الإحتجاج على الفساد الذي ورثته حركة فتح أي السلطة الفلسطينية من عهد الرئيس عرفات ، واستمرت فيه بشكل فاضح عبر عدم فتحها أي ملف من ملفات الفساد هذه ، وعدم تقديم أجوبة شافية للشعب الفلسطيني ومجلسه التشريعي ، خاصة ملف لصوصية مستشار عرفات المدعو خالد سلام ( محمد رشيد ) الذي تقدر بعض المصادر الفلسطينية أنّ ما بحوزته لا يقل عن مليون دولار، وملف توريد الإسمنت المصري للشركات الإسرائيلية التي تقوم ببناء الجدار العازل ، المتهم فيها وزير الإدارة المدنية جميل الطريفي وأولاده ، والتي زكمت رائحتها الأنوف ، وأقفل المدعي العام الفلسطيني التحقيق فيها تسترا على الطريفي أو رحمة بالأنوف الفلسطينية كي لاتزكمها روائح أكثر كراهة ربما يكون مفعولها ولا مفعول إنفلونزا الطيور !!.
الآن وبعد مرور أقل من إسبوعين على الإنتصار التشريعي الحماسي ، يمكن رصد مظهرين من مظاهر هذا الإنتصار :
الأول : هو الإستنفار الإسرائيلي الأوربي الأمريكي في مواجهة حركة حماس ، معلنين بصراحة ووضوح عدم التعامل مع أية حكومة فلسطينية قادمة تشكلها حماس ، ما لم تعلن الإعتراف بدولة إسرائيل ووقف العنف والإعتراف بالإتفاقات الموقعة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل ، وزاد الموقف خطورة وصعوبة التهديد بوقف المساعدات والمنح المالية للسلطة وتجميد إسرائيل للمستحقات الفلسطينية من العوائد الجمركية التي يتم تحصيلها عبر الدوائر الإسرائيلية ، وهذا في حال تطبيقه يعني زيادة الصعوبات الإقتصادية للشعب الفلسطيني التي هي أساسا لا تحتمل ومن جرائها نسبة عالية من الشعب الفلسطيني تحت خط الفقر.
الثاني : هو التردد والتخبط وعدم الوضوح في موقف حماس من هذه المطالب الإسرائيلية الأوربية الأمريكية ، مما يوحي أن الحركة في مأزق حقيقي لدرجة أن المواطن الفلسطيني نفسه لا يعرف حقيقة مواقف حماس . فكل تصريح لمسؤول حماسي يأتي أكثر غموضا وترددا مما سبقه ، فمحمودالزهار القيادي في حماس ، صرّح في مقابلة مع صحيفة الديلي تلغراف البريطانية يوم الأحد التاسع والعشرين من يناير الماضي ، أنّ ( الحركة لن تعترف بإسرائيل ولكن قد نتوصل إلى هدنة طويلة معها ) . وفي مؤتمر صحفي عقده خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة في دمشق يوم السبت الموافق الثامن والعشرين من يناير الماضي ، أعلن أنّ (حماس ستستمر متمسكة بمبادئها وبرنامجها الذي إنتخبت على أساسه من الشعب الفلسطيني ) مشددا على ( وحدة الشعب الفلسطيني والتأكيد على خيار المقاومة والتمسك بالحقوق وإستعادة القدس وعودة اللاجئين ) ، وهذا التصريح يثير اللبس والغموض ، فهو يوكد على التمسك بالبرنامج الإنتخابي الذي طرحته حماس ، وهذا البرنامج كما لاحظت في مقالة سابقة ، تم حذف تدمير إسرائيل وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر منه ، وهما من مبادىء حماس الأساسية منذ تأسيسها عام 1988 . وفي نفس المؤتمر الصحفي نعى مشعل إتفاقية أوسلو ، وقال حرفيا : (إن الجميع دفنه ولم يعد يذكره وحماس لن تقبل بأية صيغة لا تضمن حصول الشعب الفلسطيني على حقوقه الكاملة رافضا الإعتراف بإسرائيل ) ، وعن السلام مع إسرائيل جاء كلامه عاما لا يحمل أية دلالات محددة ضمن السياق الفلسطيني ، إذ قال: ( إن المسلمين هم أمة السلام وهم يمدون أيديهم لمن يريد أن يصنع السلام المشرف والدائم والشامل ) . أما موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي للحركة فقد صرّح للجزيرة نت ( أنّ حماس لم تستلم أي موقع تنفيذي حتى تطالب بكل هذه المطالب ) ، وفي نفس التصريح أكدّ ( أن حماس ستحافظ على برنامج المقاومة وأنها لن تخضع للإبتزاز مهما كانت الظروف ) .
لذلك فإن مواقف حماس بعد الفوز الكاسح في إنتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني ما زالت غير واضحة وتتعمد لغة الإبهام أو لغة عرفات ( لعم ) أي لا و نعم في الوقت ذاته ، وإلا فما معنى عدم الإعتراف بإسرائيل وفي الوقت ذاته الإستعداد لتوقيع معاهدة هدنة طويلة الأمد معها ؟؟. والدليل على سياسة ( لعم ) هذه ، قول أبو مرزوق في نفس المقابلة ( إن حماس ستبني على كل ما يحقق للشعب الفلسطيني مصلحته العليا وأنها لن تبطل أية إتفافيات بهذا الإتجاه ) . فمن يفهم شيئا من هذا الكلام ؟ . وماهي مصلحة الشعب الفلسطيني ؟ فالذين وقعوا إتفاقية أوسلو يؤكدون أنها تصب في خدمة الشعب الفلسطيني ، فهل يعني كلام أبو مرزوق الإعتراف بالإتفاقية ؟ وإن كان ذلك فهذا يعني الإعتراف علنا و صراحة بإسرائيل !!.
إن المطلوب فلسطينيا وعربيا ودوليا من حركة حماس القرارات الواضحة الحاسمة ، خاصة أن الجانب المصري الذي يقوم بالوساطة بين الحركة والسلطة ، أعلن بوضوح ضرورة إعتراف حماس بإسرائيل وإتفاقية أوسلو ، والرئيس الفلسطيني محمود عباس صرّح يوم الآربعاء الماضي أنه لن يكلف حماس بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة قبل أن تعترف بإسرائيل ، وهذا في حد ذاته مطلب غير قانوني ولا دستوري ، فمن حق الحركة التي فازت بأغلبية المجلس التشريعي أن تشكل الحكومة دون شروط من أحد محليا أو عربيا أو دوليا ، ويتم إتخاذ المواقف منها بعد تشكيلها الحكومة وإعلان سياساتها ومواقفها . والتخوف هو أن يستمر هذا الجدل والنقاش بين حماس والسلطة والعالم وإسرائيل فترة طويلة ، وتتصاعد المواقف المناوئة للشعب الفلسطيني خاصة في مجال وقف المنح والمساعدات ، وعندئذ لن ينفع التعلق الحماسي بأمل أن الدول العربية والإسلامية ستعوض هذه الخسارات ، وضرورة هذه القرارت الحماسية الواضحة هو سقوط عدة صواريخ على النقب الغربي صباح الخميس ، وتهديدات موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي بالرد الفوري والحاسم .....لن ينفع حماس ولا الشعب الفلسطيني هذه المواقف الضبابية ، فلا بد من الحسم كي يعرف الشعب الفلسطيني آفاق المستقبل الذي هو مقدم عليه .....الوضع الفلسطيني بعد فوز حماس لا يحتمل مواقف ( لعم ) ، فالوضع يحتاج قرارا حاسما ، ( أبيض ) أو ( أسود ) حسب مدرسة المشاغبين لعادل إمام !!. فاللون الرمادي الذي ترتديه تصريحات قيادات حماس لن يصمد أمام مدرسة المشاغبين الدولية !!!.
#احمد_أبو_مطر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسؤول أمريكي: مؤشرات أولية على احتمال إسقاط طائرة أذربيجان ب
...
-
قناة عبرية تنشر تفصيلا جديدا قد لا يخطر على البال حول عملية
...
-
حكومة البشير في سوريا ما بعد الأسد.. من هم الوزراء وماذا نعر
...
-
موزمبيق: اشتباكات عنيفة بعد فرار 6000 سجين من سجن شديد الحرا
...
-
باكو تنطلق من فرضية صاروخ روسي أسقط طائرتها في كازاخستان
-
بعد هيمنة نظام الأسد عليه: لبنان يتطلع لعلاقات أفضل مع سوريا
...
-
هل إسرائيل قادرة على تدمير قدرات الحوثيين الصاروخية؟
-
نيويورك تايمز: أوروبا غير قادرة على فرض عقوبات صارمة على روس
...
-
إيران تعلق على اتهامها بالوقوف وراء الأحداث والاحتجاجات الأخ
...
-
هروب 6 آلاف سجين في موزمبيق وسط أعمال عنف عقب الانتخابات
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|