أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ناجي عقراوي - العراق و رياح التغيير- الشجرة لا تحجب الغابة ... و الشعوب تصنع سعادتها بنفسها















المزيد.....

العراق و رياح التغيير- الشجرة لا تحجب الغابة ... و الشعوب تصنع سعادتها بنفسها


ناجي عقراوي

الحوار المتمدن-العدد: 405 - 2003 / 2 / 22 - 03:08
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


                                                                                                            (  العراق و رياح التغيير)   

        الشجرة لا تحجب الغابة ... و الشعوب تصنع سعادتها بنفسها

                                    

تشهد الساحة الدولية و الإقليمية محاولات لغرض تأهيل النظام العراقي ، بحجج و ذرائع عديدة منها من تقول بان تأهيل النظام سوف يبعد شبح الحرب و الدمار من العراق و المنطقة ، و ادعى البعض في حالة وقوع الحرب لا يتورع النظام و بالمقابل أمريكا من إحراق المنطقة برمتها ، وذهب البعض الآخر إلى القول بلغة موحية من أن تأهيل  نظام صدام حسين يؤدي إلى فرض العملية السلمية على إسرائيل ، دون أن يأخذ هؤلاء جميعا رأي الشعب العراقي .

ينطبق على هذه الجهات المثل الفرنسي القائل ( الشجرة تحجب الغابة ) ، لان طرحهم لمثل هذه المبادرة يتجاوزون معاناة الشعب العراقي ، التي تعتبر لب المشكلة في نظر العراقيين و الكثير من المراقبين المنصفين ، هذه المعاناة التي أصبحت مثل كرة الثلج التي بدأت بالتدحرج منذ مجيء النظام البعثي إلى الحكم ، و تسارعت هذه الكرة بعد استيلاء صدام حسين على مقاليد السلطة ، كأن أوضاع العراق الحالية كانت محسوبة سلفا ، حيث صار الاقتصاد العراقي في مرحلة ما قبل النهضة الصناعية ، و تراجع مستوى الدخل العراقي بحيث صار في قائمة الدخول الأدنى في العالم ، و هاجرت تقريبا كل النخب العراقية إلى أرجاء المعمورة ناشدين الخلاص ، و أطفال و شيوخ ونساء العراق ما زالوا يموتون بسبب حجب النظام العراقي عنهم الدواء و الغذاء ، بعد أن قام الجهلة أصحاب سلطة القرية بجعل الدولة العراقية بمواردها البشرية و الطبيعية ارتساما لمزاج ابشع ديكتاتور عرفه التاريخ الحديث و القديم ، وليس لمجمل تطلعات العراقيين و لخط رأيهم العام ، و لأنهم  زمرة باغية جاهلة أقاموا بنى للفساد ، و خلقوا المناخات الملائمة و الظروف المتباينة ليستشري هذا الفساد في مفاصل الدولة و المجتمع العراقي ، بعد أن ناموا هم في بحر من العسل ، متصورين بان أمر التغيير في العراق و الخلاص من استبداد و استهتار هذا النظام مجرد أمنيات لحفنة من المعارضين لحكمهم ، ناسين بان معظم الشعب العراقي معارض لحكمهم و لتوجهاتهم و يطالبون برسم خطوط عامة و بلغة معاصرة لمستقبل العراق ، و ما زالت هذه الزمرة مستمرة في بغيها و غيها  و قراءتها للأحداث و التطورات ساذجة ، و ما زال صدام حسين يهدد و يتوعد بإطلاق بالونات فارغة و يعبر على انه سوف ينتصر كما انتصر في أم المهالك .

المتباكون اليوم  على العراق و العراقيين من عرب و عجم عليهم أن يوفروا دموع التماسيح لأنفسهم ، وان كانوا صادقين في الدفاع عن العراق و ليس النظام الفاشي ، عليهم التعبير علنا عن تفهم نابع من قناعة من أن الشعب العراقي يلاقي الأمرين من نظام صدام حسين ، و يواجه أقسى و اصعب الظروف في حياتهم اليومية من أجهزته القمعية ، و أن يعبروا عن موقفهم الداعم للعراقيين لرفع هذا الكابوس الجاثم على صدورهم و القابع على رؤوسهم منذ عقود ، و من المفروض أن يقفوا وقفة حساب مع الذي غامر باستقلالية العراق بما يتناقض مع المفهوم المبدئي للاستقلال ، و الضغط على حاكم بغداد و زبانيته وقف كل أشكال القهر و الفرض والإرغام ورغبة السيطرة .

إن المهازل و المهالك التي حدثت للعراقيين نتيجة تصرفات النظام العراقي ، جعلتهم يشعرون بالمرارة من كل من يدعو إلى تأهيل هذا النظام ، لذا يريد العراقيون أن يجري التعامل مع الوقائع التاريخية الثابتة ، و أن تتحول دولتهم من دولة مشاغبة و محاربة إلى دولة وئام ، و من دولة شعارات إلى دولة سلام .

قد طفح الكيل لدى العراقيين نتيجة تراكم الأزمات والتي أدت إلى الكثير من الإفرازات السلبية ، لذا يطلب شعبنا بالتغيير ولأنه يؤمن بان هذه السلطة بتركيبتها المعروفة ، عاجزة عن إنقاذ البلاد من  هذه التداعيات و التدهورات  الاقتصادية  و المعيشية  و الإنسانية ، التي هي من صنعها قبل وجود عوامل أخرى خارجية ، و التجارب السابقة مع السلطة تقول بأنها لا تستطيع العيش دون وضع العصي في الدواليب .

الوطنيون العراقيون لا يستطيعون أن يكونوا محايدين و البلد في حالة انهيار والدولة العراقية في حالة تمزق ، و لا يجوز للعاقل الحصيف أن يطالبهم بخوض المعركة مع ذاتهم بدلا مع النظام ، لأن الوقوف مع النظام الحالي هو أن تكون الخطيئة هي الهدف في حد ذاته ، و المعروف بأن الخطيئة في الواقع الإنساني لا تقدم شيئا بديعا أو جميلا ، و حينما يقوم النظام العراقي بخلط الشهامة بالنذالة و المبادئ بشعارات زائفة فأنه دليل إضافي بأن جذوره تمتد إلى الخطيئة ، عليه نجد الذين يصطفون حوله من الذين يتناولون فياغرا هذا النظام بشكل من الأشكال ، بأنهم يعملون على قتل كل جميل في العراقيين من أمل و تمني .

 إن الأيادي التي تعمل و تتحرك في الظلام ، أثبتت بان لا مشاعر لديها سوى الاضطراب الغريب في السلوك ، خوفا من الديمقراطية و من استقرار الشعب العراقي و التوجس من تطلعاته ، في حين يعلمون هم قبل غيرهم  بأنه من غير المسموح لهم اكثر مما يسمح به الواقع الدولي ، لان الوجود الأمريكي في المنطقة متعدد المظاهر و أساسه عسكري ، لذا تصبح أرادتهم و تحركاتهم معطلة إلى حد ما ومرهونة لما يقرره القطب الأعظم في العالم ، و إذا  كانت حجتهم بأن المنطقة تجتاز مرحلة حساسة و دقيقة يستلزم قرارا سياسيا حاسما ، فان ذلك متعذر على الأقل في الوقت الحاضر ، وان صدرت فأنها في كل الأحوال لا تكون في صالح النظام العراقي كليا للأسباب التي نوهنا عنها ، و ينسى هؤلاء الساعين من أن تأهيل هذا النظام ، يؤدي إلى افتعال الأزمات بين الدول الإقليمية كما حصل سابقا ، باتباع النظام سياسة المحاور فيتحالف مع دولة ضد أخرى و من ثم العكس ، و بالتالي يخلق الأزمات و الفتن و الحروب التي ستلهب ظهور شعوب المنطقة كما حصل في السابق ، وتأهيله يعني أيضا استمرار معاناة العراقيين وزيادة إرهابه ، بحيث يستمر مسلسل القتل و الهدم و التدمير والبتر و الوشم و عسكرة المجتمع العراقي و هدر طاقاته .

أما تلك الدول الكبرى التي تقف في صف الجلاد ضد الضحية تحت ذرائع واهية ، وبعد أن نهبوا و سرقوا ثروات العراقيين بموافقة النظام العراقي ، الأجدر بهم مراجعة مواقفهم بصورة موضوعية  لا أن يضعوا العربة أمام الحصان ، وعليهم قبل كل شئ احترام قرارات الشرعية الدولية و منها قرار 688 ، و لا يقفوا مع من يدوس على هذه القرارات ، و لا تستطيع أية جهة أن تقرر نيابة عن الملايين من العراقيين من ضحايا الجلاد من معوقين و قتلى و مشردين و مهاجرين ، و سوف يلجم العراقيون السياسة المصلحية و النفعية لهذه الدول ، و يرمون عقودهم في مزبلة التاريخ مع النظام الذي يدافعون عنه ، و لا يجوز أن يبقى القديم على قدمه بعد أن ضحى شعبنا هذه التضحيات الجسام ، و التغيير نحو الأفضل هو سنة الحياة ، و رياح حقوق الإنسان التي هبت ، سوف توصل سفينة الشعب العراقي عاجلا أم آجلا إلى بر الأمان ، والشعوب تصنع سعادتها بإرادتها و ليس بمزاج الآخرين ، و الأيام سوف تثبت بأن الأشياء السالبة  و المواقف غير السليمة  لا تبقى على حالها ، لان حركة التاريخ في تغيير مستمر وان بدت للبعض بأن هذه الحركة بطيئة ، و لكننا نؤمن بان التغيير حاصل ليس رغبة و تمنيا فقط ، بل تفرضه حتمية التاريخ والشواهد كثيرة على مر العصور و الدهور ، وسوف يؤكد شعبنا بان العراق هو مفتاح المنطقة و مهد حضارتها ، و سوف يصنع تاريخا جديدا للمنطقة ، بالتشاور و التنسيق و التعاون مع القوى الحية في شعوبها .

إن الغالبية العظمى من شعبنا العراقي بل نستطيع القول كله ،  مترقب رياح التي تحمل بشائر التغيير ، و التي بدأت تلوح في الأفق ، وينتظرون الدخول إلى أعتاب مرحلة جديدة ، لقلع الشجرة الخبيثة من تراب الوطن العراقي ، وزرع بدلا منها شجرة مثمرة باسقة ، و ضخ دماء جديدة في عروق الوطن لتتفتح الورود و الزهور و لتنمو الرياحين ، و لتتفتح أمام أجيالنا كل الأبواب و النوافذ ، التي أغلقتها عصابة باغية و مجرمة في غفلة من الزمن ، لتدخل منها أشعة الشمس إلى بلد النور ، ولتتفتح أبواب الإحساس بالمسوؤلية ، كي  يشعر المواطن العراقي بكل أطيافه الزاهية  بإنسانيته على أرضه ، بعد أن يرفع عن وطننا يد الفاسدين و المفسدين في الأرض .

  العراقيون  يؤمنون بان الأزمة العراقية الحالية ، سوف تنتهي بجوانبها المختلفة لصالح شعبنا ، بحيث يعمل الجميع معا للوصول إلى التنمية و التعددية السياسية و الديمقراطية و الفدرالية ، و الذي يبشر بالخير هو هذا الوعي العلني و الصامت لشعبنا برفض الديكتاتورية ، لا سيما و أن شعبنا  يشاهد بان رياح الديمقراطية قد هبت في أرجاء المعمورة ، و اصبح احترام قواعد اللعبة الديمقراطية ديدن الشعوب ، و التغيير الحقيقي يأتي بشرعية حقيقية ، و هذه الشرعية تستمد شرعيتها من الديمقراطية و صناديق الاقتراع .  

 

جريدة المؤتمر  عدد338 في 21- 27/ شباط/ 2003  



#ناجي_عقراوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر لندن و تعقيدات الواقع
- العراق في قلب العاصفة
- تحية تقدير و اعتزاز إلى حمورابي العراق الحديث
- تحية عطرة إلى موقع الحوار المتمدن
- الخلاص من الدكتاتورية في العراق هل يكون من خلال الحرب أم بال ...
- هل تستطيع الحكومة التركية تجاوز مواريث عنصرية متراكمة ؟
- إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة بأني كامل
- لنحافظ جميعا و معا على أمن الوطن والمواطن وعلى وحدتنا الوطني ...
- تفعيل اتفاق الحزبين الكرديين تعزيز لوحدة العراقيين
- عراق الغد و علاقاته الإقليمية
- سياسة الدولة الطورانية العنصرية هي من عقلية الطربوش
- تركيا وسياستها الغبية
- تركيا الطورانية و طابورها الخامس
- كيف يشعر الإنسان بالراحة وذراعه في قبضة الآخرين
- الطورانية شكل من أشكال العنصرية
- هناك فرق شاسع بين قوة الحضارة وحضارة القوة
- ماركة مسجلة .... أحذروا التقليد
- شئ من التأريخ
- السياسة التركية تتعارض مع تطورات ومستجدات العصر
- رسالة وشكر ومحبة من كردي لشقيقه العربي من سني لأخيه الشيعي


المزيد.....




- -ملاذ فوق السحاب-: شركات طيران تحافظ على سحر الدرجة الأولى
- بـ-غرفتين منفصلتين-.. انطلاق مفاوضات مسقط بين إيران وأمريكا ...
- متحدث الجيش الإسرائيلي: قواتنا أكملت السيطرة على محور موراغ ...
- مسؤول أممي: الحرب في سوريا اندلعت بقرار من أوباما
- الاتحاد الأوروبي يبحث إنشاء صندوق إنفاق عسكري يخفف ديون مشتر ...
- كلمة لافروف في منتدى أنطاليا الدبلوماسي
- الجيش الإسرائيلي يعلن تطويق رفح وإحكام السيطرة عليها واستكما ...
- انطلاق المحادثات غير المباشرة بين الوفدين الإيراني والأمريكي ...
- اختبار بسيط يتنبأ بالوفاة في غضون 6 سنوات
- صحة غزة: حصيلة قتلى القصف الإسرائيلي للقطاع اقتربت من 60 ألف ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ناجي عقراوي - العراق و رياح التغيير- الشجرة لا تحجب الغابة ... و الشعوب تصنع سعادتها بنفسها