أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - دستور ماعت … وقانون الأزهر














المزيد.....

دستور ماعت … وقانون الأزهر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5567 - 2017 / 6 / 30 - 13:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


================

انتهى بالأمس الشهرُ الكريم، الذي تُصفَّدُ فيه الشياطينُ كما تخبرنا أدبياتُ الحسنات والآثام في رمضان. لكن عشية غُرّة هذا الشهر الكريم، قبل بدايته بليلة، لم تكن، فيما يبدو، أغلالُ الشياطين وأصفادُها قد أُحكَمت على النحو الأكمل، فجرَتْ مذبحةٌ داميةٌ راح فيها أطفالٌ ونساءُ من أبناء مصر الطيبين، على يد إرهابيين أنذال أمطروا أبرياء عزلا كانوا في طريقهم للصلاة بأحد الأديرة. فكتبتُ مقالا هنا بزاويتي بجريدة المصري اليوم عنوانه: "كيف سمحتَ بالدم وأنت كريم"، عاتبتُ فيه هذا الشهر الذي تُصفّدُ فيه الشياطين، وتتنزل الملائكةُ من عليائها إلى أرضنا التعسة. سوى أن تلك المذبحة الآثمة، كانت سبقتها بشهورٍ قليلة مذابحُ أخرى في كنائس أخرى، دفع فيها أقباطُ مصر دمهم المسالمَ قربانًا للوطن مصر، دون ذنبٍ أو جريرة، ومازالوا يغفرون ويسامحون الخطاةَ ويدعون لهم ويباركونهم. وكان لابد من وقفة حاسمة ضد الإرهاب الفكري الذي هو أبٌ شرعيٌّ للإرهاب المسلّح الذي استفحل وتوغّل في جنبات مصر. ويا طول ما تأخرت تلك الوقفة! ربما كسلاً وربما إهمالا وربما تغافلاً وربما لسبب آخر لا أعلمه. وأخيرًا قرّر الأزهرُ الشريف أن يتحرّك ويُلقي حجرًا في المياه الراكدة على ما بها من ظلام ووحل دام ركودُها عقودًا طوالا. وأنْ تتحرّك لمواجهة الشرّ متأخرًا جدًّا وجدًّا، خيرٌ، على كل حال، من ألا تتحرك على الإطلاق. فكان أن تقدّم الأزهرُ الشريفُ لرئاسة الجمهورية بمشروع قانون منحه اسم: “قانون مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين" صاغه الدكتور "محمد عبد السلام"، المستشار التشريعي والقانوني لشيخ الأزهر، وأقرّه فضيلة شيخ الأزهر، دكتور أحمد الطيب.
مشروع القانون منشورٌ في الصحف لمن يودّ الاطلاع عليه. وبعيدًا عن أنني أراه محض امتدادٍ، أشدّ ظلمة وظلامًا وظُلمًا، للمادة (98و) من قانون العقوبات، المعروفة شعبيًّا بقانون ازدراء الأديان، الذي استخدم تعسفيًّا وكيديًّا ضد أدباء ومفكرين وكتّاب، حتى تُكسر أقلامُهم وتُقصُّ ألسنُهم، وتُسجن أرواحُهم وأجسادُهم في أقفاص حديدية، بعيدًا عن رأيي هذا، دعوني أطرح عليكم مشروع قانون آخر كتبه سلفُنا الصالح، أجدادُنا المصريون، قبل سبعة آلاف عامٍ، لمواجهة الظلام والظلم والإرهاب والتطرف والخمول والكسل والبلادة والرخاوة وانعدام الضمير والأدب. اسمه: "دستور ماعت". وأما ماعت، فهي "ربّةُ العدل" في الميثولوجيا المصرية القديمة التي تعلو رأسَها ريشةٌ، هي رمزٌ للضمير والحق والعدل والأخلاق. ماعت ترونها محفورة على جداريات المحاكم في جميع أنحاء العالم، معصوبة العينين (دلالة العدل المطلق)، تحمل في يدها ميزانًا ذهبيًّا. في لحظة المحاكمة، تنزعُ ماعتُ ريشةَ العدل من فوق هامتها، وتضعها في إحدى كفّتي الميزان، وفي الكفّة الأخرى تضعُ قلبَ الشخص الذي يُراد محاكمته بعد موته. وهنا يُعرف وزن خطايا المُحاسَبُ وحسناته بكل دقّة، ليُحدّد إن كان سيدخل الفردوس لأنه خيّرٌ نيّرٌ صالحٌ وطيبٌ، أو يُلقى به في غياهب العدم، لأنه شريرٌ أشِرٌ ظالمٌ مظلمٌ طالح، وفاسد.
يتكون دستور ماعت من اثني وأربعين مبدأً يحفظ النظام والتحضر والسمو والرقي والرغد والأخلاق في وطننا القديم، الأبدي. اثنان وأربعون مبدأ، بعدد محافظات مصر آنذاك في عهودها السحيقة المشرقة، كانت هي النبراسُ والطريق للعيش الكريم في مجتمع كريم يسكنه كرماء. وكانت تلك المبادئ ساريةً على الفرعون الملك، مثلما هي ساريةٌ على رجالات البلاط، ورجال الكهنوت، مثلما هي سارية على عامة الشعب. وتُسمى في الأدبيات المصرية القديمة: “الاعترافات السلبية"، لأن المرء ينفي فيها عن نفسه كل الخطايا البشرية المعروفة، سأذكر لكم بعضها:
أنا لم اقتل، ولم أُحرّض أيَّ أحدٍ على القتل. أنا لم أنتقم لنفسي، ولم أتسبب في الإرهاب ولم أعتدِ على إنسان، ولا كنتُ سببًا في ألم إنسان. أنا لم أكن سببًا فى ذرف الدموع ولم أظلم ولم أضمر نيةً في أي شر. أنا لم أسرق ولم آخذ من بلادي أكثر من حصتى العادلة ولم أُتلِف المحاصيل والحقول ولم أحرم إنسانًا من حقّ له. أنا لم أستدعِ شاهد زور، ولم أكذب، ولم أجرح شعور أحد ولم أتحدث بمكر، ولا خداع. أنا لم أزدرِ أحدًا ولم أتنصّت على أحد. أنا لم أتجاهل الحقيقة ولم أجاوز الصواب في كلامي. أنا لم أحكم على إنسان في تعجّل أو قسوة ولم أغضب دون سبب وجيه للغضب. أنا لم أعرقل تدفق المياه الجارية في النهر ولم أهدرها، ولم ألوّث المياه أو الأرض. أنا لم اتخذ اسم الله هزوًا. أنا لم أسرق من الله، ولم أُمنح عطايا أكثر ولا أقل مما هو مُستحق لي. أنا لم أطمع في ممتلكات جاري ولم أسرق من الموتى ولم أمنع القرابين المقدمة إلى الآلهة ولم أذبح بقصد الشر ولم أعذّب أي حيوان. أنا لم أتصرف بمكر أو وقاحة. أنا لم أكن فخورًا أو مغرورًا ولا تصرفت بغطرسة ولم أُضخّم حالي ولا تجاوزت ما هو مناسب. أنا لم أعمل أقلَّ مما تتطلب التزاماتي اليومية. أنا أطعتُ القانون ولم أرتكب خيانة وطني.
قارنوا بين دستور ماعت الذي كتبته ريشةٌ مصريةٌ قبل آلاف السنين، وبين قانون الأزهر الشريف الذي كتبته يدُ البارحة. ثم اهتفوا: طوبى لسلفنا الصالح.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وأد القليل من الحرية ... باسم الأزهر
- المصري اليوم … طيارة ورق
- احذر … الفيروس ينخر في عظامك!
- مسجد المسيح ومسجد مريم عليهما السلام
- هل مازال التمرُ في يد الأقباط؟
- نعم... التمرُ مازال في يد الأقباط
- لأن الشمس غير عادلة والقمر كاذب!
- جرس الكنيسة لإفطار رمضان
- كيف سمحت بالدم ... وأنت كريم!
- حكاية من كتاب الأقباط: سامح الله من لامني في حبهم
- المرأةُ في عيني نيتشه
- تاريخ الأقباط وجنود داعش في مصر
- ليلة... بكى فيها الشيطان
- هؤلاء وأولئك ….. أكثرُ منّا إيمانًا!
- هؤلاء وأولئك … أكثرُ منّا إيمانًا!
- ماذا قالت الراهبةُ للشيخ
- مصر الجديدة كما يرجوها شبابُها
- محمد عبد الله نصر.... الإسلامُ بريءٌ من المُنفّرين
- حاضر عن المتهم
- كنيسةٌ سماوية لكل المصريين


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - دستور ماعت … وقانون الأزهر