أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - إسرائيل ترسم حدودها من جديد















المزيد.....

إسرائيل ترسم حدودها من جديد


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 5566 - 2017 / 6 / 29 - 11:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يطّلع على الصحف الإسرائيلية اليومية لا يشعر بالكارثة التي يعيشها جيران إسرائيل العرب من جنوبها وشمالها. الشغل الشاغل في إسرائيل اليوم هي معركة يشنها أطباء الأطفال المصابين بالسرطان في مستشفى هداسا ضد الإدارة، مظاهرات ذوي الاحتياجات الخاصة المطالبين برفع مخصصات التأمين الوطني لتساوي الحد الأدنى للأجور، والنزاع بين الحكومة والجالية اليهودية في أمريكا بعد إلغاء ترتيبات الصلاة في حائط البراق استجابة لمطالب حزب المتدينين الأرثوذوكس الذي يشكل شريكاً استراتيجياً لنتانياهو في الائتلاف الحكومي. إلى جانب هذه الصراعات السياسية تُكشف الفضائح الاقتصادية مثل تحقيق سلطة الأوراق المالية مع صاحب شركة الهواتف العملاقة "بيزك"، أو إعلان أحد أكبر رجال الأعمال الإفلاس وهو مديون للبنوك بأكثر من 500 مليون دولار إضافة إلى النقاش حول مطلب رئيس الحكومة الأسبق إيهود أولمارت أن يتم تخفيض الثلث من مدة حكمه الأمر الذي ترفضه النيابة لأنه سرب مواد سرية من سجنه إلى دار النشر التابع لصحيفة يديعوت احرونوت التي ستُصدر كتاباً له وهو الأمر الذي أدى بالشرطة إلى تفتيش مكاتب الصحيفة بحثاً عن المواد السرية المهرّبة.
نعم بين الفينة والأخرى يقتحم الأخبار نبأ حول قصف إسرائيلي لمواقع الجيش السوري قرب مطار دمشق أو في منطقة الجولان السوري رداً على عدد من القذائف السورية التي سقطت عن طريق الخطأ في الجانب الواقع تحت السيطرة الإسرائيلية. أما في الجنوب، فتقوم إسرائيل بنفس الأعمال ضد مواقع لحماس إثر سقوط صاروخ تم إطلاقه من غزة من قبل "أكناف بيت المقدس"، ومن بعده تعود الصحف إلى تغطية القضايا الاعتيادية وكأن شيئاً لم يحدث. الجيش الإسرائيلي ومراكز الأبحاث تعود وتروّج لفكرة أنه ليست لدى نظام الأسد القدرة أو حتى النيّة للدخول في معركة خاسرة مع إسرائيل ونفس التحليل ينطبق على حركة حماس وأخيراً أضيف إلى القائمة حزب الله اللبناني الذي - حسب التقدير الإسرائيلي الأخير- فقد ثلث قواته في الحرب في سوريا، ثلث آخر من جنوده يحارب على الأراضي السورية وبقى في لبنان الثلث الأخير.
ورغم الهدوء الأمني الذي تتمتع به إسرائيل إلّا أنها مدركة تماماً بأن ما يسمح بهذا الهدوء ليس السلام بينها وبين جيرانها بل بالعكس فالدول التي تحيطها هي دول فاشلة مثل سوريا وغزة أو غير مستقرة مثل مصر والأردن. وإسرائيل ليست مسؤولة عن الفوضى العارمة في منطقة فهي تعمل على الاستفادة منها من خلال تحالفاتها المتعددة الأطراف عربية كانت أم دولية. ففي غزة يتم التنسيق الوثيق مع النظام المصري الذي يستعين بإسرائيل في حربه ضد داعش في نصف جزيرة سيناء وهو يضيق الخناق على حماس من خلال الإغلاق المطبق لمعبر رفح. إن الصراع بين نظام السيسي والإخوان المسلمين يلعب لصالح إسرائيل التي تستغل الانقسام الفلسطيني بين السلطة الفلسطينية وبين حماس بشكل كامل. وقد وصلت الأمور إلى أدنى المستويات بعد أن طلبت السلطة من إسرائيل قطع الكهرباء عن غزة لكي يبقى سكانه في الظلام كورقة ضغط على سلطة حماس.
أما على جبهة الضفة الغربية فالضغط على أبو مازن مستمر وذلك بمساعدة الإدارة الأمريكية التي تبنت الطلب الإسرائيلي بوقف المخصصات المالية من قبل السلطة الفلسطينية إلى أسر الشهداء والمعتقلين ووقف التحريض ضد إسرائيل كشرط للدخول في المفاوضات. إن التنسيق الأمني مع الاحتلال والتحالف الاستراتيجي ضد حماس لا يمنع من إسرائيل أن تستمر في إهانة أبو مازن بل وأن تلوح بخصمه اللدود محمد دحلان كبديل عنه. ولم يدخل دحلان من باب إسرائيل بل من باب حماس التي تحارب أبو مازن أيضا عن طريق التحالف مع دحلان ومن خلاله التواصل مع النظام المصري ودولة الإمارات. نعم، فلسطين قد ضاعت بين كل هذه الأيدي القذرة التي لا ترى في الفلسطينيين مواطنين ذوي حقوق مدنية وإنسانية بل مجرد لعبة بين أيديهم من أجل إدامة سلطتهم وامتيازاتهم المادية.
ولكن المأساة لا تنتهي في فلسطين بل تمتد وبشكل أكبر في سوريا، فعلى الساحة السورية وجدت إسرائيل لنفسها حلفاء عديدين، فهي تنسق مع الأمريكيين من ناحية ومع الروس من ناحية أخرى، وهي تتحالف مع الأردنيين في الجنوب السوري ومع الأتراك في شماله وهذا بعد أن وصلت إلى النتيجة البديهية بأن النظام السوري فقد السيطرة الفعّالة على الأرض لصالح الروس والإيرانيين ومن هنا فعليها أن تضمن مصالحها على أكثر من مستوى. فعلى المدى البعيد على إسرائيل أن تمنع بكل ثمن بقاء أو رجوع سوريا إلى حضن إيران فهي حلقة الوصل بين العراق ولبنان وهنا عليها أن ترتكز على موقف الأمريكيين الذين لم يقرروا بعد ماذا يريدون من سوريا بعد أن ساعدوا إيران في طرد داعش من الموصل والاستيلاء على العراق. أما على المدى القريب، تعمل إسرائيل على ضمان الشريط الأمني الذي يمتد من منطقة القنيطرة وصولاً إلى الحدود الأردنية من خلال دعم بعض المجموعات المعارضة المسلحة على امتداد الجولان والتنسيق والوثيق مع الأردن.
وإذا أسلفنا بأن إسرائيل ليست مسؤولة عن الفوضى بل تستغلها قدر الإمكان لصالحها فلا بد أن نشير إلى الجاني الأكبر وهو المال الخليجي الذي عمل بكل القوة لتدمير الربيع العربي دفاعاً عن مصالحه وأنظمته الفاسدة. إنه من غير الممكن فهم ما يحدث في غزة دون الدخول في الدور القطري المدمر الذي عمل على تشجيع حماس للمقاومة الغير متكافئة مع إسرائيل وعمل على تعميق الانقسام مع الضفة الغربية. في مصر وقفت السعودية إلى جانب الانقلاب العسكري بينما دعمت قطر الإخوان المسلمين واليوم تفضح قطر النظام المصري على أنه قد سلم للسعودية جزر تيران وصنافير في الوقت الذي سلمت هي أراضيها وسيادتها لأمريكا من أجل إقامة قاعدة العديد الجوية. أما الجريمة الكبرى فقد ارتكبوها في سوريا، جبهة النصرة، جيش الإسلام وأحرار الشام ليست سوى ميليشيات وهّابية ممولة من قبل قطر والسعودية ودورها كان ولا يزال تصفية القوى الديمقراطية التي بادرت للثورة ضد بشار الأسد وأصبحت ضحية النظام والجهاديين في آن واحد.
لكن إذا صح المثل "ربّ ضارة نافعة" فما يحدث من مأساة في العالم العربي يضع القضية الفلسطينية في سياقها الصحيح، فلا يوجد حل للقضية الفلسطينية بمعزل عن حل قضية الشعوب العربية برمتها وعلى رأسها وقف الهولوكوست السوري. إن المشكلة لا تكمن في الخلل بموازين القوى بين إسرائيل والفلسطينيين بل في الخلل بموازين القوة بين القوى الديمقراطية في العالم العربي وبين شتى أعدائها. إن الشعوب العربية لا تواجه "الإمبريالية الأمريكية والتوسع الصهيوني" فحسب بل أضيف لهم التوسع الإيراني والروسي، والتوسع الخليجي إلى جانب القوى التي وجدت لها جذوراً عميقة بين الجماهير وهي الحركة الإسلامية بكل ألوانها وشعارها "الإسلام هو الحل".
إن الربيع العربي جاء كرد على الاستبداد "القومي" من ناحية والكبت الديني من ناحية أخرى وهو يبشّر بنظام ديمقراطي مدني مبني على العدالة الاجتماعية ووقع بين فكي الكماشة: النظام المستبد والحركة الإسلامية. وقد ضاعت القضية الفلسطينية بسبب الصراع بين هاتين القوتين، بين فتح وحماس، مثل ما ضعت القضية المصرية والسورية. إن الخلاص لا يكمن في "إنهاء الانقسام" الفلسطيني فهذا وهم مثله مثل شعار الدولة الفلسطينية المستقلة، بل بإعادة التواصل مع القوى الشبابية الديمقراطية التي لا تزال تناضل من أجل مستقبل ديمقراطي خال من الاستبداد الديني أو القومي. وقد فشلت الشعارات الدينية والقومية في مواجهة إسرائيل كونها أُسست هي نفسها على أساس برنامج ديني قومي ولا يبقى سوى الشعار المدني الديمقراطي الذي يتواصل مع نضالات الشباب في أوروبا وأمريكا تحت شعار "عالم آخر ممكن"، عالم لا مكان فيه للاستبداد أو للعنصرية أو للاحتلال.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطر وما يسمى بالإرهاب
- ترامب يربّع الدائرة
- الضفة في واد وغزة في واد آخر
- الأسد أو نحرق العالم
- دولة يهودية إلى جانب دولتين فلسطينيتين
- لا دولة واحدة ولا دولتين
- قريبا سنكون الأغلبية
- الاستيطان باق والدولة في مهب الريح
- بعد خراب حلب
- أين إسرائيل من سورية
- صرخة الصوت الأبيض
- ليبرمان ينظّر ودحلان ينفّذ
- شمعون بيريز ابن الأم العربية
- الأسد يقاوم في الجولان
- سامح شكري في أورشليم
- المثلث المقدس: نتانياهو، اردوغان وبوتين
- عملية تل أبيب وأبطالها الثلاثة
- نتنياهو يغمز يساراً ويتجه إلى اليمين
- حلب تحدد الهوية
- نداء استغاثة أخير


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - إسرائيل ترسم حدودها من جديد